بعد فراغ لأكثر من عام.. الحكومة اللبنانية ترى النور وسط ترحيبٍ دوليٍ واسع
بعد فراغ لأكثر من عام.. الحكومة اللبنانية ترى النور وسط ترحيبٍ دوليٍ واسع
يمني برس:
بعد فراغ حكومي دام لأكثر من عام، جراء الخلافات على الحقائب والأسماء الوزارية أُعلن في لبنان اليوم الجمعة عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي تضمّ 24 وزيراً يمثلون بغالبيتهم مختلف القوى السياسية مع بعض المستقلّين وسط ترحيبٍ دوليٍ واسع.
وجاء الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان بعد توقيع مراسيمها في القصر الجمهوري في بعبدا من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف، بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكان عون قد كلف ميقاتي في 26 يوليو الماضي بتشكيل حكومة جديدة، بعد اعتذار كل من سعد الحريري ومصطفى أديب عن عدم إكمال المهمة، جراء خلافات بين القوى السياسية.
وضمت التشكيلة الحكومية الجديدة، نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة وسعادة الشامي نائباً له.. فيما جرى تعيين عبدالله بو حبيب وزيرا للخارجية، وعباس الحلبي وزيرا للتربية والتعليم العالي، وجورج قرداحي وزيرا للإعلام، وهنري خوري وزيرا للعدل، ثم بسام مولوي وزيرا للداخلية.
كما عُين جورج كلاس وزيرا للشباب والرياضة، وموريس سليم وزيرا للدفاع الوطني، وعصام شرف الدين وزيرا للمهجرين، ويوسف خليل وزيرا للمالية.. وجرى اختيار نجلا رياشي لمنصب وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية، وهيكتور الحجار وزيرا للشؤون الاجتماعية، وفراس أبيض وزيرا للصحة، ووليد فياض وزيرا للطاقة.
وقال الرئيس اللبناني في تصريح صحفي، عقب إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة: إنها “أفضل ما تم التوصل إليه”.. مضيفا: “علينا العمل للخروج من المهوار (المأزق).
وتابع: “سنبدأ بحل المشاكل الأساسية كالبنزين والمازوت والخبز، إضافة إلى مصائب الفقر والديون والإضرابات وفيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت”.
ومضى قائلاً: “إنني لم آخذ الثلث المعطل (الأكثرية في الحكومة) وكان الأمر حربا سياسية، وما كان يجب أن نأخذه اخذناه والمهم أن نتوافق في العمل”.
من جهته.. وفي كلمة مؤثرة له بعد توقيع المرسوم مع عون، أعرب ميقاتي عن أمله في وقف انهيار الأوضاع في لبنان وإعادة الرخاء للبلاد.
وقال ميقاتي: إن الوضع في البلاد “صعب كثيرا”.. مضيفا: إنه لم يتبق احتياطيات للدعم وعلى الجميع أن “يشدوا الأحزمة”.
ووعد اللبنانيين بالعمل بمبدأ وطني.. قائلاً “لست مع فئة ضد فئة، ولن أفوت فرصة لدق أبواب العالم العربي”.
وتابع: “يجب أن نوصل ما انقطع ولبنان ينتمي إلى هذا العالم العربي وهو فخور بهذا الأمر”.. مؤكداً أن “الحكومة ستضع خطة إنقاذية بأسرع وقت ممكن، والوقت الآن للعمل وليس للجدل السياسي”.
وأعرب ميقاتي عن أمله بالنهوض بهذه الحكومة ووقف على الأقل الانهيار الحاصل وإعادة لبنان إلى عزه وازدهاره.. كما تعهد بإجراء الانتخابات النيابية، بموعدها في 8 مايو المقبل.
بدوره اكتفى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، حين مغادرته قصر بعبدا بالقول: “من الآن وصاعداً حيّ على خير العمل”.
أما زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري فأعرب عن دعمه لميقاتي، عقب تشكيل الحكومة.. وقال في تغريدة له على “تويتر”: “أخيرا، وبعد 12 شهرا من الفراغ، بات لبلدنا حكومة”.
وأضاف: “كل الدعم للرئيس ميقاتي في المهمة الحيوية لوقف الانهيار وإطلاق الإصلاحات”.
وفي أولى المؤشرات الإيجابية بعد إعلان تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، سجل سعر الدولار انخفاضا مقابل الليرة اللبنانية.
وفور الإعلان عن الحكومة اللبنانية الجديدة، انخفض سعر الدولار الأمريكي في السوق السوداء إلى 15 ألف ليرة لبنانية، بعد أن كان عند متوسط 19 ألفا و500 ليرة.
وكان اللبنانيون ينتظرون ولادة هذه الحكومة منذ أكثر من عام، في خضم انهيار اقتصادي غير مسبوق صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.. وستعقد الحكومة الجديدة أول لقاء لها الإثنين المقبل.
الجدير ذكره أن الحكومة الجديدة تنتظرها سلسلة من الملفات الصعبة تتعلق بالشؤون الاقتصادية والمعيشية للمواطنين الذين يعانون منذ فترة من حصار أمريكي تسبب بأزمات متنوعة من المحروقات الى الدواء والكهرباء وغلاء أسعار يرتبط بشكل كبير بسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة اللبنانية والتلاعب بهذا السعر ونتيجة سياسات مالية وفساد متراكم.
هذا وقد توالت ردود الفعل الدولية المُرحبة بتشكيل حكومة جديدة في لبنان برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، إذ توحدت الدعوات حول ضرورة إنقاذ البلاد من الأزمة الحالية وتنفيذ الإصلاحات.
حيث رحبت روسيا بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان.. مشددة على أهمية هذه الخطوة لتجاوز المشاكل التي يواجهها لبنان.
وذكرت الخارجية الروسية في بيان أصدرته مساء اليوم، إن موسكو “ترحب بهذه الخطوة المهمة في سبيل استقرار الوضع السياسي داخل لبنان وتهيئة الظروف اللازمة لإخراج هذا البلد من أزمته الاقتصادية والاجتماعية الطويلة”.. مشيرة إلى أن استئناف مؤسسات السلطة التنفيذية عملها بشكل فعال يعد من أهم العوامل المطلوبة لتحقيق هذا الهدف.
وتابعت: “نؤكد موقف روسيا الثابت والمبدئي الداعم لسيادة لبنان ووحدة أراضيه وضرورة حل كافة المسائل المطروحة على الأجندة الوطنية في هذا البلد الصديق لروسيا من قبل اللبنانيين أنفسهم دون أي تدخل خارجي”.
من جهته رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل حكومة جديدة في لبنان، واعتبر ذلك خطوة أساسية لا غنى عنها لاتخاذ إجراءات الطوارئ التي ينتظرها اللبنانيون لانتشال بلادهم من أزمتها العميقة.
وشدد ماكرون على أنه “يجب على الساسة اللبنانيين الوفاء بالالتزامات الضرورية لإجراء الإصلاحات التي تسمح للمجتمع الدولي بتقديم المساعدات للبنان”.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبر عن أمنياته في أن يتمكن الرئيس ميقاتي من جمع الأطراف اللبنانية والتغلب على مصاعب لبنان.
بدوره، رحّب مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل بتشكيل حكومة جديدة، وقال في تصريح له: “تشكيل الحكومة هو مفتاح معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الحالية، وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، والتحضير للانتخابات في عام 2022”.
إلى ذلك، رحّبت وزارة الخارجية المصرية بتشكيل الحكومة برئاسة ميقاتي.. مشيرة إلى أنه “لا بد من إفساح المجال أمام الحكومة اللبنانية الجديدة لتحقيق أهدافها وإخراج لبنان من أزمته وفقاً لصلاحياتها الدستورية”.
كما رحبت قطر بإعلان تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة ميقاتي، وأكدت الاستعداد الدائم للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني.
ما جانبها غردت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان منسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي عبر “تويتر” بالقول: “أرحب بتشكيل الحكومة الجديدة، وأتمنى لها كل النجاح والتوفيق في مهامها الرئيسية في سبيل إعادة البناء بشكل أفضل من خلال تبني إصلاحات عاجلة”.
وأضافت: “أملي في أن يكون الناس في صلب أولويات هذه الحكومة بما يساعد على التخفيف من معاناتهم ووضع حد للاحتياجات الإنسانية، وتزويدهم بالخدمات الأساسية، والالتزام بإنجاز تحقيق محايد وموثوق ومستقل في انفجار مرفأ بيروت المفجع.. وهذا كفيل بأن يبشر بحقبة جديدة من الإنصاف والعدالة حيث تحفظ كرامة الناس ويعاد بناء آمالهم في مستقبل أفضل قبل كل شيء”.