لهثاً وراء الطاقة.. ثروات اليمن بين فكي فرنسا والإمارات..!
لهثاً وراء الطاقة.. ثروات اليمن بين فكي فرنسا والإمارات..!
فيما تستمر الصراعات الدموية بين مرتزقة العدوان جنوب اليمن، ويعاني الشعب اليمني الأمرين من أجل توفير لقمة عيشه بسبب الحصار، تتوافد القوات الأجنبية إلى مناطق ثروات اليمن المنهوبة ليأخذ هذا التواجد العسكري جانبا علنيا بعد أن كان يتم بصورة سرية طوال السنوات الماضية.
حيث كشفت وسائل إعلام أوروبية عن خطة يجرى تنفيذها بالتنسيق بين الإمارات وفرنسا تستهدف نهب الغاز من منشأة بلحاف اليمنية. وأورد موقع The Cradle في تقرير أن فيلقاً أجنبياً من فرنسا وصل مؤخراً اليمن لتأمين منشأة غاز ضمن خطط باريس لتصدير الغاز من منشأة بلحاف في شبوة.
ومشروع بلحاف للغاز هو أكبر مشروع استثماري في اليمن، وتقدر تكلفة إنشائه بأكثر من 5 مليارات دولار، وتساهم فيه شركات دولية ويمنية، وأبرزها شركة “توتال” الفرنسية التي تستحوذ على نحو 40% من المشروع. وتدير “توتال” المشروع الذي يعمل فيه منذ افتتاحه حوالي 12 ألف عامل، منهم 60% من العمالة اليمنية.
وفي يوليو، وقعت باريس وأبو ظبي اتفاقية تعاون في مجال الطاقة للإنتاج المشترك للغاز الطبيعي المسال. ووفقاً لتقارير صدرت في وقت سابق من العام، فإن التعاون في مجال الطاقة بين البلدين يهدف إلى تأمين السيطرة على موارد الغاز اليمني من خلال منشأة بلحاف المملوكة لشركة النفط والغاز الفرنسية متعددة الجنسيات “توتال”.
وأعربت حكومة الإنقاذ الوطني في اليمن عن قلقها إزاء ما وصفته بالنشاط “المشبوه” للقوات الأمريكية والفرنسية المتمركزة جنوب البلد الذي مزقته الحرب، وذلك خلال جلسة برلمانية قبل يومين.
وقال المسئولون إن هناك “استعدادات فرنسية تجري لتصدير الغاز من منشأة بلحاف … في ظل ارتفاع أسعار الغاز العالمية”، وفي محاولة للحد من اعتماد أوروبا على الوقود الروسي وسط أزمة الطاقة العالمية التي تفاقمت بسبب الصراع في أوكرانيا.
وأشاروا إلى أن الخطوة الفرنسية “قد تكون سبب الأحداث في شبوة”، في إشارة إلى الاشتباكات الأخيرة بين مجموعات المرتزقة المدعومة من الإمارات وقوات حزب الإصلاح التابعة لجماعة الإخوان المسلمين ومجلس القيادة الرئاسي المدعوم سعوديًا.
وبحسب عبد العزيز صالح بن حبتور رئيس الوزراء اليمني ، فإن عمليات النهب الأخيرة التي نفذها التحالف بقيادة السعودية تتم بتوجيهات أمريكية ، كجزء من مخطط واشنطن لتأمين السيطرة على النفط اليمني من خلال حلفائها الخليجيين.
ويرى مراقبون ان وصول القوات الفرنسية إلى بلحاف يمثل سابقة خطيرة على ساحات الأحداث اليمنية، حيث لم يسبق أن أبدت فرنسا أي موقف، ضد تحويل منشأة بلحاف لتصدير الغاز المسال، إلى ثكنة عسكرية على يد قوات الاحتلال الإماراتي، رغم أن فرنسا تمتلك نسبة (39.62 %) من الشركة اليمنية للغاز المسال، إلا أن باريس غضت الطرف عن استغلال الاستثمارات الفرنسية لأغراض غير قانونية من قبل أبو ظبي، قبل أن تتحرك الحكومة الفرنسية بشكل يبدو غير منسجم مع مواقفها السابقة وتقرر إرسال قواتها إلى بلحاف، في تصرف يحمل الكثير من المؤشرات السلبية تجاه إمكانية وقف الحرب على اليمن.
ودفعت تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، دول حلف الناتو إلى البحث عن حلول لمشاكلها عبر احتلال مناطق النفط في اليمن. ويرى المراقبون أن فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، عملت على تهيئة الأوضاع في اليمن، لحضور قواتها بشكل مباشر، عبر الدفع بتحالف فاشل من السعوديين والإماراتيين، أثار بتصرفاته المتخبطة سخط اليمنيين بشكل متعمد، وبما يتيح الفرصة لحضور الاحتلال الأصيل ممثلاً بالأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين، والإعلان عن انتهاء مرحلة الأدوات، ومكاشفة اليمنيين والعالم أن واشنطن ولندن وباريس أصبحت جزءا من الأزمة في اليمن.
ويجمع الاقتصاديون والشركات المتعددة الأمريكية والأوروبية والروسية التي دخلت اليمن على أنَّ ثمة مخزوناً هائلاً من الثروة النفطية في اليمن، يقدّر وفق مصادر رسمية بـ11.950 مليار برميل، المعروف منها والمثبت بحدود 3 مليارات برميل نفط في حوض شبوة مارب وحوض سيئون – المسيلة، والتي تمثّل الأحواض المنتجة في اليمن، وتضع البلد في الترتيب الـ29 في تصنيف احتياطيات النفط، بمعنى أنَّه لم يستخرج منها حتى الآن سوى 20 %، فيما لا يزال أكثر من 80 % من الأحواض الرسوبية والمناطق الواعدة والمؤهلة لتكوين نظام بترولي غير مكتشف، وتحديداً في حوض جزع – قمر وحوض الربع الخالي بين المهرة وحضرموت ومارب والجوف، والتي يصفها خبراء النفط والجيولوجيا بـ”سيبيريا اليمن”، ناهيك عن الأحواض المغمورة، مثل حوض سقطرى وحوض البحر الأحمر (تهامة).
وتشير مصادر غير رسميّة إلى أنَّ محافظة الجوف وحدها في الجزء الشمالي الشرقي لليمن على الحدود مع السعودية تعوم على بحيرة من النفط، وبمخزون هائل.
والاحتياطي النفطيّ والغازي الهائل لليمن واحد من أسباب العدوان والتكالب الغربي عليه، لأنَّ الموارد النفطية- بحسب خبراء الاقتصاد- هي أساس الثراء، كما أنَّ اليمن يمتلك موانئ استراتيجية مهمة مطلة على أهم الممرات الدولية والمياه العميقة المتصلة بالمحيط الهندي، ونقصد بذلك موانئ الحديدة وعدن والمكلا ونشطون، والتي لو استُغلت هذه الموانئ بشكل صحيح، لشكَّلت رافداً من أهم روافد الدخل القومي اليمني لو أتيح له المجال.
وتستحوذ دول العدوان حالياً على المناطق النفطية في البلاد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، وعمدت منذ البداية إلى تعطيل أنبوب تصدير النفط الممتد من صافر في مارب إلى ميناء رأس عيسى في الحديدة، لحرمان المناطق الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى من حقوقها، كما عمدت إلى قطع مرتبات أكثر من مليوني موظف في القطاع الرسمي كوسيلة وأداة من أدوات الحرب، إلى جانب نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وفرض الحصار على ميناء الحديدة ومطار صنعاء ورفع الدولار الجمركي، بمعنى أنَّها جرَّدت صنعاء من معظم إيرادات البلاد، أي أكثر من 80 % من إيرادات الموازنة العام.
وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر مطلعة في وزارة النفط والمعادن التابعة لحكومة الإنقاذ أنَّ قيمة الكميات النفطية التي نهبتها دول التحالف السعودي وحكومة الفنادق تجاوزت 20 مليار دولار خلال السنوات الماضية، تستخدم جزءاً منها في تمويل الحرب العدوانية، فيما يذهب النصيب الأوفر إلى حسابات حيتان النفط والبنك الأهلي السعودي.
وتؤكد صنعاء مرارا أنَّ استعادة منابع الثروة وتحريرها حقّ سياديّ للشعب لا يمكن التنازل عنه، وقد طرحت مؤخراً في “مبادرة مارب” ضرورة إعادة تشغيل أنبوب صافر – رأس عيسى، وضخّ النفط وتصديره وتشغيل غازية مارب، وتوزيع الحصص النفطية والغازية بالتساوي على جميع المحافظات، مع إعطاء أبناء مارب أفضلية في الوظائف والثروة.
معبِّرة بذلك عن ضمير الشعب اليمني الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم ويرنو بشغف إلى استعادة ثرواته وقراره الوطني، ما يفرض على القيادة الثورية والسياسية المضي قدما في خيار التحرير لكل المحافظات النفطية وكل شبر من البلاد من دنس الغزاة والمحتلين، وذلك ما يقلق واشنطن وباريس الحريصتين على بقاء الخريطة الجيوسياسية التي رسمتها الحرب، بإبعاد صنعاء عن مارب والمحافظات الجنوبية حيث النفط والغاز وحيث تتواجد شركتا “هنت أويل” الأمريكية و”توتال” الفرنسية..وغيرهما من الشركات والقوى الدولية الطامعة في ثروة الشعب اليمني، ولعل ذلك لن يكون عسيرا خصوصا وقد بات الجيش اليمني يمتلك من قوة الردع ما يجعله يمضي واثقا بنصر الله في معركة التحرير.
تأكيدات صنعاء ولأكثر من مرة جاءت على لسان الرئيس مهدي المشاط – رئيس المجلس السياسي الأعلى القائد الأعلى للقوات المسلحة وكذلك رئيس الوفد الوطني في مفاوضات السلام محمد عبدالسلام ووزير الدفاع في حكومة الإنقاذ وغيرهما، بأن شركات نهب ثروة اليمن لن تكون بمنأى عن الاستهداف العسكري وذلك لم يكن من باب المزايدة أو الاستعراض بقدر ماهو حاجة ماسة تفرضها المجريات على أرض الواقع.
المصدر / وكالات/