في الطريق الحقيقي إلى تحرير القدس
في الطريق الحقيقي إلى تحرير القدس
يمانيون// بقلم / عبدالرحمن الأهنومي
بالثقة ذاتها التي مضى المقدسيون بها على درب مواجهة العدو الصهيوني وعصاباته في باحات الأقصى ومداخل حي الشيخ جراح ، تمضي المقاومة الفلسطينية في غزة نحو تثبيت معادلة رادعة لكيان العدو الصهيوني المتأرجح بين الأزمات الداخلية العاصفة وبين الأخطار المحيطة به بعد سقوط وهم القوة التي بناها على البروباغندا الإعلامية وراكمها بفعائل وحشية طيلة وجوده الطارئ ، ليسجل المقاومون أمس ربما أعظم انتصار على أراذل البشر اليهود الذين لم يدخروا وسيلة ولا سلاحاً لقتل الفلسطينيين ونهب حقوقهم بما في ذلك منازلهم.
هبّة المقدسيين التي أفشلت مفاعيل صفقة القرن المشؤومة ودحرت مخططات بني صهيوني في توحيد القدس تحت سيطرتهم، تعدل تجلياً لبعثة جيل مقاوم وعتيٍّ لا يعرف جيشاً لا يُقهر بل يعرف كياناً من اللقطاء اليهود الذين ضُرِبَتْ عليهم الذلة والمسكنة من الله العزيز الجبار القوي المنتقم ، لانبعاث وعي جديد لا يفهم في اتفاقيات الخيانة والتطبيع والبيع الخليجي العربي للقضية ، ولا فيما سبقها من اتفاقيات استسلامية منذ كامب ديفيد وأوسلو وما تلاها.
الهَبَة المقدسية التي تآزرت بوحدة الموقف في وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعي من كل الأقطار الإسلامية والعربية ما عدا بعض دويلات المنطقة التي انخرطت في الاصطفافات الخيانية والتطبيع المخجل مستمدة بقاءها ووجودها ككيانات وظيفية ببقاء ووجود الكيان الغاصب لفلسطين ، وهو الأمر الذي يضع حداً واضحاً بين الماء الطاهر المطهر ، والماء الآسن والمدنس الذي جرى في نهر القضية الفلسطينية برمتها ، بعد عقود ظلت المياه تجري ممزوجة بكل الآسن والدنس والنجاسات.
دخول المقاومة الفلسطينية على خط الهَبَّة المقدسية وثورة المقدسيين هو العمل الصحيح لما يجب أن يواجه به كيان العدو الصهيوني والتصدي لمخططاته اليهودية العدائية في القدس وفي كل الأراضي المحتلة ، الجهاد بالسلاح لا بالبيانات والمؤتمرات واللقاءات والمبادرات التي ظهرت بغير وجه أحياناً وانكشفت أنها لم تكن في حقيقتها إلا تذاكياً وتماشياً مع ما يريده العدو الصهيوني ، العمل المسلح والمقاومة المسلحة تبرز بهذه الأثناء كعنوان صحيح وجامع لكل الفلسطينيين ولشعوب الأمة جمعاء في مواجهة العدو اليهودي الغاصب.
الاعتداءات الصهيونية الإجرامية على حي الشيخ الجراح في القدس المحتلة وعلى المصلين في الأقصى المبارك خلال الأيام الماضية وحتى اليوم ، وما برز من وحشية وإجرام يمارسه العدو وقطعانه الإجرامية ، الرد الذي اتخذته فصائل المقاومة الفلسطينية والضربات الصاروخية التي بدأتها يوم أمس تتأكد بهما حقيقتان ، الأولى أن كيان العدو لن يتوقف عن مؤامراته وعداواته وبغيه وجرائمه في استهداف الفلسطينيين والتنكيل بهم بأي صيغ دبلوماسية أو تفاوضية أو اتفاقات أو غيرها ، والثانية أن الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة وفي القدس وفي كل الأراضي المحتلة يثبت من جديد الاتجاه الآخر، يثبت من جديد أنه صاحب حق لم ولن يتخلى عنه بطول السنين وسيستعيده، وما ينبغي فهمه أخيراً هو أن لا فرصة متاحة أمام كيان العدو الصهيوني في تحقيق ما أراد بالتآمر مع الأعراب والأمريكيين والبريطانيين من تصفية للقضية الفلسطينية ، وأن ما أراده قد ارتد عليه في إعادة تجذير القضية في الوعي الجمعي بأن الجهاد بالسلاح هو الحل وهو الذي سيعيد الحق لأهله انتزاعاً من المغتصب القاتل ، وما عليه وهو يتوهم بأن انخراط بضعة دويلات في التطبيع التآمري والخياني لن يمنحه قوة إضافية ، بل أمد القضية الفلسطينية التي أزالت أثقالاً زائدة عن كاهلها قوةً وعزماً وإرادةً مضافةً.
بالثقة ذاتها أحيا المسلمون بملايين المتظاهرين في الأرجاء الإسلامية والعربية يوم القدس العالمي قبل أيام ، والمشهد الذي أضافه إحياء يوم القدس هذا العام أنه أتى في ظل وضوح المواقف التي أفرزتها الاتفاقات الخيانية بين العدو وبعض الأنظمة المهترئة ، مضافاً إليه تصعيد العدو غير المسبوق في القدس سعياً لتنفيذ صفقة القرن المشؤومة في مدينة القدس المحتلة ، وما بعثته مناسبة يوم القدس العالمي من رسائل تؤكد على ضرورة جهاد العدو بالسلاح والعودة إليه ، ذلك أن ما فعله في فلسطين ما كان ليتمكن منه لولا التردي والنكوص العربي الذي بدأ بالانكفاء عن مواجهة العدو بالسلاح ، مروراً بمسلسل انحدار وتردٍّ وصل إلى ذهاب الكثير للتطبيع مع كيان العدو الصهيوني واعتباره كياناً يمكن السلام والتعايش معه ، وهي مخالفة صريحة لسُنّة الصراع التي بيَّنها القران الكريم مع اليهود ومرتكزاته وعناوينه بكل وضوح.
وإذا كان كيان العدو الصهيوني يخطط ويحلم ويتآمر بالمسارات التي يمضي فيها لتصفية القضية الفلسطينية، فإن عليه أيضاً أن ينتظر في المقابل تطوراً في وسائل المقاومة والمواجهة والصد والرد والردع ووحدة في الموقف والسلاح ، وما أراد تحقيقه من خلال صفقة القرن يرتد عليه وبالاً وفعلاً جهادياً لا يتوقف إَّلا بتحرير القدس وفلسطين إن شاء الله ، وما ذلك على الله بعزيز ، فهو الوعد الإلهي المحتم لعباده المؤمنين.
المشهد الذي تجلى أمس بما فعلته المقاومة متزامناً مع بطولات المقدسيين في التصدي لقطعان الاحتلال وعصاباته الإجرامية، وما سبقهما في يوم القدس العالمي من موقف جماهيري ثوري عارم ، يضعنا في الطريق الحقيقي لتحرير القدس بعيداً عن التوهمات المختلة التي مضت عليها سُنَّة العرب وجامعتهم وحكوماتهم وأنظمتهم العميلة في قرن من الزمن ، يضعنا في الطريق الحقيقي الذي سيوصلنا إلى تحرير القدس وفلسطين كلها، والوعد من الله أن يتحقق ذلك، والله أسرع مكراً وأشد تنكيلاً.