تنديد مغربي بزيارة رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي للرباط
تنديد مغربي بزيارة رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي للرباط
605
يمني برس- وكالات/
وصل رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيف كوخافي، 18 يوليو/تموز، إلى المغرب، في زيارة هي الأولى له للمملكة تستمر لثلاثة أيام، وصفها الجيش الإسرائيلي والصحافة الإسرائيلية بالتاريخية.
ووفق الصحافة الإسرائيلية، سيرافق كوخافي، خلال الزيارة، كل من: رئيس لواء العلاقات الخارجية، ورئيس لواء البحوث وهيئة الاستخبارات، ويلتقون كبار مسؤولي المؤسسة العسكرية والأمنية المغربية.
وكان رئيس المكتب الإسرائيلي لدى المغرب، ديفيد غوفرين، أعلن، في تغريدة على تويتر أن زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي تشكل “خطوة إضافية، وذلك بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي”.
حينذاك، وقَّع بني غانتس اتفاقيات أمنية في الرباط مع الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع المغربي، عبد اللطيف لوديي، يحدد التعاون الأمني بين الجانبين “بمختلف أشكاله”، في مواجهة “التهديدات والتحديات التي تعرفها المنطقة”.
كما يتيح الاتفاق للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير.
وخلال حزيران الماضي، زارت لجنة عسكرية مشتركة إسرائيل، إذ اتفق على خطة العمل لعامَي 2022 و2023، فيما قام قبل ذلك في مارس/آذار الماضي كل من رئيس هيئة الاستراتيجية والدائرة الثالثة، وقائد لواء العلاقات الخارجية، وقائد لواء التفعيل في هيئة الاستخبارات، بزيارة عمل إلى المغرب.
وتنديدا بالزيارة التأمت مساء الإثنين بالساحة المقابلة للبرلمان المغربي في الرباط، فعاليات وشخصيات مدنية وحقوقية مغربية ومواطنين ضمن وقفة شعبية رفضاً واحتجاجا على زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، الذي حل مساء الاثنين ذاته بالمغرب في أول زيارة رسمية له تستمر يومين، بهدف “دفع العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجانبين”، حسب ما أوردته وكالة “إفي” الإسبانية.
وصدحت حناجر مئات المواطنين الذين شاركوا في الوقفة بشعارات تستنكر زيارة كوخافي إلى الرباط، معتبرين أن حلوله بأرض المملكة “جريمة تطبيعية جديدة ضد الشعب المغربي والفلسطيني وشعوب الأمة”، مرددين بقوة: “من للمغرب لفلسطين.. شعب واحد لا شعبين”، “المغرب أرضي حرّة..كوخافي يطلع برا”، “الشعب يريد إسقاط وتجريم التطبيع”.
المتظاهرون وجهوا انتقادات إلى “المسار التطبيعي” الذي انخرط فيه المغرب عبر توقيع “اتفاقيات أبراهام” في ديسمبر 2020، التي وصفوها بـ”اتفاقيات الشؤم والعار المستندة إلى قرار فوقي مفروض على الشعب المغربي الذي يرفضه كواجب ديني، إنساني، وحضاري وحقوقي بل أيضا وفاء لمرجعية الوطن وتاريخ مقاومته ورصيدها المشرّف ضد الاستعمار”، حسب توصيف القيادات المشاركة.
واعتبر بيان صادر عن “مجموعة العمل من أجل فلسطين”، التي تضم تحت لوائها فعاليات جمعوية وحقوقية مغربية مناهضة للتطبيع، أن “جريمة زيارة كوخافي لا يمكن تبريرها ولا السكوت عليها بمنطق الدفاع عن الصحراء المغربية”، لافتا إلى أنها تظل “سابقة معلنة ورسمية من نوعها في تاريخ مهازل التطبيع في الأمة”.
البيان ذاته، الذي تُلِيَ جهرا أثناء انعقاد الوقفة، حمَل “بكل معاني الغضب والاستنكار، الرفض القاطع والإدانة الشديدة لهذه الزيارة”، حسب مجموعة العمل التي جددت موقفها وعزمها على “تطهير وطرد الصهاينة من المغرب”، مضيفة إن “النضال الشعبي سيحاكم ويحاسب كل مَن يستقبلهم”.
واعتبرت الوقفة “استقبال كوخافي، بمثابة شراكة معه في دماء الشهداء الأطفال في فلسطين، وخاصة في قطاع غزة الذي شهد ارتقاء 4 طفلات مغربيات شهيدات قبل عام فقط في العدوان الصهيوني خلال رمضان 2021؛ بما يجعل السلطات المغربية في موقع خذلان وتفريط في دماء مغربية بريئة، وفي موقع مُهين وشنيع قانونيا وأخلاقيا وسياسيا”، وفق تعبير بيان مجموعة العمل.
عبد القادر العلمي، منسق مجموعة العمل من أجل فلسطين، قال إن هذه الأخيرة “دعت إلى هذه الوقفة الرمزية احتجاجا واستنكارا للاستقبال الرسمي لبلادنا أحد مُجرمي الحرب، رئيس أركان الجيش الصهيوني”، مؤكدا أن “الشعب المغربي يرفض هذه الزيارة، وأن تطأ المغربَ أقدام المجرمين الذين من المفروض أن يُحالوا على المحاكمة ويتم اعتقالهم فورا”.
وتابع العلمي، قائلا: “مِن المفروض أيضا على المغرب الذي له التزامات ومواقف عربية ودولية إزاء القضية الفلسطينية، ألّا يَقبل مجرمي حرب مسؤولين عن اغتيال وقتل مجموعة من المغاربة في حروب شُنت على غزة”.
بدوره، قال سيون أسيدون، الناشط الحقوقي المغربي المعروف بمناهضته للتطبيع، إنه “لا يكاد يمر أسبوع حتى نسمع كوارث بالنسبة لفلسطين والمغرب؛ وكيف يُعقل أن المغرب استقبل وزير الدفاع والحرب الإسرائيلي فضلا عن جنودهم وسيّاحهم”، مستغربا ومتأسفا لما آل إليه الوضع، مشيرا إلى أن الأمر انتقل من مجرد “تسونامي التطبيع إلى صهينة مُمأسسة”؛ لكن “الشعب يرفضها بقوة، وشعارات الشباب في الملاعب كافية للتدليل على ذلك”.
وسجلت القيادات والفعاليات المناهضة للتطبيع، من أبرزها “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”، أن “اليوم 18 يوليوز 2022 هو بكل مقاييس الذاكرة والهوية والحضارة والموقع والموقف المغربي… يومُ عار وخزي ونكبة تُسجل بمداد الإهانة لتاريخ المغرب والخذلان لمواقف الشعب المغربي قديما وحديثا، عبر استضافة أكبر عنوان حاليا للإرهاب والإجرام الصهيوني، رئيس أركان جيش الحرب”، حسب ما خلص إليه البيان الصادر عن الوقفة التي اختُتمت بأفعال رمزية دالة على رفض الزيارة تضمنت “حرق العلَم الإسرائيلي وصور كوخافي”.
وفي تعليقه على زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إلى المغرب، يرى محللون أن الزيارة لا تعدو أن تكون زيارة رمزية فقط، وأنها تكملة لما توصل إليه الطرفان وراء الكواليس طوال الأسابيع والأشهر السابقة دون تسريبات للإعلام ودون إفشاء تفاصيلها.
من جانبه، يرى الأكاديمي المتخصص في الشؤون العسكرية، محمد شقير، أن زيارة المسؤول في الكيان العبري هي على الخصوص امتداد لزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى المملكة.
ويتوقع شقير، أن تشمل اجتماعات المسؤول العسكري الإسرائيلي بالمسؤولين العسكريين المغاربة “بلا شك نقطة تتعلق بتصنيع طائرات درون، وإمكانية الحصول على أنظمة دفاعية، إضافة إلى نقاط أخرى تهم المجال الاستخباراتي، بحكم أن رئيس الأركان يرافقه لواء مسؤول عن الوحدة الاستخباراتية الإسرائيلية، إلى جانب لواء مسؤول عن العلاقات الخارجية”.
كما ستشمل هذه الزيارة أيضاً “مسائل تهم التدريب وتبادل المعلومات الأمنية الاستخباراتية، ما قد يثير مخاوف الجزائر التي تنظر بتوجس إلى أوجه التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل”، يضيف الأكاديمي والخبير في الشؤون العسكرية.
ويذهب أستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة (شمال)، عبد الله أبو عوض، إلى أن “الانفتاح على المغرب هو في صلب تجديد الآلية الاستشرافية للتحالفات العسكرية التي تعتمدها إسرائيل في الآونة الأخيرة”.
وشدد أستاذ القانون والعلاقات الدولية على أنه “بالنسبة للرباط فالمصلحة العليا تبقى للوطن، وأي تحالف استراتيجي يعتمد مقاربة السبق، دون إغفال أهمية استيعاب التغيرات التي تطرأ على السياسة الدولية”. لذلك “فإسرائيل هي من تبحث عن المغرب كحليف استراتيجي، دون أن ننسى مدى القوة والتطور العسكري الإسرائيلي الذي سيدفع بتبادل الخبرات بين الجيش المغربي والجيش الإسرائيلي”، يخلص إليه المصدر ذاته.