مساومات استعمارية وليست مفاوضات سلام
مساومات استعمارية وليست مفاوضات سلام
كواليس المفاوضات السرية في زمن ما بعد انتهاء الهدنة كشفها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأخيرة التي ألقاها بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد، حيث أكد أن تحالف العدوان يضع الشعب اليمني الصامد بين خيارات السلة أو الذلة، العدوان أو الاستعمار، ويساوم على الحقوق المشروعة ويدعواً للقبول بالاستعمار والتخلي عن الحرية والاستقلال والعزة والكرامة ويحدد من يجب موالاته ومن يجب معاداته ويعتبر صرف مرتبات الموظفين تطرفاً وحماية الثروة اليمنية من النهب والعبث إرهاباً وتعدياً بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك إلى مصادرة الحقوق المكفولة والتصرف بها والضغط من خلالها للقبول بشروط مذلة لا منطقية ولا معقولة ولا إنسانية ووصل به الغرور إلى حالة يريد فيها من الشعب اليمني الصامد وقيادته أن يرهنوا قرار اليمن السياسي والسيادي بيد أمريكا، فهي من تولِّي هذا ومن تعزل ذاك، وهي من تأمر وتنهي وهي من تحدد مصير ومستقبل اليمن على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي وفي مختلف المجالات، وهذا ما لا يمكن القبول به ولا المساومة عليه.
مفاوضات ومساومات قائمة ومستمرة تعد في حد ذاتها عبارة عن صراع سياسي معقد وشائك يمكن وصفه بالمخاض العسير الذي قد يولد من رحمه إما السلام لليمن واليمنيين أو التصعيد العسكري بشكل أكبر وأعنف مما كان عليه في السنوات الماضية وبين السلام والتصعيد حقائق لا يمكن تجاوزها أو المساومة عليها، فإذا كانت دول تحالف العدوان مصرة على تعنتها وغطرستها في عدم الاستجابة لمطالب الشعب اليمني المحقة والمشروعة ومستمرة في طغيانها من خلال الحصار واستهداف الاقتصاد اليمني وبناء القواعد العسكرية في الجزر اليمنية والقرصنة على السفن النفطية اليمنية ومساومة الشعب اليمني الصامد على حريته واستقلاله وعزته وكرامته، فإنها بذلك تؤكد أنها لا تريد السلام بل تريد تمرير مشروعها الاستعماري الذي فشلت في بلوغه عسكرياً من خلال السياسة باسم السلام والدبلوماسية المزيفة، وهذا ما لا يمكن أن يقبل به الشعب اليمني وقيادته وقواته المسلحة، بل هو مؤشر على أن الأمور ستتجه نحو التصعيد العسكري الذي لن يكون لمصلحة دول تحالف العدوان.
من الواضح أن تحالف العدوان يطلب من الشعب اليمني الصامد وقيادته أشياء ليس للتحالف فيها أي حق إنساني ولا سياسي ولا ديني ولا غير ذلك، فعندما يطلب من اليمنيين أن يعادوا ايران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية والحشد الشعبي العراقي وكل أحرار الأمة بل يذهب إلى ما هو أبعد وأسوأ من ذلك يطلب القبول بالتطبيع مع إسرائيل والقبول بأن تبقى الجزر اليمنية محتلة في الوقت الذي هو فيه يستكثر على الشعب اليمني حقوقه المشروعة مثل دفع المرتبات وفتح الموانئ والمطارات وإنهاء الحصار والتوقف عن القرصنة على السفن النفطية وغير ذلك الكثير مما يتعلق بالحقوق والجوانب الإنسانية، وهذا يدل دلالة واضحة على أن تحالف العدوان يعمل على فرض خيارات استعمارية مرفوضة على الشعب اليمني الصامد يريد تمريرها من خلال السياسة الطاغوتية والدبلوماسية الاستعمارية التي لا ترعى الحقوق والحريات ولا القوانين الكونية ولا الإنسانية ولا الدولية.
خيارات تحالف العدوان التي تساوم الشعب اليمني الصامد على حقوقه المشروعة وعلى حريته واستقلاله مرفوضة جملة وتفصيلاً وخيارات الشعب اليمني وقواته المسلحة في التصدي للعدوان مفتوحة على مصراعيها براً وبحراً وجوا لاستعادة الحقوق وكسر الحصار وحماية الثروة وطرد الاستعمار والدفاع عن النفس والوطن والشعب والحرية والكرامة، فهذه أمور لا يمكن إدخالها في مزاد المساومات ولو كان الشعب اليمني الصامد المجاهد سيقبل بالإذلال والاستعمار والفقر والجوع ومصادرة حقوقه لما قدم التضحيات ولما صمد في مواجهة العدوان ثمان سنوات، والأمر الذي يجب أن تستوعبه دول تحالف العدوان والذي لا يمكن القبول به على الإطلاق هو: التفريط في كرامة وحرية وحقوق هذا الشعب، وفي استقلال هذا البلد والتفريط في ثرواته وجزره وموانئه وكل ذرة من ترابه، وهذا مبدأ ثابت وقرار نهائي لا يمكن التراجع عنه مهما كانت التحديات ولو لزم الأمر أن تعود المعركة العسكرية بشكل أقوى مما كانت عليه فلا بأس في ذلك، فاليمن وشعبه وقيادته وقواته المسلحة يملك الحق كل الحق في الدفاع عن نفسه وحقوقه وحريته واستقلاله ورفض الخيارات والشروط الاستعمارية المذلة التي يريد العدو فرضها ولن يستطيع ولن يقبل بها أي إنسان يمني حر شريف عزيز كريم يثق بالله ويتوكل عليه ويؤمن بقوله تعالى (والعاقبة للمتقين).
المصدر/ الثورة نت/