قاموسُ كربلاء في نهج الأولياء
قاموسُ كربلاء في نهج الأولياء
كربلاء وما أدراك ما كربلاء؟ كربلاء قاموسٌ مقدَّسٌ خَطَّ الإمامُ الحسين -عليه السلام- مفرداتِه ومصطلحاتِه من دمه الطاهر ومن دماء أهله وأصحابه الزكية، وترجم به أعظمَ ثورة وأقدسَ ثورة إنسانية في تاريخ البشرية، ترجمه الحسين -عليه السلام- بمواقف الصمود على الحق والثبات على المبدأ، والتضحية في سبيل تصحيح انحرافات الأُمَّــة عن نهجها، ومن أجل رفع ظلم الجبابرة عن مستضعفيها ومواجهة الطغاة المستبدين عن حرف مسارها، وضد التضليل لشعوبها، والاستعباد لأحرارها، والاستيثار والعبث بمقدراتها، والانطلاق لتحقيق ذلك بعزم الحسين وإيمَـانه وشجاعته وصبره وتضحيته وتقواه، هو وأهله وأصحابه وأنصاره الأوفياء الاتقياء.
كربلاء هي قاموس كلمة استصغرها الطغاة وهي أكبر مما يفقهون، واستحقروها وهي أعظم مما يحلمون، قالوا له هي مُجَـرّد كلمة “فقلها”؛ جهلاً منهم بها، وضلالاً فيهم عنها.
فأتاهم الحسين بقاموس الكلمة، وبين فيه عظمتها، وعظمة مدلولها وفق الرؤية القرآنية والنبوية التي نهل من غزير فيضها، وكما فصلها وترجمها في قاموس كربلاء ويوم عاشوراء فقال: “مفتاح الجنة كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمة زادٌ مذكور الكلمة نورٌ، وبعض الكلمات قبور بعض الكلمات قلاع يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور ودليل تتبعه الأُمَّــة، عيسى ما كان سوى كلمة، وأضاء الدنيا بالكلمة، وعلمها للصيادين فصاروا يهدون العالم”.
الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، إن الكلمة مسؤولية، إن الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة، وشرف الله هو الكلمة.
كربلاء هي قاموس لخروج الحق ومن أجل الحق وفي سبيل الحق لا أشراً فيه كان ولا بطراً إنما لطلب الإصلاح في أُمَّـة جده في لحظة ساد فيها ظلام الطغيان على نور القرآن واستحكمت بالأمة طغمة الشيطان، وأوردتها موارد الهلاك والعصيان.
كربلاء هي قاموس لصراع غير متكافئ بين دماء الحق المحدودة مع سيوف الباطل وحشوده، انتصر فيها الدم المسفوك بضعفه على سيوف الظلمة وحديد الجائرين ونار المستكبرين، ورماح البغاة المجرمين.
كربلاء هي قاموس الحرية للإنسانية من هيمنة الطاغوت وهي قاموس رفض الأحرار لظلم وجور واستبداد المجرمين في كُـلّ زمان ومكان وهي قاموس الجهاد المقدس لأولياء الله ضد كُـلّ باغٍ ومستكبر لا يؤمن بيوم الحساب وهي قاموس حصر السعادة في الشهادة، والحياة مع الظالمين برماً.
كربلاء هي قاموس هدى المتقين ومنارة المستبصرين ودليل الحائرين وزاد الثائرين، ودرب المفلحين وطريق الفائزين ونهج الخالدين، ومدرسة أسَّسها الإمامُ السبط الحسين -عليه السلام- وفتح أبوابها لكل أحرار العالم ولكل شعوبها من يوم عاشوراء إلى قيام الساعة.