كارثية قرار حكومة المرتزقة
كارثية قرار حكومة المرتزقة
يمني برس:
في سابقة خطيرة وفي إطار العدوان الاقتصادي الأمريكي السعودي على اليمن، وضمن برنامج التدمير الممنهج للعملة المحلية والاقتصاد الوطني الذي ينتهجه العدوان ومرتزقته أقدمت سلطات الجمارك في حكومة فنادق الرياض على رفع الرسوم الجمركية 100% على جميع السلع المستوردة، حيث بدأت في رفع قيمة الدولار الواحد من 250 ريالاً إلى 500 ريال على كل السلع، وهذا القرار تم اتخاذه ضمن حزمة من القرارات مطلع العام الجاري وتم تأخير تنفيذه إلى هذه الأيام بالتزامن مع صدور قرارات أخرى من فرع البنك المركزي في عدن تتضمن بدء العمل في ضخ العملة المحلية المزورة فئة 1000ريال ذات الحجم الكبير إلى السوق في كافة مناطق اليمن واستخدامها في معاملات البيع والشراء النقدي والتي حذر من التعامل بها في وقت سابق البنك المركزي اليمني المركز الرئيسي في صنعاء،
ومن ضمن تلك القرارات إلزام البنوك ومؤسسات التحويل والصرافة الواقعة في نطاق سلطة حكومة المرتزقة خلال فترة قريبة بوقف فرض العمولات الكبيرة للتحويلات الداخلية والتي تأتي نتيجة فارق سعر صرف العملة الوطنية بين المناطق المحررة والمحتلة التي تجاوز مبلغ 400 ريال مقابل قيمة الدولار الواحد، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على الإجراءات الناجحة في السياسات المالية والنقدية التي اتخذتها حكومة الإنقاذ الوطني ويأتي هذا التزامن في إصدار هذه القرارات الفاشلة لغرض تحقيق انهيار في العملة المحلية وتدمير ما تبقى من الاقتصاد الوطني وإضافة نوعية للإجراءات السابقة التي اتخذها بنك عدن والتي أثبتت فشلها في إدارة وتنفيذ السياسات النقدية وأدت إلى انهيار العملة المحلية،
والغرض الرئيسي من صدور تلك القرارات الفاشلة هو محاولة توسيع الأضرار الاقتصادية لتصل آثارها الكارثية إلى المناطق المحررة التي تقع تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى لتحقيق ما فشلوا في تحقيق في الجانبين العسكري والسياسي ولفرض أعباء إضافية على معيشة المواطن اليمني وزيادة معدلات التضخم في السلع والخدمات وانخفاض القيمة الشرائية للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
وقد قوبلت تلك القرارات بالرفض من غرفة التجارة والصناعة في عدن التي قالت إن ذلك سيؤدي إلى مجاعة وسيضر بحركة التجارة، وحذرت من، أن رفع سعر الدولار للرسوم الجمركية إلى 500 ريال في ظل الظروف المعيشية الحالية وانهيار العملة الوطنية وضعف مداخيل المواطنين وزيادة الفقر بينهم سيؤدي إلى اختلالات في سلاسل توافر المواد الغذائية وسيزعزع استقرار المجتمع أمنيا مع توسع نطاق الجوع بين المواطنين.
ومن ناحية أخرى فإنه يترتب على قرار زيادة التعرفة الجمركية نتائج سلبية في الجانب الاقتصادي، حيث تؤدي زيادة التعرفة الجمركية إلى تحويل التجارة والنشاطات الاقتصادية إلى المنتجين غير الأكفاء، كما أنها تشجع عملية التهريب من أجل التهرب من الزيادة في هذه التعرفات وتؤدي إلى الحد من الرفاهية العامة، علاوة على أن المستهلكين يخسرون ويربح المنتجون كما تؤدي الزيادة في قيمة التعرفة الجمركية إلى إعادة توزيع الدخل ما بين العوامل والفاعلين الاقتصاديين ما يؤدي إلى إنشاء تكتلات خاصة ذات مصالح مترابطة وفي حالة ارتفاع التعرفة على مدخلات عملية الإنتاج فإن الخسائر ستضاف إلى تكاليف الإنتاج وارتفاع الأسعار سينتقل إلى سوق التجزئة وبالتالي سينعكس على أسعار المستهلك.
ويترتب على قرارات حكومة فنادق الرياض برفع سعر الدولار للرسوم الجمركية 100% عدة تداعيات منها أن هذا الإجراء سيرفع الإيرادات العامة من الجمارك من نحو 350 مليار ريال إلى 700 مليار ريال سنويا وهذه الزيادة في الإيرادات إلى جانب استمرار طباعة العملة المزورة والتي تقدر بأكثر من خمسة تريليونات كل هذا الحجم من النقد المحلي يستخدم لغرض المضاربة بالعملة وسحب النقد الأجنبي وتحويله إلى البنوك الخارجية في الرياض وبالتالي زيادة العرض من النقد المحلي والذي بدوره يؤثر على انخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية وانهيارها، ومن تلك التداعيات الآثار الكارثية لرفع سعر التكلفة الجمركية التي تؤدي إلى الزيادة في قيمة مدخلات الإنتاج للمنتجات الصناعية والزراعية وبالتالي زيادة سعر المنتج الذي يضر بعدم قدرة المواطن على شراء احتياجاته الضرورية للعيش،
ومن ناحية أخرى وبسبب الحصار الاقتصادي ومنع سفن الوقود والغذاء من الدخول إلى ميناء الحديدة وبسبب القيود المفروضة على الصادرات والواردات لأن أغلب المنافذ الجمركية والضريبية تحت سيطرة العدوان ومرتزقته وأغلب السلع والخدمات تأتي من المناطق المحتلة وبسبب هذه الزيادة في التعرفة الجمركية سيؤدي كل ذلك إلى الارتفاع الكبير في سعر السلع والخدمات وبالتالي وجود تضخم بنسبة كبيرة وانخفاض دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية، كما يؤدي الاستمرار في طباعة العملة المزورة إلى تآكل رأس المال للتجار والمستثمرين وعزوفهم عن الاستثمار وبالتالي ظهور الكساد الاقتصادي .
وسيترتب على رفع سعر الدولار للرسوم الجمركية إلى 500 ريال وضخ العملة المزورة إلى السوق أضرار وآثار مالية واقتصادية كارثية أخرى منها بصفة خاصة الانهيار والمعاناة في الجانب الإنساني والجانب الخدمي وعجز المواطن عن شراء احتياجاته الأساسية والضرورية من الغذاء والدواء بسبب الغلاء الفاحش نتيجة ارتفاع التضخم بنسبة كبيرة،
وبالنسبة لتداعيات ذلك في المناطق المحررة فإن الوضع الاقتصادي في صنعاء سيتأثر بالتأكيد وإن كان بنسبة أقل من المناطق المحتلة وإذا تم الالتزام بعدم تداول العملة المزورة وفق قرار البنك المركزي بصنعاء سيكون التأثير ضعيفاً جدا ولن يحدث تضخم على السلع والخدمات وإن وجد التضخم فبنسبة صغيرة، ويرجع السبب إلى الحصار الاقتصادي والقيود على الصادرات والواردات وارتفاع أجور النقل بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية نتيجة احتجاز السفن ومنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة .
ويمكن تجاوز تلك التداعيات التي تترتب على تلك القرارات مع العلم بان العدوان الاقتصادي على اليمن ستكون آثاره السلبية مستمرة حتى بعد انتهاء العدوان والانتصار العسكري والسياسي، وفي مواجهة ذلك يجب على حكومة الإنقاذ الوطني فرض رقابة فعَّالة على التجار والمستوردين ومنعهم من رفع أي زيادة في أسعار السلع في السوق والانتقال من الاقتصاد الاستهلاكي المعتمد على الخارج إلى الاقتصاد الإنتاجي المحلي واتخاذ عدة إجراءات احترازية في المستقبل تتمثل في مضاعفة الجهود لمنع دخول العملة المزورة والحفاظ على الاقتصاد الوطني من هذه الكارثة من خلال تنفيذ معالجات ضرورية وفق خطة استراتيجية مزمنة تقطع الطريق على كل المؤامرات للنيل من اقتصادنا الوطني،
وتتمثل تلك الإجراءات في التحرك الجاد من قبل الجهات التنفيذية المختصة بالشأن الاقتصادي في حكومة الإنقاذ للاهتمام بالإنتاج المحلي سواء الزراعي أو الصناعي والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وتفعيل الركائز الاقتصادية المتوفرة في بلادنا من خلال بناء تعاون مشترك بين الجانب الرسمي والقطاع الخاص والعمل على إعداد وإنشاء هيئة اقتصادية متخصصة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية وتُعنى بهذا الجانب وتبدأ العمل للحفاظ على الاقتصاد الوطني ومواجهة جميع التحديات التي يراهن عليها الأعداء والقيام بتنفيذ هذا المشروع المستقبلي الذي سيضمن استقلال وعزة وكرامة الشعب اليمني الذي سوف يكون له دور كبير في الحفاظ على قيمة العملة الوطنية بما يمكِّن من تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة ويعمل على انخفاض الطلب الكلي على النقد الأجنبي لغرض الاستيراد من الخارج، وبإذن الله سوف نكون في مقدمة الدولة المتقدمة والصناعية.
وأيضا يجب على السلطة النقدية انتهاج سياسة توسعية وتطويرية لأدوات الدفع لتأسيس مصارف إسلامية جديدة على شكل شركات مساهمة عامة لأنها تتناسب مع قيم المجتمع اليمني، وتفعيل قطاع الرقابة المصرفية في البنك المركزي وفق خطة استراتيجية تنفيذيه ومصفوفة عمل مزمَّنة، وتعزيز الترابط والتشابك بين الصناعات الصغيرة والمتوسطة من جهة وبين المنشآت الكبيرة من جهة أخرى عن طريق توسيع وتطوير التعاقدات الفرعية بينها وإنشاء صناديق استثمارية مشتركة ودعوة أفراد المجتمع للاكتتاب فيها وتوفير وسائل دفع جديدة حتى يتم السيطرة على الكتلة النقدية المتداولة خارج الجهاز المصرفي، وأن توجه السياسة النقدية لمنح القروض والتمويل للقطاعات الاستثمارية بغرض دعم التنمية الاقتصادية، والعديد من الإجراءات الأخرى التي لا يكفي هذا المقال لذكرها.
*د. يحيى علي السقاف – وكيل وزارة المالية