السفير صبري: انتصارات الشعب اليمني طيلة ثمان سنوات قلبت الطاولة على رأس الشيطان الأكبر وأعوانه
السفير صبري: انتصارات الشعب اليمني طيلة ثمان سنوات قلبت الطاولة على رأس الشيطان الأكبر وأعوانه
قال السفير اليمني لدى سوريا، عبدالله علي صبري، انه لقد ظنت أمريكا والسعودية أن الحرب في اليمن ستكون سريعة وحاسمة وأنها ستأتي بنخبة حاكمة تدين بالولاء للمشروع الصهيوأمريكي، إلا أن صمود الشعب اليمني وثباته وانتصاراته طيلة ثمان سنوات من العدوان والحصار قد غيرت الموازين والمعادلات.
نحتفل هذه الايام بمناسبة حلول اليوم الوطني للصمود اليمني الذي سيبقى ملحمة يمنية تجسد بسالة وصمود وشجاعة الشعب اليمني في مواجهة قوى الاستكبار.. فصمود الشعب اليمني وثباته امام كل الصعوبات والتحديات واستبسالهم ومواقفهم البطولية منع الغزاة من الوصول الى اهدافهم الشيطانية..
هذه الذكرى الثامنة ليوم الصمود الوطني، ستظل محطة يستلهم منها أبناء الشعب اليمني معاني التضحية والفداء في مواجهة أعتى عدوان.. وستُخلّد كتب التاريخ الصمود الاسطوري والبطولي للشعب اليمني الذي فرض معادلات جديدة أجبرت دول العدوان ومرتزقتها على التوقف عن نهب الثروات أو التحكم في قرار اليمن السيادي.
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، “وردة سعد” حواراً صحفياً مع السفير اليمني لدى سوريا “عبدالله علي صبري”، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** لم تعد الديبلوماسية وظيفة للوجاهة والتمثيل البروتوكولي للدول النامية في هذه المرحلة.. بل لعل السفراء باتوا في الصف الاول من جبهات القتال في هذه المرحلة التي تعاني فيها دولنا من عدوان وتآمر مكشوفين.. ما هي المهمات الرئيسية لسفير بلد يعاني الحرب والعدوان والحصار الظالم؟
العمل الدبلوماسي بمفهومه التقليدي لا يساعد السفير أو ممثل أي بلد في الخارج على مواكبة الحالة الاستثنائية التي تعيشها بلاده خاصة في زمن الحرب أو الكوارث، فحين تتعرض الشعوب والدول للعدوان والاستهداف فإن ماكنتها الدبلوماسية معنية بالتحرك خارج النطاق المألوف مع احترام القواعد الدبلوماسية المتعارف عليها، وهذا ما تقوم به البعثة الدبلوماسية اليمنية في سوريا.. فبالإضافة إلى الأعمال المعتادة في إطار تعزيز العلاقات الرسمية بين الدولتين وتقديم الخدمة القنصلية للمواطن اليمني، فإننا نحرص على نقل مظلومية الشعب اليمني من خلال الأنشطة الثقافية التي تسلط الضوء على جرائم وانتهاكات تحالف العدوان السعودي الأمريكي وعلى الحالة الإنسانية بشكل عام.
كما عملنا ونعمل على توسيع دائرة اللقاءات لتشمل كل الفاعلين الرسميين وغير الرسميين في سوريا، بما يقضي إلى مزيد من المعرفة بالواقع الجديد في بلادنا، وكسب المزيد من التعاطف والتعاطي الإيجابي مع الشعب اليمني.
** لماذا باعتقادك كان اليمن ساحة لمعركة شرسة خاضتها ضده قوى دولية واقليمية؟ ما هي المميزات والثروات التي يتمتع بها هذا البلد لكي يكون هدفا للطامعين والمتطلعين لاقتناص الفرص، بحثا عن ادوار اقليمية او دولية؟
اليمن في دائرة الاستهداف منذ قرون طويلة نتيجة الموقع الاستراتيجي الهام وثروته البشرية وتاريخه وحضارته، بيد أن الاستهداف غير المباشر في التاريخ المعاصر تمثل في خنق اليمن ومحاصرته حتى لا يقوم بدوره القومي والإقليمي، وقد تولت السعودية الدور الأكبر حيث عمدت إلى الهيمنة على القرار اليمني مستغلة قدراتها المالية الكبيرة ودعم القوى الدولية ومستفيدة من ضعاف النفوس اليمنيين الذين كانوا على رأس هرم السلطة لأكثر من ثلاثين عاما..
حين تحرك الشارع اليمني وقام بثورة الشباب في 2011م ثم بالثورة الشعبية في 21 سبتمبر 2014م، ثارت الرياض ودول الوصاية، خاصة أن القوى الثورية الجديدة وعلى رأسها أنصار الله قد أعلنت عن انتزاع حرية اليمن واستقلاله وسيادته، ورفضت الخضوع للسعودية وأمريكا
لكن حين تحرك الشارع اليمني وقام بثورة الشباب في 2011م ثم بالثورة الشعبية في 21 سبتمبر 2014م، ثارت الرياض ودول الوصاية، خاصة أن القوى الثورية الجديدة وعلى رأسها أنصار الله قد أعلنت عن انتزاع حرية اليمن واستقلاله وسيادته، ورفضت الخضوع للسعودية وأمريكا، وأكدت المضي في مواجهة المشروع الصهيوأمريكي، وتمكنت في غضون فترة قياسية من دحر الجماعات الإرهابية والتكفيرية القاعدة وداعش، على الضد من الرغبة الأمريكية التي كانت تستخدم الإرهاب ذريعة لتدخلها السافر في شؤون اليمن.
وهكذا التقت الرغبة السعودية مع الإرادة الأمريكية، فكان الإعلان عن عاصفة الحزم وتحالف العدوان على اليمن من واشنطن على لسان وزير الخارجية السعودي في 26 مارس 2015م، وكان مفاجئا أن التحالف ضم دولا عربية شكلت أكبر قوة عسكرية مشتركة بزعم حماية الأمن القومي العربي الذي كان ولا يزال مكشوفا أمام الكيان الصهيوني.
لقد ظنت أمريكا والسعودية أن الحرب في اليمن ستكون سريعة وحاسمة وأنها ستأتي بنخبة حاكمة تدين بالولاء للمشروع الصهيوأمريكي، إلا أن صمود الشعب اليمني وثباته وانتصاراته طيلة ثمان سنوات من العدوان والحصار قد غيرت الموازين والمعادلات وقلبت الطاولة على رأس الشيطان الأكبر وأعوانه ومرتزقته.
وفي خضم الحرب تكشفت الكثير من المطامع ذات الصلة باحتلال الموانئ اليمنية وتعطيل عملها بما يخدم مصالح بعض دول تحالف العدوان مثل الإمارات التي تخشى من استقلال اليمن وتشغيل موانئه المهمة على طريق التجارة الدولية، ما سينعكس بالسلب على مستوى حركة ميناء جبل علي في دبي، كذلك فإن هذا الدور الإماراتي لم يكن بمعزل عن حرب الموانئ المشتعلة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر والصراع الأمريكي الصيني، كما أن الكيان الصهيوني نفسه متورط بشكل مباشر وغير مباشر في احتلال بعض المواقع اليمنية والاستراتيجية مثل باب المندب وسقطرى، وهذا ما يؤكد أن اليمن تواجه حربا ومؤامرة كونية تستهدف الدور والكيان كما تستهدف الإنسان.
** قليلون هم اصدقاء الشعب اليمني الذي وقفوا معه في سنوات الازمة والضيق.. وانتصروا للحق وراهنوا على هذا الشعب وقواه الحية.. لماذا؟ لماذا اصطف الكثيرون خلف قوى العدوان؟ وما تقييمكم لدور اصدقاء اليمن من دول وقوى شعبية في تحقيق معجزة الصمود والانتصار؟
وحده محور المقاومة دولا ومكونات وقيادات وإعلاما ومنظمات، ساعد على كسر جدار الصمت، واصطف إلى جوار مظلومية الشعب اليمني
في فترة ما كادت أن تكون الحرب منسية في اليمن، لم نسمع صوتا متضامنا مع اليمن إلا في حالات نادرة، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لزموا الصمت المريب، والدول الإسلامية أدارت ظهرها لما يجري في بلادنا، أما الدول العربية فقد تورطت غالبيتها في العدوان على اليمن بشكل مباشر او غير مباشر، ومن لم يتورط التزم الصمت.
وحده محور المقاومة دولا ومكونات وقيادات وإعلاما ومنظمات، ساعد على كسر جدار الصمت، واصطف إلى جوار مظلومية الشعب اليمني. وهنا يلزم أن نوجه التحية للجمهورية العربية السورية وللجمهورية الإسلامية الإيرانية ولحزب الله في لبنان وقوى المقاومة في فلسطين والعراق والبحرين، ولكل الأصوات الحرة السياسية والإعلامية من مختلف الدول.. بدعمهم السياسي والإعلامي والمعنوي أمكن لليمن أن يستمر في الصمود والثبات وأن ينتقل من مرحلة الدفاع إلى نقطة توازن الردع عسكريا وسياسيا وإعلاميا.
** هناك لغط كبير يتداول البعض فصوله، وعن سوء نية احيانا، حول العلاقة بين الشعبين اليمني والايراني والقيادتين في البلدين.. فمن موقعك الديبلوماسي المطلع كيف تقيمون هذه العلاقة؟ وكيف تردون على الرواية التحريضية لاعداء اليمن بأنهم يقاتلون ايران في اليمن، وليس الشعب اليمني وطموحاته؟
لله وللتاريخ وللحقيقة نقول إن إيران لم ترتكب مجزرة واحدة بحق الشعب اليمني، وأن إيران لم تكن ضالعة في الحصار الذي فرضه تحالف العدوان على اليمن، وأن إيران ليست الدولة التي تورط إعلامها في التضليل والفبركة والكذب بشأن اليمن.. إيران لم تقصف البنية التحتية ولم تستهدف الآثار والأعيان التاريخية لليمن، لكن كل هذه الموبقات وأكثر ارتكبتها السعودية والإمارات ودول تحالف العدوان في كل ربوع اليمن شماله وجنوبه، لكن بزعم محاربة المد والنفوذ الإيراني، وهذا محض افتراء.
يكفي أن نقول مثلا أن صفقة تبادل الأسرى الموقع عليها قبل أيام شملت ضباطا سعوديين وسودانيين إلى جانب مرتزقة العدوان بينما لم يكن هناك إيراني واحد في قوائم التبادل.
** هناك تحولات مثيرة في المشهد السياسي الاقليمي لعل ابرز مشاهده الاتفاق المبدئي بين السعودية والجمهورية الاسلامية في ايران.. فهل يثير هذا الاتفاق قلق اليمنيين؟ وكيف سينعكس برأيكم على الازمة اليمنية التي انهت عامها الثامن من العدوان والحصار؟
القيادة السياسية اليمنية رحبت بالاتفاق الأخير بين إيران والسعودية، فالاتفاق مع إيران يُعتبر نتيجة وثمرة للصمود الأسطوري اليمني
القيادة السياسية في اليمن رحبت بالاتفاق الأخير بين إيران والسعودية، خاصة أن مثل هذه التفاهمات تقطع الطريق على التدخلات الأمريكية التي ننظر إليها باعتبارها جذر الأزمات والحروب والتوترات بمنطقتنا العربية وجوارها الإقليمي..
ولا شك أن مثل هذا الاتفاق في حال تم تنفيذه بنوايا حسنة سيترك أثرا إيجابيا على مختلف الملفات المتداخلة بما فيها اليمن، مع التنويه إلى أن صمود الشعب اليمني وتطور قدرات الجيش اليمني العسكرية وبالأخص القوة الصاروخية والطيران المسير يعد العامل الجوهري الذي أفضى إلى التهدئة وخفض التصعيد القائم، بعد أن أدركت السعودية وحكامها عجزهم وفشلهم واستحالة الحسم العسكري، وعليه فإن الاتفاق مع إيران يعتبر نتيجة وثمرة للصمود الأسطوري اليمني وليس العكس.
*وكالة مهر للأنباء