الخطاب التاريخي الفارق للأحداث
الخطاب التاريخي الفارق للأحداث
يمني برس/وليد الوشلي/
الخطاب التاريخي الفارق للأحداث.
تهيئة
لقد أصيب الكيان المؤقت في مقتل، ذلك الوحش العملاق .. في لحظة مزلزلة مذلة مخزية وهو يجد جذوره قد يبست .. كيانه قد تخلخلت أساساته .. يرى الفرار إلى البحر منجاة من بقائه ساعة على تراب فلسطين الملغم ، على يابسة متحركة على أرضية يخرج من باطنها مقاتلون لا يقف أمام بنادقهم أقوى جيش أقوى دولة أعتى كيان.. في ملحمة الطوفان، يومها تساءل جيل النكبة أو من بقي منهم أتراها معركة التحرير أو وعد الآخرة ؟ وبحسرةٍ أردفوا: ليت العرب التقطوا الفرصة واعتلوا موج الطوفان وأنهوا الغصة والنكسة
#غزة.. من ينجو مِن طوفان الدم؟!
أسابيع من الذبح الذريع من الإبادة النازية جرت أمام عيون العالم أمام مرأى الشعوب دقيقة دقيقة ومجزرة مجزرة .. تسارع عداد الضحايا بما لا يغطيه دموع اليهود .. وتهاوى الإنسان في غزة مصلوبا تقطعه سكين اليهود .. اهترأت عناوين الدفاع عن النفس بمشاهد حاملات الطائرات تهب من الغرب لتشارك القط المدلل في الذبح والتقطيع والتمزيق والسلخ .. وتكاثفت صور الدماء والأشلاء في هولوكست مفتوح حتى آذت أرواح المتفرجين ووخزت ضمائر المشاهدين وأوجعت قلوب الشعوب وأثارت أصوات الناخبين وأرقام الزبائن والعملاء والمشتركين والمستهلكين .. !!!
ذلك كله جرى ويجري في أمة لم تفعل شيئا أكثر من لعن نفسها ونعي موتها وإعلان عجزها ودعوة مكررة لاستباحتها .. حدث كل ذلك ويحدث .. وسبع وخمسون عاصمة لا أنين فيها إلا لشعوب تتوجع ملء الشوارع.. يحصل ذلك كله واثنتان وعشرون عاصمة لا موقف لها إلا بجماهير أخرجها الغضب إلى الساحات..
لم يتحرك الأخوة لم يخجل الجيران لم تتململ الأنظمة بقرار بإجراء ببيان بقمة باجتماع إلا بعد أن خشيت من غضب الشعوب كاد يحيط بها من سخط الجماهير أوشك أن يصلها ..
وماذا فعل اليمن ؟؟
لم يكن اليمن الذي يبعد عن غزة ٢٠٠٠ كم بأول المسؤولين عن تحرك عن فعل.. لم يكن اليمن الذي يرزح تحت ٩ سنين من عدوان أمريكي سعودي إسرائيلي إماراتي بأول المطالبين بموقف بمبادرة.. ولم يكن اليمن أول المدعوين لإغاثةٍ ومساعدة وهو الذي ما يزال محاصرا من مرتباته للسنة الثامنة..
لكنه كان منذ أول يوم من طوفان الأقصى في الميادين والساحات حاضرا ومتفاعلا ومبادرا صادقا.. خرج إلى الميادين بسلاحه ببندقيته بجنبيته خرج هاتفا لافتا صارخا متوعدا اليهود بالموت وأمريكا بالزوال .. هذا شعبيا .. وأما رسميا فكان قائد الثورة أول قائد عربي يعلن بوضوح وقوف اليمن مع فلسطين بكل إمكانيات التضامن والنصرة ويصدح بجلاء إعلان الحرب على إسرائيل بكل وسائل المشاركة ..
لم تتأخر المشاركة اليمنية العسكرية في المواجهة بعمليتي إطلاق دفعات من الصواريخ الباليستية والمسيرات .. تلتها عملية ثالثة بالإعلان الرسمي عن تبنيها جميعا .. وتبعت الثلاث رابعة وخامسة أخرجت العدو من تكتمه وانتزعته من مأمنه ورواغه..
كان الموقف اليمني هو الأبرز على بعده الجغرافي .. والأقرب رغم محدودية تأثيره التكتيكي .. كان هو الموقف الأعلى استراتيجيا والمشاركة الأشد أثرا في قلق اليهود وتربصهم .. وعلى نحو أوصل رئيس حكومة العدو ليستدعي الولايات المتحدة الأمريكية علنا كي تتعامل هي مع هكذا موقف وهكذا رد ..
عقدت القمة العربية والإسلامية .. مرت مرور الهوام وعبرت كإعلان تجاري غير مرغوب فيه ولا منتظر له ولا معول عليه .. مرت بما لا يفاجيء وبما لا يناصر أو يبقي ذرة من أمل للشعوب في أنظمتها وللأمة في حكوماتها ..
#الحوثي_سيد_العرب:
وجاء خطاب قائد ثورة اليمن قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي .. بمناسبة تدشين فعاليات إحياء ذكرى الشهيد السنوية ..
بصفتي مواطنا يمنيا يناهز الأربعين .. وبقراءتي الممتدة لعقود طويلة من تاريخ بلادي وتاريخ المنطقة العربية وطبيعة الظروف والأحداث والمواقف والتحولات الكبرى في الصراع العربي اليهودي .. لم أكن لأتوقع في خطاب مناسباتي كهذا أن يرتفع الموقف اليمني إلى هذا المستوى الذي هزيء بكل توقعاتي واستشرافي للخطوات القادمة للتعاطي الراهن للتكتيكات التالية للمستجدات من الرسائل والدلالات ..
هذا الخطاب التاريخي الفارق للأحداث.. الباديء لمراحل غير متوقعة.. الخاتم لمراحل طالت وخيمت وجثمت طويلا .. بلغت دهشتي منه مبلغها في شجاعة هذا القائد الشاب وتواضعه.. في حكمته و توازنه في انضباطه العاطفي وحساباته العملية .. وقبل كل ذلك في صدقه ومصداقيته ..
دعونا من التحليلات السياسية المثلجة والتفكيكات الجيوسياسية المعلبة .. دعونا من ما تقدمه مراكز البحوث ومعاهد الدراسات ومما تنشره أجهزة الاستخبارات .. فنهاية جميعها أن تغرقنا في المشكلة وتبتعد بنا عن الأمل وتتوهنا عن النقطة التي يتخوف العدو من التنبه لها والاجتماع عليها والالتفاف حولها ..
وليد الوشلي