العدوانُ الأمريكي البريطاني على اليمن سيفتحُ باباً للصراع الإقليمي يصعب إغلاقه
العدوانُ الأمريكي البريطاني على اليمن سيفتحُ باباً للصراع الإقليمي يصعب إغلاقه
يمني برس/
أكّـد عضو مجلس الشورى، نايف حيدان، أن “غرور أمريكا وحماقتها سيجعلها ترحل من المنطقة”، لافتاً إلى أن “واشنطن لن تغامر في توسيع الحرب؛ لأَنَّ ذلك لن يكون في صالحها على الإطلاق”.
وقال حيدان في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن “منع السفن من المرور في البحر الأحمر قرار شجاع وجريء وَشكّل إحراجاً كَبيراً للمعادين لليمن، وإن الحلف الوهمي الذي شكّلته أمريكا تحت مسمى “حارس الازدهار” تحوّل لكابوس على واشنطن نفسها”.
وأوضح أن “أمريكا بمحاولة عسكرتها للبحر الأحمر هي التي تشكِّلُ خطراً على الملاحة البحرية”.
إليكم نص الحوار
– لجأت الولاياتُ المتحدة لإعادة تصنيف “أنصار الله” ضمن ما تسمّيه قائمة “الإرهاب”.. كيف تعلّقون على ذلك؟
أمريكا أَو السياسةُ الأمريكيةُ أصبحت اليومَ في وضع متخبِّط مشوش ومتناقض حتى مع نفسها، هي لم تكن تتوقع أن تلك الدولة التي تعاني الحصار والإنهاك جراء عدوان مُستمرّ عليها منذ أكثر من ثماني سنوات ستتخذ هذا الإجراء أَو هذه الخطوة الشجاعة في إغلاق مضيق باب المندب في وجه سفن الكيان الصهيوني؛ وقوفاً وتضامناً مع الشعب الفلسطيني، على اعتبار أنها لم تغلقه رداً على العدوان والحصار على اليمن، والذي هو مُستمرّ حتى اليوم؛ فكانت هذه الخطوة صادمة ومفاجئة لأمريكا ومحرجة بنفس الوقت للدول العربية والإسلامية المطبِّعة مع الكيان الصهيوني؛ فكان هذا القرار الأمريكي بتصنيف أنصار الله كجماعة “إرهابية” رَدًّا طبيعيًّا يحملُ مضمون العجز والعربدة، حَيثُ تعرفُ تمامَ المعرفة أين هو الإرهابُ ومن هم الإرهابيون ومَن الذي يدعمُهم ويسيّرهم وفق هواه وخططه ويتخلص منهم بعد أن يحقّقَ هدفَه.
ورقة أَو شماعة الإرهاب تُستخدم اليوم من قبل أمريكا وأعوانها كفزاعة أَو كسوط تجلد بها من تشاء من خصومها أَو من يقف في وجه سياساتها، محوِّلةً هذه الآفة والخطر الكبير على العالم بأسره إلى لُعبة تتلاعب بها أينما تشاء ووقتما تريد، وفي الظاهر تدَّعي وتظهر بأنها حامية الحمى، ولا مثيل لها في محاربة هذه الآفة الخطيرة ومتهربة من وضع تعريف حقيقي للإرهاب.
– ما سببُ اختيار واشنطن لهذا التوقيت؟ هل يُفَسَّرُ هذا في سياق الإحباط الذي تعيشه واشنطن من تغيير صنعاء لمعادلة البحر الأحمر الذي تتحكم في مضيقه أم ماذا؟
التخبط والإحباط الذي أصاب الإدارة الأمريكية، إن لم نقل الصدمة، جعلتها تتخذ هذا القرار الذي يضعه اليمنيون تحت أحذيتهم ولا يبالون من اتِّخاذه أَو ممن اتخذه؛ كون اليمن واليمنيين يعرفون جيِّدًا من هم وما هي توجّـهاتهم وما موقفهم من الإرهاب وكيف وكم عانوا منه.
ففي مخيلة وسياسة واشنطن أنها بهذا الإجراء ضد اليمن ستثنيه وترهبه وتغيّر من موقفه إزاء القضية الفلسطينية وتجعله محصوراً في زاوية الدفاع عن نفسه وتشغله عن الوقوف مع أبناء غزة الذين يتعرضون لأبشع صنوف الإرهاب الأمريكي والصهيوني، ولم تضع واشنطن في حسابها أن رد اليمن غير ما هي تتوقعه؛ فعندما وضعت أمريكا نفسها في مواجهة مباشرة مع اليمن، حاميةً للسفن المستهدفة، تلقت سُفُنُها وبوارجها الضربات اليمنية، وأصبحت السفن الأمريكية إضافة للبريطانية والصهيونية أهدافاً للبحرية اليمنية في تَحَـــدٍّ واضح نابع من الثقة بالنفس ومن صوابية الموقف وعدالة القضية؛ فالإرهاب الذي يمارَسُ بحق الشعب الفلسطيني جعل الشعب اليمني يتوحد في موقف واحد مؤازر ومساند للشعب الفلسطيني، متناسياً أوجاعه وحصارًا خانقًا يعيشُه قرابة عقدٍ من الزمن.
فسعي واشنطن بهذا التهديد لتغيير المعادلة في البحر الأحمر لصالحها ولصالح الكيان الصهيوني جاءت نتائجُه عكسية، حَيثُ وسّعت صنعاءُ أهدافَها؛ لتشمل الأهداف والسفن الأمريكية والبريطانية والصهيونية بعد أن كانت مقصورة على الأهداف الصهيونية.
– ماذا يعني تصنيف أنصار الله بهذا المسمَّى في بلد محاصَر ومعتدى عليه منذ تسعة أعوام؟
لا يعني هذا إلا أن أمريكا تحاول من خلال هذا القرار إخمادَ وضربَ القوة الكبرى داخل اليمن وصاحبة القرار المؤثر بالشأن اليمني ومحاولة عزل أنصار الله عن بقية القوى الوطنية وتشجيع بعض القوى الناقمة أَو التي لها عداءٌ مع أنصار الله للوقوف مع القرار وَفي وجه المستهدَف.
وبنفس الوقت تعتقدُ أمريكا أن حربَ تسع سنوات على اليمن والحصار قد حقّق ضعفاً وانهياراً لأنصار الله، وأن هذا الإجراء في هذا التوقيت يمكن أن يعملَ على التفكك والانقسام الداخلي، بحيث يأتي بنتائجَ تزيد من قوة الأدوات الأمريكية بالداخل على حساب الموقف والتراصِّ الوطني، لكن هذا بعيد، حَيثُ تظهر اليمن أكثرَ توحداً وتماسكاً، وهذا يزيد من إحباط وخيبة الأمريكيين.
والواقعُ أن هناك ترسانةً إعلاميةً كبيرة موجَّهةً، وهناك محاولاتٌ كبيرة لتضليل وتتويه العالم بأحداث البحر الأحمر، وإظهار اليمن كخطر على الملاحة البحرية، وأن لا أمانَ للملاحة إلا بوجود الأمريكي كحامٍ وحارس، في حين أن تصريحات الناطق العسكري والقيادة السياسية والثورية أكّـدت مراراً أن الملاحةَ البحرية تحت الحماية اليمنية، وألا خطر على أية سفن أُخرى غير الصهيونية والمتجهة للموانئ المحتلّة، وهناك سفن تُبحِرُ وتمضي آمنة ولا خطر عليها، غير أن أمريكا بمحاولة عسكرتها للبحر الأحمر هي التي ستشكل الخطر الكبير على الملاحة البحرية.
وعودة للسابق، فأمريكا بخطواتها الحالية المتكرّرة لم تأتِ بجديد يُذكَر؛ فهي الداعم الرئيسي وعلى رأس من قاد التحالف للعدوان على اليمن منذ ٢٦ مارس ٢٠١٥ م، وهي لم تأخذ بخطوات تصعيدية أَو متدرجة، بل بدأت من الأكبر للأصغر، فاستخدمت الصواريخَ والقنابل المحرَّمة دوليًّا، وضربت بكل القوانين الدولية عُرضَ الحائط وقصفت الشجر والحجر وارتكبت مجازرَ بشعة بحق اليمنيين، ومارست القتل والإبادة الجماعية على مدى تسع سنوات، وما بقيةُ الدول التي ظهرت كواجهة في العدوان على اليمن إلا أدوات استخدمت لغسل جرائمها ولتمويل الحرب مادياً.
واليوم الإدارةُ الأمريكية تنوع في التحذيرات وفي اتِّخاذ خطوات عقابية عسكرية وسياسية واقتصادية على الشعب اليمني، سواء بالترهيب أَو الترغيب؛ لمحاولة الحفاظ على ماء وجهها وعلى هيبتها أمام بقية الدول، فكيف تأتي هي كقوة لا تُهزم زاعمة حماية الملاحة الدولية ككل وحماية سفن الصهاينة تحديداً وتتعرضُ هي أَيْـضاً للصواريخ اليمنية عاجزةً عن رصد وإسقاط الصواريخ بكل وسائلها العسكرية وَالتقنية الحديثة.
فالحلف الوهمي الذي شكلته باسم “حارس الازدهار” تحوّل لكابوس على واشنطن نفسها في أنها وصلت لعجز حقيقي في أن تُركِّع أَو تضعف الإرادَة والعنفوان اليمني سواء بالورقة العسكرية التي جربتها لأكثر من ثماني سنوات أَو بالورقة الاقتصادية التي اختتمتها بوقف المساعدات الغذائية والإنسانية أَو بالورقة السياسية والتي تتنوع وتتقلب ما بين التوسل وإرسال الوساطات خُفيةً وإظهار العضلات علانيةً؛ فكل هذه الوسائل ما زادت الموقفَ اليمني إلا قوةً وتمسكاً بالقضية الفلسطينية مهما كان الثمن.
– برأيكم: ماذا بعد هذه المحاولات والمواجهات التي أكّـدت ثباتَ موقف صنعاء من قضية فلسطين وغزة؟
بما أننا قيادةً وشعباً ننظُرُ للقضية الفلسطينية “قضيتَنا الرئيسية والمحورية” وأن انتصارنا لهذه القضية انتصارٌ لليمن وللأُمَّـة العربية والإسلامية ولكل أحرار وشرفاء العالم؛ فَــإنَّ ثباتَ موقف اليمن لا بُـدَّ له أن يأتيَ بنتائجَ إيجابية متقدمة على مستوى الدول العربية والإسلامية، ومثلما وحّد الداخلَ اليمني سيوحِّدُ الموقفَ العربي والإسلامي بإذن الله؛ لأَنَّ كُـلّ دولة تورطت بالتطبيع مع الكيان تلاقي صَدًّا ونقدًا شعبيًّا، وهذه المواقف تأخذ بالتوسع لتصل لمرحلة موقف الدولة، ولك في مواقف بعض الدول مؤخّراً من التحالف الوهمي خيرُ دليل على ذلك.
– مع نوايا واشنطن استمرارَ معركة غزة واستمرارِ صنعاء في غلق البحر الأحمر أمام سفن العدوّ.. إلى أين تسير الأمور خَاصَّة أن المزيد من التصعيد سيعلِنُ حرباً تتوسع بمُجَـرّد أن تبدأ وهذا ليس في صالح أمريكا أولاً؟
الدورُ الذي يقومُ به اليمنُ يسيرُ بالتوازي مع الدور العراقي واللبناني وبقية دول محور المقاومة، وتسير هذه الأدوار بخطوات مدروسة وفي تصاعد تدريجي.
أمريكا وَأَيْـضاً الكيان الصهيوني يدركان تمامَ الإدراك أن تحَرّك محور المقاومة في وقت واحد لشن حرب عسكرية شاملة لن يكون فيها خاسر غير أمريكا، التي ستفقد تواجدها في المنطقة تماماً وضياع هيبتها التي بَنَتْها لعقود في عقول أدواتها؛ لهذا لن تغامِرَ أَو تسمَحَ بتوسيع الحرب التي لن تكون لصالحها.
أمريكا تسعى وبكل جهدها لتحريك أدواتها في المنطقة لتقود حرباً بالوكالة؛ لتجنِّبَ نفسَها الخسائر والهزيمة وتوسِّعَ الشرخَ بالمنطقة؛ لتلعَبَ وتلهوَ به أكثرَ من السابق.
لهذا نجد أن مواقف بعض الدول التي طبَّعت أَو سائرة نحو التطبيع قد بدأت في التراجع أَو سارت نحو التأجيل.
وأيضا نسمعُ اليومَ؛ وبسبب هذه الضغوطات من قبل دول محور المقاومة عن حديث لهُدنة إنسانية في غزةَ لتبادل أسرى ودخول مساعدات غذائية لغزة وإن كانت تقتربُ ثم تبتعد.. هذه مؤشِّراتٌ على تراجع في الموقف الصهيوني رغم التصريح بأنهم بحاجة ٦ أشهر لإكمال مهمة جيش الكيان بغزة.
– كيف تنظُرُ دُوَلُ العالم اليوم للسلوك الأمريكي العدواني الذي جلب التوتُّرَ للبحر الأحمر وزاد من رسوم التأمين البحري رغم أن السفن الأُخرى تمر بسلام عبر باب المندب نحو السويس؟
أمريكا بترسانتها الإعلامية الكبيرة تلعبُ أدواراً متعددةً في تلفيقِ التهم ونشر الكذب وإيهام العالم بأن الخطر على الملاحة البحرية سببُه (أنصارُ الله) وهي بنفس الوقت تريدُ تحقيقَ أطماعها وهدفها في عسكرة البحر الأحمر لسهولة السيطرة عليه؛ ليصبح تحت تصرفها بعيدًا عن الجانب اليمني، ولكن كُـلّ هذه الأحلام تتبخر في البيانات المتكرّرة من قبل الناطق الرسمي للقوات المسلحة عند كُـلّ حدث واستهداف لسفن الأعداء، بأن السفن المستهدَفة من قبل البحرية اليمنية هي السفن الصهيونية، وأية سفينة تتجهُ للموانئ المحتلّة وأن بقية السفن تمر بأمان وسلام وتحت حماية القوات البحرية اليمنية، وهنا وبهذا التوضيح المتكرّر فَــإنَّ بعضَ دول العالم تعي جيِّدًا وتعرف سياسةَ أمريكا وأطماعَها وغرورَها، وهناك انقسامات تحدث في كثيرٍ من الدول بين مؤيد لأمريكا ومعارِض حتى داخل الكيان الصهيوني نفسه.
فالتدخل الأمريكي والبريطاني في البحر الأحمر واستئناف الضربات الجوية على الأراضي اليمنية حماية ودفاعاً عن الكيان الصهيوني من شأنه أن يؤزّم الأوضاع الاقتصادية عالميًّا ويفتح باباً للصراع الإقليمي يصعب إغلاقه.
– منع إسرائيل من الملاحة عبر باب المندب ضمن سياق تاريخي هو شيء يحدث لأول مرة بهذا الحجم فنحن تجاوزنا الشهر الثالث، وهذا حدث تاريخي غير مسبوق.. كيف تنظر إلى هذا؟
أستطيع القول إن القرارَ الذي اتخذته القيادةُ الثورية والسياسية في الجمهورية اليمنية فيما يخص البحرين الأحمر والعربي قرارٌ صائب ومهمٌّ، وفي الوقت الأهم والمناسب، وأقول عنه: إنه ضربة مُعَلِّم، وقرار جريء وشجاع، وهو هَـــمٌّ عربي وإسلامي، ويعبّر ليس عن الشعب اليمني فقط، حَيثُ شكَّلَ ارتياحاً عربياً وإسلامياً وعالميًّا؛ كون هذا القرار لم يُتخَذْ إبان الحرب التي تُشَنُّ على اليمن على مدى ثماني سنواتٍ، بل اتخذ لنُصرة غزة، وللدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم؛ فهذا الإجراء أَو القرار شكَّل إحراجاً كَبيراً للأعداء في الداخل، وَأَيْـضاً لبقية الدول المعادية لليمن؛ حتى إن قنواتهم تظهر متخبطةً ومتناقضة فلا يستطيعون إعلانَ التأييد أَو المعارضة، بل يظهرون بمواقفَ يُرثى لها فإن عارضوا وضعوا أنفسَهم في صف الكيان الصهيوني، وإن أيَّدوا جلبوا على أنفسهم غضبَ أسيادهم.
لهذا فَــإنَّ منعَ السفن الصهيونية من الملاحة في البحر الأحمر بدأ يأتي بنتائجَ إيجابية على غزة وشعب فلسطين.
– اليوم تُحاكَم إسرائيلُ للمرة الأولى في تاريخها، وللمرة الأولى تخرج ما يزيد عن عشرة آلاف مظاهرة في أغلب مدن العالم.. كيف تقرؤون هذه المؤشراتِ المهمة في هذا التوقيت؟
على الرغم أن الاحتلال الصهيوني لفلسطينَ قد اقترب من العقد الثامن إلا أن تجدد الأحداث وإحياء القضية الفلسطينية بعملية السابع من أُكتوبر “عملية “طُـوفان الأقصى” قد عرّف من لا يعرف بهذا الاحتلال، وكشف الصورة الحقيقية للكيان الصهيوني، ولأمريكا لأجيالٍ جديدة لم تعاصر الأحداث السابقة، وتجددت وانبعثت القضية الفلسطينية من جديد، وظهر الإجرام الصهيوني وإرهابُه، وسقط القناع الأمريكي الزائف الذي يدعم القتل والإرهاب في غزة ويحارب ويقاتل ويعتدي على من يقف مع سكان غزة.
المظاهراتُ والوقفات عمّت وغطَّت بلاد العالم؛ تضامُناً مع الشعب الفلسطيني، يهود ومسيحيون ومن أديان أُخرى أدانوا الجرائمَ في غزة، وأعضاء في الكونجرس الأمريكي عارضوا موقفَ أمريكا حتى المظاهرات في دولة الاحتلال خرجت رافضة لسياسة نتنياهو، والذي من المؤكّـد سيكون كبشَ فداء لهذا الموقف الصهيوني المتهور وبضغط المستوطنين الذين يطمحون للحياة الآمنة، حَيثُ ستتعالى أصواتُهم ضد الحرب وضد سياسة نتنياهو أكثرَ وأكثر.. فقط مُجَـرّد وقت.
– ألا تبدو أحداثُ غزة فرصةً لشعوب أمريكا والغرب خَاصَّة فرنسا وبريطانيا لتعبِّرَ عن حالة الاحتقان التي تعيشُها تحت وطأة النفوذ اليهودي الصهيوني العالمي سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا وحتى اجتماعياً، خَاصَّة بين فئات الشباب وصغار السن؟
من خلال متابعة ما يحدُثُ من مجازِرَ وإبادة جماعية وإرهاب حقيقي بحق سكان غزة والشعب الفلسطيني بأكمله نستطيع القول إن صحوة ضمير عالمية تحَرّكت وفضَّلت عدم الصمت عما يحدث؛ فخرجت الجماهير في أمريكا وفي بلدان غربية وشرقية عديدة في مظاهرات رافضة ومدينة لكل تلك الجرائم والمجازر، حتى إنَّ القضية لم تعد قضية إسلاميةً أَو عربية بل أصبحت قضية إنسانية وقضية ضمير.
هنا وبهذه التحَرّكات الرافضة والمُدينة لجرائم الكيان الصهيوني هي إدانةٌ واضحةٌ للسياسة الصهيونية وللنفوذ اليهودي الصهيوني العالمي بتنوُّعه السياسي والعسكري والاقتصادي؛ فالمظاهراتُ الشعبيّة التي تخرج في أمريكا أَو في الأراضي المحتلّة أَو في أية دولة هي لا تعني غيرَ أن الشعوبَ هذه قد مَلَّت وضَجِرَت من هذه السياسات التي لا تجلِبُ إلا الأزماتِ والقتلَ وعدمَ الاستقرار.
– مع الحديث الأمريكي عن التصعيد ضد صنعاء.. ما الجديدُ الذي قد يأتي به هؤلاء، حَيثُ اليمنُ مستهدَفٌ منذ العام ٢٠١٥ م وحتى اليوم؟
لعلكم سمعتم وقرأتم خطاباتِ قائد الثورة الأخيرة، والذي بيَّنَ ووضَّح فيها موقفَ اليمن من المواجهة المباشرة مع الأمريكي والبريطاني والصهيوني بأنه فخرٌ وعِزٌّ وشرفٌ عظيمٌ ونعمةٌ كبيرة، وهذا ما يتمناه الشعب اليمني ومنتظَرٌ له بفارغ الصبر.
كان العدوانُ على بلادنا طيلةَ ثماني سنوات مضت، وجرائم ارتُكبت ومجازر بشعة بحق اليمنيين كمجزرة الصالة الكبرى وحافلة طلاب ضحيان، وتغسلُ أمريكا يدَها من هذه الجرائم والمجازرِ؛ لتلصق ببعض الحكام الأغبياء الذين انبطحوا للسياسة الأمريكية، ومع هذا كنا في اليمن على يقين، ومتأكّـدين أن من يدير العمليات ومن يحدّد الضربات ومن يتحكم بغرفة العمليات في العدوان على اليمن هي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ونصرُخُ بأعلى أصواتنا ضدهم، ونجد من يسخر ويقلّل من ذلك حتى ظهر الموقف للعلَن اليوم باستئناف العمليات العسكرية ضد أهداف في صنعاء وبقية المحافظات وباعتراف أمريكي وبريطاني بهذه العمليات الأخيرة بعيدًا عن الأدوات السابقة وبنفس الطريقة ونفس الأهداف.. فقط الفارق في الإعلان عمن يقف خلف الضربات بالمسميات لا غير.
فالعدوانُ على اليمن هو منذ ٢٦ مارس ٢٠١٥ م ومُستمرٌّ إلى اليوم ومن نفس الأعداء، فقط ضَعُفَت الأدوات وأسدلت ستارَها ليظهرَ العدوُّ الحقيقي للعلن، وهذا هو الجديد.
– جُلُّ إن لم نقُلْ كُـلّ التحليلات تتحدث أن أمريكا ستخسر حربَها مع اليمن في كُـلّ الأحوال.. ما جدوى هذه الحرب لهم في ظل تعاظم مؤشّرات السقوط الأمريكي مقابل إرهاصات ولادة نظامٍ عالمي جديد متعدد الأقطاب؟
إنها حكمة الله في خلقه، يسعى المرء بيدَيه ورجلَيه لسقوطه أَو لنهايته، وهذا ما تسيرُ عليه أمريكا اليوم، حَيثُ تواجُدُها في مختلف دول المنطقة وقواعدها العسكرية منتشرة في أكثرَ من دولة ولكن حماقاتها وغرورها سيجعلها ترحلُ من المنطقة.
فاليوم العالَمُ يشهدُ ولادة النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب بعد أن خَيَّمَ عليه نظامُ القطب الواحد؛ فالتحَرّك الروسي والصيني والإيراني يبشِّرُ بولادة القطب الثاني لإيجاد توازُنٍ عالمي ورحيلِ الهيمنة والاستعمار السياسي.
وعلى أمريكا فقط أن تدرُسَ الحالةَ البريطانيةَ وكيف رحلت من اليمن بعد استعمارٍ دام لأكثرَ من قرن وستعرفُ حينها من هو اليمن ومن هم اليمنيون.
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي