كينيا: قتيلان وجرحى في اشتباكات بين المحتجين والشرطة
قُتِل شخصان وأصيب آخرون بجروح في كينيا، أمس الأربعاء، خلال تظاهرات نظّمتها المعارضة في عدد من المدن، احتجاجاً على غلاء المعيشة وفرض الحكومة ضرائب جديدة.
وفي اتصال هاتفي مع وكالة “فرانس برس”، أفاد رئيس مستشفى جاراموغي أوغينغا أودينغا في كيسيمو، جورج راي، بوجود جثّتين في المشرحة، مصابتين بطلقات نارية.
وأضاف راي أنّ 14 شخصاً نقلوا إلى المستشفى للعلاج، بعد اشتباكات دارت بين المتظاهرين والشرطة التي استخدمت القوة لتفريق المحتجين.
من جهته، أعلن وزير الداخلية الكيني، كيثوري كينديكي، “توقيف أكثر من 300 شخص في جميع أنحاء البلاد”، مضيفاً أنّ تهماً بارتكاب جرائم مختلفة ستُوجّه إليهم، وهي تشمل النهب وإلحاق الضرر بالممتلكات والحرق العمد والسرقة والاعتداء على قوات الأمن.
وجاءت هذه التظاهرات تلبيةً لدعوة أطلقها تحالف “أزيميو”، الذي يقوده المعارض رايلا أودينغا.
ودعا التحالف إلى تعبئة تستمر ثلاثة أيام، هي الأربعاء والخميس وغداً الجمعة، ضد سياسات الرئيس وليام روتو، الذي يتّهمه أودينغا بـ”سرقة الانتخابات الرئاسية”، التي جرت في آب/أغسطس الماضي، والتسبّب بتفاقم غلاء المعيشة.
وفي حين دعا تحالف “أزيميو” الكينيين إلى “استعادة بلدهم قبل أن تترسّخ الديكتاتورية”، قالت الحكومة إنّ هذه التظاهرات لا تشكّل “سوى تهديد للأمن القومي”.
ومنذ صباح أمس الأربعاء، نشرت الشرطة الكينية تعزيزات أمنية في العاصمة نيروبي، ومدينتي مومباسا، جنوبي غربي، وكيسيمو، الواقعة في الغرب، والتي تُعدُّ معقلاً لزعيم المعارضة رايلا أودينغا.
وعلى الرغم من الأجواء المتوترة في البلاد، أعادت المتاجر والمدارس فتح أبوابها اليوم، مع تأكيدات من وزارة الداخلية بأنّها “اتخذت تدابير لضمان حماية الطلاب وأمانهم”.
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على مجموعات صغيرة من المتظاهرين، وخصوصاً في مدينة الصفيح في نيروبي، وفي كيسيمو وهوما باي وكيسي وميغوري، التي تضم أيضاً تجمعات لأنصار أودينغا.
وخلال الأشهر الماضية، شهد البلد الأفريقي أيام تعبئة، وتحديداً في آذار/مارس ونيسان/أبريل وتموز/يوليو، وقعت خلالها أعمال عنف ونهب، وسقط فيها عشرون قتيلاً على الأقل.
وفي آب/أغسطس الماضي، أصبح وليام روتو رئيساً لكينيا، ووعد بدعم الفئات الأكثر فقراً، إلا أنّه تعرّض لانتقادات متزايدة، لا سيما منذ إصداره قانوناً في أوائل الشهر الحالي، يقضي بفرض ضرائب جديدة، ما زاد من الصعوبات التي يواجهها السكان في ظل التضخم الذي تعيشه البلاد.
نحو 19 مليون يورو خسارة يومية بسبب التعبئة
واقتصادياً، قالت جمعية منظمات القطاع الخاص إنّ “كل يوم تعبئة يتسبب بخسارة لاقتصاد البلاد، تعادل ثلاثة مليارات شلن (نحو 19 مليون يورو)”.
وهذه هي المرة الثالثة منذ بداية تموز/يوليو الحالي التي تنظّم فيها المعارضة مثل هذه التحركات. وخلال التعبئة السابقة في الـ12 من هذا الشهر، تخلّلت المسيرات التي حظرتها السلطات أعمال نهب واشتباكات بين المتظاهرين والشرطة.
وحينها، استخدمت الشرطة الكينية الغاز المسيّل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين تحدّوا قرار السلطات، بمنع التجمعات تلبيةً لدعوة المعارضة.
وأكد زعيم المعارضة أودينغا أنّ هذه التجمعات تبقى سلميةً، حتى تقرّر الشرطة تفريقها بالرصاص والغاز المسيل للدموع.
وفي وقت سابق، قال دينيس أونيانغو، وهو المتحدث باسم رئيس المعارضة، لوكالة “فرانس برس”، إنّ “أنشطتنا محمية بموجب الدستور الذي يضمن حقوق الاحتجاج والتظاهر والتجمّع والتعبير عن المطالب”.
ويأتي التصعيد الأخير في كينيا بعد أن وقّع روتو، قبل أسبوعين، قانوناً مالياً يُتوقَّع أن يعود بأكثر من 2.1 مليار دولار على خزائن الدولة المستنفدة، وأن “يسهم في دفع الاقتصاد المديون”.
وينصّ “قانون المال” على ضرائب جديدة أو إضافية على عدد من السلع الأساسية مثل الوقود والغذاء والتحويلات المالية بالهاتف، ويتضمّن زيادةً ضريبيةً مثيرةً للجدل على دافعي الضرائب، بهدف تمويل خطة إسكان.
وأُقرَّ القانون في وقتٍ يواجه الكثير من الكينيين صعوبات معيشية في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الشيلينغ الكيني (العملية المحلية)، والجفاف غير المسبوق في أجزاء من البلد.
وعلى الرغم من ذلك، فإنّ العديد من الكينيين الذين تضرّروا بشدة من ارتفاع الأسعار والضرائب، يقولون إنّهم لا يستطيعون تحمّل الاضطرابات الناجمة عن الاحتجاجات، ولا يرون أي تحسّن في وضعهم على المدى القصير.
حركة بطيئة
وفي العاصمة نيروبي، حيث تكون الشوارع مزدحمة في العادة، أشار مراسلو “فرانس برس” إلى أنّ الشوارع كانت خالية، وقررت عدة شركات إبقاء ستائرها مغلقة.
وقال سائق سيارة الأجرة، دانيال نجو كامو (48 عاماً)، إنّه “لا يوجد نشاط اليوم… لا أحد يتحرك”.
أما مونيكا نجوكي (45 عاماً)، التي تعمل في التجارة، فقالت إنّ التظاهرات أثّرت بشكل كبير على حياتها، إذ لا يمكنها الذهاب إلى العمل بحرية، معربةً عن أملها في أن تتوقف هذه التجمعات.
وأضافت نجوكي: “يجب أن نمنح الرئيس وقتاً للوفاء بوعوده”.
وقال رجل الأعمال في نيروبي، بيتر كاجينجي (62 عاماً)، إنّه سيكون من الأفضل لقادتنا الجلوس ومناقشة هذه المشكلة وحلها.
المصدر/ الميادين|