رضوخه للهيمنة الخارجية جعله في تناقضٍ عاصفٍ مع أهدافه ومشروعة ! الإصلاح ,, بين أهداف السراب ومواقف الخراب
يمني برس :
بقلم :أحمد عبد السلام
لن أتحدث بلسان الخصم وإنما بلسان الوطن الذي أصبح بحاجة إلى كل أبناءه في ظل المؤامرة التي تستهدفه , حتى نخرجه من المأزق الذي أوقعه فيه من آثر مصالحه ومطامعه على أمنه واستقراره وسلامة أراضيه وسيادته من رجس التدخلات العابثة به والمستهينة بوعي اليمنيين و بإدراكهم لما يحاك ضدهم من التآمر المنمق بعناوين براقة قدمت لكي تحول دون سخطهم في ظل تصور إيهامهم بصدق من لا يمكن أن يأتي الصدق من جانبه .
كما أنني لن نتحدث عن اللقاء المشترك ككل فليس غير الإصلاح بنافذيه وداعميه من يمتلك القرار فيه ويتخذ الموقف عنه و ما بقية المكونات للأسف إلا ديكورٌ يكمل الاسم المركَّب الذي يقضي بوجود أكثر من مكونٍ حتى يكون صحيحاً , لذلك سأتحدَّث عن الإصلاح من منطلق حرصنا على الوطن الذي يسعى بشعورٍ أو بلا شعور إلى جره نحو الويلات حفاظاً على مطامعه الشخصية أنانيةً حتى وإن كان الوطن والشعب هو الثمن المبذول في سبيلها, ولن نتحدث أيضا عن جميع من ينتسب إلى الإصلاح من الشعب إذ لا يتحكم في توجهه إلا نافذوه وهم أشخاص لا يتعدون الأصابع فلمنتسبيه الأهداف المزخرفة وللنافذين التوجه المنطلق من صميم الأهواء بعيدا عن الأهداف والأعضاء .
عرف الإصلاح نفسه بأنه تنظيم سياسي شعبي يسعى للإصلاح في جميع جوانب الحياة, ويستمد مناهجه من قيم الإسلام ويأخذ بكل الوسائل المشروعة لتحقيق أهدافه. ” على ذلك العنوان علق الكثير من الشباب آمالهم وطموحاتهم لما يحويه اسمه من مدلولات فاضلة تستبعد الفساد و تسعى إلى التخلص منه إلا أن الحقيقة وإن كانت مرة على من يحلم بصدقه ووفائه تجاه من قرر الانضواء تحت عناوينه الجميلة التي تمرر تحتها الأعمال والمواقف التي تؤكد القبح بذاته وما إيواء الفساد والتستر على الفاسدين والانصياع لمن أفسد الشعوب والبلدان إلا مقتطفات تتشعب عنها الكثير والكثير من الأشواك التي أعاقت مضي الشعب في مشواره التحرري .
إذا كان الإصلاح يزعم بأنه يستمد منهاجه من قيَّم الإسلام فهل من قيم الإسلام سكوته عن الطائرات التي تقصف الأراضي اليمنية مراراً وتكراراً ؟ وهل من قيَّمه أيضا الاستجابة لإملاءات أعداء الأمة ولتوصياتهم التي لا تخدم إلا من أوصى بها ؟؟ فقد أصبح الوطن عندهم ليس في الحسبان والدين مجرد عنوان وقد ورد في البند الخامس لسياسته الخارجية ما بفرض عليه عدم السكوت عن ذلك حين أوردوا فيها ” يعمل على أن تكون لليمن علاقات وثيقة ومتطورة مع كافة دول العالم تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشئون الداخلية ” فهل هناك تدخل أسوأ من أن تضرب اليمن بطائرات أمريكا ؟ وهل القصف الأمريكي احترام متبادل ؟؟!
لا وألف لا ! ليس ذلك ما يدعوا إليه الإسلام أبداً فقد انكشف القناع واتضحت الحقيقة لمن يجهلها , فالإصلاح يستمد توجيهاته جهرا وعلنا دون أدنى حياء أو غيرة أو دين من الخارج الذي لا يريد الخير لا للإسلام ولا لأهله , فالإسلام هو مصطلح الإصلاح الجميل الذي يخفي تحته قبح مواقفه وقراراته , ونظرته لبقية مكونات الشعب القائمة على الإقصاء والافتراء خير شاهد على الابتعاد عن ما يدعوا إليه الإسلام إلا إذا كانوا ينظرون إلى غيرهم من أبناء اليمن كفارا والإسلام عند من وافقهم ورضي بكل ما يصدر عنهم .
تأملوا بطلان ما هو عليه حينما قال بأنه يعمل على أن تكون لليمن علاقات وثيقة ومتطورة مع كافة دول العالم تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام وحرية واختيارات الشعوب ؟ كيف وقد أصبح للأسف حجر عثرة أمام التحرر من الوصاية الأجنبية حينما جعل من نفسه أداة تنفذ ما يراد منها أن تقوم به متجاهلاً الوطن و مصلحة الشعب المهدور عنده رأياً وموقفاً فالمطامع الهه المعبود الذي بني عليها مواقفه وقراراته وتحركاته .
إذا كان أول أهدافه ” التمسك بالإسلام عقيدة وشريعة , والحفاظ على أهداف الثورة اليمنية والنظام الجمهوري, والوحدة اليمنية, ويسعى لتحقيق الوحدة العربية والإسلامية الشاملة فكيف سيحققون الوحدة العربية التي يتشدقون بها في أهدافهم وهم يرفضون من يستنكر قبيح ما يقومون به من أبناء الوطن وما هم إلا جزء منه , لا ريب على أصغر يمني يعي ما يقرأ أن أهدافهم تدور في فلك وأفعالهم تدور في فلك بعيد هو فلك الخارج ذلك الذي لا يطيق الإسلام دينا ولا أبنائه أحرارا ؟؟!!! وأي وحدة إسلامية إذا كان الشيعي عندهم كافرا والاشتراكي كذلك وكل من دونهم زنديق.
وإن كان ثاني أهدافهم هو ” بناء اقتصاد وطني قوي نابع من الشريعة الإسلامية وفق رؤية عصرية ” فكيف سيبنون اقتصاداً و كبار المتنفذين فيه من هدم اقتصاد البلد ببناء إمبراطوريات مالية من أموال الشعب وهل التنصل من دفع الضرائب التي وصلت إلى المليارات يخدم اقتصاد البلد ؟؟! , وإن تعامل بنوك نافذيه بالربا تحت مسمى إسلامي قد كشف زيف عناوينهم التي لا تحتل في واقع تحركهم أي موضع يذكر غير المسميات .
إن الخداع الذي انتهجوه واحترفوا ممارسته في وجه الشعب منذ اندلاع ثورته وقبل ذلك بغية أن تسلقوا على أهدافه وشهدائه وتضحياته للوصول إلى نصف متهالك من سلطة , ذلك وغيره الكثير ما أكد سراب الأهداف والمسميات التي دندنوا عليها لاحتواء بسطاء العقول وابتزازهم بتلك المزخرفات الدينية فأغلب ما يمارسونه بعيد كل البعد عن الدين إذا لا يمكن أن ننسب مثل مواقفهم وأفعالهم لنجعلها من مبادئ الإسلام وشريعة الرحمن ورسالة العدنان .
إن المتأمل للمشوار السياسي للإصلاح منذ تأسيسه عام 1990 م يجد أنه ما كان إلا الأداة التي يستخدمها النظام لقمع الشعب فالنظام كان يقرر و الجناح الديني للإصلاح هو من صبغ الشرعية على قراراته القمعية والمهدرة لدماء الشعب بفتاويه المسمومة لتحريك البسطاء من اليمنيين لقتل من أهدر دمه باعتباره كافرا يتقرب إلى الله بدمه وما حدث لإخواننا في الجنوب من قتلٍ مُشرعن وكذلك أبناء صعدة خير برهان فقد جعلوا من القتل الذي مارسه النظام في حق أبناء الشعب عملاً من صميم الدين بل و من أعظم العبادات المقربة إلى الجنة افتراء على الله و على الدين ! , وأخيرا تصدر الفتاوى التي تهدف إلى التقرب من أمريكا لقتل الوهم المصنوع المسمى القاعدة أولئك الذين تزهق أرواح المدنيين بمبرر الاتهام بالانتماء إليهم أو الخطأ في التصويب الجوي للأهداف كما يقال , هكذا كانت من أطلق عليها المعارضة وذلك لغط كبير في المفهوم فهي من كانت ولا زالت الممانعة للنظام من ثورة الشعب حينما أبت إلا أن تبقي عليه جاثماً على أنفاس الشعب حين استدعت المبادرة التي نصت على بقائه بل وأعطته حقنة الحصانة من المحاكمة .
الإصلاح وضع في بنود سياسته الخارجية جهرا تلك الثغرة التي مررت أمريكا عبرها المؤامرة المشئومة وتلك الثغرة بارزة ً للعيان بوضوح في البند الثاني ونصه : ” – يهتم بقضايا أمتنا العربية والإسلامية. ويعزز علاقات بلادنا مع المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة , ويعمل على الدفع بها نحو الأفضل ” يعني ذلك أن عليه أن يعزز علاقة اليمن بالسعودية والخليج ويعمل على الدفع بها نحو الأفضل وإلا كان ذلك مخالفا لما تنص عليه سياسته الخارجية وإن اعتدت على اليمن و قتلت أبناء وأطفال صعدة وانتهكت سيادة البلد فالعلاقة معها عندهم أغلى من دم الشعب وسيادته وسلامة أراضيه , لقد تجلى بوضوح البند الذي تلاشت أمامه كل الأهداف التي لا يمكن أن يتحقق منها شيء في ظل وجوده فهي سراب وخراب لأن أحرص الأنظمة على إسرائيل ومصالح أمريكا الأم الحنون لها هي أنظمة الخليج وعلى رأسها السعودية ولم يعد هذا الأمر خافيا على أحد فكيف سيقف الحزب كما يتشدق إلى جانب القضية الفلسطينية ويحقق الوحدة العربية والإسلامية في ظل ولائه الكامل للخليج الذي لم يعط فلسطين وأبنائها أي لفتة ؟! , أين الوطنية عند هذا الحزب الذي أعلن الولاء للخارج الذي يتلاعب باليمن دون أن يراعي لليمني حرمة ولا كرامة ؟!, لا أحد يمانع في أن يكون هناك علاقة جيدة مع إخواننا في الخليج ولكن تلك العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين أبناء البلدان لا العلاقة التي تعمق وتقوى بالتقرب بأبناء الشعب قتلا وتكفيرا وتهميشا استرضاء لأولئك الذين جعل الولاء لهم أساسا ينطلق من خلاله الساسة غير آبهين بالشعب الذي عانى من التدخلات الخارجية وأصبح متعطشا لامتلاك قراراته ومواقفه التي يستمدها من أبنائه وليس من الخارج .
نعم لعلهم يريدون فعلا أن يحققوا الوحدة العربية والإسلامية تلك التي يحلمون تحقيقها بقمع الشعوب وإخضاعها واستبعاد كل من يختلف معهم أياً كان حجمه أو صدق ما هو عليه ولكن بعداً كما بعدت ثمود.
لقد أصبحت الإصلاحات في الحزب نفسه ضرورة ملحة حتى ينقذ ما تبقى منه من الضياع لذلك ننصحهم بأن يعيدوا النظر في مواقفهم وما هم عليه من التناقض مع أهدافهم وأن يتخلوا عن تقديس البند الثاني من بنود السياسة الخارجية للحزب على حساب الشعب والثورة لأن ذلك يعني الخضوع لأجندة من لا يريدون مصلحة اليمن و ستحرر شعوب الجزيرة إن شاء الله عما قريب من طواغيت الخليج حتى نحقق الوحدة والعلاقة الحميمة معهم في ظل زوال من يمكر باليمن والشعوب العربية والمسلمة حرصا على المعبود أمريكا , وفاقد الشيء لا يعطيه كما يقال فكيف يا شعب اليمن ستحصل على الحرية من عند طواغيت الخليج الذين استبدوا بشعوبهم وتوارثوهم كما تتوارث قطعان الأغنام كيف سيعطي أولئك الحرية لليمنيين وهم أشدُّ من مارس الاستبداد والإذلال لمواطنيهم .
أما قضية الحوار الوطني فعظيمٌ أن يكون صاحب البادرة إليه هو الإصلاح ولكن أن يتحاور مع مكونات الشعب كما يريد هو وليس كما هم عليه ما لا يمكن فرضَّه عنوةً على الشعب , والمفترض قبل ذلك أن تُستبعد ثقافةً التكفير من طاولة الحوار حتى يكون ذلك دليلا ًعلى حسن النية لأن تلك الثقافة هي المصيبة التي سفكت بموجبها دماء آلاف اليمنيين في الجنوب والشمال .
أخيرا أراد الإصلاح لنفسه أن يكون النظام الذي يعمل وفق ما تريده أمريكا في اليمن , وإفساحه المجال للطائرات الأمريكية والتواطؤ معها لبسط النفوذ داخل اليمن في أغلب الشئون الداخلية كانت مساعٍ واضحة في سبيل نيل الرضا من الأمريكيين وإن كان ذلك تنازلا عن أهدافهم ومشروعهم و خلعا لإسلاميتهم تلك التي يموِّهون تحتها عمالتهم فلا يبالون لأن أهم شئٍ عندكم الأطماع مهما كان الثمن المدفوع من أجلها .