موت الإنسانية!!
موت الإنسانية!!
يمني برس/فاطمة بخيت/
بطبيعة حياة البشر على هذه الأرض قد يفقد الإنسان أي شيء، ويتعرض للكثير من المصائب والمحن، ولكن قد يكون أشدها وأنكاها وأكثرها خسارة بالنسبة له فقده لضميره ومشاعره الإنسانية، وعدم شعوره بالألم تجاه كل ما يخدش مشاعر الإنسان بوصفه كائنا بشريًا ليتجرد من معاني الإنسانية.
إنّ ما حدث ويحدث على مرأى ومسمع من العالم بصورة عامة والإسلامي على وجه الخصوص لأهلنا في غزة من قتل وتدمير وحصار بأبشع صوره، والتوحش والإجرام الذي يمارسه العدو الإسرائيلي ضدهم، واستخدام أساليب القتل والإبادة الجماعية يفوق كل تعبير، وفوق مستوى أي كلام قد تتناقله الألسن وتخطه الأقلام.
جرائم ترتكب لأكثر من ثلاثة أشهر، وآلة الإجرام الصهيوني لا تكاد تتوقف، ولا تستثني أي شيء على تلك الأرض، فالإنسان الفلسطيني مستهدف، وكل شيء على أرضه معرض للخراب والدمار، ويومًا بعد آخر يزداد الغول الإسرائيلي في تغوله، ويزيد تعطشه لامتصاص المزيد من دماء الأبرياء صغيرهم وكبيرهم، فلا فرق لديه، ولا يوجد في قاموسه غير لغة الدم والأشلاء والخراب والدمار.
قتل الآلاف وجرح الآلاف وشرد الآلاف، وما زالت آلة القتل تمعن فيه يوماً بعد آخر، وساعة بعد ساعة، فلم يسلم منها حتى الأجنة في بطون أمهاتهم، فمنهم من حُرم النور قبل أن يراه، لإصرار ذلك العدو المتوحش حرمانه إياه، وانتزاع كل شيء منه حتى حقه في الحياة، وحق العيش على أرضه المغتصبة، حتى أصبح من لم يُقتل اليوم من أبناء غزة يتوقع أن يُقتل غدًا أو بعد غد، لهول ما يحدث وما يشاهد.
عدو متغطرس كل يوم يزيد من غطرسته، ويمعن في إجرامه، ويرى أنّ له الحق في ممارسة ذلك الإجرام، وأنّه شعب الله المختار الذي يحق له أن يعمل أي شيء مقابل الحصول على ما يريد، حتى وإن شق الطريق إلى ذلك بشلالات من الدماء، وأكوام من الأشلاء.
وفي المقابل يواصل العالم الصامت صمته وموقفه السلبي تجاه ما يحدث من جرائم وحشية، وأمة الملياري مسلم تقف عاجزة عن وضع حد لذلك التوحش والإجرام، أو التخفيف من حدة المعاناة بسبب العدوان والحصار، بل نجد منهم من باع نفسه للشيطان ليشارك العدو في عدوانه وإجرامه، ولا يجد حرجاً في الاصطفاف في صف العدو والاعتداء على أبناء غزة والمشاركة في قتلهم، ومن العرب المطبعين من يصرح بموقفه الداعم للعدو الإسرائيلي بكل بجاحة ودون حياء أو خجل، كما وقفت المنظمات الإنسانية موقف العاجز عن التنديد بالجرائم التي ترتكب أو تجريم العدو الذي أوغل في إجرامه، كما عجز القانون الدولي الإنساني عن ذكر انتهاك العدو الإسرائيلي لما ورد فيه.
ومع كل ما حدث ويحدث يأبى أحرار العالم إلا أن يكون لهم موقف ضد التوحش والصلف الصهيوني على أبناء غزة، وعلى رأسهم محور المقاومة في لبنان والعراق واليمن، فهبوا لنصرة إخوانهم في غزة وفلسطين استشعاراً لمسؤوليتهم أمام الله سبحانه وتعالى، غير مبالين بالتبعات التي ستلحقهم جراء مواقفهم الشجاعة والأبية؛ لأنّهم يعلمون علم اليقين أنّ جهاد العدو ومواجهته فرض على كل مسلم يدين بهذا الدين الحنيف، بل أصبح الشعب اليمني أكثر إصراراً على مواصلة نصرة إخوانهم في فلسطين برغم تشكيل أمريكا لتحالفها البحري المزعوم، وقصفهم لعدة محافظات بالعشرات من الغارات، وارتقاء الشهداء من أبناء البحرية وغيرهم من الأفراد؛ لأنّ هذا الشعب أصبح أكثر وعياً وأكثر استشعاراً لمسؤوليته تجاه القضية الفلسطينية، وحتمية المواجهة مع العدو الصهيوني المجرم، وأصبح يعلم علم اليقين أنّ الحق لأهل الحق وأن المحتل إلى زوال لا محالة، وأنّ الله ناصر جنده مهما طال أمد العدوان والتوحش والإجرام، ومهما أمعن العدو في عدوانه وتوحشه وإجرامه.