السيد نصر الله يوجه رسالة للملتقى الدولي ال12 غزة رمز المقاومة
السيد نصر الله يوجه رسالة للملتقى الدولي ال12 غزة رمز المقاومة
يمني برس/
أكد الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله، أن دماء شهداء نصرة غزة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران، وآخرها دماء اللواء السيد رضي الموسوي، تتوحّد وتلتحم وتتكامل مع دماء شهداء غزة والضفة الغربية المحتلة.
واعتبر السيد نصر الله في رسالةٍ موجّهة إلى الملتقى الدولي ال12، (غزة رمز المقاومة)، والمنعقد في طهران، اليوم السبت، أن نصرة غزة من ساحات لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن، جاءت أوسع من توقعات العدو، بحيث نجحت فصائل المقاومة في محاصرة الكيان الغاصب بالنار على مدى أكثر من 100 يوم، وهو أمر غير مسبوق.
وقال السيد نصر الله: إنّ عملية “طوفان الأقصى” وجّهت صفعةً قاسية إلى كل محاولات شطب قضية فلسطين.
وجاء في رسالة السيد نصر الله، والتي تلاها ممثل حزب الله في طهران، عبد الله صفي الدين: إنّ عنونة المؤتمر بشعار “غزة رمز المقاومة”، وتوقيته في مرحلةٍ مصيرية تاريخية تخوض فيها المقاومة الفلسطينية مواجهة كبرى ضد حرب الإبادة الصهيونية، يُدلّلان على استشعار منظميه المسؤولية ووقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته ومقاومته.
وأضاف: إنّه تترتب “علينا جميعاً مسؤوليات جسام، توجب استنفاراً دائماً لتحشيد قدرات الأمة نصرةً ودعماً للشعب الفلسطيني، وإسناداً لمقاومته الباسلة، والتي تكتب اليوم، بحق، عبر تضحياتها وبطولاتها ودماء رجالها وثبات شعبها وصموده، مستقبل الأمة، وتصون كرامتها وترسخ عنفوانها”.
وأكد السيد نصر الله أنّ ما خسرته “إسرائيل” حتى اليوم في غزة، من ضباط وجنود، على يد المقاومة الفلسطينية، يتجاوز بأضعافٍ كثيرة ما خسرته في الحرب التي شنّتها عام 1967.
وذكّر بأنّ “الجيش” الصهيوني، الذي احتل في حرب عام 1967، في ستة أيام، أكثر من 69 ألف كلم مربع، يُهزَم اليوم في جزءٍ من مساحة قطاع غزّة، ويعجز عن تحقيق هدفٍ أو إعلان احتلالٍ أو اقترابٍ من نصر، ويتراجع وينكفئ تحت عنوان “الانتقال إلى مرحلةٍ جديدة”.
وفي ظل هذه المعطيات، رأى السيد نصر الله، أنّه من الطبيعي والصواب أن يكون شعار المؤتمر “غزة رمز المقاومة”.. مُشدّداً على أنّ غزة اليوم “هي الرمز، لأنّ فيها مقاومة شريفة ومقدامة وأبية”.
كما أكّد السيد نصر الله أن العدو وأسياده عملوا، منذ احتلال فلسطين، وفق مسارين: الأول هو تشريع الاحتلال دولياً، وتلميع صورته وتظهيره كياناً نموذجياً متحضراً، يمكن أن يُحتذى كقدوةٍ للمنطقة.
أما المسار الثاني، فكانت خلاصته إضعاف مقاومة الشعب الفلسطيني وخنقها، وتصفية قضيته، وصولاً إلى إخراجها من ساحة التداول العالمي، عبر الاعتماد على القوة، وعلى خيار التطبيع، الذي تكفّل إخراج أنظمة مؤثرة من ساحة المواجهة.
وبخصوص المسار الأول، رأى السيد نصر الله أنّ العدو وأسياده حققوا فيه نجاحاتٍ بارزة، بسبب ما يمتلكونه من قدراتٍ وهيمنة على المؤسسات الدولية الكبرى، وعلى أنظمة الغرب وقواه الفاعلة والمؤثرة.
وتطرّق الأمين العام لحزب الله إلى خيار التطبيع.. مُشيراً إلى أنّه كان ولا يزال مشروعَ العدو لتطويع إرادة الأمة، وتضييع قضيتها المركزية، وتهشيم وحدة خياراتها، حتى كادت قضية فلسطين تتحول من قضية الأمة إلى قضية فلسطينية حصرية يتيمة غريبة بين أهلها وقومها وإخوانها.
وقال السيد نصر الله: إن خيار التطبيع وضع القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في أرضه، في دائرة الاستهداف، والخطر المحدق، وفي مسار انحداري يُنذر بكل خطر، بسبب ما يحمله التطبيع مع العدو من تآمر وخذلان للشعب الفلسطيني، وتخلٍّ عن حقه وقضيته ومقاومته ومستقبله.
وأمام هذا الخطر، و”في هذه اللحظة القاتلة”، أوضح الأمين العام لحزب الله أنّه جاء طوفان الأقصى المقاوم، ليخلط كل الأوراق، ويبدّل كل الحسابات، ويحوّل التهديد إلى فرصة وجودية متقدمة، وإلى محطة تحوّل في المسارات التي عمل عليها الأعداء طويلاً.
كما رأى السيد نصر الله أن “طوفان الأقصى” حفرت عميقاً في وجدان الصهاينة هزيمة لا يمكن أن تُمحى، وأنّ “الأسطورة تهشمت والهيبة تلاشت، والمشروع تزلزل”، ومعها النموذج، وأنّ القضية، التي عملوا طويلاً على خنقها، عادت لتظهر كقضيةٍ عالمية ممتدة وحاضرة في كل جغرافيا العالم وأروقته.
وشدد الأمين العام لحزب الله على أن عملية “طوفان الأقصى” وجّهت صفعة قاسية إلى كل محاولات شطب قضية فلسطين.. مؤكّداً أنّ القضية، التي تآمر عليها الكثير، ما كانت لتبقى في قيد الحياة لولا مقاومتها وبندقيتها وتضحياتها.
وقال: إن العدو الصهيوني، الذي يمعن اليوم في المذابح والجرائم، يفعل كل ذلك ليغطي هزائمه ولينتزع، عبر صور المجازر والدمار، صورةَ “إسرائيل” الذليلة يوم السابع من أكتوبر، ولينتقم بسبب زعزعة مشروعه الذي بذل وأسياده كل جهد من أجله طوال ما يزيد على 50 عاماً.
ورأى السيد نصر الله أيضا أنه على رغم إنهاك الغرب – وفي طليعته الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا – لمنطقتنا، بمشاريع التجزئة والتضليل والخداع والتفتيت، بمساعدة أدوات غاشمة وأقلام آثمة وأصوات مأجورة وعقول مستأجرة، فإن فلسطين بقيت وحدها صمام وحدة، ومسار تلاقٍ، وقاعدة استنهاض، ومعراج عبور إلى المستقبل الذي تتلهف إليه شعوبنا.
وقال السيد نصر الله: إن وحدة الدم والبندقية والساحة والهدف هي ما يؤرّق أعداءنا، وهي ما يجب أن نستمر به ونعمل على تزخيمه وتعميقه وتمديده.. مجدداً التأكيد أن “من يعتقد أن لدى هذه الأمة خياراً غير المقاومة فهو مخطئ وواهم جداً جداً جداً”.
وذكّر الأمين العام لحزب الله بأن “إسرائيل” لم تحتل فلسطين بالدبلوماسية، بل بالقوة والسلاح، وكذلك احتلت بيروت عام 1982، وأنها لا تهدد الأمة اليوم بالدبلوماسية، بل بالسلاح وبالقوة. وفي المقابل، فإنها لم تندحر من لبنان بالدبلوماسية وإنما بالمقاومة، ولن تندحر من غزة وفلسطين إلا بالمقاومة.
وأكّد السيد نصر الله “أننا، كأمة، لا خيار لنا سوى المقاومة، ولا نملك سوى المقاومة، ولا شيء يمكن أن نراهن عليه سوى المقاومة”.
وأوضح أن المواجهة مع العدو ليست مواجهة يوم ويومين، وإنما هي مواجهة مستمرة ومتواصلة ومتراكمة.. مؤكداً “أننا يجب أن نبقى حاضرين”.
وأشار إلى أن احتشاد أساطيل الدول المستكبرة دعماً لـ”إسرائيل” يؤكد وهنها وتزلزلها، و”هو ما يجب أن يُصلّب إرادتنا بالتمسك بخيار المقاومة، فإذا لم تتوافر ظروف تحرير فلسطين اليوم فعلينا أن نُعِدَّ ونستعد لغد وبعد غد”.
وشدد الأمين العام لحزب الله على أن المراهنة على المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي هي مراهنة فاشلة وخائبة، لم تُنتج سوى الحسرة والخسران والخيبة والمرارة.
وقال السيد نصر الله في ختام رسالته: إن هذه المؤسسات الدولية خارج الرهان لأنها مرتهنة لإرادة الإدارة الأمريكية، وكان آخر مهازلها القرار، الذي دان اليمن في استهدافه السفن الصهيونية دفاعاً عن غزة في مقابل تشريع الاستهداف الأمريكي البريطاني لأنصار الله، وتجاهل مليوني مواطن فلسطيني بين شهيد وجريح ومعتقل وجائع وعطشان ونازح في العراء.
الجدير ذكره أن الملتقى الدولي ال12، “غزة رمز المقاومة، يواصل أعماله بمشاركة جمع من عوائل شهداء المقاومة، ونخبة من المسؤولين والقادة العسكريين الإيرانيين، وضيوف من مختلف أطراف محور المقاومة، وناشطين مؤيدين للقضية الفلسطينية.
وتنظم المؤتمرَ “جمعيةُ الدفاع عن الشعب الفلسطيني”، في 19 يناير، من كل عام، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى هزيمة كيان الاحتلال في حرب الأيام الـ 22 على غزة (عام 2009)، ويُعرَف باسم “يوم غزة”، في التقويم الرسمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية.