صلاح العزي : القول الواضح في لجان القضاء والتصالح
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم / صلاح العزي
فيما يخص اللجان القضائية التابعة ﻷنصار الله فللأسف الشديد تمت مهاجمتها من قبل البعض الذين لا يعرفون شيئآ عن حقيقتها لمجرد التضامن فقط مع غيرهم دون علم كاف بها ، وصوروا للناس أن أنصار الله يفرضون أنفسهم بالقوة لتولي مهمة الفصل في بعض القضايا القبلية وأنهم من يحولون دون تأدية القضاء الرسمي لمهمته ، فاستغل كلامهم بعض ضعاف النفوس ووظفوه في الإساءة لبعض المتطوعين في السعي لتحقيق تصالحات قبلية تخفف الضغط عن القضاء الرسمي الذي لم يقدم شيئآ في الأصل لا من قبل ولا من بعد.
وحقيقة الأمر أن أنصار الله لم يقدموا أنفسهم للمجتمع جهازآ قضائيآ بديلآ يتولى مهمة التحكيم و الفصل في القضايا والنزاعات لا بالقوة ولا حسب الطلب ، ولم يتعرضوا على الإطلاق لأي من المؤسسات القضائية والمحاكم وأقسام الشرطة والأمن ولم يعرقلوا عمل أي منها وربما أن المؤسسات الأمنية والقضائية في محافظة صعدة خير من يشهد على ذلك ، فلم يتعدى عليها أنصار الله ولا على مهمتها الأمنية والقضائية ولم يمنعوا أحدآ من اللجوء اليها مقابل الإحتكام إليهم ، على الإطلاق.
ولكن الحقيقة التي لا يريدون الإعتراف بها هي أن الوضع المزري والفساد المستشري في جسد الجهازين الأمني والقضائي واستغلال قضايا الناس وحاجتهم لتحقيق مصالح شخصية ، وفشل المحاكم والقضاة في حل النزاعات والمشاكل العالقة بين أبناء المجتمع وأيضآ المحسوبيات و قانون الغاب ، كلها أوصلت المجتمع إلى حالة اليأس من أن يجنوا أي خير من اللجوء الى المحاكم والقضاء الرسمي وأنهم لن يجنوا من الاحتكام اليه الا المزيد من الغرامات والخسائر التي وصلت بالكثير من الناس إلى بيع ممتلكاتهم ومزارعهم على أمل أن يصلوا الى نتيجة ولكن لا حياة لمن تنادي.
وتلك الأسباب هي التي جعلت المواطن يبحث عن من يحتكم اليه من الصادقين الذين سيعيدون اليه حقه ويفصلون بينه وبين غريمه ويحقنون دمه ويمنعونه من أن يظلم أو يظلم بدﻵ عن تلك المؤسسات الفاسدة ، وقد رأوا في أنصار الله الوجهة التي كانوا يبحثون عنها لما عرفوا عنهم من صدق واخلاص وعفة وحرص على الإصلاح بين الناس وخاصة أن السيد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه طالما تكلم عن القضايا والنزاعات المجتمعية بأنها توغر القلوب وتوقع العداوات وتشغل الناس عن الإهتمام بالقضايا الكبرى والمصيرية وأن هناك من يحاول الإطالة في عمرها ليشغل الشعب بنفسه ويلتهي بقضياه الخاصة فلا يعد له أي هم أكبر من حقوقه وممتلكاته.
وبالفعل لجأوا الى أنصار الله بدأ بالقضايا الشائكة كالثارات والصراعات القبلية المزمنة وحدود الأراضي والمزارع والممتلكات المتنازع عليها ، وكلما شاع خبر بنجاحهم في حل قضية ما كلما ازداد لجوء الناس اليهم ، ولم يتوقف الأمر عند أبناء محافظة صعدة فقط بل تلقى أنصار الله مناشدات بالتدخل لحل نزاعات قبائل أخرى في أغلب المحافظات اليمنية وأبعد من ذلك بكثير حيث وفدت إلى أنصار الله جموع كثيرة من دول خليجية مجاورة للنظر في قضايا طال بها الزمن بين يدي أجهزة القضاء ، وتمكن أنصار الله بفضل الله من حلها دون أن يأخذوا أي مقابل عليها ، إلى أن أصبحت مثل هذه القضايا همآ يرهق أنصار الله ويسعون للتخلص منه إلا أن حاجة الناس ومناشداتهم حالت دون ذلك ، وفي مرات كثيرة وجه السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بإيقاف النظر في القضايا الإجتماعية والمنازعات وتوجه أنصار الله الى بعض المؤسسات الحكومية والأمنية يذكرونهم بأن يتقوا الله ويقوموا بأعمالهم ومسؤلياتهم تجاه المجتمع عسى أن يخففوا عنهم ويستعيدوا ثقة الشعب فيهم.
ولكن لا فائدة فكلما توسعت المسيرة القرآنية كلما ازداد اقبال الناس اليهم ليعرضوا عليهم مظلومياتهم ويناشدوهم التوسط في حل نزاعاتهم مما أرهق أنصار الله بالفعل من جميع الإتجاهات ، ولا أنسى أيضآ أن أؤكد على أن أنصار الله يطلقون على تلك الجهود والقائمين عليها عند الإضطرار إسم ( لجان التصالح القبلي ) وليس لجان قضائية كما يدعي البعض ليؤكدوا للناس بذلك أنها مجرد جهود تطوعية فرضها عليهم المجتمع نفسه.
وفي الحقيقة أن هذا العمل ليس بغريب على اليمن أصلآ فهو يعتبر عادة قبلية معروفة ومعتادة في اليمن بالذات وفي أماكن كثيرة من العالم العربي أن يحتكموا الى شيخ قبيلة أو رجل دين عالم أو أحد الوجاهات والعقال فيتراضون عليه ويتعهدون في الغالب على القبول بحكمه ، والكثير منهم يشترط مقابل على حكمه وبعضهم يتفق الطرفان على مكافأته لقاء حكمه ووساطته ، أما أنصار الله فالله يشهد على أنهم بالإضافة إلى محاولة التهرب من بعض القضايا المعروضة عليهم يخسرون الكثير من المال والجهد ويعانون كثيرآ ويتعبون ، مقابل راحة الناس ورضاهم وحل نزاعاتهم وحقن دمائهم واستعادة حقوقهم.
ولذلك أوجه رسالتي إلى أولئك الذين هاجموا أنصار الله على هذه المهمة المضنية التي يؤدونها كرهآ من أجل الله وحده ومن أجل شعبهم ووطنهم وخلصوا بها اليمن من الكثير من المآسي والصراعات ، إن كنتم بالفعل صادقين مع ربكم ووطنكم وشعبكم فالأولى بكم الا تهاجموا أنصار الله ﻷنهم لم يسعوا أصلآ للاستحواذ على ذلك الشرف بالقوة ، ولكن فلتقوموا أنتم بتلك المهمة إن شئتم ولن تضيع جهودكم سدى بل ستخدمون شعبكم الذي تدعون خدمته والسهر على سلامته ، و أثناء تحملكم لتلك المسؤولية قدموا كل ما تستطيعون من قوة ومجهود في الميدان ﻹصلاح المؤسسات القضائية الرسمية ومتابعتها و معالجة الفساد الذي ينخرها لكي تقوم بمهمتها على أكمل وجه وحينها أعاهدكم وأثق فيما أقول بأنكم لن تروا بعد ذلك أي جهد خاص ﻷنصار الله في هذا المجال بل سنكون وإياكم وسائل لتفعيل العمل في تلك المؤسسات على أكمل وجه وفي توجيه الناس ودعوتهم للعودة واللجوء إليها.