بعد فشل أدواته في البيضاء… أين ستكون وجهة العدو القادمة؟!
بعد فشل أدواته في البيضاء… أين ستكون وجهة العدو القادمة؟!
يمني برس:
عقب الانتكاسة الكبيرة التي تعرضت لها التنظيمات الإرهابية في البيضاء، تصبحُ خياراتُ قوى العدوان الأمريكي السعوديّ أكثرَ تضيُّقاً لتمرير مشاريعها أَو رأب قوات الجيش واللجان عن التقدم صوب مدينة مأرب الغنية بمصادر الطاقة، وآخر معاقل لصوص الدم والقوت في شرعية الإرهاب، فما هي الخيارات العسكرية المتاحة للتحالف في اليمن؟!
الحقيقة أن العدوّ الأمريكي لم يعد لديه خيارات عسكرية حقيقية لإنقاذ فصائله في اليمن وتمرير مشاريعه التمزيقية في ظل صلابة وصحوة المشروع الوطني المقاوم، إلا أن المؤشرات تؤكّـد أنه يسعى لتفعيل آخر الأوراق العسكرية لإحداث بلبلة في الساحل الغربي.
إن تصعيد مجاميع الخائن طارق عفاش المتواجدة في الساحل الغربي، عملياتها العسكرية في الأسابيع الأخيرة، واختراق طيران العدوان اتّفاقية ستوكهولم بقصف ميناء الصليف أكثر من مرة، ينذر أن الساحل الغربي قد يكون الوجهة العسكرية القادمة لقوى التحالف العدوانية.
بالعودة إلى معارك البيضاء الأخيرة فَـإنَّ فتح التحالف هذه الجبهة تحديداً ليس لتخفيف الضغط على مأرب وحسب، بل كان يستهدفُ إحداثَ اختراق في جغرافية السيطرة الوطنية؛ بهَدفِ عَزْلِ المناطق الوسطى عن المناطق الساحلية، وذلك من خلال التقدم من البيضاء نحو محافظة الضالع، مُرورًا بتخوم محافظة إب والسيطرة على مثلث (تعز إب الحديدة) المتمثلة بجبل رأس الاستراتيجي وسلسلة الجبال المتاخمة لها، والتي تشرف على ظهير قوات طارق عفاش المتواجدة في سواحل الحديدة.
يُذكر أن معسكرات تنظيم القاعدة التي تم إنشاؤها بدعم من التحالف في منطقة الحيمة بمحافظة تعز كانت لغرض دعم فتح جبهة هذا المثلث، لكنه فشل عندما أقدمت قوات الجيش واللجان على اقتحام المنطقة وطرد عناصر التنظيم مطلع العام الجاري.
اللافتُ في معارك البيضاء هو مشاركةُ قوات ما يسمى بالعمالقة التي جاءت من مقر إقامتها في الساحل الغربي إلى البيضاء.. إذن ما الذي يدفع بهذه المجاميع للمشاركة جنباً إلى جنب مع عناصر القاعدة في البيضاء؟!\
الحقيقةُ أن مجاميعَ ما يسمى بالعمالقة هي مجاميع متطرفةٌ وجزءٌ من تنظيم القاعدة أُعِدَّت لنفس الغرض، ويجري تفعيلُها اليوم في البيضاء لذات المشروع الذي يراد أن يصلَ إلى، أَو يتفعَّل في الساحل الغربي.
إعلانُ واشنطن مطلع شهر يوليو الجاري، إعادةَ الدعم لما أسمته الجيش اليمني بتدريب وحدات عسكرية غير مشاركة في النزاع، والتي يُقصَدُ بها قواتُ طارق عفاش المتواجدة على امتداد الساحل الغربي من مدينة المخاء غربي تعز إلى الحديدة، يأتي لدعم التواجد الأمريكي بصورة مباشرة في السواحل الغربية بجانب قوات الكيان الإسرائيلي المتواجدة في جزيرة ميون الاستراتيجية، ما يؤكّـد هذه المساعي.
فتح التحالف لجبهة الساحل الغربي يراد منها في المقام الأول، الدفعُ بالمواجهة العسكرية بغطاء دولي مباشر يقف أمام صنعاء؛ بذريعة حماية طرق الملاحة الدولية، وهو ما يفسر أَيْـضاً حملة الشائعات المكثّـفة التي تقودها وسائل إعلام العدوان حول زرع صنعاء ألغام بحرية في البحر الأحمر في الآونة الأخيرة!.
وعلى الرغم من تجاوز صنعاء مزاعمَ تهديدها للملاحة الدولية خلال فترة العدوان إلا أن التحالف لا يزال يلعب على هذه النقطة كآخر أوراقه للضغط على صنعاء من جهة والهروب من تكاليف الهزيمة في معارك الداخل اليمني والحدودية منها إلى فتح مواجهة دولية تتحمل القوى الدولية تكلفتها السياسية والعسكرية من جهة أُخرى.
على كُلٍّ، فَـإنَّ التعويلَ على مجاميع طارق عفاش لتحقيق ما عجزت عنه قوات المرتزِقة والقاعدة والطيران السعوديّ الأمريكي خلال أكثر من ستة أعوام، وفي ظل التقدم العسكري الكبير الذي تحرزه قوات الجيش واللجان الشعبيّة في معظم الجبهات الحدودية والوسطى، هو أمر غير منطقي خَاصَّة وأن قوات عفاش لا تزال وليدة ولم تخُضْ أيَّةَ مواجهات مباشرة منذ تأسيسها.
إضافة إلى ذلك، تسندُ صنعاءَ عواملُ جغرافية واجتماعية وعسكرية مهمة منها سيطرتها على المرتفعات الجبلية الغربية واتساع حاضنة الجيش واللجان الكبيرة فيها، وكذلك امتلاك صنعاء أسلحة بحرية متطورة، والتي تم الإفصاح عن جزء منها في آخر معرض نظمته صنعاء حمل اسم الشهيد القائد للتصنيع العسكري، لذا فَـإنَّ معركة الساحل الغربي لن تكون في صالح العدوان هذه المرة.
علاوة على ذلك، فرضت صنعاء مؤخّراً معادلة جديدة في الساحل الغربي وهي تهديد السواحل السعوديّة مقابل أي تهديد على سواحلها، كما حدث عندما حاولت مجاميع العدوان التسلل في محافظة حجّـة الساحلية في مارس الماضي، والذي قوبل بتوغل كبير لقوات صنعاء في منطقة جيزان الساحلية التي يتواجد فيها أحد أهم وأكبر الموانئ النفطية في العالم.
على أية حال، يبدو أن خيارات قوى تحالف العدوان أوشكت على النفاد في ظل استماتة قوات صنعاء على تحرير المحافظات والتقدم نحو مركَز مدينة مأرب، وتشظِّي قواتها في معاركَ داخليةٍ وخلافاتٍ بينيةٍ جعلتها تأكل بعضُها البعضَ؛ لتصبح خارجَ الرهانات حتى من الحفاظ على بقائها في المشهد العام.
*قراءة وتحليل – حلمي الكمالي