نحو بنيان الثورة الزراعية
نحو بنيان الثورة الزراعية
يعتبر الجانب الاقتصادي الركيزة الأساسية ولبنة أولى من لبنات بناء الدول وسرعة نهضتها, وأحد أهم انتشال شعوبها من الفقر والمجاعة في فترات وجيزة وقياسية, ليس لأنها بالأساس تعتمد على نظرية الجانب الاستثماري القادم من الخارج، بل لاعتمادها على سواعد أبناءها.
ولذا فإن أعداء الأمة يستخدمون الحرب الاقتصاديه وسياسة التجويع في طلائع مخططاتهم الاستعمارية ورأس حربة مسبقة تمهد لهم غزو الشعوب عسكريا والتحكم بقراراتها بكل سهولة ويسر.
من منا لا يأمل ويتمنى ويحلم أن نصل جميعا الى ثورة زراعية “ان نلبس مما نصنع, ونأكل مما نزرع” فلقد أصبح حلم جميع الاحرار الصابرون والمجاهدون والثابتون في شعبنا، لكن نيل الاماني لاتأتي بالتمني، في الوقت الذي نحن فيه ننتظر لفتات ما تقدمه المنظمات الدولية_ التي تاجرت ولا تزال تتاجر بدماء ومعاناة مظلومية الشعب اليمني طيلة 7 أعوام من العدوان_ بمساعدات لا تصلح للاستهلاك الآدمي.
إن تحقيق الثورة الزراعية والوصول اليها عملية سهلة جدا تحتاج فقط للاستعانة بالله والتوكل عليه والثقة به ومن ثم بذل الجهد والسبب والتحرك الجاد في اطار الامة الواحدة، والكيان الواحد، والصف الواحد، والمنهج الواحد، تحت قيادة واحدة، وفق هدى الله.
وعندما يمعن الإنسان قليلا بمقاربات من الواقع يجد ان العدو اشتغل ضمن بنود مخططاته واستهدافه للجانب الزراعي والاقتصادي في وطننا على تفكيك لحمة النسيج الاجتماعي، عبر قضايا الثارات وافتعال المشاكل واختلاق الحروب على العقود السابقة حتى تحولت اليوم الى جبهة نحن في أمس الحاجة لتسليط الأضواء ونسقط رهان العدو عليها.
إن أهمية إعادة وتفعيل المبادرات المجتمعية اليوم في واقعنا تكمن في إستعادة لحمة النسيج الاجتماعي وترصيص تعاضده وتحصين تراحمه، خاصة في ظل ما نعانيه من جوع وحصار في ظل العدوان، وهي بذلك تجسد أبرز معاني الاحسان الذي أشار القرآن الكريم كقضية ينبه عليها ببالغ الأهمية.
هذه القضية تترجمها على الصعيد الميداني والواقع العملي اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية، التي حملت على عاتقها هذا العمل المضني من أجل كرامة شعب و اكتفاء أمة، وحققت تقدما كبيرا في هذا الجانب بخطى كبيرة واثقة بالله، غير أن خطاها تلك لم تحظ بالاهتمام الاعلامي المطلوب، وهو ما يجب علينا جميعا في الجانب الاعلامي بمختلف مؤسساته أن نتشارك جميعا في حمله،ونضع سواعدنا بسواعد أبطال هذه الثورة كما وضعناها في المسار العسكري.
ولذا فإن المبادرات المجتمعية وتفعيلها في أوساط المجتمع تعتبر الطريق المعبدة نحو بنيان الثورة الزراعية والدفع بعجلتها للإمام.
لو عدنا قليلا الى الوراء لوجدنا أن هذه المبادرات والتكافل الزراعي كانتا قائمة بين أوساط المزارعين في مختلف القبائل والقبل اليمنية، فكان أهل القرية في موسم الحصاد يتداعون رجالا ونساء لاغاثة من يريد ان يحصد سنابل أمواله، أو بذر بذوره، ويعملون كخلية نحل واحدة، غير أنها اندثرت وتلاشت شيئا فشيئا جراء السياسيات العميلة للأنظمة السابقة، وكذا الاستهداف والغزو الفكري والاعلامي المأجور والحرب الناعمة التي ساهمت في نحر الاقتصاد اليمني، والقضاء على حلم المزارعين، حتى أصبح يوسم ممن لديه بقرة وماعز وضأن ودجاج في منزله بأنه متخلف.
اليوم وبعد الفشل الذريع للعدو في الجانب العسكري، لجأ الى الحرب الاقتصادية على شعبنا.. الأمر الذي يتوجب علينا في الجانب الاعلامي تكريس الجهد وبذل الطاقات واعلان النكف الزراعي الاعلامي حتى تحقيق نجاح الثورة الزراعية ومواكبتها وتوجيه البوصلة نحو إعلام مجتمعي ينقل هم وتطلعات وانجازات المواطنين وتحفيز الشعب بالنماذج الناجحة والمساهمة الفاعلة بشكل كبير في رفد المزراعين بالوعي والبصيره, ومخاطر العدو المترتبة على التخاذل والتكاسل والجمود والاتكال.
في هذه الجبهة التي أكد وحث عليها قائد الثورة، يتوجب على وسائل الاعلام توقيف العمل بفرشات تلميع المسؤولين، ويكفي ارتكاب الأخطاء الفادحة بحق الشعب من أجل الحصول على (بقايا فتات) مال مدنس يستخدمه البعض في تسويق الوهم وشد الأنظار والخداع.
ولندرك أننا في هده المرحلة بالذات أننا إن عملنا لخدمة لمواطنين فنتيجة ذلك أن نأكل جميعا “عسل وسمن ولبن وقمح وذره وشعير وسقله وبلسن” بلدي ونناطح امريكا ودول الاستكبار بقوه.
وإن استمر الاعلام في تلميع المسؤولين فلا تضجوا من الفساد وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، ففي الأخير ستشتري “سمن البنت والدجاج الكيني ووبودرة الزبادي وقمح منظمات عافت الدود اكله يباع في الأسواق” بأسعار باهضة ولربما بين الحين والآخر لا تتوقف عواجل إطلاق نداء الاستغاثات من قلب منطقة يقول خالقها”بلدة طيبة”
.
لنؤجل قليلا تداول اخبار تدشين المسؤولين في الفعاليات فقد اصبحت تدشين غالبيتهم فقاعات واستهلاك اعلامي ينتهي بانتهاء التقاط الصور والتصاريح، ودعو تقييم نتائج أعمالهم للمواطنين، وكل مسؤول تتحدث عنه أعماله.
وليخوض اعلامنا في الجانب الزراعي ونكتفي في الجانب الرسمي بتداول اخبار وخطابات السيد القائد والرئيس المشاط والجانب العسكري والوفد الوطني.
لنعمل وفق ما قاله الشاعر الكبير البردوني الذي طالما نصحنا جميعا بقوله:
“اليمن يجب أن يكون معطى لا معطى عليه”
ولا زعل يا إخوه أمام الحقيقة.. فأين ثمرة تسويق الاعلام للجانب الاقتصادي والتنموي والزراعي على مدى 33 عاما.. واقعنا يجيب على ذلك فيقول: إن ثمرة تسويق الاقتصاد الوهمي لشعبنا هو أن يستورد تجارنا الملاخيخ من الخارج، وثمرة تسويق الزراعة أن نجد بيئتها الخصبة “صلعة” بلا زراعة في شوارع وزارة الزراعة.