ثورة أكتوبر في عيدها الـ59.. سؤال «الاستقلال من الاستعمار الجديد
ثورة أكتوبر في عيدها الـ59.. سؤال «الاستقلال من الاستعمار الجديد
تحل الذكرى الـ59 لثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة، وجزء عزيز من وطننا اليمني،يرزح تحت احتلال جديد يتمثل في الاحتلال السعودي الإماراتي البريطاني الأمريكي .. احتلال أكثر بشاعة وجرما، استولى على مقدرات الشعب واحتل كل مقدراته، تحت مبرر (تحرير الشعب من الشعب ).
اليوم تطرح ثورة أكتوبر في عيدها التاسع والخمسين سؤالا وجوديا, وتطرح سؤال الاستقلال من جديد , فقد عاد المستعمر إلى جنوب الوطن معلنا عن نفسه ومكشرا عن أنيابه في شوارع ومدن حضرموت وعدن وشبوة , وفي شواطئ المهرة, وفي سقطرى وميون دون قناع .
استعمار جديد أكثر بشاعة وقذارة من الاحتلال القديم، حيث يُمعن في جرائمه وانتهاكاته المستمرة بحق المواطنين من أبناء الجنوب، ويعمل عبر أدواته من المرتزقة على إعادة الاحتلال والاستعمار للمحافظات الجنوبية، تحت يافطة مخطط قذر يسعى للقضاء على الوحدة اليمنية، ويهدف إلى تمزيق اليمن وتقسيمه إلى دويلات وأقاليم متنازعة ومتناحرة، بما يضمن له الحفاظ على مصالحه وتنفيذ أجندته الاستعمارية، وتعزيز نفوذ أسياده الأمريكان وخدمة الصهاينة وتمكينهم من تنفيذ مخططاتهم وتحقيق أهدافهم في اليمن.
اليوم تمر ذكرى ثورة ( 14 أكتوبر 63م )، وهي تفرض سؤالا وطنيا كبيرا, وسؤالا حضاريا وثقافيا بالغ الأهمية , بعد أن تحول المفهوم عن مضمونه الثقافي والاجتماعي والحضاري ليصبح تبريرا لغازٍ جديد يلبس شعار التحرر ويمارس غواية الاستغلال الذي كان يمارسه المستعمر القديم من خلال فرض هيمنته العسكرية والسلطوية على مقدرات اليمن ومواردها الطبيعية ومنافذها , ومن خلال جرف الحياة الطبيعية في سقطرى وزرع القواعد العسكرية , ومن خلال استغلال حالة الفوضى في إقامة مشاريع استعمارية.
ثورة أكتوبر اليوم تعلن عن نفسها كسؤال يعيد ترتيب مفردات الحرية, والاستقلال, والسيادة, والوطنية, والعمالة, والخيانة , وحرية القرار , وتحديد المصير, وتضع على الطاولة سؤالها الوجودي الذي يبعث رموزه للواقع حتى يستعيد وعيه في اللحظة الزمنية الفارقة في حياة أهل اليمن , ويتعلم من خلال التاريخ ما يجب أن يتعلمه (ثورة إكتوبر وعودة الاستعمار – الثورة) .
إن الشعب اليمني في الشمال والجنوب وهو يحيى الذكرى الـ 59 لثورة 14 أكتوبر، يستذكر تضحيات أبطال أكتوبر الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم في سبيل الحرية والتحرر من الاستعمار .. حيث تزداد أهمية هذه الذكرى اليوم في ظل عودة قوى الاحتلال بمختلف أدواتها إلى المحافظات الجنوبية .
كما أن هذه الذكرى تأتي وشعبنا اليمني يخوض ملحمة تاريخية أخرى في مواجهة العدوان والغزو الأمريكي السعودي الذي يسعى إلى تدمير واحتلال البلد واستعباد الشعب .
تضحيات كبيرة.. أثمرت في طرد الانجليز وكنس العملاء، تضحيات كبيرة قدمها المناضلون الأحرار ضد الاستعمار البريطاني، حملوا على عاتقهم مهام نضالية كبيرة، وحمّلوا الأجيال القادمة وصية الحفاظ على أهداف الثورة.
فها هو المناضل علي عنتر، يقول : (نقول لأجيالنا القادمة إن الاستقلال أتى بعد نضال طويل، كانت نتيجة هذا النضال طرد الانجليز وكنس العملاء، وإسقاط الإمارات والمشيخات، وكان 30 نوفمبر هو يوم توحيد شعبنا، يوم إسقاط العملاء، وإسقاط الانقسام في الشطر الجنوبي من الوطن، نعم نقول الشطر الجنوبي، ونتطلع إلى اليوم العظيم الذي يتوحد فيه اليمن، وتقع على ذلك مسؤولية كل الأحرار والشرفاء من شمال الوطن وجنوبه، فمثل ما توحد شعبنا في الجنوب سيتوحد شعبنا اليمني شمالاً وجنوبا، وبدون وحدة الشعب اليمني، نعتبر الاستقلال ناقصاً وحريتنا ناقصة، وإنجازاتنا ناقصة).
اليوم يعي شرفاء اليمن شمالا وجنوبا، الأسطوانة المشروخة التي تحدثت عن أن (صنعاء جاءت كي تحتل عدن )، أصبحت مكشوفة, حيث يؤمن الأحرار والشرفاء اليوم في جنوب الوطن المحتل ، بأن أدوات الداخل من المرتزقة لم تعمل سوى على تحرير عدن من أهلها وسكانها، مقدمة البساط الأحمر للمستعمر الجديد، الذي أمعن في اذلال وإهانة السكان، بينما تم تدشين حملات ممنهجة من التهجير لأبناء الشكال من المحافظات الجنوبية .
اليوم؛ يستعيد اليمنيون تاريخهم النضالي الذي واجهوا فيه أحد أقوى الأنظمة الاستعمارية بإمكانياتهم المتواضعة وإرادتهم الصلبة.
حيث ستكون هزيمة المحتل مؤلمة على أيدي الشعب اليمني الصامد الذي وقف منذ أكثر من سبع سنوات إلى جانب قيادته الثورية والسياسية الجيش واللجان الشعبية في مواجهة تحالف كوني وقاوم بكل الوسائل والإمكانات الحصار الظالم، فلم يستسلم أمام تحالف يمتلك أحدث الأسلحة الفتاكة ولم يستكن. حيث أن مشاريع المستعمر الجديد سيكون مصيرها نفس مصير المحتل البريطاني ومرتزقة العدوان سيلقون نفس مصير مرتزقة الإنجليز في جنوب اليمن.
21 سبتمبر.. امتداد للثورات اليمنية، عندما يحتفل أبناء الشعب اليمني بثورة الـ14 من أكتوبر في مثل هذه الظروف الصعبة والتحديات التي يمر بها اليمن حالياً، فهو يحتفل بذكريات مجيدة وثورة عظيمة ومهمة يجب أن تستمر وأن تتكرر من جديد ضد الاستعمار البريطاني الذي يستعمر المحافظات الجنوبية اليوم تحت يافطة إعادة ما يسمونها (الشرعية)، وهي في الحقيقة جماعة عميلة ومرتزقة، استخدمها أعداء الشعب كذريعة للاعتداء على البلاد ونهب ثرواته .
من هنا؛ فإن ثورة الـ21 من سبتمبر ، تعد امتداداً للثورات اليمنية التي خرجت ضد الغزاة والمحتلين ، إذ أن من أهم أهدافها إخراج اليمن من الوصاية الأجنبية، وطرد الغازي والمحتل من كل شبر من ربوع اليمن، وبذلك فإن من يتشدقون ويتغنون اليوم بثورتي الـ26 من سبتمبر والـ14 من أكتوبر وهم ما يزالون يقبعون في فنادق دول العدوان والاحتلال والاستعمار هم دون ادنى شك خانوا الثورة وخانوا اليمن والشعب، وهم أولئك أنفسهم الذين خانوا دماء الشهداء ممن ضحوا بأنفسهم من أجل تلك الأهداف السامية التي قامت من أجلها تلك الثورات المباركة.
تنظر ثورة 21 سبتمبر إلى قضية الغزو والاحتلال الأجنبي كإحدى أبرز قضايا ومهامها الوطنية، وفي كل مناسبة تؤكد القيادة الثورية والسياسية ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط على الالتزام الوطني والديني والأخلاقي بطرد الغزاة وتطهير كل شبر من الأرض اليمنية وصون سيادتها الوطنية في البر والبحر والجو.
لثورة 14 أكتوبر مكانة خاصة لدى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي يدعو إلى استلهامها في مواجهة العدوان والاحتلال الجديد، فهو يقول :“ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر ، من ذكريات العز والمجد والحرية لشعبنا العزيز، حينما تحرك الأحرار في هذا البلد في مواجهة المحتل المستعمر البريطاني آنذاك وصولا إلى طرده من البلاد، ولهذه المناسبة دلالات مهمة ، اليوم نحن في أمس الحاجة إليها ونحن نواجه هذا الغزو وهذا العدوان وهذا الاحتلال الهمجي من قوى الشر وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل والنظام السعودي ومن معها من أذيالها وأذنابها”.
كما أولى الرئيس الشهيد الصماد اهتماما ومتابعة للدور الاستعماري البريطاني، إذ كان يرى أن نفس التهديدات والأطماع الاستعمارية لبريطانيا سابقا من تمزيق الوطن والسيطرة على الممرات البحرية تعود اليوم مرة أخرى عن طريق أدوت استعمارية جديدة ممثلة بدولة الإمارات.
وتنبه الرئيس الصماد في خطاباته بشكل دقيق إلى تهديد الامبريالية الحديثة ووكلائها الاستعماريين للوطن اليمني، من خلال متابعته وتحليله، لممارسات قوى الاحتلال في الجنوب ذات الطابع المحفز للنعرات المناطقية.
وقد جاء في كلمة الرئيس الشهيد صالح الصماد في مناسبة الذكرى 53 لثورة 14 أكتوبر:(إن الاحتفال بثورة 14 من أكتوبر يظل احتفالا منقوصا مادام هناك جندي إماراتي أو سعودي أو أمريكي أو بريطاني على تراب الوطن شماله وجنوبه وكما احتفلنا بجلاء آخر جندي بريطاني سنحتفل بإذنه تعالى بجلاء آخر جندي إماراتي أو سعودي، وما بين 14 أكتوبر 1963م و14 أكتوبر 2016م لا زالت الأطماع هي الأطماع، فقط تغيرت أدوات الاستعمار).
سوف تظل ثورة أكتوبر ثورة ملهمة لكل أحرار اليمن ضد أي غاز أو مستعمر أجنبي, وربما تكون ثورة أكتوبر في عامها هذا غيرها في كل الأعوام فهي ثورة ملهمة لحركة التحرر، ولن يهنأ غاز فكّر في أذية اليمن أو حاول فرض هيمنته عليه.
المصدر/ محمد شرف/ الثورة نت/