الموت الأسود.. إحصاءات صادمة للإعدام بحق النساء السعوديات
يمني برس:
بحسب بيانات للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان فإن السلطات السعودية أقدمت على إعدام 29 امرأة في البلاد خلال 11 عام الماضية . و في تصريح للمنظمة عبر تغريدة في تويتر قالت: “قطعت السعودية في الـ ١١ سنة الماضية رأس ٢٩ امرأة، ويحتمل أن العدد أكبر”. مؤكدة أن نظام العدالة في المملكة العربية السعودية يفتقر للاستقلالية و النزاهة، و إجراءاته و نتائجه لا تعتبر محل ثقة.و تعتبر السعودية و منذ سنوات عديدة من أبرز الدول المنفذة لعقوبة الإعدام في العالم.
و بحسب المنظمة فقد جاءت أحكام الإعدام التي قامت السلطات السعودية بتنفيذها خلال 11 عام على الشكل التالي: 5 أحكام بالإعدام في عام 2011 وحكم واحد في عام 2012 و حكم آخر في عام 2013 و حكمين في عام 2015 و ثلاثة أحكام في عام 2016 و حكمين في عام 2017 و حكمين في عام 2018 و زادت أحكام الإعدام في عام 2019 لتصل إلى 6 أحكام و حكمين في عام 2020 و حكم واحد في عام 2021. كما هناك احتمال لأن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير.
و بشكل عام أوضحت المنظمة أن عام 2020 شهد انخفاضًا حادًّا في تنفيذ حكم الإعلام في المملكة العربية السعودية، لكن تصاعدت العمليات في عام 2021؛ لتعدم السلطات 57 شخصًا حتى الآن، وهو أكثر من ضعف العدد لعام 2020 بأكمله. وبحسب التقارير فقد أعدمت السلطات في 185 شخصاً في عام 2019 وحده.
و قد كانت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان قد طالبت السعودية بالعمل على الحد من إجراء حكم الإعدام بهدف العمل على إلغائه عما قريب، مشيرة إلى تصاعد تنفيذ الإعدام مؤخرًا في المملكة.
وطالبت القسط، في تصريح بمناسبة “اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام”، إلى ضرورة تعديل كلِّ التشريعات القائمة لقصر تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم الأكثر خطورة، وتحريم إعدام القاصرين. و في تصريح لمنظمة القسط قالت: على الرغم من أن لجنة حقوق الإنسان الرسمية في المملكة العربية السعودية أعلنت أنه: لن يتم تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أي شخص في السعودية على جريمة ارتُكِبَت عندما كان قاصرًا، إلا أنه في يونيو أعدمت السلطات السعودية المواطن مصطفى هاشم الدرويش بتهم جرت أحداثُها عندما كان عمره 17 عامًا”. حيث تعطي السلطات الأحقية للقضاة لتطبيق حكم الإعدام بحسب تقديرهم الشخصي.
و كانت المنظمة قد نوهت إلى أن معتقلي الرأي بمن فيهم سلمان العودة و حسن فرحان المالكي هم في خطر تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهم. و طالبت السلطات السعودية بالإفراج الفوري و غير المشروط عن جميع معتقلي الرأي المعرضين لعقوبة الإعدام.
عقوبة المدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية
في السعودية تواجه النساء عموما خلال السنوات الأخيرة حملة اعتقالات واسعة. فالعديد من المدافعات عن حقوق الإنسان يتم اعتقالهن و ملاحقتهن. وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، تقبع العديد من الناشطات في السجون بدون محاكمة ومن بينهم “لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان، ونوف عبد العزيز، ومياء الزهراني، وهتون الفاسي، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، وأمل الحربي”.
ومن التهم الموجهة للناشطات “التخابر مع العدو” أو “التآمر على الدولة”، وهي كلها و كما تقول المنظمات الحقوقية عبارة عن اتهامات فضفاضة ولا يتم إثباتها قضائيا. بل تستعملها “هيئة التحقيق والادعاء العام” لإسكات أصوات المعارضين. وبحسب لجنة خبراء تابعة للمفوضية في بيانها: “تواجه المدافعات عن حقوق الإنسان وصمة عار مركبة، ليس بسبب عملهن كمدافعات عن حقوق الإنسان فقط، ولكن أيضا بسبب التمييز على أساس الجنس”.
و من أبرز الأمثلة عن معاناة مدافعات حقوق الانسان في المملكة العربية السعودية هي الناشطة السعودية إسراء الغمغام التي تواجه عقوبة الإعدام، بعد أن طالبت النيابة العامة في السعودية بإلحاق العقوبة القصوى بها وبأربعة ناشطين ينتمون إلى المنطقة الشرقية، ذات الغالبية الشيعية في المملكة العربية السعودية.
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش فإن إسراء البالغة من العمر 29 عاما تواجه مع رفاقها من المعتقلين اتهامات “عدة لا تشبه الجرائم المتعارف عليها” وتتعلق “بنشاطهم السلمي”.
وعلقت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، على الاتهامات الموجهة للناشطات في السعودية قائلة : “كل إعدام مروع، لكن السعي إلى إعدام نشطاء مثل إسراء الغمغام، وغير متهمين حتى بأعمال عنف، يعتبرأمر فظيع. يوما بعد يوم، يجعل استبداد السلطات السعودية غير المحدود المهمة أصعب على شركات العلاقات العامة، في الترويج لمقولة “الإصلاح” الخرافية بين حلفائها والشركات الدولية”.
وتتمثل التهمة الموجهة لهذه الناشطة الشابة بالتوثيق والمشاركة منذ عام 2011 في مظاهرات مطالبة بإنهاء “الإجحاف” عن المنطقة الشرقية التي تعتبر القطيف أكبر مدنها. وهذا مطلب تعتبره السلطات السعودية”خيانة”.ويقول الناشطون في المنطقة الشرقية إن السلطات السعودية تمارس أسوأ أنواع “التمييز” في حقهم لانتمائهم إلى الأقلية الشيعية، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.
و بما أن السجل السعودي حافل بانتهاكات حقوق الانسان فقد كانت صحيفة الاندبندنت قد نشرت عام 2020 تقريراً مفصلاً عن الممارسات السعودية بحق النساء السعوديات في السجون السعودية بعنوان” ناشطات و سجينات سياسيات تعرضوا للاعتداء الجنسي و التعذيب و الإعدام في سجون السعودية” ويقول التقرير أن 309 من السجناء السياسيين عانوا من انتهاكات حقوق الإنسان منذ أن أصبح الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد في المملكة في عام 2017. و يشير التقرير إلى أن 27 من السجناء كانوا ناشطات في مجال حقوق المرأة و أن ستة منهم تعرضوا للاعتداءات الجنسية وهو ماأكده أقارب السجينات. حيث تقول شقيقة الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة لجين الهذول أن أختها تعرضت للتعذيب و الاعتداء الجنسي في السجن، و تضيف مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك ” طالما لا تستطيع النساء داخل المملكة العربية السعودية التحدث بأمان، فمن واجب المجتمع الدولي رفع صوته نيابة عنهن”
وكانت مؤسسة غرانت ليبرتي الخيرية لحقوق الإنسان التي أعدت التقرير قالت”إن بعض السجناء واجهوا الموت بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا في سن التاسعة”.
التحرش والصعق والتهديد بالاغتصاب
كانت هيومن رايتس وواتش قد حصلت في يناير 2021 على مجموعة من الرسائل النصية من شخص عرف عن نفسه بأنه حارس سجن سعودي، تكلمت الرسائل عن أساليب التعذيب و سوء المعاملة التي شهد على ارتكابها محققين سعوديين بوصفه حارس للسجن. و قد صرح مايكل بيج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش قائلا: “الأدلة الجديدة التي تزعم أن السعودية تمارس التعذيب الوحشي ضد المدافعات عن حقوق المرأة وغيرهن من المحتجزين البارزين تفضح ازدراء السعودية المطلق لسيادة القانون، وعدم التحقيق بمصداقية في هذه الادعاءات. تركُ المعتدين دون محاسبة يوجه رسالة بأنهم يستطيعون ممارسة التعذيب والإفلات من العقاب دون أي مساءلة على هذه الجرائم”.
وفي إحدى الرسائل النصية أشار حارس السجن إلى التحرش الجنسي الذي مارسه المحققون السعوديون مع الناشطة الحقوقية الهذلول، التي حصلت على إطلاق سراح مشروط في فبراير/شباط. حيث كتب الحارس: “تعرضت لجين الهذلول لتحرش جنسي لم أشهد مثله من قبل. كانوا يستمتعون بإهانتها. كانوا يسخرون منها لأنها متحررة، وأنها لن تمانع التحرش مثل وضع أيديهم في ملابسها الداخلية أو لمس فخذيها أو توجيه كلمات مهينة لها”.بدأت منظمات حقوقية الإبلاغ في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 عن اتهامات بأن المحققين السعوديين عذّبوا أربع ناشطات على الأقل بوسائل شملت الصعق الكهربائي والجَلد، وارتكبوا التحرش والاعتداء الجنسيَّين ضدهن. في يناير/كانون الثاني 2019، قالت هيومن رايتس ووتش و”منظمة العفو الدولية” إن على السلطات السعودية السماح لمراقبين دوليين بدخول البلاد والتحقيق في مزاعم التعذيب.
في إحدى الرسائل التي تلقتها هيومن رايتس ووتش، وصف أحد حراس السجن معاناة نشطاء حقوقيين آخرين احتُجزوا عام 2018: ” كنت أذهب إليه وأجده جثة هامدة وأتوقع أنه توفي، حتى يأتي الطبيب ويساعده بالمسكنات والأدوية الأخرى لإنعاشه، ثم يعذبونه مرة أخرى”.
بحسب هيومن رايتس ووتش إنه نظرا لعدم رغبة السعودية في إجراء تحقيق مستقل وموثوق به في مزاعم التعذيب، ستظل صورة البلاد مشوهة إلى أن تسمح السلطات لمراقبين دوليين مستقلين بدخول البلاد والتحقيق بهذه القضايا.
الروائح الكريهة التي تنبعث من السلطات السعودية ستظل تلاحقهم حتى يتخذ المجتمع الدولي إجراءات صارمة و خطوات عاجلة و حقيقية بحقهم تضعهم عند حدهم و توقف هذه الجرائم و تحاسب الجناة. ولكن إلى متى؟