مائة عام بين (سايكس بيكو1915م ) و(اوباما نتنياهو2015م)..؟؟!!
يمني برس- بقلم / ضيف الله الشامي
ما العلاقة بين(سايكس بيكو1915م) وبين مخطط(اوباما نتنياهو2015م)..؟! كيف انشأت أسرة (آل سعود) في المنطقة العربية لتكون خلفا لأسرة (أتاتورك) العثمانية..؟! مثلت اتفاقية “سايكس بيكو” (السرية) قبل مائة عام وتحديدا في نوفمبر من العام 1915م وحتى مايو1916م مخططا استعماريا لتقسيم المنطقة العربية والسيطرة عليها وخصوصا ما كان يعرف بمنطقة الهلال الخصيب والتي يراد السيطرة عليها اليوم تحت مسمى (الشرق الأوسط الجديد). الاتفاقية أبرمت بسرية وتقاسم النفوذ في المنطقة بين فرنسا وبريطانيا، وبمصادقة من الامبراطورية الروسية، وتواطؤ من قبل الإمبراطورية العثمانية التي كانت تحكم المنطقة . لم تصمد سرية تلك الاتفاقية كثيرا نتيجة صراع المصالح ووصول الشيوعيين في روسيا الى سدة الحكم في العام1917م ليسارعوا بالكشف عن المخطط التقسيمي والاتفاقيات السرية ، حينها بدأت الشعوب العربية تُظهر السخط ضد ذلك لكن العقلية الاستعمارية استغلت طمع وتسلط العثمانيين آنذاك حيث كانت أطراف الاتفاق قد أعدت العدة لمواجهته وإخماده نتيجة لدراسة النفسيات والتأثير عليها وبدأوا بالإعداد لمؤتمر (سان ريمو) من العام1920م ليعتمد التقسيم رسميا..! (عصابة)عصبة الأمم المتحدة لعبت دورا رئيسيا في ترسيخ الاتفاقية وإقرارها وعملت على خداع الشعوب والمجتمع الدولي بأساليبها الماكرة والتي لا زالت تمارس الى اليوم فقدمت الاستعمار والاحتلال بعناوين شبه مقبولة للتخفيف من حالة السخط ضد المؤامرة , حيث أقرت عصبة الأمم المتحدة التقسيم في 24 يونيو1922م تحت مسمى توقيع (وثائق الانتداب) والتي عرفت فيما بعد بالانتداب البريطاني والفرنسي على تلك المناطق ، كما عملت على منح الامبراطور العثماني (أتاتورك) نصيبا من الكعكة ليقوم بدوره المتمثل في تدجين وإخضاع الشعوب وقمعها من أي تحرك ضد الاستعمار أضف إلى ذلك إشعال الحروب البينية في المنطقة العربية ومع جيرانها لإخضاع الدول التي كانت عصية على المستعمر فمنحت الأقاليم السورية الشمالية لتركيا وذلك عبر معاهدة عرفت بمعاهدة (لوزان) عام 1923م . اليوم العرب بالفعل أمام (سايكس بيكو) جديدة أطرافها الرئيسيين هما الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وما أكثر الأنظمة والدول المتآمرة على المنطقة لنيل نصيبها من ثروات وخيرات المنطقة. فلم يعد لدينا (أتاتورك) واحد بل مئات العملاء من الملوك والزعماء والأمراء وأصبح التنافس بين الدول العربية في كسب الود والرضى الأمريكي الصهيوني وتركيع الشعوب لسياستهم ميدان السباق الحميم . وبنفس الوتيرة بل أكثر لا زالت (عصابة) الأمم المتحدة تمارس نفس الدور التضليلي وتعمل على شرعنة الاحتلال وتوطئة القدم للمستعمرين الجدد وتجاهل كل المبادئ الحقوقية والإنسانية والقفز على مواثيق الأمم المتحدة والعمل وفق رغبة إمبراطورية الهيمنة الأمريكية ،وامبراطورية السياسة الصهيونية ،وامبراطورية المال السعودي. لكن الجديد في الموضوع هو الوجه الاستعماري الجديد الذي تتحرك به تلك الأطراف وعبر أنظمتها العميلة والذي لم يعد يأتي بالبزة العسكرية الفرنسية أو البريطانية أو الأمريكية ولا بالخازوق العثماني فقط ، ولم يعد باسم (الانتداب) ولا (المحميات) ولا (المستعمرات) ، ولم تعد ترفع الأعلام (البريطانية والفرنسية والأمريكية). أصبح اليوم بـ(الثوب القصير) و(اللحية الطويلة) و(القناع الأسود) وباسم (الخلافة الإسلامية) وتقسيم (الولايات) وأصبح التدجين للشعوب عبر علماء التكفير والفتنة وفتاوى الانحراف والتحريف عن دين الإسلام ، وأصبحت الراية التي تنوب عن الاستعمار هي (الراية السوداء) و(راية لا اله الا الله محمد رسول الله) ..!! وما (داعش) و( القاعدة) وأخواتهما سوى نماذج لتلك الأدوات الاستعمارية الجديدة..!! اليوم نفس التآمر يستمر فمن السعي لاحتلال افغانستان ومن ثم العراق وتمزيق ليبيا وإثارة الحروب بعناوين الطائفية والمذهبية في المنطقة بالكامل والتحرك لإضعاف سوريا وتجزئة المجزأ في معظم الدول العربية ويمثل العدوان على الشعب اليمني القائم حاليا من تلك المؤامرة وذلك الامتداد نفسه لمؤامرة “سايكس بيكو” وللأهداف التي أنشأت من أجلها مملكة آل سعود قبل مائة عام لتواصل نفس الدور الذي لعبه (أتاتورك) العثماني حتى وصل الأمر الى تقديم التعاون مع الكيان الصهيوني دين ومنهجية يراد فرضها على المنطقة باسم الدين وتحريف رسالة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله كما حرفت رسالة نبي الله موسى عليه السلام..!! الحكام العرب اليوم يمثلون (السوط) بيد (المستعمر) لجلد الشعوب وتركيعها وإخضاعها ، واليد التي تكمم الأفواه التي تنادي بالحرية والاستقلال ورفض الوصاية والهيمنة الأمريكية والصهيونية..!! حتى الموانئ البحرية في المنطقة العربية التي تم تقسيمها بين أطراف ( سايكس بيكو)1915م هو نفسه التقاسم الصهيوني الأمريكي القائم اليوم للموانئ العربية والثروات العربية في تقاسم (اوباما نتنياهو) 2015م…!! هذا الوضع القائم اليوم لا يمكن الخروج منه عبر مد الأيدي بالخنوع للأيادي التي تلطخت بدماء أبنائنا على مدى التاريخ ، ولا بالخنوع وتقبيل الأقدام التي تدوس على رقاب الحكام والزعماء والملوك لتقديم التنازلات لها أكثر فأكثر . الواقع لا تغيره سوى الشعوب المستضعفة التي تنهض بمسؤوليتها معتمدة على الله في تحركها والساعية لرفع الظلم والعبودية عن كاهلها وتحقيق السعادة والعزة والأمن لأبنائها، ونيل الحرية والاستقلال. ويمكن للشعوب العربية أن تخرج من عباءة الاستعمار الجديد من خلال الوعي الصحيح ومعرفة العدو الحقيقي لهذه الأمة والنهوض بمسؤوليتهم أمام المخطط الذي يستهدف مقدرات هذه الأمة وأن يستلهموا الماضي من ثورات أجدادهم ضد المستعمرين . فالثورات العربية وغيرها من الثورات ضد المستعمرين والغزاة يحب ان تبقى دماء ملايين الشهداء الذين سقطوا فيها دفاعا عن كرامة وعزة هذه الأمة وقودا مستمرا وان تتوحد الجهود المشتركة بين الشعوب العربية خصوصا في الدول التي يديرها عملاء الاستعمار وترتهن أنظمتها للصهاينة والأمريكان..!! يجب أن يفهم أبناء الشعوب العربية والإسلامية أن (فلسطين) لم تضّيّع سوى بتواطؤ وتآمر الأنظمة العميلة والخائنة، و(العراق) لم يحتّل الا بمباركتهم ومشاركتهم و(سوريا) لم تدمر الاّ بأيديهم ودعمهم ومرتزقتهم..!! يجب أن يعرفوا العدو الحقيقي من الصديق لكي لا تتكرر مأساة ما سمي (الربيع العربي) الذي استطاعت أمريكا وسياستها تحويل مسار انتفاضة الشعوب لخدمة مخططاتها وتسليم الحكم بيد أدواتها الاستعمارية الحديثة وأثبتت الأحداث فشلها وسوؤها وعبثت في الشعوب التي حكمتها تلك القوى الاستعمارية الحديثة لفترة بسيطة وشوهت من خلالها الإسلام وقدمته بصورة تولد الإحباط والكره والحقد حتى بين أبناء المسلمين في كل الشعوب ، وما مجريات الأحداث في تونس ومصر وليبيا واليمن من العام2011م وحتى اليوم سوى شواهد جلية وواضحة على ذلك. فالشعوب العربية التي تقف اليوم متفرجة على الشعوب الأخرى التي تواجه الاحتلال و الاستعمار بأشكاله وأنواعه وصوره ولا ترفع حتى صوتها بالرفض والتنديد سواء باسم القومية العربية أو باسم الإنسانية أو تحت أي مسمى فسترى نفسها غدا تصرخ من الألم ولن تجد من يسمعها ، وتتألم ولا يشعر أحد بألمها خصوصا إذا كانت الأصوات الحرة في العالم قد أخمدت ..!! على الشعوب أن تثق بالله ثقة مطلقة وتتحرك لرفع الظلم عن نفسها وعن إخوانها والدفاع عن حريتها واستقلالها وسيادتها وحتما سيتحقق لها النصر وسينهار الباطل وسيندحر المتآمرون وما ذلك على الله بعزيز.