من كهوف تورا بورا إلى جبال اليمن : أمريكا أم الإرهاب ومن رحمها ولد الإرهابيون
من كهوف تورا بورا إلى جبال اليمن : أمريكا أم الإرهاب ومن رحمها ولد الإرهابيون
يمني برس:
في 25 مارس 2015، أعلن تحالف دولي وإقليمي من العاصمة الأمريكية واشنطن حربا عسكرية على اليمن ، تحت مسمى عاصفة الحزم ، بذريعة إعادة الفار هادي وحكومته إلى صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية ، تدير الولايات المتحدة الأمريكية عمليات الحرب من خلال ضباطها المتواجدين في قواعد عسكرية سعودية ، وإلى جانب المملكة السعودية تشارك الإمارات في تمويل الحرب وتنفيذ عملياتها الميدانية من خلال المرتزقة المحليين والأجانب ، وضمن هؤلاء يشارك مقاتلون من التنظيمات الإرهابية وأغلبهم عائدون من أفغانستان وتورا بورا إلى جانب مقاتلي التحالف الأمريكي السعودي في جبهات قتال عديدة.
وإذ يصطف عناصر تنظيمات القاعدة وداعش وأنصار الشريعة وعائدون من رحلات الجهاد في أفغانستان والشيشان، إلى جانب مرتزقة محليين وأجانب وجيوش لفيفة وضباط سعوديين وإماراتيين وأمريكيين وسودانيين ومغاربة وأردنيين وآخرون لا نعرفهم في تحالف واحد للحرب على اليمن ، تعمل دول الحلف المعتدي برئاسة أمريكا وقيادة السعودية على إظهار الحقيقة بخلافها ، فهي إذ تجند الإرهابيين وتذخرهم وتدعمهم وتعسكرهم وتقاتل بهم ترمي بالتهمة على من يواجهه التحالف إياه الذي يستجمع الإرهابيين والمرتزقة من كل أصقاع الأرض ويقاتل بهم اليمنيين.
وعلى طريقة “رمتني بدائها وانسلت ” تحاول الإدارة الأميركية قلب الحقيقة ، وخلع صفة الإرهاب اللصيقة بها ورميها على أنصار الله ، كما هي سياستها المعهودة ترتكب الجريمة وتبرر لها وترمي بها على الآخرين ، فهي منذ عقود تصنع الإرهاب وترعاه وتنقله بين جبهات متنقلة من بلد إلى آخر ، من تورا بورا إلى اليمن ، فهي وبعد أن تقوم بصنع الإرهاب تقوم بتوزيعه ونشره في الديار ، ثم تستثمره كذريعة وحصان طروادة للتغلغل والنفوذ وبسط السيطرة على الدول والشعوب المستضعفة في العالمين العربي والإسلامي.
أما النظام السعودي فيعمل منذ الثمانينات كممول لمعارك الإرهابيين الذين يقاتلون في جبهات أمريكا ولحسابها ومصالحها ، فمنذ أن نادت أمريكا للجهاد في أفغانستان انبرى أمراء النظام الذميم لحشد المجاهدين وجمع التبرعات لصالح المجاهدين ووجه الحشود إلى أفغانستان بدلا عن فلسطين للقتال في جبهة أمريكا ولصالحها ، وقد انطلق عبدالله عزام وهو أحد قيادات التنظيم الإرهابي من الأراضي السعودية جامعا وحاشدا المقاتلين والأموال ، وجند الألاف من العرب وجلهم سعوديون ونقلوا عبر رحلات مجانية سعودية إلى أفغانستان.
ومن أجل تحقيق أهدافها الاستعمارية ، أسست الولايات المتحدة تنظيم القاعدة ودعمته منذ ما يقارب أربعة عقود لمواجهة الاتحاد السوفيتي الذي غزا أفغانستان، وهو ما أكده الكثير من المسؤولين الأمريكيين وعلى رأسهم وزيرة الخارجية الأسبق ، هيلاري كلينتون ، وقد حصل ذلك بالتنسيق مع المخابرات الباكستانية وعبر النظام السعودي الذي أصدر علماؤه الوهابيون الفتاوى الدينية وجندوا الشباب من مختلف الدول ودفعوهم للتحرك لمواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان تحت مسمى “الجهاد”، حيث رأت الولايات المتحدة بأن ذلك لن يكلفها الكثير في مواجهة الاتحاد السوفيتي لأن هذه الجماعات التي فرختها ستقاتل بالنيابة عنها لمنع السوفيت آنذاك من السيطرة على ما أسماه الأمريكيون “آسيا الوسطى”، وقد نجحت الولايات المتحدة في تنفيذ مخططها وتمكنت من هزيمة الاتحاد السوفيتي ولكن على حساب الشعوب المسلمة التي اتهمت فيما بعد بما يسمى بالإرهاب كالنظام السعودي وغيره.
وعلى ذات الدور في إطلاق الفوضى وإلصاقها بالشعوب المسلمة فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستنساخ نسخة أشد سوءاً من تنظيم القاعدة وأسمتها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وهو ما أكده دونالد ترامب (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية) في تصريحه الذي نشرته اسوشيتد برس بتاريخ 2 /1 /2016م بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي أطلقت الفوضى فيما أسماه الشرق الأوسط، وأن مؤسس تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هو باراك أوباما (الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية) وأن المؤسس الشريك هي هيلاري كلينتون (وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً).
تجدر الإشارة إلى أن تصريحات ترامب لا تعبر عن إدانة للإدارة الأميركية السابقة وتبرأة ساحته هو ، إذ من المعروف أنه سار على نفس النهج واستمر في تقديم الدعم لهذه التنظيمات ، بل ومارس عبر إدارته الإرهاب بشكل رسمي بأشكال مختلفة ، وما يحدث في اليمن منذ توليه السلطة في أميركا أبرز دليل على نهجه الإرهابي .
إلى جانب استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لهذه التنظيمات في مواجهة خصومها، فقد دعمت أيضاً إيجاد هذه التنظيمات في بعض البلدان – خصوصاً الإسلامية – للاستفادة منها في تبرير التواجد والتدخل الأمريكي فيها لنهب ثرواتها وتركيع شعوبها بحجة ما يسمى “مكافحة الإرهاب” الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من أنها هو من أنشأت هذه التنظيمات، وتعتبر العراق وأفغانستان خير مثال على ذلك، كما اكتوت أيضاً دول وشعوب أخرى بما يسمى بالإرهاب الذي صنعته الولايات المتحدة الأمريكية ومنها الجمهورية اليمنية ضمن ما عرف بمشروع الفوضى الخلاقة.
عود على بدء
مر تنظيما “القاعدة وداعش” بفترات ومراحل مختلفة في اليمن بدءاً من عودة هذه العناصر من أفغانستان وحتى المرحلة الراهنة، وقد مثَّل العدوان الغاشم على اليمن والذي أُعلن من واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، وقادته السعودية ومعها الإمارات ودول أخرى.. فرصة سانحة وظروف ملائمة لتوسع تحركات وأنشطة تنظيم القاعدة، وكذا فرصة مماثلة لنشأة تنظيم داعش، ومع استمرار هذا العدوان الغاشم بقيادة السعودية والإمارات ومن خلفِهما قوى الاستكبار العالمي على اليمن يستمر كل من تنظيمي القاعدة و داعش في توسيع أنشطتهما وتحركاتهما، سواءً عبر استقطاب العناصر الجديدة وتجميع وتخزين الأسلحة والتمركز في مناطق جديدة، أو التخطيط والتنفيذ للعمليات الإجرامية والمشاركة عسكرياً في عدة جبهات، حيث شهدت فترة ما يزيد عن خمسة أعوام منذ بداية العدوان على اليمن في شهر مارس/2015م تزايداً وتوسعاً ملحوظاً في هذه الأنشطة والتحركات خاصة في المحافظات المحتلة من قوى العدوان ومرتزقته، كما ظهرت العديد من أوجه التوظيف والدعم والعلاقات بين قوى العدوان ومرتزقتهم من جهة وتنظيمي القاعدة وداعش من جهةٍ أخرى، لاسيما على المستوى العسكري والاستخباري، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال قتال عناصر التنظيمين علناً في صفوف حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين (النظامين السعودي والإماراتي) والمحليين (ما تسمى الشرعية ومختلف فصائل وتشكيلات مرتزقة العدوان) في مواجهة الجيش اليمني واللجان الشعبية وأبناء اليمن الأحرار، بعلم واطلاع الولايات المتحدة الأمريكية التي تزعم ترأسها لما يسمى بمكافحة الإرهاب من جهة وتغض الطرف عنه من جهةٍ أخرى، وليس بغريب أن يقاتل هذان التنظيمان في صف حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة أجندتها، كما سبق لتنظيم القاعدة وأن فعل ذلك في الماضي في عدة دول مثل أفغانستان.
مرارا ظهر مقاتلو القاعدة وداعش وأنصار الشريعة في معارك عديدة ضمن صفوف تحالف العدوان على اليمن الذي تقوده أمريكا ، يحملون أسلحة أمريكية وعلى متن مدرعات أمريكية الصنع أيضا ، كما حصل في عدن في العام 2015 وفي الساحل الغربي في العامين 2017/ 2018/م ، أعلن زعماء التنظيمات عبر بيانات منشورة مشاركتها في القتال ضمن التحالف الأمريكي السعودي ضد الجيش واللجان الشعبية أو من يصفونهم بالحوثيين، كشفت وكالة أسوشييتد برس في تقارير مطولة عن صفقات سرية تم فيها إعادة تجنيد مقاتلي التنظيمات الإرهابية للانضمام والقتال بين صفوف التحالف نفسه، ما أتاح لها أن تبقى حية وقادرة على القتال والتوسع والانتشار في ظل علم الإدارة الأمريكية وتحت إشرافها.
وفي الوقت الذي تعمل الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها برئاسة ترامب على تصنيف أنصار الله في لائحة الإرهاب ، والذي يواجه معارضة شرسة في الداخل الأمريكي ، ورفضا واسعاً من المنظمات الأممية غير الحكومية ومن الدول الكبرى على رأسها روسيا ودول الاتحاد الأوربي وباكستان وقوى وفصائل وحركات عديدة ، يستمر مقاتلو داعش والقاعدة الإرهابيون في القتال ضمن صفوف التحالف السعودي الأمريكي وفي الجبهات الأمامية يشتركون في عمليات عسكرية ضد الجيش واللجان الشعبية ، بدعم مالي ولوجستي ومعلوماتي سعودي وأمريكي وإماراتي ، وقد حصلت الثورة على وثائق وبيانات تكشف عن أن داعش والقاعدة جزء من تحالف ما يسمى دعم الشرعية الذي تقوده السعودية وأمريكا.
يقول مايكل هورتون، يعمل زميلا لمؤسسة جيمس تاون، وهي مجموعة تحليلات أمريكية تتعقب الإرهاب، “إن الجيش الأمريكي يدرك بوضوح أن الكثير مما تفعله الولايات المتحدة في اليمن يساعد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وهناك قلق كبير بهذا الشأن.ومع ذلك ، فإن دعم الإمارات والمملكة العربية السعودية ضد ما تعتبره الولايات المتحدة توسعًا إيرانيًا له الأولوية على محاربة القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحتى تحقيق الاستقرار في اليمن” ويضيف هورتون:”جزء كبير من الحرب على تنظيم القاعدة من قبل الإمارات والميليشيات المتحالفة معها هو تمثيلية، من شبه المستحيل الآن التمييز وفك الارتباط بين من هو من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومن ليس كذلك منذ أن عقد العديد من الصفقات والتحالفات”.
حتى الآن ما يزال هادي الذي قدم استقالته قبيل فراره من صنعاء في يناير 2015، مع حكومته مقيما في إحدى فنادق الرياض الفخمة وعلى الرغم من استقالته وهروبه خارج البلاد وانتهاء فترة ولايته الانتقالية المحددة بموجب المبادرة الخليجية الموقعة في العام 2012/م ، إلا أن المجتمع الدولي ما زال يتعامل مع هادي كرئيس للبلاد دون أية معايير قانونية أو واقع يجعل منه رئيسا فعليا ، خلال سنوات الحرب كان وجود التنظيمات الإرهابية في الجبهات والمعارك حقيقة ثابتة ، وبهدف توفير معلومات حقيقية وواقعية بناءً على رصد معلوماتي من مصادر أمنية ، ومن وسائل إعلامية وصحفية ، عملت الثورة على نشر ملف مكتمل حول رعاة الإرهاب وصناعه في اليمن ، والدور الأمريكي والسعودي في نشأته وفي انتشاره ، وفي نشأته وتطوراته؟
تغطي المواد التي تنشر في هذا الملف، طيفاً واسعاً من المواضيع: شكل لعلاقات التي تجمع بين تحالف العدوان على اليمن بقيادة أمريكا والسعودية وبين تنظيمات القاعدة وداعش ، والتبادل للمصالح والمنافع بينهما ، المشاركة النشطة والفاعلة لعناصر داعش والقاعدة في جبهات التحالف ، التسليح والأموال التي يتلقاها الإرهابيون في اليمن من قبل تحالف العدوان ، التشارك في المناصب وقيادة المعسكرات والإدارات ، لماذا وجد الإرهاب في اليمن ومن أوجده ؛ دور أمريكا في نشأة القاعدة وداعش في اليمن ، وتفويج عناصر داعش إليها من العراق وسوريا.
المصدر: صحيفة الثورة