السعودية تريد التطبيع مع العدو الصهيوني مقابل شروط ليس من ضمنها القضية الفلسطينية
السعودية تريد التطبيع مع العدو الصهيوني مقابل شروط ليس من ضمنها القضية الفلسطينية
يمني برس../
على الرغم من حالة النفي الرسمية للنظام السعودي أن تطبيع علاقاته مع كيان العدو الصهيوني، مشروط بحل القضية الفلسطينية، وفق محددات مبادرة السلام العربية في المنطقة يدلي مسؤولوه بتصريحات براغماتية تؤكد على تخلي السعودية عن هذا الشرط وأعتبار العدو الصهيوني حليفا محتملا وخاصة على المستوى الإستراتيجي.
آخر هذه التصريحات ما كشفت عنها سفيرة السعودية في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر مؤخرا خلال مؤتمر لمركز أبحاث أمريكي بمدينة أسبن بولاية كولورادو، أن السعودية تركز على التكامل في العلاقات الطبيعية مع دولة العدو الصهيوني التي تريدها مزدهرة.
وقالت السفيرة ريما: إن بلادها تركز على التكامل مع كيان العدو الصهيوني، وليس مجرد التطبيع فقط.
وزعمت السفيرة السعودية أن المملكة تريد اقتصاد البحر الأحمر مزدهرا، لأن رؤية 2030 تتحدث عن شرق أوسط مندمج، وأن هدف السعودية هو “الاندماج” مع كيان العدو الصهيوني.
وأضافت: “التطبيع أن تجلس هناك، وأنا أجلس هنا، ونحن موجودون معًا، ولكن بشكل منفصل، التكامل يعني أن تتعاون شعوبنا، وأعمالنا، ويزدهر شبابنا، نحن نتحدث عن شرق أوسط متكامل، موحد مثل الكتلة الأوروبية، لدينا جميعًا حقوق سيادية ودول ذات سيادة، ومصلحة مشتركة”.
ومع اقتراب الحديث عن التطبيع بين السعودية وكيان العدو الصهيوني، كشفت أوساط إعلامية عن شروط سعودية لإتمام صفقة تطبيع علنية مع الكيان المحتل ليس من بينها ايجاد حل للقضية الفلسطينية.
فقد تردد مؤخراً استعداد إدارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، للاستغناء عن شرط حل الدولتين، في مقابل الحصول على ضمانات أمنية للحماية من أي هجوم محتمل، وكذلك تسهيلات لتأسيس برنامج نووي يشكل الحماية في مواجهة البرنامج النووي الإيراني.
وكشَف تقرير نشره موقع واينت الصهيوني، نقلته عنه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن ثلاثة شروط أملتها إدارة محمد بن سلمان في مقابل التخلي عن شرط حلِّ الدولتين لإتمام التَّطبيع، هي “ضمانات من واشنطن لحماية السعودية من هجوم عسكري، وشراكة سعودية-أمريكية لتخصيب اليورانيوم من أجل برنامج نووي مدني، وإزالة قيود على بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية “.
وعدد السفير الأمريكي الأسبق لدى كيان العدو الصهيوني مارتين انديك، ثلاثة مطالب “باهظة الثمن” لولي العهد السعودي، في سبيل المضي قدما بتطبيع العلاقات بين السعودية وهذا الكيان.
جاء ذلك في مقابلة لإنديك مع الزميلة بيكي اندرسون لـCNN حيث قال: “الرئيس الأمريكي يريد ذلك “تطبيع العلاقات السعودية الصهيونية” نتنياهو يريد ذلك وولي العهد السعودي يريد ذلك، لكن محمد بن سلمان له ثمن عال”.
وقال السفير: إن ولي العهد السعودي يطالب بـ”ضمانة أمنية من الولايات المتحدة مثل التزام الناتو بموجب المادة الخامسة تجاه المملكة العربية السعودية ويريد التدفق الحر للأسلحة بما في ذلك طائرات F-35 من الولايات المتحدة ويريد من واشنطن إعطاء الضوء الأخضر لقدرة سعودية مستقلة على تخصيب اليورانيوم، وهذا ما يطلبه”.
وتابع إنديك: “أعتقد أن الرئيس بايدن، متأثرًا بالانقلاب الدبلوماسي الذي دفع الصينيين إلى اتخاذ خطوة مفاجئة من خلال هذه الوساطة في التقارب بين إيران والسعودية، أعتقد أنه “بايدن” يبحث عن انتصار عندما يتعلق الأمر بالخليج، وقد أشار ولي عهد السعودية لمستشاريه أنه مستعد لذلك، وعلى استعداد للقيام بذلك مع الرئيس بايدن”.
وما يؤكد أن السعودية لا تشترط ايجاد حل للقضية الفلسطينية مقابل التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني.. كشف مصدر في العائلة المالكة السعودية، أن بلاده لا تنوي التراجع عن مطالبها من واشنطن في سياق التطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية.. موضحا أنها في هذه المرحلة تضع ضمانات الأمن في مقدمة الأولويات وليس ضمان إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
وقال المصدر في تصريحات لقناة “كان11” الصهيونية: “إن الرياض لا تنوي التراجع عن أي من المطالب التي قدموها للأمريكيين “في سياق الأمن السعودي” مقابل التطبيع مع العدو الصهيوني”.
وبحسب المسؤول السعودي نفسه الذي تحدث لمراسل القناة “روعي كاس”، فإن الأولوية القصوى للسعودية هذه الأيام هي ضمان أمنها، وبالتالي تم تقديم نفس المطالب للأمريكيين “ضمانات أمنية، وضوء أخضر لصفقات أسلحة متطورة ، وضوء أخضر لبرنامج نووي سعودي”.
وعبر المصدر عن اعتقاده بأنه لا يرى احتمالًا كبيرًا أن تكون الإدارة الحالية في واشنطن، قادرة على الاستجابة للمطالب السعودية، نظرًا للضعف الذي تظهره داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وفي ضوء هذه التصريحات المختلفة والتي تشير إلى أنّ السعودية مستعدة للتخلي عن القضية الفلسطينية مقابل الموافقة على المطالب السابقة قال الخبير في شؤون الخليج في معهد دراسات الأمن القومي في “تل أبيب” لموقع (ميدل إيست آي) يوئيل جوزانسكي: إن المطالب السعودية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة هي على الأرجح موقف تفاوضي، لكن “قائمة أمنيات الرياض للتطبيع تتضمن بالتأكيد شيئًا ما في الساحة الفلسطينية، قد يتم التنازل عن شرط إقامة دولة مستقلة، لكن يجب معالجتها وليس من الواضح أن هذه الحكومة الصهيونية قد توافق على هذا الشرط”.
وفي هذا الإطار قال موقع (آي 24 نيوز) الإخباري: إن واقع الحال يؤكد بأن سياسة محمد بن سلمان تُجاه الكيان الصهيوني، شهدت العديد من التموجات السياسية، لكن ثمة الكثير من التقارير التي تؤكد، بأن العلاقة السعودية الصهيونية تحسنت منذ عام 2020 .
ونوه الموقع بأن محمد بن سلمان وضع شروطا للانضمام إلى اتفاقات أبراهام، بما في ذلك الضمانات الأمريكية لأمن السعودية، والإدارة الفنية لبرنامج الطاقة النووية، ورفع القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
وختم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن تعاونا يتم بلورته بين السعودية والكيان الصهيوني هو تعاون يرقى إلى المستوى العسكري والاستخباراتي، ويبدو أيضاً أن الفترة القادمة ستشهد نوعاً من كسر الحواجز بين السعودية وهذا الكيان.
وتجري السعودية والولايات المتحدة منذ مدة محادثات حول المقابل الذي تطلبه الرياض لقاء تطبيع علاقاتها مع العدو الصهيوني، في إطار توسيع إطار ما يعرف بـ”اتفاقيات أبراهام” 2020، التي ترجمها توقيع اتفاقات تطبيع علاقات بين كل من الدولة العبرية والإمارات والبحرين والمغرب .
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، يقود المفاوضات من الطرف الأمريكي منسق مجلس الأمن القومي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط بريت ماكغورك، وكبير مساعدي بايدن لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين.
أما من الطرف السعودي، نقلت الصحيفة عن مسؤولَين مطلعين القول: إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أدى دورا مباشرا في المفاوضات، لكن المفاوض الأبرز هي السفيرة السعودية في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر .
وعلى خلفية العديد من التصريحات، الرسمية وغير الرسمية، التي كشف النقاب عنها خلال الأشهر الأخيرة، والتي تعكس مستويات ودوائر غير مسبوقة من التعاون المباشر والوثيق بين الكيان الصهيوني والسعودية يرى الكثير من الخبراء والمُحللين أنه لا يمكن تصديق ادعاءات النظام السعودي بأن القضية الفلسطينية تتصدر سلم أولوياته، وإنه لن يقوم بالتطبيع المجاني مع كيان الاحتلال، خصوصا في عهد محمد بن سلمان الذي لا يخفى خذلانه للقضية الفلسطينية، وانفتاحه على العدو الأول للأمتين العربية والإسلامية.
واستشهد المحللون بدأب رأس النظام السعودي محمد بن سلمان على تبني الرواية الصهيونية بأحقية احتلالها لفلسطين من أجل تعضيد دعائم حكمه؛ ففي مقابلة مع مجلة “ذا أتلانتك” في مارس 2022، قال: إن “للكيان الصهيوني الحق في الوجود على الأراضي الفلسطينية المغتصبة، وهناك الكثير من المصالح المشتركة بينهما، ووصف المقاومة الفلسطينية بالإرهابية، وأيد وضعها على قوائم الإرهاب الأمريكية والعربية”.
هذا بخلاف ماتم الكشف عنه في نوفمبر عام 2020 عن لقاء جمع ولي العهد السعودي سرا برئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو، ورئيس الموساد يوسي كوهين في مدينة نيوم على ساحل البحر الاحمر لمدة خمس ساعات؛ وهو خبر أكدته عدة مواقع إخبارية صهيونية.
وفي عام 2022 ذكرت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية” الصهيونية أن عددا من رجال الأعمال الصهاينة زاروا السعودية في السنوات الأخيرة، وكشف التقرير “أن رجال أعمال صهاينة أبرموا صفقات كبيرة في السعودية عبر تأشيرة خاصة، وأن هناك اتصالات متقدمة لجلب استثمارات من رجال أعمال وصناديق استثمار سعودية في الكيان الصهيوني؛ ما من شأنه ان يدير أموالا تساعد كيان العدو على ترسيخ احتلاله لفلسطين والجولان، ويغذي أطماعه التوسعية في المنطقة”.
بالتوازي، شهدت المناهج الدراسية السعودية تغييرات واسعة شملت إزالة محتويات دينية لا تتماشى مع دعوات الوئام والمودة حيال أتباع الأديان المخالفة للإسلام بخاصة اليهود.
وقال أحدث تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في السعودية: إن الخطاب الديني المعادي للكيان الصهيوني أصبح “مهجورًا ونادرًا ما يحدث”.
وبهذا، تظهر حقيقة التقارير التي تحدثت كثيرًا عن رغبة المسؤولين السعوديين في التطبيع مع العدو الصهيونيّ، وأن القضية الفلسطينية لم تكن في يوم من الأيام مطروحة على طاولة الخلافات من مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكنهم ينتظرون الوقت المناسب لكي يحددوا جدولاً زمنيا لخيانتهم.
إضافة إلى ذلك، يرى بعض المحللين أن التقييم السعودي لمستقبل التطبيع مع العدو الصهيوني ينطلق من كونه قضية استراتيجية، وإن كان تدريجياً، وأصبح سلوكاً مكشوفاً، لا تبرير له بأي حال كان، لكنه يعد في الوقت ذاته خدمات مجانية للاحتلال للإستفراد بالشعب الفلسطيني، وإعطاء شرعية وغطاء لجرائمه المتواصلة، ويساهم في ترسيم التطبيع مع كيان العدو الصهيوني ليصبح أمراً واقعاً وعادياً في المنطقة يعمل على تعزيز توغل العدو الصهيوني في المنطقة وزيادة نفوذه.
وتماديا في السقوط وتمهيدا لما هو قادم، ينوه المحللون بأن قطار التطبيع بين الرياض و”تل أبيب” يمضى مسرعا ويطوي محطاته الأخيرة بأكثر ما كان متوقعاً؛ ليتأكد أن السعودية مقبلة على علاقات طبيعية رسمية واضحة قريبا مع العدو الصهيوني، بعد أن حسم النظام السعودي أمره وقرر المضي في الرحلة إلى نهايتها غير عابئ بما تتعرض له القضية الفلسطينية من تصفيات جديدة.