مؤتمرات السلام المشبوهة.. محاولات صهيونية لإختراق الدول العربية وتفتيتها
مؤتمرات السلام المشبوهة.. محاولات صهيونية لإختراق الدول العربية وتفتيتها
يمني برس:
يواصل الكيان الصهيوني المحتل محاولاته لاختراق الدول العربية وتفتيتها وإغراقها في الفتنة الطائفية وإشعال فتيل الحرب الأهلية بين مكوناتها الاجتماعية، من خلال عقد المؤتمرات والندوات الداعية للتطبيع والتي عقدت في أوروبا ووصلت مؤخراً الى الدول العربية وبالتحديد الى مدينة اربيل شمال العراق.
وشهدت مدينة اربيل مؤتمراً دعا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، إلا أن موقف العراق حكومة وشعباً المشرف أدان واستنكر انعقاد هذا المؤتمر المشبوه بل ورفضه رفضاً قاطعاً ووصفه بالمهين والمسيء للعراق وشعبه وإرثه الحضاري الممتد لنحو 8 آلاف سنة.
وكان من أبرز المتحدثين في المؤتمر الذي عقد بمشاركة شخصيات ادعت أنها عشائرية وتمثل عشائر من عدد من مدن ومحافظات العراق تحت عُنوان (مُؤتمر السّلام والاستِرداد)، تشيمي بيريز ابن رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق شمعون بيريس.
ويرى العديد من المراقبين أن المؤتمر لم يَكُن بالصّدفة، وأنه محاولة بائسة امتِداداً للعُدوان الأمريكيّ ولأهدافٍ “إسرائيليّة” على العِراق خلال الـ20 عاماً الماضية، والذي قُتل خلاله قرابة مليوني إنسان ودمّرت بُناه التحتيّة، باعتبار تفتيت المِنطقة لا يُمكن أن يُكتَب لها النّجاح في ظِل وجود عِراق قويّ مُوَحَّد.
ويحذر المراقبون من تجدد المؤامرات على العراق على شكل مؤتمرات خاصة بعد تعافي البلد وخروجه قوياً من رُكام الغزو الأمريكي وانضِمامه المُتدرّج لمحور المُقاومة، والبَدء في استِعادة دوره، ومكانته في المِنطقة وذلك بهدف بذر بذور الفتنة وجر العراق إلى مستَنقع الاستسلام والتّطبيع وعزله عن مُحيطه العربيّ والإسلامي.
وأوضحوا أن مثل هذه المؤتمرات تستهدف العراق بالتحديد باستمرار، خاصة مع إصرار من يرتبطون بالخارج ويقفون في الخندق الأمريكي “الإسرائيلي” في مواصلة سعيهم لتشويه صُورة العِراق وشعبه والتّعاطي معه كما لو أنّه بلد مسلوب الإرادة والسّيادة، في زمن هزمت فيه الامبراطورية الأمريكية بشكل مذل في أفغانستان وفلسطين وتحديداً في معركة “سيف القدس” الأخيرة بقِطاع غزّة وكذلك لبنان.
وأشاروا إلى وجود سبب آخر لمواصلة هذه الهجمة يتمثل في الأوضاع المزرية وحالة الفوضى وعدم الاستِقرار التي تسود مُعظم الدّول العربيّة المُطبّعة، والسّقوط المزلزل لحُكوماتها في السودان والمغرب، وقريباً في منطقة الخليج.
ويقول الكاتب العراقي قاسم الغراوي إن الخطر يتمثل في الداعمين لمثل هذه المؤتمرات، وإنه “من السذاجة الاعتقاد بأن هذا المؤتمر غير مدعوم من قوى سياسية وإقليمية، وحتى دولية”.
فيما يرى آخرون أن المؤتمر يأتي عقده في العراق على أمل التمهيد للتطبيع مثلما تم في الامارات، حيث أن التطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني لم يأتي بليلة وضحاها بل بالتنسيق وزيارة المسئولين الصهاينة سراً وحتى عقد مؤتمرات سرية تمد للتطبيع.
ومن بين مختلف المواقف المحذرة من خطورة مثل هذه المؤتمرات يبرز رأي قوي يدعو الى أن يكون هناك تركيز قوي على توعية شعوب المنطقة من ظرف عصيب وخطير ومحوري لتدميرها وتدمير دولها كلها وتفتيتها دويلات وطوائف وقبائل.
ويؤكد مؤيدو هذا الرأي على أن هذا الأمر يقع على عاتق المثقفين والصحفيين والكتاب العرب الأشراف الذين لا زالوا يحرصون على الأمة العربية، خاصة وأن الحرب الفكرية والتوعوية أصبحت أهم من الحروب التقليدية وهناك مثال على ذلك خطابات السيد حسن نصرالله والتي لها أثر كبير ليس على عامة الناس فقط بل على السياسيين والمثقفين في مختلف الدول العربية، كونها تتلمس الحقيقة وتخاطب العقل قبل أن تخاطب العواطف ما يجعلها بالغة التأثير على مختلف فئات الناس.
كما يحذر آخرون من أن المؤتمر الذي عقد في مدينة اربيل شمال العراق يأتي ضمن التحركات المشبوهة لضم عدد أكبر من الدول العربية الى ما يسمى بـ (اتفاق إبراهيم) الذي عقد منذ عام بين دولتا الإمارات والبحرين وكيان العدو الصهيوني الغاشم برعاية أمريكية، ويطالب بالفدرالية وتقسيم العراق.
ويرون أن المستفيد الأول من هذا الاتفاق المشؤوم أمنياً وسياسياً هو العدو الصهيوني الغاصب، وان الايام القادمة ستشهد سقوطاً مريعاً لهذا الاتفاق ولغيره من اتفاقات الذل والعار والصفقات والذي سيكون أبناء الامة العربية والاسلامية له بالمرصاد، وأنّ المجاهدين والمقاومين الأبطال الذين سطروا أروع ملاحم الشرف والعزة والكرامة سيكون لهم ومن خلال جهادهم وعطاءاتهم وتقديمهم الشهداء والتضحيات الكلمة الفصل بهذا الشأن.
ويشار إلى أن التطبيع لاقى جدلاً واسعاً في العراق بعد دعوات لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني أثناء مؤتمر إقليم كردستان، وتصدر اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي من جديد، خاصة في العراق.
وسرعان ما توافدت ردود أفعال واسعة شعبية ورسمية داخل العراق وخارجها، وتداول مغردون عددا كبيرا منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. وأعربت الحكومة العراقية عن رفضها “القاطع” للاجتماعات التي وصفتها بأنها “غير قانونية”.
وقال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إن “طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية”.
كما عارض قطاع كبير من المغردين مؤتمر أربيل.. مستنكرين “انجرار دول عربية أخرى إلى معسكر التطبيع”.. كما دشّن مغردون وسم #مؤتمر_اربيل_تطبيع_وخيانة للتعبير عن رفضهم لما جاء في المؤتمر.
الجدير ذكره أنه خلال العقود الأخيرة، زار العديد من قادة كردستان العراق الكيان الصهيوني، ودعا السياسيون الأكراد علانية إلى التطبيع معه.. وفي عام 2017، عندما نظم أكراد العراق استفتاء الاستقلال المثير للجدل، كانت “إسرائيل” من بين الداعمين القلائل لهم.
وشهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بداية عام 2020 توقيع اتفاقيات تطبيع بين الكيان الصهيوني وكل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، الأمر الذي رفضه الفلسطينيون وكل الأحرار في العالم.