غانم الدوسري : أتوقع صراعًا شرسًا داخل الأسرة المالكة السعودية قريبًا
يمني برس _ متابعات :
غانم حمود المصارير الدوسري” المعروف بـ”غانم الدوسري”، ناشط سياسي سعودي، من أبرز المعارضين الناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر”، يتابع حسابه قرابة الـ30 ألف مغرد، ويقيم في بريطانيا منذ عام 2003.
ترك الأراضي السعودية بسبب معارضته لحكم آل سعود بعد أن “اكتشف أنهم يتبرقعون بالدين وأنهم عصابة مهمتها استعباد شعب الحرمين وإذلاله ونهب ثروته” على حد قوله.
“الدوسري” هو أول من أعلن عن تفاصيل الاتفاق الذي تم بين الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية السعودي، والأكاديمي والسياسي د. كساب العتيبي، الذي يصفه المعارضون السعوديون بأنه “يدَّعي المعارضة” والذي عاد بالفعل إلى المملكة مؤخرًا بعد عشرين عامًا قضاها ببريطانيا.
وكان “الدوسري” قد كتب على حسابه بتويتر في 20 فبراير الماضي أن محمد بن نايف اجتمع مع كساب العتيبي بحضور أمير قطر، وجرى خلال اللقاء عقد صفقة مضمونها أن يتوقف العتيبي عن انتقاد السعودية، ويتخلى عن معارضته للنظام في مقابل حصوله على 21 مليون ريال سعودي، مضيفاً أنه يمكنه أن يزور السعودية دون الخشية من أن يعتقل أو يمس هو أو أحد من أفراد أسرته، كما سيتم رفع اسمه من قائمة المطلوبين للسعودية، وهو ما حدث بالفعل بعد قرابة شهر من تغريدات “الدوسري”، حيث عاد “العتيبي” إلى السعودية في 16 مارس الماضي.
وأجرت مجلة “شؤون خليجية” حوار مع “الدوسري” للحديث حول ما استبق به من معلومات بشأن عودة العتيبي، وتفسيره للقرارات الأخيرة التي اتخذها الملك سلمان بشأن تعيين محمد بن نايف وليا للعهد ومحمد بن سلمان وليا لولي العهد، ورؤيته لمستقبل المملكة في ظل الصراعات القائمة.
** من أين حصلت عن معلوماتك بشأن عودة العتيبي؟ وهل هذا سيحدث مع باقي المعارضين للتصالح معهم؟ وهل تتوقع أنهم سيقبلون؟
– معلوماتي أستمدها من مصادر لا يمكن الإفصاح عنها، أما فكرة التصالح مع المعارضة فلا أعتقد أن معارضا حرا شريفا يقبل بالتصالح مع آل سعود حتى يتصالحوا مع جميع الشعب، وينعم المواطن بحريته وينال حقوقه.
أما عن محاولة إعادة المعارضين للبلد، فأعرف الكثير ممن فتحت معهم السفارات قنوات لمحاولة إقناعهم بالعودة.
** كيف تقرأ تصريحات العتيبي خاصة أنك أول من كشف عن صفقة عودته؟
– كساب لم يطالب أبدا بإسقاط النظام السعودي، ولم يكن معارضا حقيقيا، ويريد العودة منذ زمن وآل سعود استغلوه ليرسلوا رسالة للمعارضين في الخارج.
** وما تعليقك على ما قاله عن رغبته في الاعتذار لمحمد بن نايف عما بدر منه من كلمات وتغريدات وصفها بـ”القاسية”؟
– هو قال إنه كتب تغريداته عن قناعة، لكنه استدرك القول بأنه كان قاسيا في بعض المصطلحات. ورجل يتحدث من السعودية لا يمكنه أن يقول غير ذلك.
** هل تعتقد أن موقفه الآن يضر بالمعارضة السعودية؟
– أبدا، فهو يرى شرعية آل سعود، ومن المؤسف إطلاق لقب معارض عليه؟
** اعترف كساب في حواره الأخير بتلقيه عروضا كثيرة للعودة منذ 1994، ولكنه لم يقبل إلا الآن، فلماذا الآن تحديدا برأيك؟
– لم يكن لكساب أي تأثير يذكر لكي تتحمس السعودية لإعادته، وهو ذكر أن مرسلين من بندر بن سلطان التقوه، ومن بعد ذلك لم يتصلوا به، وبعد وصول الملك سلمان للحكم كان هناك رغبة في إعادة المتواجدين في الخارج ووجدوا كسابا جاهزا للعودة.
** إذا كان بغير تأثير يذكر فلماذا حرصوا على إعادته؟
– لكي يستغلوه في إيصال رسالة لبقية المعارضين، كما استغلوا الشبرمي من قبله في الإساءة لقطر وليبيا من على قناة العربية، ثم بعد ذلك أخفوه، فمن يعود يكون له دور مرسوم يقوم به ثم يُرمى في أقرب سلة مهملات. وللعلم فإن شيخ قبيلة العجمان ابن حثلين عاد للسعودية وتم اغتياله، لأن له وزنا، وآل سعود لا يتحملون من له وزن، رغم أنهم تحدثوا باسمه في صحفهم لتشويه الموجودين في الخارج.
** هل تتوقع أن يتم نفس السيناريو مع العتيبي ويتم اغتياله؟
– لا أعتقد ذلك، لأن كسابا يحمل الجنسية البريطانية، لكن سيستخدمونه في إيصال رسائلهم وبعد ذلك سيهمشونه.
** برأيك، ما الخطوط العريضة التي تحاول السلطات توصيلها من خلاله؟
– الرسالة الأولى للمعارضين في الخارج: عودوا للسعودية كما عاد كساب، وستنعمون بالأموال ولن يمسسكم أذى. والرسالة الثانية للشعب: أن المعارضة مجموعة أفراد مختلفين فيما بينهم وتدعمهم جهات خارجية.
** ماذا عن حديثه عن رؤيته للأحداث الخارجية بمصر وقطر والإمارات؟
– هو قال إنه ينسجم مع سياسة قطر الخارجية، وأنا كذلك أنسجم معها، وأعتقد أن من يختلف مع سياسة قطر الخارجية هي الأنظمة القمعية المحاربة للربيع العربي، أما خلافه الشخصي مع الإمارات فلا تعليق لدي عليه.
إن السعودية حاربت الربيع العربي ولا تزال، وكل ما في الأمر أن الملك عبد الله كان يحاربه في العلن، بينما الملك سلمان أذكى من عبد الله ويعمل في الخفاء.
** هل ترى أن محمد بن نايف استطاع أن يكسب معارضيه؟
– طبعا لا، فـ”بن نايف” مجرم، والمعارضون يعرفون خبثه ومكره، ومعارضو بن نايف في الداخل كثير، سواء من الأسرة أو من الشعب، وآل سعود سيسقطون، لكن متى وكيف هذا بيد الله، فالظلم واستعباد البشر له نهاية.
** كيف ترى صراع المحمدين “بن نايف” و”بن سلمان”؟
– لو يعلم بن سلمان أن والده سيموت غدًا لأزاح بن نايف اليوم ونصب نفسه ملكا، لكنه لا يعلم الغيب ولا يريد مزيدا من الصراع داخل الأسرة المالكة حالياً، فيبقى الصراع فيما بينهم على الحكم متروك للمستقبل.
إنها “مملكة عبد العزيز”، هكذا وصفها الملك عبد الله عند استقباله الوفد المصري أثناء الأزمة بين البلدين، ويرى آل سعود أن البلد ملك لعبد العزيز وأولاده، وبهذا المفهوم يتصرف آل سعود على أن الأرض وما عليها من بشر وحجر ملك لهم.
** هل تتوقع أن يقوم بن سلمان بإبعاد بن نايف فعليًا؟
– ليس بمستبعد على محمد بن سلمان أن يتغدى بمحمد بن نايف ويعين نفسه وليًا للعهد، ولكنه مضطر للتحالف معه حاليًا كون محمد بن نايف يملك وزارة الداخلية ولدية القوة، والكثير من أسرة آل سعود لم يستسيغوا قرار تعيين بن سلمان وليًا لولي العهد، فعلى الأقل هو مضطر للتحالف مع بن نايف في هذه المرحلة.
** وماذا عن دور الشعب السعودي؟
– لا دور للشعب في اختيار من يحكمه، فابن سعود هو من يعين ويصدر الأوامر الملكية، وما على المواطن سوى الانتظار أمام شاشات التلفزة للاستماع لما يقرره ابن سعود.
فالشعب معزول تمامًا عن القرار وما عليه إلا أن يأتي ويبايع، وكيف لا يبايع وهو لا يوجد خيار آخر أمامه! حتى الامتناع عن المبايعة مرفوض.
** وكيف ترى القرارات الأخيرة التي اتخذها الملك سلمان بشأن ولي العهد وولي العهد؟
– التعيينات التي قام بها الملك فجراً تأتي في ظروف فشل السعودية في “عاصفة الحزم”، وقد تكون لصرف الرأي العام عن الفشل الذريع لسياسة الملك سلمان.
ومن ناحية تعيين محمد بن سلمان وليا لولي العهد فهذا ما اعتاد عليه آل سعود، فكل ملك يقوم بتعيين أولاده، والمؤهل الوحيد هو أن أباه ملك، ليتقلد أعلى المناصب في البلد.
وقد استدرك الملك سلمان الخطأ الذي وقع فيه سلفه عبد الله عندما حاول تهيئة نجله ليعتلي العرش ولكنه تأخر وفاجأه الموت وهو لم يوصل ابنه لولاية العهد، مكتفيًا بتعيين مقرن المقرب من عبد الله وابنه متعب.
أما الملك سلمان فيسعى مبكرا لضمان وصول نجله محمد لسدة الحكم، غير مهتم ببقية أعضاء أسرة آل سعود، وما التعيينات الأخيرة إلا خير شاهد، فمحمد بن سلمان سيكون وليا للعهد بعد موت والده، ومن بعد ذلك سيصبح ملكا، هذا إذا لم يقم بإزاحة محمد بن نايف من ولاية العهد وتعيين نفسه وليا للعهد ليعتلي العرش بعد موت والده مباشرة، خصوصا أنه بمثابة الملك حاليًا، حيث يعاني والده من الزهايمر.
** وماذا عن باقي أفراد العائلة المالكة؟
– مما لا شك فيه أن قسمًا كبيرًا من آل سعود غير راضين عن هذه التعيينات خصوصا أبناء الملك عبد العزيز، ومنهم أحمد الذي يرى بأن له الأحقية في الحكم عن صغار السن، أمثال محمد بن سلمان، والوليد بن طلال قام بإلغاء المتابعة لحساب الملك سلمان مما يوحى بأنه غير راض على القرارات الأخيرة.
أما متعب بن عبد الله فيعيش في حالة توجس وترقب حيث فقد ورقته الوحيدة وهو مقرن، ويخشى أن يقوم محمد بن سلمان بإزاحته من الحرس الوطني وتعيين أمير موالٍ له؛ لأنه أصبح متعارفا بين آل سعود أن من يريد الحكم عليه أن يملك قوة عسكرية كوزارة الداخلية أو الدفاع أو الحرس الوطني، الذي استطاع الملك عبد الله تأسيسه عندما كان من الأمراء الأحرار، وبعد أن أصبح قوة عسكرية استطاع أن يحكم البلد، ولو لم يسمع بنصيحة التويجري ويؤسس الحرس ما كان ليحكم المملكة، وكان السديريون سيبعدونه.
** وماذا عن الصراع داخل الأسرة المالكة؟
– الصراع بين آل سعود ليس وليد اليوم، فسبق لفيصل أن طرد سعودًا، واستولى على الحكم، وعبد الله كان من ضمن الأمراء الأحرار واستمع لنصيحة التويجري وأسس الحرس، وبعد أن ملك القوة استطاع الوصول للحكم، ولكن الصراع في الفترة القادمة قد يكون أشرس وعلنيا، كون سلمان يهيئ ابنه للحكم غير آبه بأبناء عبد العزيز الذين يرون أن لهم الأحقية في الحكم.
** ماذا عن دور هيئة البيعة في كل هذه الصراعات؟
– لا وجود لهيئة البيعة ولا قيمة لها، فكما هو معروف أسسها الملك عبد الله وهو أول من احتقرها وتعدى عليها، ولا دور لها في التعيينات الأخيرة.
** سلمان أقر مكافأة لمقرن بعد أن نصب بن نايف وليا للعهد، فهل للمال دور في إجبار آل سعود على القبول بالقرارات؟
– نعم، المال هو وسيلة آل سعود الوحيدة لإغراء بعضهم البعض، وبالمناسبة أذكر قصتين: الأولى عند موت الملك فهد أتى الأمير مشعل للمستشفى وكان سلطان موجودا وعبد الله، فقال عبد الله لمشعل: لقد اخترنا سلطان لولاية العهد فقم بايعه، فرفض ولم يبايعه إلا بعد منحه 10 مليار ريال.
والأخرى للأمير عبد الرحمن عندما أقالوه من وزارة الدفاع أخذ سلاحه وذهب للديوان الملكي يقول: “أبغي حقي”، فما كان من عبد الله إلا أن منحه شيكًا حتى أطفأ غضبه، فمن المؤكد أن للمال دورا كبيرا في إسكات الكثير من أعضاء الأسرة المالكة.
** ما تقييمك لسياسة الملك سلمان منذ أن تولى الحكم إلى اليوم؟
– إلى الآن الواضح على سياسة الملك سلمان هو التخبط، سواء في الملفات الداخلية أو الخارجية.
** كيف ترى المعارضة وهل ستحقق أهدافها؟ وماذا عن دورك؟ وهل تجد جدوى من التغريد؟
– أرى أن المعارضة قامت بدور كبير في توعية شعب يعيش في دولة بوليسية، ولا شك أنها ستحقق أهدافها لو أتاها الدعم الكافي، خصوصًا أن آل سعود يسخرون ثروة الشعب لمحاربة كل صوت يعارضهم.
أما عن دوري، فالحمد لله كنت ممن مارسوا الكتابة وتوضيح نفاق آل سعود من قبل 10 سنوات في العديد من المنتديات، واستخدمت كل وسيلة وقدمت أعمالا يوتيوبية، والكثير لا يعلم أنها من إنتاجي لأنني لم أنشرها باسمي، وأبشر شعبنا بأنني سأكون معه على الهواء عبر برنامج تلفزيوني أسبوعي من الأسبوع القادم.
أما عن جدوى التغريدات فثقي أنها تؤلم آل سعود أشد الألم، ولو لم تكن كذلك لما حذر مفتيهم من “تويتر” ولما خرج ملكهم يحذر من الإنترنت.
** هل تعتقد أن الحكم في السعودية سيكون بالانتخاب يوما ما؟
– لا أعتقد بل أجزم أن هذا اليوم قريب، فلا يعقل بأن تنتخب شعوب العالم من يحكمها والشعب في الحرمين يعيش في حالة من العبودية لم يسبقها مثيل في التاريخ، إنها مسألة وقت.
** ما تفسيرك لاتخاذ آل سعود قراراتهم المصيرية غالبًا قبيل الفجر؟
– هم لا يخافون إلا من ردة فعل بعض أعضاء الأسرة، لذلك عندما يعلنونها في الفجر يعلمون أن الغالبية نيام، فيسهل امتصاص أية حالة غضب أو اعتراض تظهر هنا أو هناك.
** في الختام، ما السيناريو القادم المتوقع حدوثه بالمملكة؟
– على الأرجح سيكون صدام مسلح بين الأسرة بعضها البعض وحالات اغتيال، وفي هذه الحالة ما علينا سوى قول: اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين.