عن المرحلة المفصلية التي تمر بها السعودية.. وما الذي ستختاره اليوم؟!
شنت السعودية الحرب وفرضت الحصار على اليمن بهدف قتل اليمنيين وسحقهم واحتلالهم وقطعت المرتبات وأمعنت في التجويع لقتل أكبر عدد من اليمنيين.
وفي الحقيقة هي لم تتغير وتصبح فاعل خير اليوم بعد نحو 9 سنوات من الحرب.
ما زالت السعودية عدوا معتديا على اليمنيين بنفس النوايا والنزعة الإجرامية والمعادية تجاه اليمنيين.
الوفد الوطني مهمته الأساسية التفاوض مع هذا العدو لانتزاع حقوق الشعب اليمني، وذهابه للرياض هو في سياق هذه المهمة الأساسية إن تحققت فهو المطلوب وإن لم تتحقق فقد قام بواجبه وأسقط الحجة والأعذار.
السعودية اليوم أمام فرصة للخروج من ورطتها في الحرب على اليمن ولو تريد الخروج فعليا لكانت قد خرجت دون الحاجة لكل هذا الوقت لكنها في الحقيقة تعيش حالة من استطالة الوهم المستبد بها منذ سنوات وإلا فخسارتها للحرب كان واضحا من العام الثالث للعدوان..
لكنها تتنقل من وهم إلى آخر مستمرة حالة الأوهام التي تستبد بها.
ففي كل مرحلة يتراءى لها أن شيئا سيحدث ليغير المجريات ويسقط صنعاء أمامها، يخيب الرهان ويسقط المخطط وتنكشف الأوهام ثم تراهن على شيء جديد وهكذا تغرق في الأوهام متنقلة.
رغم الصورة الواضحة اليوم للمآلات التي نتجت عن الحرب ولما يترتب على استمرارها من مخاطر كبرى على السعودية.. فخلال السنوات الماضية لم تكن لدى اليمن أسلحة كما لديها اليوم مضاعفة بالمضاعف من الإنتاج والمخزون بحمد الله وعونه.
وأيضا لم تعد السعودية قادرة على حشد الحشود وجلب العتاد كما كان بالسنوات التي مضت.
وهي بحاجة ماسة اليوم للهدوء أكثر من أي وقت مضى لأن استمرار الحرب يعني استحالة رؤية 2030 التي ترهن السعودية كل شيء بها.
علاوة على غير ذلك من المخاطر المترتبة على استمرار الحرب، وبقيق وخريص صورة مصغرة ربما لما سيحدث.
ولأن المماطلة في الملف الإنساني – ولأن عدم الالتزام بإعادة صرف رواتب الموظفين – يعد اليوم بمثابة حرب مكتملة لما لها من آثار فإن المماطلة والتهرب من حل هذا الملف يعني عودة الحرب بعمليات عسكرية يمنية ولا يمكن للسعودي أن يستثمر ولا أن يعمل ترفيهاً ولا نفطاً وهذه معادلة واضحة من خطاب السيد حفظه الله في ذكرى الإمام زيد عليه السلام.
ورغم الفرصة الماثلة أمام السعودية اليوم لا أستبعد أنها ستراوغ هذه المرة وكعادتها في كل المحطات ولن تلتزم بخطوة متوجبة عليها لا بالمسائل الإنسانية ولا بغيرها، وإن وافقت على شيء فالحد الأدنى من الحق وسرعان ما تنقلب وتلتف على الاتفاق وتحاول النكوص عنه وتوظيفه بسياقاتها هي، وهذا واضح منذ اللحظة الأولى لورود خبر مغادرة الوفد الوطني والوسيط العماني إلى الرياض سارعت وسائل إعلام السعودية وناطقوها ومحللوها لتقديم الأمر وكأن السعودية خطت خطوة من خطوات الوساطة وجهود الخير وفعل البر والتقوى لجمع الفرقاء اليمنيين وحل المشكلة بينهم – حد التعبير السعودي – بمعنى أنها تريد أن تستثمر سياسيا فقط ولا تبحث ولا تريد الحلول ولا شك أن استمرار المكابرة السعودية سيجعلها تصحو يوما على حرائق ولهب ودخان النفط والمنشآت والخزانات تتصاعد، حينها سيتأكد لها أن الحرب على اليمن كانت فعلا أكبر خطأ استراتيجي ارتكبته في تاريخ وجودها وأعتقد أنها بحاجة لذلك.
كما أن عدالة الله ستحيط بها حتما فما فعلته باليمنيين كان ظلما وطغيانا وتجبرا بالغا ومن عواقبه الكبيرة هو الزوال والانهيار.
وفي حال نكصت عن هذه الفرصة مع ذهاب الوفد الوطني والوسيط العماني إلى الرياض وتعاملت كعادتها، فاعلموا أن أمر الله قد أحاط بها وأن العدالة قد اقتضت النهاية والزوال وستكون المكابرة والعناد من الأسباب التي ستحقق تلك العواقب..
فالإصرار على الذنب معصية أكبر من الذنب نفسه – كما يقال – وعقوبة الإصرار مضاعفة وهذا ما يجب أن تعرفه السعودية اليوم.
والظلم والبغي مغبته وخيمة وعقابه أليم وأي ظلم وبغي أكبر مما فعلته السعودية بالشعب اليمني طيلة تسعة أعوام!
*رئيس تحرير صحيفة الثورة/