الغرب يسير بالعالم إلى حافة الهاوية
الغرب يسير بالعالم إلى حافة الهاوية
الفكر الاستعماري الغربي قديماً وحديثاً حاول ويحاول دائما التخفي والاستتار وراء زعم إيديولوجي يرتكز على فكرة تصدير قيم “التقدم” و”الحرية” و”حقوق الإنسان”.
لكن التاريخ والواقع، كذب هذا الزعم على نحو دامغ، فلم تسفر الظاهرة الاستعمارية إلا عن إذلال الشعوب ونهب خيراتها، وإثارة الحروب وتغذية النزعات ومحاولة زرع الفوضى الأمنية داخل الدول وتقسيم البلدان والشعوب.
لقد انطلق الغرب الاستعماري من معان مضمرة داخل خطابه، من محاولة تأكيد أن الغرب, وحده, ولا أحد غيره, هو الذي يمتلك هذه القيم الإنسانية، وأن “الآخرين”, من غير المنتمين إلى ما تسمى “حضارة الغرب”, ليسوا أكثر من شعوب متخلفة، هم بحاجة دائمة إلى من يقودهم ويأخذ بناصيتهم.
وشواهد التاريخ كثيرة على ممارسات الغرب وسياساتهم بحق شعوب الأرض في هذه المنطقة والعالم منذ القرن الماضي وحتى الآن.
لقد زرع هذا الغرب الاستعماري كيانا غريبا في قلب المنطقة العربية ليحافظ على مصالحه الهدامة لقيم الإنسانية والهوية والسيادة واختيار الطريق المستقل للتطور والتنمية وتعزيز دور شعوبها وحضارتها العريقة التي أكسبت البشرية عبر تاريخها الطويل بكل القيم الإنسانية، وجاء المشروع الغربي الصهيوني ليدمر ويهدم الثقافة الحضارية والهوية الإنسانية لطبيعة البشر في منطقتنا ويريد إحلال نقيض ثقافة غريبة عن المنطقة وشعبها وحضارتها واستبدال واقع الوحدة الوطنية التي تجمع الشعب في سورية وشعوب المنطقة بكل ألوانها الثقافية والحضارية الرائعة عبر مشروع الغرب الاستعماري يسوق للثقافة الرأسمالية الغربية وثقافة الاستهلاك السائدة والحاكمة التي تستهدف هدم هوية الشعوب وتدمير ثقافتها وتفكيكها وتجزئتها إلى كيانات ضعيفة على محددات جديدة كالمذهب أو العرق أو الطائفة تتناسب مع وجود الكيان الإسرائيلي وبقائه.
لقد جاؤوا بالإرهاب إلى سورية والمنطقة ورفعوا شعارات الإنسانية والتحرر للتدخل بالشؤون الداخلية وتغيير الأنظمة عبر الإرهاب والإرهابيين وعبر الاحتلال العسكري الأمريكي والتركي والتواطؤ المشين من بعض الأنظمة في المنطقة، وعبر ترسيخ واقع الاحتلال الصهيوني لفلسطين والمنطقة واستمرار تماديه على الشرعية الدولية وتعديه على السيادة الوطنية لسورية وغيرها.
ولا نستغرب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد سورية، والتي باتت تستهدف مواقع مدنية كان آخرها مطار حلب وخروجه عن الخدمة، وهو ما يعكس مواقف جبانة للعدو الإسرائيلي وحليفته الأمريكية التي يصاب مشروعها الاستعماري بنكسات في المنطقة والعالم، وتلقى استهجانا وإدانات من شعوبها خاصة بعد توريط العالم بكوارث سياسية وأزمات اقتصادية وبيئية ستلحق الأذى بهذه الشعوب والعالم بأسره، بحال استمرار تلك السياسات الاستعمارية والعدوانية، إذ إن أصحاب السياسات الاستعمارية بممارساتهم العدوانية والاحتلالية يريدون اليوم إعادة ليس الغرب فحسب بل العالم إلى ظلمات القرون الوسطى وربما إلى تدمير العالم.
من هنا تبرز أهمية جسور الثقافة بين الشعوب في الغرب والعالم وإحلال مشروعات ثقافية تعزز التواصل فيما بينها، وتحيي الدور الحيوي الإنساني لإرساء ثقافة السلام والحوار الحضاري بين البشر بما يسهم في تضييق مساحات العدوان والعنجهية الفكرية والسياسية للغرب على أساس أنه المتقدم والباقي لا، وتساعد على انتصار الروح الثقافية الحضارية وتفوق مفهوم الانفتاح وقبول الآخر على اتجاه العنصرية والعنف والتطرف.
المصدر/ سورية/ الثورة