احتضار “إسرائيل” يكشفه صاروخ “طائش”
احتضار “إسرائيل” يكشفه صاروخ “طائش”
يمني برس:
استفاق الكيان الصهيوني بُعيد منتصف اللّيل على ما سماه لاحقًا “صاروخا طائشا” سقط بالقرب من مفاعل ديمونا. روايات متضاربة حافلة بالثغرات ملأت ليل المتابعين الذين تناولوا الموضوع بسخرية فرِحة. فالكيان الذي وقف طيلة الليل يتلفّت حوله عسى يتعرّف إلى هويّة اليد التي صفعته ويطلق روايات الارتباك الفاضح، هو نفسه الكيان الذي قبل أعوام خلت كان يقول إنّ الفرقة الموسيقية في جيشه تستطيع اتمام مهام الاجتياح بنجاح.
إذًا دعنا من ملاحقة احتمالات مصدر الصاروخ وإحداثياته ودقّة إصابته للهدف من عدمها. فما تحقّق على المستوى النفسي أقلّه، وليسمّه البعض المستوى العاطفي أو الانفعالي، لا بأس، هو بحدّ ذاته جزء لا ينفصل عن المسار المتهاوي لحقيقة تصدّع بنية الكيان الصهيوني القائمة على التفوّق العسكري من جهة وأمن المستوطنين من جهة أخرى. وإن كان صاروخ “طائش” قد تمكّن من كشف هشاشة المنظومة العسكرية التي من المفترض أنّها “لا تُقهر” بالنسبة لصانعيها وللمطبعين معها، فقد تمكّن أيضًا من إخبار كل مستوطن في الأرض المحتلة أنّ روايات “حكّامهم” حول أمنهم وأمانهم ركيكة وبعيدة عن الدّقة وملأى بالثغرات المنطقية، تمامًا ككلّ الروايات التي تناقلها الإعلام الصهيوني ليل أمس حول “الصاروخ المجهول”.
بالنسبة للصهاينة اليوم، ولا سيّما لجهة حساسية المكان، ديمونا، وعجز القبة الحديدية “المتفوّقة” والتي تبيّن أنّها “تنكيّة” بأحسن الأحوال، لا بدّ أنّ ما حدث في ليل أمس سيبقى في الأيام المقبلة محور تحقيقاتهم ورواياتهم واستنتاجاتهم وربما تهديداتهم التي يسعون من خلالها إلى ترميم ما صار ركامًا في عقل المستوطنين الذين يدركون الآن أكثر من أي وقت مضى أن اسرائيلهم مجرّد كذبة، وأن زوالها مسألة حتميّة، بل ويدركون أكثر أنهم دخلوا فعليًا مرحلة الزوال ولم يبق لهم الوقت الكافي على هذه الأرض لإعادة بناء ما تهدّم من كيانهم الآيل للسقوط التام.
في العام ٢٠٠٠، بعد تحرير الجنوب اللبناني، قال سيد النصر إنّ “اسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت”. في العام ٢٠٠٦، شهد وادي الحجير “مجزرة الميركاڤا” (فخر الصناعة “الإسرائيلية”) وشهدت محاور القتال صراخ جنوده وهم يستغيثون وانهياراتهم العصبية في مواجهة رجال الله. منذ العام ٢٠٢٠ يقف العدو على طول الحدود الشمالية “على اجر ونص” متخوّفًا من ردّ المقاومة “الحتميّ”.. هذا من جهة لبنان فقط.. لم نذكر غزّة المحاصرة التي تكيل له الصفعات باللحم الحي والتي تخترع أساليبها في القتال وتنتصر في جولات الحرب على الرغم من الحصار ومن تفوّق الآلة العسكرية الصهيونية.. ولم نذكر أحياء القدس والضفّة التي تحيل يومياته جحيمًا بين طعن ودهس إذا تعذّر الرصاص.. لم نذكر سوريا العظيمة التي اجتمع على قتالها العالم أجمع وما زالت من تحت نار الحرب صامدة تردّ الاعتداءات الجويّة المتتالية فتعود الطائرات وتجرّ وراءها الخيبة أو صاروخًا نحو الجليل. ولم نذكر بعد الجمهورية الإسلامية العظمى في إيران التي يعرف العدوّ أنّها على رأس المحور الذي سيزيله من الوجود، رغم حصارها ورغم اجتماع كلّ قوى الشرّ عليها وضدّها وعلى كلّ المستويات.. ولم نذكر اليمن الذي يخوض معركته ضد العدوان السعودي الصهيوني ويكيل للأصيل وللوكيل الهزيمة تلو الهزيمة..
نعود إلى “صاروخ ديمونا”.. بغضّ النظر عن حيثيات الحادثة، هي مؤشر واضح على تغيّر موازين القوى وعلى ضعف “الإسرائيلي” المتزايد وعلى سقوطه المتسارع في هاوية الزوال.. فالقدس أقرب، الشعار الذي اختارته وحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله لهذا العام، هو شعار يعكس الحقيقة التي نوقن بها، ويعكس أيضًا مشهد الصهاينة وهم يلمسون بالوقائع والأحداث موعد رحيلهم عن أرضنا، أو عن الوجود.
*ليلى عماشا – موقع العهد