سيناريو سعودي جديد لإدراج “أنصار الله” في قائمة الإرهاب… ماذا وراء الهجوم على ناقلة نفط أجنبية في ميناء جدة؟
سيناريو سعودي جديد لإدراج “أنصار الله” في قائمة الإرهاب… ماذا وراء الهجوم على ناقلة نفط أجنبية في ميناء جدة؟
يمني برس:
أفادت العديد من وسائل الإعلام بأنه صباح يوم الاثنين الموافق الـ 24 ديسمبر من العام الجاري، وقع انفجار وحريق في ناقلة وقود أجنبية في ميناء جدة على ساحل البحر الأحمر شمال غرب السعودية. وألقى مسؤولو النظام السعودي باللوم في هذا الانفجار الذي حدث للناقلة نتيجة عملية إرهابية وهجوم تفجيري باستخدام زورق انتحاري، ووجهوا أصابع الاتهام إلى جماعة “أنصار الله” اليمنية، لكن حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء نفت هذه المزاعم معتبرة أنها لا أساس لها من الصحة. وأشار مصدر ميداني يتابع التطورات في اليمن عن كثب إلى تفاصيل وكواليس السيناريو السعودي لاتهام صنعاء وقال: “لقد جاءت هذه المزاعم السعودية بعدما تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيق الكثير من الانتصارات خلال الفترة الماضية في العديد من محاور القتال ضد قوات ومرتزقة تحالف العدوان السعودي”.
وأضاف المصدر الميداني: إن “أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية حققوا تقدماً مذهلاً في العديد من المناطق وسط اليمن، بما في ذلك المحاور الغربية لمحافظة مأرب، ووجهوا ضربات قاتلة لتحالف العدوان السعودي ومرتزقه”. ولفت هذا المصدر الميداني إلى أن هذه الانتصارات التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في محافظة مأرب زرعت الرعب والخوف في قلوب القادة السعوديين الذين سارعوا إلى نسج خيوط مؤامرة جديدة والادعاء بأن قوات صنعاء هي من قامت بتفجير ناقلة النفط الأجنبية قرابة سواحل جدة. ووفقاً للمعلومات التي قدمها هذا المصدر الميداني، فإن السعوديين الذين لم يتمكنوا من منع أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من التقدم ميدانياً، يحاولون اتهام صنعاء بالتورط في الهجوم على هذه الناقلة من أجل تمهيد الطريق للهروب من الهزيمة، ووفق هذا المصدر الميداني، فإن السعوديين يحاولون نسج خيوط هذا السيناريو بالاستعانة ببعض وسائل الإعلام الصهيونية والعربية من أجل زيادة الضغط على قيادة “أنصار الله” وحكومة صنعاء وذلك من أجل تمهيد الطريق أمامهم للخروج من المستنقع اليمني.
وأعرب المصدر قائلا: “المسؤولون اليمنيون على دراية بهذا التكتيك السعودي ولقد واجهوا سيناريوهات مماثلة في الماضي. وفي البداية أعلنوا أنهم لم يتدخلوا في الهجوم على السفينة التي تحمل وقوداً وقالوا بأنهم لو قاموا بعملية عسكرية ضد الرياض فلن يخيفهم شيء للإعلان عنها وتقبل المسؤولية”. وأشار المصدر الميداني إلى الهدف الأساسي للنظام السعودي من هذا السيناريو الأخير، وقال: “لا ينبغي أن نتفاجأ إذا تكررت هجمات مماثلة في الأيام المقبلة على الشواطئ السعودية أو المنشآت النفطية، لأن السعوديين يحاولون التوصل إلى إجماع ضد قوات صنعاء وتوجيه أصابع الإتهام إليهم لتأليب المجتمع الدولي عليهم ووضع حركة أنصار الله في قائمة الجماعات الإرهابية”. وأشار هذا المصدر الميداني، إلى أن السعوديين يحاولون استغلال الأيام الأخيرة من رئاسة “ترامب”، وأضاف قائلاً: “الرياض تنوي الضغط على قادة البيت الأبيض بدولارات النفط وجماعات الضغط السياسية قبل أن يتولى بايدن منصبه لوضع حركة أنصار الله على قائمة الجماعات الإرهابية”.
وعلى نفس هذا المنوال وفي ظل فشل السعودية في حماية موانئها البحرية، علّق “محمد الحوثي” عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، على الحادث الأخير ساخراً بالقول: “قد ندرس حماية الموانئ السعودية في حال طُلب منا ذلك، وخصوصاً مع فشل أمريكا وبريطانيا كما يبدو”. وأضاف إن “الحادث إرهابي كما أعلنت السعودية، والمؤسسة الأمنية والعسكرية اليمنية لديها خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب الأمريكي وفروعه”. ومن جانبه، نفى “نصر الدين عامر” وكيل وزارة الإعلام في العاصمة صنعاء، أيّ علاقة لقوات صنعاء بحادثة جدة الأخيرة. وأكد، في تصريح صحافي، أن عمليات الجيش واللجان الشعبية لن تخفى على احد، جازماً في الوقت نفسه بأن لا شيء يمنعنا من القيام بعمليات عسكرية كبيرة في العمق السعودي، وأضاف قائلا: “كل شبر من أراضي المملكة تحت مرمى ضربات قواتنا طالما استمر العدوان على أبناء الشعب اليمني”.
ومن جهته، أكد اللواء “محمد العاطفي” وزير الدفاع في حكومة صنعاء، أن “أمن واستقرار اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة والعالم”، منبهاً إلى أنه “ينبغي على كل من تهمه مصالح بلاده الاقتصادية وتأمين الملاحة البحرية في المنطقة أن يدرك أن الأمن والأمان في اليمن يشكلان القضية المحورية الأساسية للجميع، ولكن ليس من خلال قتل اليمنيين وفرض حصار شامل عليهم، بل يكمنان في وحدة وسلامة أراضي اليمن وسيادته وبناء دولة موحدة قوية يسودها الأمن والاستقرار”. وأضاف قائلا: “إننا نحن من سيحافظ على الملاحة البحرية وحماية المصالح الدولية في المنطقة من خلال موقعنا الجغرافي الاستراتيجي الحيوي المهم، وما يمثّله من أهمية أمنية بالغة لممرات الملاحة الدولية جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مروراً ببحر العرب وخليج عدن، ووصولاً إلى بوابة المحيط الهندي”. وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية، أنه بينما أبدى البيت الأبيض اهتماماُ بالقادة السعوديين لوضع حركة “أنصار الله” اليمنية على قائمة الجماعات الإرهابية، وأنه يدرس هذه المسألة مع حلفائه، إلا أن بعض الدول الأوروبية تنظر إلى هذه الخطة بعين الريبة والتشكيك بسبب نتائجها غير الواضحة على الاوضاع السياسية في اليمن.
إن الدول الأوروبية تدرك جيداً أن حركة “أنصار الله” ليس جماعة أجنبية وأن هذه الحركة تشكلت من قلب المجتمع اليمني وأن أنصارها ليسوا مقتصرين على موقع جغرافي معين في شمال البلاد وأن قادة هذه الحركة مصرين على الحفاظ على المصالح الوطنية وأن هذه الحركة مدعومة من قبل جميع الطبقات والاعراق في مختلف المناطق اليمنية، وهذا الامر دفع القادة الأوروبيين إلى استنتاج أن إدراج هذه الحركة في قائمة الجماعات الإرهابية هو خطأ فادح، وسوف يكون له نتيجة معاكسة وقد يعقد الوضع على الساحة اليمنية. كما يعلم الأوروبيون جيداً أن إدراج جماعة “أنصار الله” اليمنية في قائمة الإرهاب يعني إغلاق جميع السبل للتفاوض، وهذا ليس في مصلحتهم، ومن ناحية أخرى يدركون أن هذه الحركة لديها القدرة على مفاجأة تحالف العدوان السعودي وتغيير ميزان القوى على الساحة اليمنية ولهذا فإن القادة الأوروبيين لا يريدون المشي على طريق ليس له عودة. والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا والتي لا تستطيع بعض الدول الغربية تجاوزها بسهولة وببساطة، هي أن حركة “أنصار الله” اليمنية أصبحت القوة الرائدة في اليمن خلال سنوات الحرب والعقوبات والحصار، ولا تزال لديها القدرة على تحمل أقصى قدر من الضغط، ولهذا السبب فإن الأوروبيون لا يريدون قطع علاقاتهم بهذا البلد بفعل متهور.
إن كل هذه الحقائق، دفعت الأوروبيين إلى استنتاج أنه لا ينبغي ابتزاز حركة “أنصار الله” والضغط عليها، لأن عواقب هذا الامر سوف ترتد عليهم أولاً، ولهذا يحاولون موازنة الأمور، لإرضاء السعوديين، ولكن هذه المحاولة الأوروبية أدت بالطبع إلى استياء الرياض. بشكل عام، يدرك النظام السعودي جيدًا أن حركة “أنصار الله” ليست على استعداد لوقف تقدمها على الأرض، ولهذا السبب يحاول النظام السعودي الاستعانة بوسائل الاعلام الصهيونية والعربية للتلميح للرأي العام العالمي بأن جماعة “أنصار الله” اليمنية جماعة إرهابية وذلك من خلال شن تشويهها إعلاميا وإتهامها بمهاجمة ناقلات النفط ونشر الكثير من الأخبار المفبركة والكاذبة التي تفيد بأن جماعة “أنصار الله” تضر بمصالح جميع الدول ويجب إدراجها في قائمة الجماعات الإرهابية. إن الأحداث التي وقعت خلال السنوات الماضية على ساحة المعركة في اليمن، تُظهر بوضوح أن حركة “أنصار الله” لن تستسلم لخطر إدراجها في قائمة الجماعات الإرهابية، ولن تتصالح مع السعوديين وأنها سوف تستخدم جميع الخيارات المختلفة المتاحة لها لتطهير كافة الأراضي اليمنية وطرد قوات تحالف العدوان السعودي.
المصدر: الوقت التحليلي