الحُسَيْنُ .. في زَمَنِ الحَقِيْقَة
الحُسَيْنُ .. في زَمَنِ الحَقِيْقَة
تطل علينا ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي -عليهما السلام- ومجموعة من أهله وأصحابه في كربلاء عام 61 للهجرة في زمن قريب العهد من عصر النبوة ونزول القرآن ورسالة الإسلام، الإمام الحسين بن علي -عليهما السلام- هو رمز إسلامي عظيم وما خلفه الصراع في العالم الإسلامي بعد ذلك من تقديم الحسين كشخصية يمثل طائفة وذكرى عاشوراء تمثل مناسبة فريق من المسلمين، وهذا غير صحيح، فالحسين بن علي يمثل خط الإسلام كما أراده الله أن يكون، عجز المشككون والمتأولون وكل أصحاب التبريرات والحيل على مدى التاريخ أن يجدوا مبرراً أو عذراً أو مخرجاً لمن أقحم نفسه في هذا الظلم الفظيع المتمثل في فاجعة كربلاء حتى أجمعت الأمة بلا استثناء أن الحسين شهيد عظيم وسيد الشهداء، وأن ما حصل له من ظلم يمثل نقطة سوداء في تاريخ المسلمين بل والإنسانية جمعاء، يقول العقاد في كتابه ( أبو الشهداء الحسين بن علي) قد نجد مبررا لمن يقول بالخلاف في صفين أو معارك أخرى ضمن سياق التبرير إلا أن كربلاء لا يقوى أمامها منطق ولا دليل ولا تستطيع أن تواجه هذه الفاجعة المروعة أية حجة أو قول فهي مأساة حلت بأطهر إنسان في ذلك الزمن .
إن مظلومية كربلاء جمعت بين الوحشية والجريمة والجفاء والقسوة بحق محمد صلوات الله عليه وعلى آله، وبين الدناءة والانحطاط والتنكر لقيم الإسلام في أسوأ فاجعة عرفتها البشرية والسيئة تتبعها السيئة، فبعد معركة كربلاء الدامية وفاجعتها المروعة ارتكب يزيد بحق مدينة الرسول مجزرة أخرى وقام أعوانه بارتكاب الفواحش والتنكيل بأهل المدينة المنورة فيما عرف (بواقعة الحرة) عام 63 للهجرة ومثّل فيها صورة أخرى للدموية والوحشية والسقوط الأخلاقي والإنساني، لسنا من يعمل على أن تكون ذكرى سيد الشهداء عنوانا طائفيا ولا نذهب لذلك – وأي خطأ أو تعبير غير منضبط فهو مردود على صاحبه – وإنما الإشكال الحقيقي هو أن البعض يريد منا أن نساوي بين الضحية والجلاد والحق والباطل والنور والظلام ولكن معاذ الله أن يكون ذلك، لا تجعلكم العصبية المقيتة والموروث الفكري أو الصراع السياسي أن تقفوا أمام الحق الواضح كالشمس والمظلومية المعلومة والجريمة الأسوأ في تاريخ الإسلام التي لا تشرف إنسانا سليم الفطرة يؤمن بالله ورسوله وكتابه ويحترم أخلاق الإسلام والبشرية وهو يجد بنات الحسين كرقية وسكينة وأخت الحسين زينب بنت علي بن أبي طالب، بنت فاطمة بنت محمد، وأطفالهم يُجرون ويُساقون كما تساق السبايا في موقف تدمع له العيون دما ويعتصر القلب ألما، لا والله لا يرضاه مؤمن بالله سليم الفطرة ولا يرضاه بشر على الإطلاق طالما وهو يحمل بين جوانحه إنسانية، ويا للأسف ويا لهول هذا الموقف الصعب والمؤلم أن يحجب عن منصف عاقل أو يمنعه عن قول الحق موقفٌ مسبق أو عصبية عمياء .
إن ذكرى عاشوراء وهي تجدد فينا الأسى والحزن وتذكرنا بعظيم المصاب فإنها تلهب في قلوبنا حماسا للانطلاق في خط الحسين -سلام الله عليه- والالتحاق بركبه الإيماني في رفض الظلم والطغاة طالما والحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه وليفعل الله بعد ذلك ما يشاء.