تقرير: الأسلحة والقنابل الأمريكية.. عناقيدُ موتٍ ضد المدنيين في اليمن!
تقرير: الأسلحة والقنابل الأمريكية.. عناقيدُ موتٍ ضد المدنيين في اليمن!
يمني برس:
تتمزَّقُ أشلاءُ اليمنيين، وتُنتشَلُ أرواحُهم الطاهرة من بين الركام، وتُسجَّلُ أبشعُ الجرائم للعدوان الأمريكي السعوديّ المتواصل للعام السابع على التوالي، ليكتشفَ المحقّقون أن غالبيةَ الجرائم المتوحشة تمت بسلاح أمريكي.
وعلى الرغم من البصمات الأمريكية الواضحة في توحشها على المدنيين باليمن، إلا أن هذه الآلام والجراح كُتب لها أن تظلَّ “منسيةً”، ولا تجد لها طريقاً إلى محاكمة هؤلاء المجرمين الذين يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد.
في بداية العدوان الأمريكي السعوديّ سنة 2015، لا يزال اليمنيون يتذكرون بأسى ما حَـلَّ بمنطقة عطان، من دمار هائل للمساكن والأحياء السكنية، وقتل للعشرات من المدنيين، الذين انتُشلوا من بين الأنقاض وهم جثثٌ متفحمة، في مشهد مخيف لا يمكن على الإطلاق نسيانه.. لقد استخدمت أمريكا “القنابلَ الفراغية” وهي أكبرُ قنبلة غير نووية في العالم، واستخدمتها أمريكا وإسرائيل في لبنان وغزة وأفغانستان.
وإذا كان مبرّر العدوان الأمريكي بإلقائه قنابلَ فراغية على فج عطان، بأن ذلك بهَدفِ تدمير الأسلحة المخزنة في الأنفاق تحت الأرض، فَـإنَّ ما تلاها من جرائم يدل على وحشية وخسة هذا التحالف، الذي يتفنن في استخدام السلاح الأمريكي في الأسواق والأحياء السكنية ومنازل المواطنين الآمنين، بما فيهم الأطفال.. فعلى سبيل المثال فقد تم قصفُ منزل الطفلة اليمنية الشهيرة “بثينة عين الإنسانية” في أغسطُس 2017 بقنبلة أمريكية الصنع، حَيثُ قام خبراء الأسلحة لدى منظمة العفو الدولية بتحليل بقايا القنبلة، وتوصلوا إلى أنها تحملُ علاماتٍ واضحةً تماثلُ مكوناتٍ أمريكيةَ الصنع عادةً ما تُستخدم في القنابل الموجَّهة بأشعة الليزر التي تُلقَى من الجو.
وقالت لين معلوف، مديرية البحوث بمكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، يومها: “يمكننا الآن أن نؤكّـدَ بشكل قاطع أن القنبلةَ التي قتلت والدَي بثينة وأشقاءَها، وغيرَهم من المدنيين، هي قنبلة أمريكية الصنع”.
آلامٌ وجروحٌ منسية
وفي أكثر من تقرير لها، تؤكّـد منظمة العفو الدولية أن العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن استخدم قنابل صُنعت في أمريكا لتنفيذ ضربات جوية “مميتة” ضد المدنيين، من بينها ذخائر دقيقة التوجيه استُخدمت لقصف الأسواق وَمنازل المواطنين في عدة محافظات يمنية، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين اليمنيين، وأن هذه الهجمات تصل إلى حَــدِّ الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في اليمن.
وتقول الباحثة في شؤون اليمن بمنظمة العفو الدولية، رشا محمد إن: “من غير المفهوم وغير الأخلاقي أن تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في تدفق نقل الأسلحة إلى اليمن”، مضيفة أنه وعلى الرغم من ورود أدلة عديدة على أن العدوان على اليمن قد ارتكب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي المرة تلو الأُخرى، بما فيها جرائمُ حرب محتملة، فَـإنَّ الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المورِّدة للأسلحة، كالمملكة المتحدة وفرنسا، ظلت غير آبهة بالآلام والفوضى التي تسببها أسلحتُها للسكان المدنيين”.
وتواصلُ رشا محمد حديثَها بالقول: “إن الدولَ المورِّدةَ للأسلحة لا يمكنُها أن تدفنَ رؤوسَها في الرمال وتتظاهرَ بأنها لا تعلمُ بالمخاطر المترتبة على عمليات نقل الأسلحة إلى دول التحالف التي ما فتئت تنتهك القانون الدولي الإنساني بشكل ممنهج”.
وحول هذا السياق، تقول صحيفة “واشنطن بوست”: إن “الولايات المتحدة باعت قنابلَ محرَّمةً دوليًّا للسعوديّة ودولة الإمارات، وإن الكونغرس صوّت لمصلحة استمرار بيعها شريطةَ عدم وضع ختم المصنع عليها”.
ونقلت الصحيفة في تقرير لها بعنوان “القنابل الأمريكية تهشّمُ الحياةَ في العاصمة صنعاء”، شهاداتِ بعض ضحايا القنابل الأمريكية أَو أسرهم في صنعاء، مبرزةً مدى كراهية الشارع اليمني للولايات المتحدة؛ باعتبَارها تقوم بدور هادئ لكنه قاتل أَدَّى إلى قتل وجرح آلاف المدنيين في اليمن.
وتؤكّـد الصحيفة في التقرير أن الولايات المتحدة باعت للسعوديّة مقاتلاتٍ وأسلحةً أمريكيةً بمليار دولار، قائلة: “الانتقادات الموجهة لأمريكا في تزايد مضطرد؛ بسَببِ مشاركتها في العدوان على اليمن”، مشيرة إلى أن نواباً أمريكيين والمنظمة الأمريكية لحقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش” يطالبون بحظر بيع السعوديّة أسلحة محرمة دوليًّا.
جرائمُ خارجةٌ عن القانون
ولم يقتصرِ الإجرامُ الأمريكي بالقصفِ على منازل المواطنين والأحياء المكتظة بالسكان، بل عمد إلى استهدافِ الأسواق الشعبيّة بقنابلَ أمريكية.
وتقول منظمةُ هيومن رايتس ووتش إنها أجرت تحقيقًا ميدانيًّا يوم 28 مارس 2016، أي بعد عشرة أَيَّـام من جريمة متوحشة لطيران العدوان الأمريكي السعوديّ استهدفت سوق مستبا بمحافظة حجّـة، والتي أَدَّت إلى استشهاد ما يقارب 100 مدني بينهم 25 طفلاً، وإصابة العشرات، مؤكّـدةً أنها وجدت في السوق بقايا من قنبلة “جي بي يو- 31″، موجَّهةً بالأقمار الصناعية، والتي تتكوَّنُ من قنبلة “إم كيه-4” أمريكية تزن 2 طن، ومجموعة توجيه عبر الأقمار الصناعية (ذخائر الهجوم المباشر المشترك JDAM)، وفرتها الولايات المتحدة أَيْـضاً.
وبحسب الباحثين في المنظمة، فَـإنَّ العدوان الأمريكي السعوديّ استخدم أسلحة أمريكية، في واحدة من الهجمات الأكثر دموية ضد المدنيين في اليمن، ما يوضح بشكل مأساوي لماذا ينبغي على الدول إيقافُ بيع الأسلحة إلى السعوديّة.
ويرصد تقريرٌ موسعٌ لمنظمة “مواطنة لحقوق الإنسان” اليمنية المستقلة 25 غارةً لطيران العدوان الأمريكي السعوديّ استخدم فيها تحالفُ العدوان ذخائر مصنوعةً في أمريكا، بما فيها القنابلُ العنقودية، وقنابل CBU-58 مع ذخيرة BLU-63، وَCBU-52 مع ذخيرة BLU-61، وَCBU-105 مع ذخيرة BLU-108، وسلسلة قنابل الأغراض العامة مارك 80، وسلسلة قنابل بيفواي الموجهة بدقة، بما في ذلك بيفواي الثانية طراز GBU-12 وَطراز GBU-16 وَبيفواي الثالثة طراز GBU-24 وبيفواي الرابعة، وقنابل الهجوم المشترك المباشر JDAM GBU-3..
وفي الثالث من سبتمبر 2019، قال الفريق الأممي المعنيُّ بالانتهاكات في اليمن: إن أمريكا وفرنسا وبريطانيا ربما شاركت في جرائم حرب باليمن، من خلال تقديم العتاد والمعلومات والدعم اللوجيستي للتحالف العسكري بقيادة السعوديّة.
ويقول تقرير منظمة “مواطنة لحقوق الإنسان”: إنه وَفي 9 أغسطُس/ آب 2018، قصف العدوان حافلةً مدرسيةً، ما أسفر عن مقتل العشرات من الأطفال، حَيثُ حدّدت قناةُ “سي إن إن” نوعَ السلاح المستخدَم في العملية بأنه قنبلة “إم كيه 82” من صُنع شركة أمريكية.
وبحسب المنظمة، فَـإنَّ الهجوم على حافلة ضحيان تلاه غضبٌ على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ما دفعَ بالكثيرين من أعضاء الكونغرس إلى التحَرُّك؛ للمطالَبةِ بوقف بيع السلاح الأمريكية إلى السعوديّة.
ستظلُّ أمريكا بسلاحها الفتاكة مدانةٌ بقتل الشعب اليمني للعام السابع على التوالي، وجميعُ اليمنيين يعرفون جيِّدًا قاتلَهم الحقيقي، وهم يشيرون إليه في كُـلِّ مسيرةٍ أَو لقاءٍ أَو اجتماع.
(صحيفة المسيرة)