21سبتمبر فجر يمني جديد لازالت قوى الظلم والهيمنة والفساد تقاومه
21سبتمبر فجر يمني جديد لازالت قوى الظلم والهيمنة والفساد تقاومه
كتب / د. ياسر الحوري – يمني برس
لاح مارد التحولات اليمنية العميقة فجر ثورة 21 سبتمبر2014م الأغر فتكالبت عليه كل قوى الظلم والهيمنة والفساد والتسلط والعمالة في الداخل والخارج من اللحظة الأولى ولازالت إلى اليوم بعد مرور عام كامل وهي تقاوم اجتثاثها وتخليص الشعب اليمني العظيم من سيطرتها المعمدة بالفساد والنهب والقتل والإقصاء للآخر طيلة عقود من تاريخ اليمن حيث اجتمع المتفق والمختلف من القوى التي ظلت تتقاسم ثروات البلد وتنهبها لعقود مضت لإفشال وإعاقة لحظة التحول الكبير في حياة اليمنيين.
منذ اللحظات الأولى التي أعقبت التوقيع على اتفاق السلم والشراكة مارست هذه القوى كل أنواع الكيد والمكر السياسي لإسقاط هذه الثورة واستعانوا بكل العالم الساعي لتثبيت مصالحه على حساب حياة اليمنيين وقد استعان بهم بل استخدمهم كأدوات لبلوغ مرامه وتبليغهم ما يرومون لكن هيهات له ولهم ذلك مقابل كل التضحيات الجسيمة التي قدمها ويقدمها رجال اليمن العازمين على انتزاع القرار والسيادة اليمنيين.
لقد أثبت ثوار 21 سبتمبر2014م للعالم أنهم لا يهدفون للاستحواذ على السلطة وذلك من خلال توقيعهم مع القوى الوطنية في ذات اليوم على اتفاق السلم والشراكة الوطنية وملحقه الأمني والذي يؤكد على الشراكة ويتمسك بمخرجات الحوار الوطني كمنجز يمني خالص ورحب العالم نفاقا بهذا الاتفاق تحت إشراف الأمم المتحدة وتضمنته بيانات وقرارات مجلس الأمن اللاحقة التي أكدت انه منجز تاريخي من شأن تنفيذه تجنيب اليمنيين أي اقتتال داخلي وحماية العملية السياسية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية لكنه أي العالم والقوى المتحالفة والعميلة وبالتوازي مع ذلك – ولا نبرئ أحد – عملوا جاهدين بنظرية الدفع إلى أعلى من خلال جر الثوار بقيادة أنصار الله للاستيلاء على السلطة ثم إسقاطهم من أعلى عبر خلق الفراغ الأمني والتلكؤ في تنفيذ بنود الاتفاق أو حتى البدء بتنفيذ مخرجات الحوار ومعالجة العديد من القضايا والمشاكل المفتوحة التي تتوسع يوما بعد آخر حتى تقديم هادي وبحاح لاستقالتهما المعروفة في 21 يناير 2015م التي جاءت كما اتضح لاحقا وفق ترتيب دولي ولتوتير الأجواء وخلط الأوراق والتنصل عن كل الالتزامات والاتفاقات المبرمة كما رفض هادي التراجع عن استقالته مدعيا العجز والمرض رغم الجهود المضنية المحلية والأممية بهذا الخصوص.
الانقلابيين الحوثيين والعفاشيين هكذا تم تسمية الثوار الذين تحفظوا على هادي المستقيل وحكومة بحاح المستقيلة التي رفض بحاح استمرارها حتى لتصريف الأعمال، وما لم يكن على السطح انكشف تماما عقب هذه الخطوة من خلال ترتيبات تهريب هادي المنتهية ولايته وإفشال الحوارات السياسية لملئ الفراغ في السلطة التي شهدها موفمبك والتي كانت برعاية أممية وتوج كل ذلك بإعلان هادي الانقلاب على اتفاق السلم والشراكة ممهدا للعدوان الذي شنته الرياض ومن تحالف معها في 26 من مارس 2015م بينما كانت الأعناق مشرئبة للإعلان عن اتفاق سياسي في موفمبك ، كان الهدف من كل ذلك الإطاحة بالثورة التي صمدت إلى اليوم حيث يحول عليها الحول وقد عرت مرتزقة العالم الذين جمعوا ضد اليمن والإرادة اليمنية كل عتادهم الذي لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلا.
بالطبع ليس لأجل هادي يموت عشرات أو مئات الإماراتيين ولا من أجل بحاح تضحي السعودية بسمعة جيشها المندحر في الحدود وتصرف من احتياطها النقدي، بل أن كل ذلك لأن ثورة الـ 21 من سبتمبر المجيد لم تضمن لهم تحقيق أطماعهم التوسعية في أماكن النفط ومنعنا من استخراجه ناهيكم عن استغلاله وكذا مخاوفهم من تطوير ميناء عدن ومنافسته لدبي وهو السبب الرئيسي لغزو الإمارات لعدن – وهو ما لن يطول – لقد أشاعوا نضوب النفط اليمني ومنعوا الحكومات الكسيحة من ملامسة هذا الملف وذهبت العديد من الحكومات اليمنية المتعاقبة لإعلان التقشف وتجميد المشاريع تحت عناوين كاذبة هدفها خدمة الاستعمار الحديث وسيطرته على العالم مقابل إتاوات تافهة لقوى النفوذ الحاكمة والمتحكمة حتى وان ظهرت أنها مختلفة فيما بينها في بعض المراحل لكنها لم تكن لتختلف في الفساد والتفريط في ثروة الأجيال القادمة كما ونوعا ومصدرا.
ونتيجة لصراعها وبهدف تقليل العدد الذي تقسم عليه كعكة الخيانة حاولت هذه القوى بغباء – وقد يكون بتنسيق – التخلص من أحداها وهو المؤتمر الشعبي لدفعه للارتماء في أحضان الحركة الصاعدة أنصار الله وتشويه الثورة والثوار بالذات وهو القوة المتربصة بالحكم بعد أن فقد جزء منه بفعل ثورة 11 فبراير عام 2011م ،لأنه من غير المعقول أن تخرج كل القوى التي حكمت اليمن قبل 21 سبتمبر 2014م بما فيها جالية كبيرة من الناصريين والاشتراكيين مرة واحدة من اللعبة السياسية على أيدي مراهقين كما يسمونهم وكلها هذه القوى اتكأت إبان حكمها أو المشاركة في الحكم إما على القوة العسكرية لا السياسية والشعبية أو التفاهمات التي تلت خروجها من الحكم لذلك كان الإصلاح أحد أهم هذه القوى التي قاومت الثورة تحت غطاء مواجهة المد الشيعي الإيراني تارة ومواجهة الإمامة والتسلط والتخلف تارة أخرى وفي سبيل ذلك ومن اجل ما تدعي انه لحماية التعددية والحقوق والحريات لجأت هذه القوى مفضوحة للمملكة السعودية – أو قيل لها أن تقول هكذا – وهي الدولة التي لا تؤمن بشيء من التعددية او الحقوق والحريات فكيف لها الدفاع عنها وعن ما أسمي بالشرعية التي تحولت إلى قميص عثمان وجسر لعبور أطماع قوى الشر العالمية في اليمن وهو ما تجسد في غزو عدن التي يخال الإماراتيون أنها ستظل دارا عامرة ببقائهم فيها كما نشاهد ذلك في مأرب التي حشد العدوان إليها مرتزقته من مختلف جنسيات الأرض ، وبالمثل في حضرموت التي منحت لقمة سائغة للقاعدة كل ذلك ليقال لأنصار الله أننا سنحول اليمن إلى دويلات وكنتونات في عهدكم وعهد ثورتكم ولن تجدوا ما تحكموه بعدئذ.
قاوموا الثورة فمارسوا الاغتيالات والقتل في المساجد والطرقات والأسواق بالأحزمة الناسفة والمفخخات ففشلوا هم ، أعادوا ضرب نفس الأهداف بالطائرات ففشلوا بل إن عزيمة اليمنيين وشكيمتهم وقوتهم زادت واكتسبوا خبرة في التكيف على الحرب ما يؤكد أن المارد الذي لاح في فجر 21 سبتمبر 2014م المجيد سينتصر، لسبب واضح وهو انه يمثل المواطن اليمني البسيط المصادرة حقوقه ظلما وعدوانا والمحكوم عليه وعلى أبنائه أن يظلوا فقراء وجياع ومرضى يطردون من على أبواب الجارة الشقية التي أفقرتهم بقصد وسرقت قوتهم ومنعت حكامهم من استخراج ثرواتهم والرفع من مستوى شعبهم لعقود مضت.
سينتصر مارد 21 سبتمبر2014م ليتوج نضالات 26 سبتمبر 1962 ويستكمل تحقيق أهداف 11 فبراير 2011م وان حاولوا تشويه مسيرته من خلال بعض من ركب موجته فعاث فسادا بقصد وسوء نية، فهذه الظواهر سرعان ما تعالج مادامت الإرادة الوطنية للقيادة صادقة ومخلصة للشعب وللوطن ، وفي هذا السياق فقد قدم الثوار جانبا مشرقا قل نظيره حيث قدموا رجالا جادوا بأنفسهم باستبسال وشجاعة دفاعا عن حياض الوطن إلى جانب الجيش والأمن وعلينا واجب رد التحية لهم بأفضل منها وتسجيل ذلك للتاريخ سيما وقد مرغوا أنوف أقوى الجيوش تسلحا وأكثر الدول عتادا بالتراب في صافر مأرب وعلى مشارف الأراضي اليمنية المحتلة نجران وجيزان وعسير وفي جبهات عدة ستكشف قادم الأيام كيف أن اليمني المدافع عن الكرامة والحرية ولأرض والعرض منتصر وسينتصر دوما بشموخ مهما كانت القوة المضادة له.
ولعله من المناسب بعد مرور عام على التحرك اليمني الجاد لانتزاع قراره بثورته المباركة يوم 21 سبتمبر 2014م الإشارة إلى أن التقاط مكاسب الإزاحة التاريخية للكابوس الذي جثم على صدور اليمنيين لم يتأت للشعب اليمني كما ينبغي لأن قوى هذا الكابوس امتلكت وسائل عديدة للتشويش ومارستها كي لا يسجل عليها أي انتصار تاريخي في عقول وقلوب اليمنيين و على الأقل التقليل من آثاره ، والسؤال هل فقدنا الأمل بعد كل هذا العدوان الغاشم والغزو والجبهات المفتوحة من قبل مرتزقة العدوان لتصوير الحرب وكأنها حرب أهلية؟ الإجابة لا لأن الله سيفضح المنافقين وسيجعل لعباده المتقين مخرجا وما انتصارات الجيش واللجان الشعبية في الجبهة الداخلية والخارجية إلا خير دليل على ذلك.
وما عودة بحاح إلى عدن في جنح الظلام الأربعاء الفائت إلا محاولة ورسالة أخيرة بائسة للاحتفاء بـ 21 سبتمبر 2015م ورفع معنويات القوى المقاومة للثورة المجيدة المدعومة بحلف عالمي خاسر غير مدرك أن الأرض لم تعد أرضهم وان أيامهم معدودة خصوصا وقد مكنوا التنظيمات الإرهابية من هذه المناطق التي ستبتلعهم قبل غيرهم وستحافظ الثورة على ألقها مفشلة كل المؤامرات.
عام مر بين أيلولين من الثورة المستمرة والمخاض العسير الذي حف بمخاطر جمة ودفع رجال اليمن الثمن المناسب له بأرواحهم حري به – أي المخاض – أن يتوج بانتصار كامل وأن يقود اليمن إلى المقدمة والى الحرية والاستقلال والتطور والرقي رغم أنف الحاقدين والمناطقيين والعنصريين والفاسدين والعملاء والمرتزقة وحري بهذا المخاض أن يغربل مسيرة عام من التضحية والفداء ويلفظ أولئك المتسلقين باسم الثوار أيا كانت صفاتهم أو أسمائهم وحري لهذه الثورة أن يقطف ثمارها كل أبناء اليمن الصابرين والمجاهدين لا أولئك الأوغاد التاريخيين الذين عادة ما يحاولوا تجيير الثورات لمصالحهم خصوصا وأن هذه الثورة الخالصة ستتوج بالانتصار العظيم على عدو اليمن التاريخي وهو ما نراه قريبا غير بعيد وما ذلك على الله بعزيز.