بدأت اليوم الثلاثاء، بصنعاء، جلسات أعمال المؤتمر الوطني الأول للأوقاف، الذي تنظمه الهيئة العامة للأوقاف تحت شعار “معاً نحو التحول الاستراتيجي في العمل الوقفي”.
قدم في الجلسة الأولى المحور الأول بعنوان “الوقف بين المسؤولية الدينية والواقع العملي”.
واحتوى المحور الأول من الجلسة الأولى للمؤتمر التي رأسها أستاذ الأدب والنقد في كلية الآداب بجامعة صنعاء الدكتور عبدالرحمن الصعفاني، على أربع أوراق عمل، الأولى، قدمها وكيل وزارة التعليم العالي لقطاع الشؤون التعليمية الدكتور غالب القانص حول الوقف ومكانته الدينية في المجتمع اليمني.
حيث عرّف الدكتور القانص الوقف وأقسامه وأهدافه وخصائصه، وقانون الوقف الشرعي ومشروعية الوقف وأدلتها من القرآن الكريم والسنة النبوية، وأهداف الوقف في الإسلام ومزاياه، ومميزاته.
وأشار إلى الأهمية والمكانة العلمية والاجتماعية للوقف في اليمن من حيث الاهتمام بالمساجد، وطلبة العلم ورعاية الفقراء والأيتام، لافتاً إلى أهمية الوقف ومكانته اقتصادياً وسياسياُ وعسكرياً، وتعزيز التكافل وحفظ السلام الاجتماعي.
وتطرق وكيل وزارة التعليم العالي في ورقته، إلى الآليات المقترحة لتوسيع مصارف الأوقاف سيما في جوانب الرعاية الصحية والتنموية والاجتماعية والبحث العلمي وكذا رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وأسر الشهداء وجرحى الحرب.
فيما ركزت الورقة الثانية على مجالات الوقف في اليمن “دراسة نماذج من الوثائق الوقفية بأنواع الوقف اليمني ومجالاته” قدّمها عميد كلية الآداب بجامعة إب أستاذ التاريخ الحديث الدكتور عارف الرعوي، مستعرضاً لمحة تاريخية عن الوثائق والسجلات الوقفية “الأهمية، المجالات”، وأركان الوقف.
وأشار الدكتور الرعوي، إلى أن الوقف الإسلامي حالياً غير فعّال ويعاني من ضعف بالتزامن مع تنامي مشكلة الفقر والتخلف.
وتطرق إلى الأهمية التاريخية للوثيقة الوقفية، ومصادر الوقفيات باليمن وأماكن وجودها من حيث المسودات وسجلات المحاكم والمخطوطات والمصاحف المخطوطة والنقوش، لافتاً إلى تعدد مجالات الوقف في اليمن والذي يمثل صور التكافل الاجتماعي والدرع الحصين من أي اختلالات وفوضى اجتماعية واقتصادية وأمنية.
وطرح عميد كلية الآداب بجامعة إب، خمس وقفيات لمجالات مختلفة، الأولى وقف الدرسة في جامع جبلة ووقف مصحف مخطوط للقرآن الكريم، ووقف غيل سقاية يريم، ووقف مسجد ذي الجرف ووقف الولي العيدروس، مستعرضاً تحليل الوثائق ودلالتها الحضارية، وشروط الوقفيات ونماذج من الحجج الوقفية.
وأوصى بالكشف عن المزيد من الوثائق التاريخية التي ما تزال حبيسة المكتبات وخزائن البيوت، ما يسهم في إثراء المعلومات وتقديم الدلائل الثاقبة على الوقائع والأحداث.
وحملت الورقة الثالثة المقدمة من عميد الشؤون الأكاديمية والدراسات العليا بجامعة اقرأ الدكتور عبدالله الحوثي عنوان “الوقف الشرعي في اليمن، أسباب عزوف المجتمع عنه وآليات إحيائه”.
وتطرق إلى عوامل عزوف المجتمع عن الوقف بسبب ضعف الوازع الديني وسوء إدارة الوقف وفساد السلطة السياسية وسرقة الوقف وعدم وجود تشريع قانون حرية رأس المال الاستثماري للوقف، إضافة إلى غياب الرقابة الدائمة والمحاسبة الدقيقة للمتولين على الأوقاف وقضاة السوء وتشجيع السلطة والتضخم في الجهاز الإداري المشرف على الوقف وسيطرة الدولة على الأوقاف وعدم استقلالية الوقف.
وعرّج الدكتور الحوثي، على الآثار المترتبة على عزوف المجتمع اليمني عن الوقف، ومنها آثار اجتماعية وتنموية واقتصادية ودينية وعلمية وتعليمية وانخفاض روح التكافل، ونسبة الاستفادة من الوقف، مبيناً أن هناك عدة آليات لاستعادة مكانة الوقف وإحياء دوره في المجتمع، ومنها آليات قانونية وتوعوية ومجتمعية وإدارية.
وتناولت الورقة الرابعة المقدمة من عضو هيئة التدريس بجامعة ذمار – رئيس قسم العلوم التربوية الدكتور علي قراضة، دور الوقف في تجسيد القيم الإنسانية وخدمة المجتمع من خلال تنمية القيم الإنسانية باعتبارها من الأولويات لبناء مجتمعات قوية ومتماسكة.
وأشار الدكتور قراضة إلى أبرز التحديات والمعوقات التي تحد من تفعيل دور الوقف في تجسيد الهوية الإنسانية وخدمة المجتمع ومنها انصراف الناس عن وقف أموالهم على جهات البر المتعددة واكتفاء الكثير منهم ببناء مساجد دون تخصيص أوقاف لها وسوء إدارة الوقف وغياب الرقابة عليها وانتشار فكرة تسخير أموال الوقف في غير موضعها.
واقترح رؤية لتفعيل دور الوقف في تجسيد القيم الإنسانية وخدمة المجتمع من خلال مشروع وطني تنفذه هيئة الأوقاف عبر تشكيل فريق من الخبراء والأكاديميين لإعداد خطة متكاملة للمشروع ومتابعة إدارته وتنفيذه بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
وفي جلسة العمل الثانية، للمحور الأول التي رأسها أستاذ القانون المدني المساعد بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء، الدكتور محمد علي مهدي، قدمت خمس أوراق عمل، تمحورت الأولى، المقدمة من المختص في قسم المساجد بمكتب أوقاف تعز علي الأهدل، حول آليات تحقيق مقاصد الواقفين وأثرها في إحياء سنة الوقف.
واستعرض لمحة تاريخية لمقاصد الواقفين وآليات وشروط تحقيق المقاصد الوقفية بإجراء حصر شامل للأوقاف “العام والخاص”، وإحياء ما مات واستعادة ما فات والحفاظ على الوقف والتدوير الوقفي في استثمار العين الموقوفة ووجوب تنفيذ شروط الواقفين.
من جهته قدّم الأستاذ المساعد بكلية التجارة جامعة عمران الدكتور عبدالله العاضي ورقة العمل الثانية بعنوان “استثمار موارد الوقف لتنمية رأس المالي البشري الفرص – التحديات”.
ولفت إلى دور رأس المال البشري في النمو الاقتصادي والبنية الأساسية والخصائص والمقومات الرئيسة لتنمية موارد الوقف، مؤكداً أهمية التركيز على النشاط الاستثماري للوقف، والاهتمام بالموارد الوقفية والتركيز على القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وتحدث أستاذ الشريعة والقانون بجامعة تعز الدكتور عبدالحفيظ الرميمة في ورقة العمل الثالثة المقدمة ضمن المحور الأول للجلسة الأولى للمؤتمر، استثمار الوقف بين التفريغ الفقهي والنظر المقصدي.
وعرّف مفهوم المقاصد عموماً ومقاصد الوقف بصورة خاصة، مشيراً إلى خصوصية استثمار الوقف وماهية الاستثمار والموقف الفقهي القديم والتشريعي والنظر المقاصدي من استثمار الوقف ومسألة بيع الوقف في المذاهب الدينية وعند العلماء.
واقترح الدكتور الرميمة جملة من التوصيات للنهوض بالعمل الوقفي وتطويره من خلال إيجاد مشاريع القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بالأوقاف ومتابعة اعتمادها وتنفيذها ووضع الأسس والضوابط والمعايير التي يجب الالتزام بها لضمان نجاح الاستثمارات الوقفية.
في حين قدّم أستاذ المحاسبة والمراجعة المساعد بجامعة عمران الدكتور غزي علي الغزي، ورقة العمل الرابعة بعنوان “نحو إطار متكامل للرقابة الشاملة على أداء الهيئة العامة للأوقاف”، مشيراً إلى تأصيل الإسلام للوقف وإدارته والرقابة عليه والمقومات الفكرية والعملية للنظام الرقابي الشامل على المؤسسات الوقفية ومتطلبات تطبيقه.
واستعرض نبذة تاريخية عن الأوقاف في اليمن وملامح التنظيم المؤسسي لهيئة الأوقاف ومشاريعها خلال العام الماضي والمعوقات التي قد تحد من التطبيق الكامل للنظام الرقابي الشامل في الهيئة.
إلى ذلك تطرق الباحث في الموارد البشرية بهيئة الأوقاف غمدان المعلمي، في ورقة العمل الخامسة والأخيرة المقدمة ضمن المحور الأول، إلى دور نظم المعلومات في تحسين الأداء الإداري لمكتب الهيئة العامة للأوقاف بأمانة العاصمة.
وأكد أهمية نظام المعلومات وتعزيز الأداء الإداري وعوامل تطوير الأداء ومظاهر ضعفه والعناصر المكونة له ومحدداته ومعاييره وأهمية قياس الأداء، مشدداً على ضرورة معالجة الاختلالات التي ظهرت في الأداء الإداري من خلال الاهتمام بالتدريب والتأهيل ووضع الخطط التدريبية المرتكزة على تحديد الاحتياجات التدريبية واعتماد مبدأ الإدارة بالمشاركة.
تخللت جلستي العمل الأولى والثانية من المؤتمر، مداخلات ونقاش مستفيض من قبل عدد من المشاركين، تمحورت آليات تحرير الوقف من النافذين والباسطين والناهبين، والسبل الكفيلة باستثمار أموال الوقف في المجال التعليمي والبحثي.
وأكدت المداخلات ضرورة الحفاظ على أموال وأعيان وممتلكات الوقف وإيجاد قاعدة بيانات شاملة لأموال الوقف وتحرير الوقف من المفاهيم المغلوطة كحق اليد وغيرها من المسميات.