الفساد والإفساد وفق الرؤية القرآنية والنبوية
الفساد والإفساد وفق الرؤية القرآنية والنبوية
منير إسماعيل الشامي
الفساد واﻹفساد كارثة أي مجتمع في الأرض وهما آفة المجتمعات البشرية على مر التاريخ،ولذلك كان الهدف الرئيسي لكل رسالات السماء في تشريعها حماية حياة الانسان وحفظ حقوقه المادية والمعنوية وهذا هو مفهوم الصلاح في الحياة الدنيا وضده الفساد
والإفساد فيها ولذلك جاءت كل الشرائع السماوية بنصوص تنظم حياة الانسان أمرا ونهيا تحقق الصلاح لحياته إن عمل بها، وتفسد حياته وبيئته ومحيطه إن هو خالفها منذ عهد آدم عليه السلام وحتى خاتم الرسالات التي بعث الله بها سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وقد وضح الله تبارك وتعالى معنى الفساد والإفساد في الأرض في مواضع كثيرة من كتابه الكريم وضرب أمثلة شتى عن أشكاله وأنواعه وصوره
وبين لنا سبحانه وتعالى أضرار كل عمل من اعمال الفساد وعواقبه،وآفاتها ومخاطره على الفرد وعلى المجتمع، لنكون على بينة من حكمته سبحانه وتعالى في تحريمه وعرفنا أيضا بمفهومه ومعانيه بإيجاز دقيق جدا كما جاء في قوله تعالى(وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)
وكذلك فصل لنا النبي صلى الله عليه وعلى آله كل اعمال الفساد وبين لنا الحكمة من تحريمها وتجريمها
وبين لنا كيف تعالج إن ظهرت في المجتمع وفقا لنصوص القرآن
وحدد أساليب علاج كل أعمال الفساد وأقواله بقواعد واحكام جلية باقية ما بقت الدنيا بالنصوص القرآنية
ومما يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله في ذلك أنه قال (إنما أهلك الذين كانوا من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد)فمن هذا الحديث الشريف فقط نستخلص ما يلي
-الفساد يعني الحيف عن العدل
-الفساد يعني عدم المساواة بين الناس بالحقوق والواجبات
-الفساد يعني أخذ حقوق الغير دون وجهة حق والاستيلاء عليها
-الفساد يعني تعطيل أحكام الله وشريعته ومخالفة النظام والقانون
-الفساد يعني مخالفة فطرة الله التي فطر الناس عليها
-الفساد من اسباب هلاك الأمم السابقة من اليهود والنصارى ومن غيرهم من الأمم الأخرى وفسادهم في الأرض كان سبب نزول عقاب الله عليهم، وهذا ما يؤكد أن الحكمة من الشريعة هو تحقيق استقامة الحياة الإنسانية وصلاحها لضمان سعادتها في الدنيا والآخرة.
ومن الآية السابقةوالحديث النبوي الشريف يتضح لنا أن الافساد في الأرض هو كل عمل يفضي إلى إهلاك الحرث والنسل سواء كان اهلاكا جزئيا أو كليا مباشرا أوغير مباشر محدودا أو غير محدود وإهلاك الحرث يكون اما بالاستيلاء عليه دون وجهة حق او بالتدمير ويشمل كل استهداف للأموال بجميع اشكالها وانواعها الثابتة والمنقولة وكل المنشآت الاقتصادية الخاصة منها والعامة الخدمية والتصنيعية والزراعية،من أعلاها إلى أدناها،وإهلاك النسل يكون بالقتل المباشر بكل طرقه وأساليبه أو بالقتل غير المباشر ويشمل كل استهداف لمجتمعات الناس أو مجتمعات الحيوان بأي وسيلة وأي أسلوب كالحروب المختلفة والعدوان الحربي والحرائق والحصار..إلخ
إذن فكل عمل يستهدف البيئة أويستهدف عنصر من عناصرها أو أكثر أو يستهدف مجالا من مجالات الحياة الإنسانية المختلفة أو يستهدف ركنا من أركانهاأو يستهدف تغييرا للسنن التي تسير عليها الحياة يعتبر فسادا في الأرض وإفسادا فيها وسواء كان الاستهداف فردي أو جماعي
إضافة إلى ذلك فالآية الكريمة السابقة تبين أن الفساد يصدر عادة ممن له ولاية على الناس وبيده سلطة ويحمل مسؤولية تجاه المجتمع ما يعني أنه يعرف أيضا بإنه سوء استخدام للسلطة والمسؤولية.
والفساد له صور متعددة واشكال كثيرة وانواع مختلفة فمن حيث صوره قد يكون جزئي أو كلي وعام ونوعي ، ومن حيث أشكاله قد يكون محدود أو واسع،مستمر أو دوري، أو حتى لمرة واحدة، ومن حيث أنواعه فقد يكون إداري أو مالي، اقتصادي أو سياسي أو أخلاقي..إلخ
وبذلك فيمكن القول أن الشعب اليمني يعاني من كل صور الفساد وأشكاله وأنواعه ومن مختلف احجامه، ويتعرض للإفساد الخارجي والداخلي بصورة مستمرة ودون هوادة أو رحمة، وهذا ما يؤكد لنا أن ثورة ال 21 من سبتمبر المباركة ورثت تركة كارثية ومسؤوليتها جسيمة في مواجهة المفسدين في الأرض من أنظمة اﻹستكبار العالمي ومنظماته وهم أطراف الإفساد الخارجي، ومن أطراف الإفساد الداخلي التي رعاها ونماها النظام السابق والوصاية الخارجية
وأن مواجهة قوى الإفساد في الأرض الخارجية والداخلية هي مسؤليتنا جميعا نحن أبناء الشعب اليمني ومثلما نجحت قيادتنا الثورية الحكيمة ممثلة بسيدي ومولاي السيد العلم عبدالملك يحفظه الله في قيادته للجيش واللجان الشعبية من صد قوى الإفساد الخارجية واوشك على القضاء عليها يجب أن تنجح قيادتنا السياسية في صد قوى الإفساد الداخلية والقضاء عليها وهذه مسؤوليتهم وامتحانهم الصعب ويجب أن يجتازوه بتفوق ونحن وجميع الشرفاء من خلفهم ولهم جنودا في هذه المعركة وأعوان.