فرضياتٌ لمعارك البحار والمحيطات المقبلة.. معسكر محور المقاومة وَالتحالف الأول أمريكا وإسرائيل والناتو
فرضياتٌ لمعارك البحار والمحيطات المقبلة.. معسكر محور المقاومة وَالتحالف الأول أمريكا وإسرائيل والناتو (ح10)
لم تكن المواجهة وليدة اليوم بل لسنوات خلت، حَيثُ قامت قوى الاستكبار والصهيونية العالمية بشن عدوانها على قوى المقاومة على شكل صفحات ومراحل وجعلت لكل بلدٍ من بلدان محور المقاومة سيناريوهات خَاصَّة منها معارك واحتلالات وأُخرى فتن وقرارات جائرة وحصار وهجمات متنوعة على كافة الأصعدة.
أولاً: صورة عن كثب
بإطلالةٍ سريعة على بلدان المقاومة سنلاحظ أن ما يحصل عبارة عن هجمة مركزة تم التخطيط لها بدقة وعناية شاملة من تسليط الأنظمة الديكتاتورية وإزالتها إلى عملية الاحتلال والغزو، إلى عملية الانبثاق وَالمواجهة، ومع ذلك تجاوزت المقاومة الكثير من المحطات الحرجة واتسعت وتطورت قدراتها بالدرجة التي جعلت أعداءها يتراجعون في كثير من المواقف، بل وحقّقت المقاومة انتصارات وقفزات كبيرة كان لها الأثر الكبير على مسار الأحداث، والمعادلات المحلية والإقليمية والعالمية.
وكان برنامج العدوان متنوعاً، ومن أهم مفرداته:-
1- دعم الأنظمة الديكتاتورية العميلة لتنفيذ مهام محدّدة من أهمها سحق الموارد البشرية، خُصُوصاً طاقات الأُمَّــة الفكرية وعناصرها الثورية، وبعد إتمام المهمة تم إسقاطها.
2 – معارك وحروب طاحنة منفردة على جبهاتٍ متعددة توالت عبر مراحل زمنية متعاقبة.
3- عملية قص الأجنحة، أَو ما يسمى تقليم الأذرع لإضعاف المحور بأكمله، وكانت على شكل استهدافات في مفاصل زمنية امتدت لسنوات.
4- غزو ثقافي وفكري ممنهج لفرض ثقافات جديدة واقتلاع المقاومة من جذورها وعزلها عن حواضنها.
5- الضغط على الأنظمة وتغييرها.
6- حصار وقرارات أممية جائرة.
7- متابعات أمنية وعمليات تصفية واغتيالات.
8- تحجيم وإضعاف العلاقات الخارجية.
9- إنشاء تحالفات وتكتلات أممية ومحلية وإقليمية بالضد من المقاومة وجمهورها.
10- استخدام جميع وسائل الترغيب والترهيب في تطويق المقاومة وتحجيم دورها لغرض القضاء عليها.
11- تسخير كُـلّ الإمْكَانيات والإعلام لتوهين وتشويه المقاومة وزرع الإحباط واليأس في كوادرها.
ثانياً: الموقف الأخير
تعاقبت السنون وسارت الأحداث حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، وتكاد تكون الظروف، أَو السيناريوهات متشابه إلى حَــدّ ما، حَيثُ جرت عملية استنساخ، أَو تكرار السيناريوهات على بلدان محور المقاومة، بلداً تلو الآخر، وأصبحت تعرف أَو يضرب بها المثل للتشبيه، واختصاراً لما يحصل مثال ذلك: “العرقنة” وَ”اللبننة” وغيرها.
أما بخصوص الصورة، أَو الموقف الحالي فتكاد تكون الصورة واحدة مع فارقٍ بسيط بين هذا البلد أَو ذاك رغم اختلاف الساحات والميادين، فعندما ننظر إلى العراق وسوريا من ناحية الإرهاب والضغط لتغيير المواقف، أَو الأنظمة نراها متشابهة، أَو حتى فيما يتعلق في نشر الفتن وتشكيل الحكومة في العراق وَاختيار رئيس الجمهورية في لبنان تكاد تكون السيناريوهات واحدة وكذلك الموضوع يسري على الأخوة أنصار الله في اليمن، وكذلك على جمهورية إيران الإسلامية.
ويبقى هناك فارق واحد يتمثل في دول المواجهة كُـلّ من (سوريا ولبنان وفلسطين) وأخذ هذا الفارق بالاضمحلال تدريجيًّا بلحاظ من يمثل دويلة “إسرائيل” سواءً على مستوى دول مطبعة تتواجد فيها قواعد أجنبية مثل البحرين، أَو على شكل دول مستنسخة على غرار دويلة “إسرائيل” مثل الإمارات، أَو على شكل أنظمة مثل مصر والأردن، أَو على شكل قوى سياسية، أَو قوميات انفصالية، أَو مذاهب رجعية منقلبة على عقبيها تعمل ضمن الإطار المحلي لكل بلد من بلدان محور المقاومة، علماً أن الضاغط الإمبريالي واحد، والأساليب واحدة، فمنهم من ارتضى لنفسه الذل والهوان ومنهم من اختار خيار الأحرار.
والجميع هنا -الصالح والطالح- والعدوّ والصديق تحت ضغط الظروف والأحداث العالمية التي تتحَرّك على ضوئها جميع الأطراف -الصديقة والمعادية- ضمن سياسة أَو ما يعرف بمتطلبات المرحلة، وفقاً لما تمليه عليها الظروف والحاجة، وَمثال ذلك:-
1- حالة التروي واللعب الهادئ والهروب من الكلف والخسائر العالية عند المواجهة المباشرة إذَا ما أقدم عليها المعسكر الصهيوأمريكي، ومن تحالف معه والمراهنة على إحكام الحصار، واستخدام الدبلوماسية الناعمة لنشر الفتن لوقتٍ محسوب وتحقيق أهدافهم، وفق حسابات الزمن، والتي فرضتها حسابات الانفجار الكبير لحرب عالمية ثالثة، وكلها حصلت في وقتٍ متزامن وفي وقتٍ واحد ومثالها في المنطقة.
أولاً: لبنان والنزول لشروط المقاومة واتّفاق الكيان مع الدولة اللبنانية بخصوص حقول الغاز البحرية.
ثانياً: اليمن وحالة اللا حرب واللا سلم والهدنة الهشة والضغط الأمريكي على تحالف العدوان بالدخول في هدنة في الوقت الحالي.
ثالثاً: مسار الأحداث وتشكيل الحكومة في العراق من قبل قوى الإطار بعد انسحاب دراماتيكي للصدر وقض التحالف الثلاثي المدعوم خليجياً وأمريكاً وصهيونياً وإيقاف مشروع الانقسام والقتال الشيعي -الشيعي الذي كان مخطّطاً له وسحق فصائل المقاومة في العراق.
رابعاً: سوريا وترتيب أوراقها بعض الشيء ومحاولات الضغط على الأسد لتغيير مواقفه وتقديم مغريات بذلك تتمثل بالتقرب من بعض الدول العربية وتركيا إلى سوريا بعد مسلسل طويل من الإرهاب والاحتلالات الأجنبية الذي قوبل بمزيد من الصمود البطولي للنظام السوري مع محور المقاومة.
خامساً: تجنب الكيان الصهيوني المواجهة مع المرابطين في فلسطين وَالمفاجآت البطولية في منازلة سيف القدس بالقدر الذي أصبحت فيه المقاومة الفلسطينية هي صاحبة المبادرة وهي من تحدّد ساحة المنازلة وساعة الصفر وشكل ونوع العملية.
سادساً: جمهورية إيران الإسلامية وما تلعبه قوى الاستكبار من تسويف ومماطلة في ملف التفاوضات لأجل كسب الوقت والمراهنة على الوقت والحرب المركبة أَو التركيبية.
وغيرها من الأمثلة في باكستان وأفغانستان والضغط على فنزويلا.. إلخ.
2- أن ما يحصل من ترتيب أوراق وتريث فرضتها ظروف قاهرة على العدوّ لا يعني بصورةٍ نهائية أن العدوّ تراجع عن خطته لاستهداف المقاومة، بل إنه استخدم الخطة باء ذات الكلفة وَالخسائر القليلة لتنفيذ مشاريعه، وأنه لربما يندفع نحو المواجهة المباشرة مع محور المقاومة، تحت ظرف ما، أَو في وقتٍ يراه مناسباً.
إذاً هي معركة مُستمرّة بصورٍ مختلفة ومستويات متعددة لها ساعة صفر غداً، أَو بعد غد.
3- الالتقاطةُ التاريخية للفرصة.. تحت هذا المنظور استطاعت فصائل المقاومة اتِّخاذ العديد من الخيارات الموفقة التي حقّقت لها العديد من الإنجازات في الظروف الراهنة وسنأتي على ذكرها في مواطن قادمة من البحث والدراسة.
وعليه لا بُـدَّ لنا من التطرق إلى بلدان محور المقاومة، وحسب أهميّة مواقعها ومدى تأثيرها ودورها ليتسنى لنا الذهاب نحو سيناريوهات المعركة في جبهة الخليج، وهي إحدى جبهات المواجهة البحرية العالمية المتعددة التي ذكرناها سابقًا وهي كُـلّ من: الهادي والأطلسي وَالبلطيق والأسود والمتوسط.
كاتب عراقي – رفيق الشهيد أبي مهدي المهندس
نقلاً عن المسيرة نيوز/