مفتاح مدينة مأرب بيد “أنصار الله”
مفتاح مدينة مأرب بيد “أنصار الله”
مع إحكامها سيطرتها على معظم سلسلة جبال البلق القبلي، باتت قوات صنعاء ممسكة بأحد أهمّ مفاتيح مدينة مأرب. تَطوُّرٌ ينبئ بأن معركة تحرير المدينة تتّجه نحو الدخول في فصل أكثر دراماتيكية، خصوصاً أن السيطرة على البلق الأوسط – الذي انتقلت إليه المواجهات أخيراً – والضفة الشرقية لسدّ مأرب ستتيح قطع جميع خطوط إمداد القوات الموالية لـ”التحالف”. في خضمّ ذلك، تشي المعطيات الواردة من دوائر القرار في العاصمة بأن الترتيبات جارية حتى لما بعد استعادة المحافظة بشكل كامل، في وقت تتواصل فيه عمليات استهداف العمق السعودي، بهدف تضييق الخناق على المملكة، التي تجد نفسها خاسرة ومحاصَرة على أكثر من جبهة.
أحكمت قوات الجيش و”اللجان الشعبية”، خلال الساعات الـ72 الماضية، سيطرتها على معظم سلسلة جبال البلق القبلي المطلّة على مدينة مأرب من الجهة الشمالية الغربية، وتمكّنت بعد مواجهات عنيفة مع القوّات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، من نقل المعركة إلى البلق الأوسط الواقع في الضفة الجنوبية لسد مأرب، بعدما سيطرت على نحو 70% من بحيرة السد، لتنقل المعركة من شرق جبهة صرواح غربي مدينة مأرب، إلى أقصى جنوب شرق صرواح.
ونظراً إلى الأهمية الاستراتيجية لجبال البلق، التي تمهّد للسيطرة على الطلعة الحمراء وتبة المصارية، آخر التباب المحيطة بمدينة مأرب، رمت قوات هادي التي لا تزال تسيطر على أجزاء من سلسلة البلق القبلي، بثقلها العسكري خلال اليومين الماضيين، في محاولة لاستعادة المرتفعات التي سقطت بيد قوات الجيش و”اللجان الشعبية” فجر أول من أمس، بعد مواجهات عنيفة استخدم فيها الطرفان مختلف أنواع الأسلحة، واستمرّت أكثر من 20 ساعة، ثمّ انتهت بمصرع قيادات عسكرية عليا في قوات هادي.
التقدّم العسكري الجديد في محيط مدينة مأرب أسقط ما تبقى من خطوط الدفاع لقوّات هادي هناك، وأصابها بالإرباك الشديد، نظراً إلى كونها أهمّ حاميات المدينة. ويضاف إلى هذا التقدّم استكمال السيطرة على الأجزاء الغربية من سدّ مأرب وصولاً إلى السدّ القديم، لنقل المعارك إلى مناطق الأشراف ومنطقة الجفينة، ولتأمين خلفية الجبهات من أيّ عملية التفاف عسكري من جبهات مراد جنوب مأرب. ومن خلال السيطرة على البلق الأوسط والضفة الشرقية لسد مأرب، سيُمهّد الطريق لقوات الجيش و”اللجان الشعبية” للوصول إلى الخط الرابط بين شبوة ومأرب، لقطع كافة خطوط الإمدادات العسكرية لقوات هادي من المحافظات الجنوبية ومن جبهات جنوب المدينة.
خسرت قوات هادي عدداً كبيراً من القيادات العسكرية العليا خلال المواجهات الأخيرة
وقد وصف مصدر قبلي المعارك التي دارت في جبهات شرق صرواح بـ”الطاحنة”، مؤكداً لـ”الأخبار” أنّها “أدّت إلى سقوط مناطق استراتيجية واسعة تحت سيطرة قوات الجيش و”اللجان الشعبية” في سلسلة جبال البلق القبلي”. وأشار إلى أنّ المعارك “لا تزال مستمرّة حتى مساء أمس، وسط محاولات مستميتة مسنودة بغارات مكثّفة من قبل طائرات العدوان السعودي”. كذلك، لفت إلى “فشل قوات هادي في استعادة ما خسرته عسكرياً في سلسلة جبال البلق القبلي”.
وأكد المصدر “تمدّد المواجهات نحو محيط الطلعة الحمراء، منذ مساء السبت، فيما تمكّنت قوات الجيش واللجان الشعبية من السيطرة على منطقة الأثلة جنوب الطلعة فجر أمس، بمشاركة واسعة من أبناء قبائل مأرب”. وفي جبهة الكسارة ووادي نخلا، اعترفت قوات هادي بمقتل العميد عبد الله المرقشي المكنّى “بأبو منيرة “، قائد جبهة الكسارة، في حين يؤكّد تمدّد المواجهات إلى هذه المنطقة اقترابها من البوابة الغربية للمدينة بشكل أكبر.
في هذه الأثناء، انحسرت، أمس، المواجهات بين الطرفين في جبهات العلمين الأبيض والأسود، الواقعة بالقرب من الطريق الدولي الرابط بين محافظتي حضرموت ومأرب شرق منطقة صافر النفطية، وذلك بعدما حقّقت قوات الجيش و”اللجان الشعبية”، مساء الخميس، تقدّماً عسكرياً في جبهات الأقشع، وصدّت عدداً من الهجمات التي شنّتها قوات هادي في الجبهة نفسها.
في موازاة ذلك، تمكّنت القوة الصاروخية، التابعة لقوّات الجيش و”اللجان الشعبية” من تعطيل فاعلية قاعدة صحن الجن، ومقر المنطقة العسكرية الثالثة التابعة لقوات هادي، بعد استهدافها بعدّة صواريخ باليستية، خلال اليومين الماضيين. وقد دفعت هذه الهجمات بقيادة قوات هادي إلى البحث عن مقرّات بديلة في وسط الأحياء السكانية.
قوات هادي خسرت، أيضاً، عدداً كبيراً من القيادات العسكرية العليا، خلال مواجهات مأرب الأخيرة التي دخلت أمس الأسبوع الرابع، ومن بينهم قائد قوات الأمن الخاصّة التابعة لحزب “الإصلاح”، عبد الغني شعلان المكنّى بأبو محمد شعلان، والذي يعدّ أبرز قائد عسكري للإصلاح، والحاكم السرّي لمدينة مأرب.
وبعد التكتّم على خبر مقتله، اعترفت قوات هادي، أول من أمس، بالأمر، زاعمة أنّه قُتل خلال قيامه بصدّ هجوم لقوات الجيش و”اللجان الشعبية” في جبال البلق. إلّا أنّ أكثر من مصدر أكّد أنّه “لم يُقتل في المواجهات، لكونه قُتل بمعية نائبة وقائد كتيبة المهام الخاصّة وضبّاط آخرين تابعين له”. وترجّح أكثر من رواية مقتل شعلان ورفاقه في عملية استخبارية دقيقة نفّذها جهاز استخبارات صنعاء في عمق مدينة مأرب، بتعاون من قبليين. وكان نائب وزير خارجية صنعاء، حسين العزي، قد لمّح، في تغريدة له على موقع “تويتر”، إلى أنّ مقتل شعلان كان نتيجة لتبادل استخباري رفيع المستوى مع أحد الأطراف الموالية للعدوان.
هجومٌ جوّي واسع على السعوديّة
دشّنت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر التابع لقوات الجيش و”اللجان الشعبية”، مرحلة جديدة من توازن الردع الاستراتيجي، باستهدافها أول من أمس، عدداً من أهم المطارات السعودية. وقال المتحدث الرسمي باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، إنّ “سلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية شنّا عملية هجومية كبيرة ومشتركة باتجاه العمق السعودي”.
وأكد سريع، في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، أنّ “العملية نُفّذت بواسطة صاروخٍ بالستي من نوع ذو الفقار وخمس عشرة طائرة مسيّرة، منها تسعُ طائراتٍ مسيّرة من نوع صماد 3 استهدفت مواقعَ حساسة في عاصمةِ العدوِّ السعودي الرياض”. كذلك، استهدفت العملية التي وصفها بـ”عملية توازن الردع الخامسة”، مواقعَ عسكرية في مناطقِ أبها وخميس مشيط، بواسطة طائرات مسيّرة محلية الصنع من نوع قاصف 2k، وكانت الإصابة دقيقة.
(رشيد الحداد – جريدة الأخبار اللبنانية)