الشهادة: رجال .. صدقوا
الشهادة: رجال .. صدقوا
يمني برس- بقلم/ أشواق دومان
حكايات انتصارات رجال اللّه و ثباتهم الأسطوري لم تأتِ من الفراغ, هي حكايات مؤصّلة مثبّتة، حكايات يقين تام و تسليم مطلق للّه .. لا تراجع فيها،حكايات شخصيات قويّة ، بل إنّ أقوى الشخصيات هي شخصيات الشّهداء حين يعرفون تمام المعرفة طريقهم التي يمضون فيها فنراهم يواجهون المستحيل، و يقتحمون الصّعاب ، بل يقفون أمام الموت وجها لوجه وبكل وضوح يتحدّونه .. يدوسونه تحت أقدامهم كان في صورة مدرعة أم طائرة أم قنبلة أم … وما أكثر ما نوّع المستكبرون أدواتهم التي سقطت تحت أقدام رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه الذي أشرفه هو ذكر اللّه في قتال المستكبرين وما أجمله تسبيح فوهات البنادق !
رجال تحيرني حكايا ثباتهم بل تثبّتني ، تزيد يقيني و تجعل مني شاعرة بصغار .. شاعرة بذنوبي التي ما اسطعت تجاوزها حتّى يقبل اللّه بيعي لهذه الرّوح التي وضعها أمانة لديّ،
فكيف أشتري الخلود في ضيافة رب العالمين و أحيا مع أولئك العظماء في عالمهم و إن لم يشعر بي عالم الأموات هذا الذي لازلت أقيم فيه,
حكايات الشّهداء ليست مناورات من خلف شاشات الشّبكات العنكبوتية ، و ليست حكايا ألف ليلة و ليلة تنتهي بنوم بطل الحكايا,
ليست رواية لنجيب محفوظ ، ولا مسرحية لشكسبير ، وليست قانونا لسقراط ، ولا فلسفة لأفلاطون ، ولا نظرية لماركس ، ولا أسطورة للبابليين ، ولا معلقة لامرئ القيس ، ولا مغامرة لهتلر ، ولا بروتوكولا لصهيون ، ولا شعارا للإخوان المسلمين ، ولا معبدا لبني زايد ، ولا مرقصا لابن سلمان ، ولا شقة لمرتزق خائن ، ولا مدينة مبنية في أبوظبي لابن خائن ، ولا معسكرة أو قاعدة لإسرائيل في سقطره ، ولا حرما لسفير سعودي ، ولا لحية لمحتال يقول بقتل الملايين من اليمنيين ليحيا مليون ، ولافتوى لسديسهم، ولا شرحا لحديث من أفيخاي أدرعيهم ، و لا سفينة ذهب لإيفانكا و لا بقرة حلوب لأبيها ، ولا منشار لخاشقجي ، ولا مفاوضات لغريفيث ، و لا … و لا…الخ .
حكايات الشّهادة بين و في رجال اللّه مهرجانات تقيمها السماوات ( قبل الأرض ) التي تحتفي بأمواج من الأرواح المنتقاة و المصطفاة و السامية المتسامية ،
حكايا الشّهداء العظماء يتلوها الإيثار ، إذ ليست قضية حرف أو كلمة .. إنّها روح ترحل عن كلّ إغراء دنيوي ، إنّها تنصّل ليس عن المسؤولية بل غرق فيها حدّ تقديم الرّوح فداء لدين اللّه و خلقه ،
هي بذل دون شرط أو قيد أو عقد أو منّ أو أذى.
هي ارتقاء إلى اللّه نتج عن استجابة لقرار ربّ العالمين : ” كُتِب عليكم القتال ” ،
هي انسلاخ لكنه انسلاخ عن تبعات الغرائز ، و هجرة إلى عالم الطّهر من هوى الأرض الفانية ،
حكايا الشّهداء جنوح إلى فضاء اللّه الرّحب ،
هي طلاق لكن للذلّة و المهانة ، هي تحرّر ،،
حكاية الشّهادة هي تطهير لما علق في الأرواح من شوائب الفكر الوهابي الأموي الدّموي الفرعوني التلمودي القابيلي ،
حكايات الشّهادة هي ملاحم الخلود ،
هي دماء غسّلت و طهّرت و زكّت أنفاس العالمين ،
الشّهداء الذين ما عاتبوا قاعدا ، و ما ساوموا و لا كان رحيلهم عبر طاولات لا فوقها و لا تحتها ، هي كلمة منهم و وعد قطعوه لله فكان ،
حكاية الشّهداء حكاية مضيٍ للأمام و مافي قاموسهم التفات للوراء أبدا ،
العظماء : نسجوا قصص بيعهم لله الذي عشقوه و ناجوه منفردين به فصفت أرواحهم و قد عرفوه حق المعرفة ،
و وحدهم من عرف اللّه أكثر ، و هم من يقاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا ، ليس لدنيا و لا لامرأة و لا لمبنى و لا عقار و لا لراتب و لا لرتبة و لا لوظيفة و لا لمنصب ، و لا لجاه ..
فلا يستغرب أشباه الرجال ( الذين يتشدقون بالشّهادة ) مُضي رجال اللّه لساحات الشّرف ؛ فهؤلاء المثبطون لم يشعروا بعد بالرجولة ،
بينما الشّهادة لا تكون إلّا بين و في الرّجال الذين وصفهم اللّه و هو أصدق القائلين و أعرف العارفين ، الذي وصفهم بـــ و في كلمتين ؛ فهم : ” رجال ” ، و قد ” صدقوا ” ،
نعم : الشّهادة هم : ” رجال صدقوا ” ،
رجال وحدهم من قال لهم اللّه : ” انفروا ” فلم يتثاقلوا و لم يناقشوا ، بل صدقوا ، و مضوا ،،
فأي تجارة و أي صفقات و أي مساومات نناور بها في عالمنا الدنيوي هذا ؟
الشّهادة مدرسة و كلّ تلاميذها أساتذة و قادة ، بل كلّ أفرادها رجال ،
الشّهادة منعة و عزّة و عنفوان لا يسعها حرف مذنبة مقصرة عجزت أن تكون رملة أو ذرة تراب علقت في دم جرح نازف منهم فعانقت السماوات و وصلت للفردوس فارتوت فنبتت وردة في الفردوس لا تذبل أو تموت ،،
نعم : ليتني تلك الذّرة من التّراب التي علقت في دم على قدم شهيد فلعلّي اليوم لا أحزن و لا أخاف ، و وحده عالم الشّهادة الذي لا أحن و لا أتمنى و لا أعشق سواه ، و السّلام .