لـ” الأقيال”: استعادة الأرض قبل “الوَعْل”
السعودية جيشت العالم لغزو اليمن واحتلاله، وهي من توزع الجُزُر والمناطق اليمنية الاستراتيجية كهدايا وهبات لمن شاركوها ودعموها في حربها على اليمن .
سيطروا على سقطرى وعبدالكوري وميون وحنيش الكبرى والصغرى وزُقُر، وهم من يتحكمون في مصير محافظات ومناطق يمنية ويرسمون مستقبلها السياسي، كالمهرة، وحضرموت وغيرهما من المناطق اليمنية المطلة على البحر العربي والبحر الأحمر وباب المندب. فهل من قيمة لليمن إذا فقدنا السيطرة على تلك المناطق أو بعضها ؟.
السعودية وحلفها يسيطرون على كل شيء له قيمة جيوسياسية واقتصادية وبيئية في الجغرافيا اليمنية. استهدفوا حتى التاريخ والموروث اليمني، من المعالم التاريخية والآثار إلى الفلكلور..
كل ذلك لم يحرك ساكناً لدى من يصفون أنفسهم بـ “الأقيال” ويدّعون ملكيتهم الحصرية لليمن والهوية اليمنية .
يتجاهل ناشطو “الأقيال” كل تلك المؤامرات والمخاطر الخارجية التي تهدد حاضر اليمن ومستقبله، ويوجهون سهامهم نحو الداخل، نحو إخوانهم في الوطن والدين واللغة، وهم كما يقولون “الهاشميون والزنابيل” .
وفي أسفار التاريخ راحوا يفتشون عن أدلة تؤكد هويتهم اليمنية وملكيتهم الحصرية لليمن، وما سواهم مجرد دخلاء، غرباء أو “جوييم” كما يصف اليهود غيرهم ويستبيحون أموالهم ودماءهم وأرضهم ” .. ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ” .
بعد نبش في التاريخ اليمني وجدوا الدليل يصرخ من أعماق التاريخ ” بعاااع ” صوت مألوف وشجي بالنسبة لهم، إنه حيوان ” الوَعْل ” ومعه أيضاً وجدوا دليلا آخر، وهي ” حروف المُسنَد ” .
وبموجب هذه الأدلة، يصبح ” الهاشميون ” غرباء دخلاء، لا هوية لهم ولا علاقة لهم باليمن، ويجب أن يتم استئصالهم بأي وسيلة .. هكذا وبكل بساطة توصل العلمانيون والحداثيون اليمنيون إلى الحكم، وتجاوزوا فكر اليهود.. وسلام الله على داعش !!.
الغريب أن موجة “الوَعْل وحروف المُسنَد ” التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي رغم أفكارها النازية الإرهابية، يتم تسويقها في مرافق تعليمية أكاديمية . وحين سألت بعض طلاب قسم الهندسة المعمارية في جامعة حكومية بعد أن قرأت مقدمة “سياسية” لمشروع تخرج: لماذا تقحمون السياسة في العمارة، لماذا تكتبون عناوين لوحات مشروعات التخرج بلغة المُسنَد، وهي لغة ميتة لا يفهمها إلا الباحثون المتخصصون ؟. ومتى تم اعتماد حيوان ” الوَعْل ” كشعار وطني رسمي حتى تبرزونه نقشاً ونحتاً في واجهات المشروع ؟. لم أحصل على إجابة منطقية، واستغربت كيف يسمح الأساتذة الجامعيون في القسم بهذا العبث !!.
كمواطن يمني، لست مع استئثار فئة أو طائفة أو قبيلة بالسلطة، ولست مع إقصاء أي فئة أو مكون سياسي ويجب أن يخضع الجميع للدستور والقانون . وعلينا الاعتراف بأن السبب في ما وصلنا إليه هو عدم الاحتكام للدستور والقانون طيلة العقود الماضية. ونتيجة لذلك غابت الدولة وظهرت مكانها العصبيات المذهبية والمناطقية والقبلية. وحين خرج الشعب لتصحيح الأوضاع في فبراير 2011 بثورة سلمية شارك فيها كل فئات المجتمع، انفرد مكون سياسي بالسلطة مكرراً نفس النهج السياسي السابق، والوصاية التي كانت تمارس على بلدنا سراً، أصبحت علناً وباتفاقات رسمية. ولو أن ثورة فبراير أثمرت سلطة وطنية جامعة، لمَا وصلنا إلى هذه الأوضاع .
سياسة الإقصاء التي مارستها “سلطة المبادرة الخليجية” كانت السبب الرئيسي في زوالها وفي كل الأحداث التي أعقبتها. فما الذي يمكن أن تؤدي إليه سياسة ” الاستئصال ” التي ينادي بها بعض المراهقين والحمقى ومن خلفهم الخبثاء ؟. فمن ينادي بهذه الأفكار إنما يهدف إلى تدمير اليمن وجَعْل أي فرصة مستقبلية لاستعادته كوطن وشعب فاعل بين الأمم أمرا مستحيلا، وهذا هدف رئيسي لقوى العدوان .
طوال ستين عاماً، فشل اليمنيون في إقامة دولة قوية عادلة، تكبح أطماع الخارج وتساوي بين مواطنيها .. الهاشميون مواطنون يمنيون، ومثل غيرهم من الفئات، بينهم الوطني والعميل، الفاسد والنزيه، منهم من يواجهون تحالف العدوان ومنهم من يحارب في صفوفه .
ولولا مشاركة بعضهم الفاعلة، لما حدثت ما تسمى ” ثورة 48 ” ولا ” حركة 56 ” ولولا انخراطهم مع بقية فئات الشعب لما قامت ” ثورة 26 سبتمبر ” ضد الحكم الإمامي وإعلان الجمهورية .
مواجهة العدوان منذ ثماني سنوات شرف يتقاسمه الملايين من اليمنيين، والهاشميون جزء منهم، ولولا مشاركة القحطانيين لما تمكنا من الصمود كل هذه السنوات.
المسند لغة يمنية قديمة، وهي أحد معالم حضارتنا وحضورنا في أعماق التاريخ، وهي لغة منقرضة كغيرها من اللغات القديمة، كالهيروغليفية لغة الأقباط في مصر الفرعونية، والسيريانية في سوريا ولبنان، والسومرية والآرامية في العراق والأمازيغية في شمال أفريقيا. فهل من المنطق أن يقوم البعض بتوظيف هذه اللغات لفرز مواطني وشعوب تلك الدول ومنح الهوية الوطنية لفئات وسحبها من فئات على خلفيات سياسية، كما يفعل بعض الحمقى في اليمن ؟!
هل من المنطق توظيف رمز ” عشتار ” أو “حورس” لفرز المواطنين في العراق أو مصر، كما يفعل البعض بـ ” الوعل ” لفرز اليمنيين ؟!.
السعودية تسجل “البن الخولاني” في اليونسكو باسمها، وعُمان تسجل الجنبية كموروث عُماني حصري ..
فما الذي فعله مندوب ” الأقيال ” وممثل ما تسمى ” الشرعية ” في اليونسكو القيل الدكتور محمد جميح ؟!.
دول المغرب العربي خاضت معارك سياسية لسنوات في اليونسكو، كل منها يدعي أن وجبة ” الكُسكُسي” خاصة به. ومثلها فعل الأردن من أجل تسجيل طبق ” المَنسف ” كوجبة شعبية أردنية. باقي معنا ” السّلتة ” مش بعيد تسجلها البحرين باسمها.. يشلوها، جِعلها سُمّهُم، إحنا في مشكلة أكبر، ” التحالف نفسه مفتوحة ع الآخر يشتي يشل المَقلَى كله .!!.
تحالف العدوان الذي تقوده السعودية، يقوم بتجريف حاضر اليمن ومستقبله وتاريخه أيضاً. حتى ” الوَعْل ” الذي لم يتبق منه على أرضنا سوى نقش حجري أو صورة ترفعونها مثل شعارات النازية، جرفته السعودية وأقامت له محميات طبيعية في الجبال التي كانت عبر التاريخ يمنية وأصبحت بقدرة قادر سعودية، وعلينا قبل أن نستعيد ” الوَعْل ” استعادة الأرض أولاً.