فُزتُ و ربّ الكعبة
فُزتُ و ربّ الكعبة
يمني برس: بقلم – أشواق مهدي دومان
قد ننتهي بمقولات لنا فتصبح أيقونات حين تذكرها الألسن يعرف قائلها دون شروح ، و أمّا الفوز فليس حديث خسران ، بل هو فرز و مَيْز الخبيث من الطيب ، و بعدها يفِزّ الطّيّب الحرّ بعد استنتاجات آمن بها العقل المنفعل المتفاعل بعد أن تمّ النّفير الذي يحصل في العالم العصبي ، فخلايا المخ العصبية ترسل إشارات استفزازية تستنفر العقل و الفؤاد فيحاكمان .. يناظران و يصلان إلى قناعة و يقين و طمأنينة حدّ استفزاز الحقّ لعليّ بن أبي طالب ما يجعل النبي ( صلّى اللّه عليه و آله) يخبر عنه قائلا : ” عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ ” ،
عليّ الذي استفزه الحقّ منذ صغره حين آمن بنبوّة و رسالة محمّد دون تردد .. حين اطمأن لإنسان تربى بين و على يديه صادقا لم يكذب قطّ .. أمينا لم يخُن ذات يوم؛ فرافقه مواقفا و أخلاقا و قيما و علما و مبادئ و سلوكا حتّى يخبر عنه الرّسول الأعظم قائلا : ” عليّ منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لانبي بعدي ” ،،
عليّ الذي انفعل للّه و إليه فسكت لحظة غضبه حين بصق على وجهه الكريم ابن ودّ العامري في غزوة ( الخندق ) ، العامري الذي ابتأس و يئس من أن ينجو من بين نيوب الليث عليّ ؛ فلجأ لحقن دمه المهدور من ( حيدرة ) بذلك التّصرف فعصم دمه حتّى سكت عن عليّ الغضب و تراجع عن قتل هذا العلج المهزوم ..
ترفّع عليّ عن غضبه لنفسه ، فلما هدأ ضرب العامريَّ بذي الفقار ، فأرداه صريعا كافرا ، ليس غضبا لنفسه بل غضبا و غيرة على دين للّه !!
عليّ الذي استفزه الحقّ فجاهد لأجله حتّى عرف الباطل أنّه زاهق مزهوق في حضرة أشجع ضارب إلّا لو غُدِر و في مكان معين و زمان معين ، و هناك فقد اختار قاتله المسجد مكانا لتصفيته و اختار قلب الصلاة موقفا لغدره حيث و عليّ مع ربّه يصلي مطمئنا تاركا حطام الدّنيا التي طلّقها ، و هائما بفوزه العظيم حين شقّ سيف ابن ملجم رأسه الشّريف ، فسال دمه الشّريف أيقونة للعزّة و الكبرياء لرجل ” أحبّ اللّه و رسوله فأحبّه اللّه و رسوله ” ، و شهدت له السّماوات العُلا على لسان جبريلها بأنّه : ” لافتى إلّا عليّ ، و لا سيف إلّا ذو الفقار ” ،
و كان الرسول الأعظم قد أخبر باب مدينة علمه ( عليّا ) بأن ستقتله الفئة الباغية ، فلم يرجف و لم يفجع لكنّه سأل الرسول يريد الاطمئنان على سلامة دينه فقال للرّسول ( صلّى اللّه عليه و آله ) :” أفي سلامة من ديني ” ؟
عليّ من لم يستحضر إلّا الفوز بالحقّ و البذل من أجله ، و قد ولد في الكعبة و بدأ رحلة حياته منها و انتهى إليها حين كانت آخر محطة ذكرها لسانه الشّريف بعد أن شعر بأنّ استفزاز المنافقين المرتدين الفجرة الكفرة قد انتهى اليوم ؛ فحطّ رحال سفره مطمئنا واثقا ففرّت روحه إلى اللّه شوقا و رضا و راحة و سعادة عبّر عنها ، بل و أصبحت أيقونة لمن فاز بمنحة الشّهادة في سبيل اللّه ،،
نعم _ سيّدنا علي بن أبي طالب _ و أنت أمير البيان فقد فُزتَ .. فزتَ و ربّ الكعبة ،
كعبة اللّه المقدسة ، التي لا أقدس منها غير كعبة روحك يا قسيم الجنة و النار ، يا فاتح باب خيبر ، يا كرار المعارك ، يا هارون محمد ، فزت و ربّ الكعبة ، و اتخذنا من فوزك مدرسة تعلّمنا فيها كيف نفوز فانتصر رجالك في يمن الإيمان حين نحو منحاك و توجّهوا توجّهك ، فازوا بعقيدتك القتالية فضربوا عامريّ اليوم .. ضربوه في ساحات الرجولة أسودا حيدرية ، و ضربوه في مكامن حقده نفطه و شركاته و طائراته و مطاراته .. ضربوه حتّى أثخنوه .. شرّدوا به .. نكّلوا به ، و ذلك لأنهم ما تركوا وصية رسول اللّه بل والوك ، و على دربك انتصروا و فازوا و ربّ الكعبة ، و السّلام .