حسين العصر
حسين العصر .
جدار الصمت الذي تحطم بمظلومية كربلاء مران .
من أكبر مظلوميات التأريخ !!
نسخة من مظلومية الإمام الحسين (ع) وكأن التأريخ يعيد نفسه !!
كربلاء ككربلاء الطف لم يفصلهما غير الفارق الزمني مع تميزهما بتشابه اسمي بطليهما .
يعلم الله أن الكتابة عن هذه المظلومية وعن صاحبها ليس تعصباً وإنما محاولة إنصاف لأن قناعتي بأن اليمن قيادة وشعباً دفعوا وما زالوا يدفعون ثمن تلك المظلومية والصمت على كل وقائعها المريرة والأليمة فالسلطة آنذاك مثَّلت دور يزيد وابن زياد وعمر بن سعد وابن ذي الجوشن والجيش كان كجيش الأشقياء والشعب اليمني وقف متفرجاً على المظلومية ومتماهياً مع كل أحداثها وما رافقها من ظلم وقتل واستباحة وما تلاها من حروب وتنكيل وحصار وقتل وقصف وسجون وملاحقة ودعايات وإعلام كاذب وتحريض وتعبئة !!
ما حدث في مران لم يكن شيئاً سهلاً أو يمكن تجاوزه ونسيانه بسهولة فالمظلوميات لا تُنسى والدماء تنتصر على السيف .
مران الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة التي اجتثت الظالمين وجعلتهم أثراً بعد عين وحولت من بقي منهم عبيداً هاربين مخلوعين مُطاردين مشردين متسولين .
مران حكاية عُصبة مؤمنة دافعت عن عقيدتها وفكرها وفيها ومنها وإليها انتمى رائد المشروع القرآني وعملاق التنوير والثقافة وبرز المشروع بالشكل الذي يمثل العزة والخلاص لأمة ارتهنت لأعدائها واستسلمت لأنظمة القمع فيها .
جدار الصمت :
إنه جدار الصمت أو ما يسمى حاجز الصمت الذي سيطر على المجتمعات العربية ومنها المجتمع اليمني والسيد القائد الشهيد حسين بن بدرالدين سلام الله عليه حطم هذا الجدار في زمن الخنوع والذل .
برز حين انغمس الآخرون وظهر حين اختفوا وتحدث حين صمتوا ولذلك كله تحركت السلطة لإسكاته ووأد مشروعه الإيماني الحضاري والمنقذ المُخَلِّص للأمة من خنوعها ومحررها من كافة قيودها !!
حرب ضروس وجيش عرمرم وآلات وصواريخ ومرتزقة ودعم دولي وإقليمي لمواجهة ثُلة من المؤمنين يقودهم الشهيد القائد في مران !!
بطش وقتل وبغي وظلم وجبروت سكت عنه الجميع وصمت الكل باستثناء أصوات ومواقف تم قمعها والتنكيل بأصحابها وها نحن نتذوق مرارة الحرب الذي تذوقها السيد حسين وأصحابه ونُحاصر كما حوصروا ونُقصف ونُقتل كما حوصروا وقُتلوا والفارق أنهم قتلوا وحوصروا صبراً وإيماناً بينما نُقتل ونُحاصر لنتذوق جزءاً من المرارة التي تذوقوها .
بعيداً عن التطبيل والتعصب وتغيير الشرائح فما ذكرته هو الذي حصل فالنظام السابق وأركانه مارسوا الظلم بيافطات استئصالية وأوراق مذهبية ودوافع عنصرية مقيتة واستراتيجيات استخباراتية صهيونية أمريكية وقد دفع النظام ثمن تلك الدماء الزاكية التي سُفكت والأرواح الطاهرة التي أُزهقت والظلم الذي مورس بحق مران وحيدان وضحيان وصعدة وسفيان وبني حشيش خلال ست حروب عبثية ظالمة بدأت في 19 يونيو من العام 2004م وانتهت في العام 2010م وهذه عدالة الله سبحانه .
لن نعيد التأريخ للوراء لكن تلك المظلومية بحاجة للإعتراف بالتماهي والتقصير والمشاركة فيها حتى بالصمت واستيعاب الدروس الربانية لما حدث خلال عشر سنوات من وقوعها فقط .
هناك من لازال مصراً على موقفه التعصبي وهذه طامة الخذلان والشقاء فيزيد وابن مرجانة وابن سعد وابن ذي الجوشن لم يتوبوا أو يشعروا بالندم لأن الشقاء أعمى أبصارهم فسلبهم التوفيق !!
أما آن لهذه المظلومية الإنصاف والإعتراف بالتواطؤ والصمت ؟!
جرف سلمان :
يحكي جرف سلمان قصصاً من وحشية الأشقياء !! لم يكونوا بشراً بل ضباعاً لا تحكهما قيم ولا أخلاق !! وفي المقابل يحكي الجرف قصصاً من بطولات الأنبياء والأئمة الهادين .
يروي جرف سلمان صوراً مروعة من طاغوتية الإنسان وبشاعته !! وفي المقابل يروي صوراً خالدة من تضحيات الطالوتيين .
ولا يمكن إغفال دور المرأة في تلك الظروف العصيبة فقد جاهدت وبذلت وضحّت وتحملت وقاتلت وقُتلت !!
يقف جرف سلمان مذهولاً من بغي الفراعنة مع شعوره بالفخر من إيمان وصمود وصبر واستبسال وثبات الحواريين وإخلاصهم !!
أكثر من 80 يوماً من الصمود والعزم والرباط مع كل ما مورس بحقهم لم يُثنهم الحصار والجوع والعطش ولم توقفهم عن مواصلة المواجهة غير الجراح ونفاذ الذخيرة .
شهدت الأيام الأخيرة من حصار السيد ورفاقه وأهله حصاراً مطبقاً وضرباً بصواريخ الكاتيوشا وقنابل الغاز السامة وصولاً لضخ البترول وحرق الجرف وهدمه على رؤوس الجرحى والنساء والأطفال الذين جعلوه ملجأهم الأخير !!
الأيام الأخيرة شهدت إفراغ كل مكونات الحقد الإستئصالي البغيض الذي ظهر به زبانية الجيش وقادته ومرتزقتهم من القبائل ( البشمركة ) التي تحالفت معهم !!
كانوا يزيديين أصلاً وفصلاً فقد قتلوا وهدموا وأحرقوا وجرحوا ونهبوا واستباحوا وفي نهاية المشهد الكربلائي خرج السيد على أكتاف مرافقيه جريحاً ليُصفَّى بطريقة وحشية تؤكد ألا وجود للأخلاق والقيم والأعراف والعادات !!
قاتلهم الله ما أبأسهم وأي قلوب كانت بين ضلوعهم وأي نفوس كانوا يحملون !!
سيبقى جرف سلمان شاهداً على كربلاء الحسين المؤمن الثائر على أمريكا وعملائها .
مكث الشهيد القائد طوال فترة حربهم وحصارهم له ولرفاقه يلزمهم الحجة بأنه لا يحاربهم ولا يرغب في حربهم لكنهم أصموا آذانهم يريدون تنفيذ مهمتهم الشيطانية .
وللحديث بقية .
راجي عفو الله / الحسين بن أحمد السراجي شفاه الله .