نُصرَةً لِغَزَّة.. اليمنُ وقائدُه على الوَعدِ والَعهْدِ
مع انطلاق طوفان الأقصى فاضت شوارع وميادين العاصمة اليمنية، صنعاء والمحافظات، بملايين اليمنيين تأييداً ومساندة لطوفان الأقصى، لقد كانت عمليّة طوفان الأقصى تبعث طوفان الأمل إلى الملايين بأن وعد الآخرة قد اقترب أوانها، قبل ذلك يؤمن الشعب اليمني وقيادته الحرة بأن فلسطين هي قضية الأمة وأن نصرة فلسطين موقف مبدئي لا يتغير ولا يتبدل، ويؤمن كذلك بأن مواجهة العدو الصهيوني هو جهاد مقدس في سبيل الله، وأن مواجهته هي أقدس معركة وأعظم جهاد عند الله.
وقد رسمت عملية طوفان الأقصى مساراً محتدماً لحالة الصراع والاشتباك مع قوى الهيمنة والاستكبار الصهيوأمريكية الغربية، وأحدثت هزة مدوية للكيان الصهيوني، والتقديرات لآثارها المباشرة وغير المباشرة تشير إلى أنها وضعت بالفعل مصيره على المحك، ولذلك هرع المسؤولون العسكريون والسياسيون الأمريكيون والغربيون إلى تل أبيب وتقاطروا تباعا في مهمة تشبه عملية الإنقاذ للكيان، وصل بايدن ثم شولتز ثم رئيس وزراء بريطانيا ثم ماكرون، لتأكيد ذات المضامين “لن نترككم لوحدكم، وسنكون إلى جانبكم”، فيما تدفقت شحنات الأسلحة والذخائر والصواريخ الأمريكية والدعم الغربي المساند لحرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، ومن الواضح قطعا أن أمريكا والغرب أباحوا للكيان الصهيوني استباحة كل شيء في غزة.
اليمن وقيادته تعتبر هذا الموقف انكشافاً واضحاً للمعركة، وترى أن أقل واجب لنصرة الشعب الفلسطيني ومساندته هو بتنفيذ عمليات عسكرية نصرة لغزة، تترجم العقيدة الإيمانية للشعب اليمني، الذي يعد شعار”الموت لأمريكا والموت لإسرائيل” بنيته الأساسية والرئيسية، فالشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي انطلق بالمشروع القرآني في العام 2001، كان من يوم القدس العالمي وفي محاضراته “يوم القدس العالمي” وضع – رحمه الله – أساس المشروع وركائزه، وفيها أطلق شعار الصرخة لا ليكون هتافاً تعبوياً فحسب، بل واستراتيجية ثابتة محكمة للمشروع الذي ولد حينذاك وكبر واتسع حتى بات اليوم يتخطى الحدود، ورغم الحروب والعواصف التي واجهها المشروع القرآني إلا أن استراتيجيته الصلبة والراسخة “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” لم تتغير ولم تتبدل بأخرى، وهي اليوم تصاغ عملياتيا في هذه المعركة الفاصلة والحاسمة من تاريخ الأمة.
وإذا كان من أهداف الحرب الأمريكية السعودية الإماراتية الغربية على اليمن، القضاء على مشروع “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، وهو من الأهداف طبعا، فإن حرب التسعة أعوام قد فشلت بكل المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية، وباجتياز الصواريخ والطائرات المسيَّرة المسافات البعيدة التي قطعتها من اليمن إلى فلسطين المحتلة، فإنها قد كسرت كل المعادلات التي رسَّخها الأمريكي لعقود لتطويق شعوب الأمة وقواها الحرة بالجيوش والأسلحة والأنظمة العميلة.
وإذا كان من أهداف الحرب على غزة هو الاستفراد بالمجاهدين هناك، وتصفية القضية الفلسطينية برمتها، فإن دخول اليمن البعيدة جغرافيا إلى المعركة العسكرية قد أعاد القضية الفلسطينية إلى سياقها الطبيعي، كقضية إسلامية وعربية قبل ذلك، وصوَّبت النيران مباشرة على الكيان الصهيوني من ساحات وميادين عديدة.
وإذا كان الاحتشاد الأمريكي الغربي الذي شهدناه كان بهدف تطويق طوفان الأقصى في غزة، فإن دخول اليمن على خط المعركة عسكرياً قد فتح الباب واسعا أمام نذر حرب إقليمية واسعة ومتعددة الساحات، وهو ما تخشاه أمريكا والدول الغربية، وهذا الأمر يعطي الفعل العسكري اليمني تميزاً ويمنحه الصدارة بكل وضوح.
وإذا كان المراد أمريكياً من التطبيع السعودي – الصهيوني التتويج لتحالف إقليمي في مواجهة محور المقاومة الذي يقع اليمن في قلبه، ويترابط عضويا مع الحرب العدوانية على الشعب اليمني، فإن دخول اليمن على خط المعركة يهزم التطبيع ويهزم الحرب معاً، فنحن تابعنا كل أحرار الأمة اليوم من كل البلدان يعبرون عن تأييدهم وتقديرهم بل واحتشادهم مع اليمن في هذه المعركة العظيمة نصرة لغزة وللمجاهدين فيها، وهذا الاحتشاد هو كذلك يدين أنظمة التطبيع ويخيفها كذلك.
وإذا كان الأمريكي يعمل منذ سنوات على تطوير وتحديث التحالفات الأمنية والعسكرية بينه وبين أنظمة التطبيع السعودية وغيرها مع الكيان الصهيوني، ويطور أنظمتها بل ويديرها بشكل مباشر، فإن نجاح اليمن في ضرب الكيان الصهيوني بالصواريخ والطائرات التي تجاوزت كل أنظمة التصدي والاعتراض السعودية والأمريكية والصهيونية وحتى منظومات عربية أخرى، يكشف هشاشة هذه التحالفات وضُعفها ويهزمها ضربة واحدة.
هذه العمليات العظيمة التي نفذتها اليمن، تتعدد إنجازاتها وتمتد على طول امتداد الجغرافيا بين اليمن وفلسطين، وهي كذلك موقف وعمل واجب لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، وردع العدوان الصهيوأمريكي المجرم والمارق، وفي كل حال هذه المعركة حاسمة ومصيرية وفاصلة ولن تنتهي إلا بتحرير فلسطين من الاحتلال اليهودي، وتخليص المنطقة من الهيمنة الصهيوأمريكية بإذن الله.