ابعاد ورسائل الحشود المليونية اليمنية
ابعاد ورسائل الحشود المليونية اليمنية
يمني برس/ منصور البكالي/
يواصلُ الشعبُ اليمني خروجَه المليوني في مختلف الساحات والميادين؛ نُصرةً للشعب الفلسطيني، منذ 4 أشهر، دون كلل أَو ملل، يقودُه الشعورُ بالمسؤولية الإيمانية والدينية والأخلاقية والإنسانية، تجاه دماء وأشلاء إخوانه وأهاليه في قطاع غزة، ودموع الثكالى وصراخ اليتامى ورعب الأطفال، وخروج الأجنَّة قبل موعدها، وأنين الجرحى من تحت الركام، ومشاهد جرائم الإبادة الجماعية، لكل ما هو فلسطيني.
وقبل ذلك ومعه وفيه توجيهات السماء، وصدح آيات القرآن الكريم، ودعوات السيد القائد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- له بالخروج والنفير والاحتشاد والجهاد بالنفس والمال والموقف مع فلسطين حتى النصر.
ويبرز هنا التساؤل الهام: ما الرسائلُ والدلالات من هذا الخروج المليوني المهيب في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وعموم المحافظات نصرة لغزة، ولماذا الإصرار على هذه المسيرات والوقفات الاحتجاجية، وما أهميتها؟
يقول رئيس مجلس التلاحم القبلي، الشيخ ضيف الله رسام: “إن ثبات مبدأ الوفاء والعهد بين السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- والشعب اليمني بكل قبائله العريقة، قائم وثابت ومُستمرّ، كما هو وفاء الشعب اليمني وقيادته للقضية الفلسطينية، وحقه في نيل الحرية والاستقلال والنصر على كيان الاحتلال”.
ويؤكّـد رسام في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” على وفاء القائد للشعب ووفاء الشعب للقيادة ووفاء اليمن للقضية الفلسطينية، مُشيراً إلى أن “الانسجام والثقة والتوافق بين القيادة والشعب كاملٌ متكامل، وأن الشعب اليمني مستعدٌّ على أن يضحِّي بكل غال ونفيسٍ؛ لتحقيق ما رسمته القيادة الثورية والسياسية والعسكرية في مواجهة العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن، وكلّ طواغيت الأرض”.
ويعتبر رسام الحضورَ الجماهيري كُـلّ جمعة في ساحات اليمن نصرة لغزة دليلًا على ثبات الموقف اليمني واستمراريته وجهوزيته لخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، لاْفتًا إلى أن “اليمن يمتلك اليوم قيادة ربانية لم يحصل عليها من قبلُ، وهي قيادةٌ حكيمةٌ تعمَلُ بكل طاقتها وإمْكَانياتها لتحقيق تطلعات الشعب، وحماية هُـوِيَّته وحريته واستقلاله وكرامته وسيادته الوطنية وكلّ مقدراته ومكتسباته، والذود عن قضايا الأُمَّــة العربية والإسلامية، وإحياء دور اليمن الفاعل تجاهها”.
ويؤكّـد رسام أن “اليمن وكلّ قبائله العريقة تثمّن وفاءَ السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي لها، وتحمل كُـلَّ قيم ومبادئ الوفاء، تجاهه، وتحت رايته، ولن تتخلى عنه مهما استمرت الحروب والمؤامرات المستهدفة لليمن وكلّ أبناء الأُمَّــة”، منوِّهًا إلى أن “الموقفَ اليمني تجاه الشعب الفلسطيني وكلّ شعوب الأُمَّــة والمستضعَفين في الأرض عهدٌ ثابتٌ ومبدأٌ راسخٌ لن يتزحزح، ولن تزيدَه الحروبُ والمدلهمَّاتُ إلا قوةً وتمكيناً وغَلَبَةً ونصراً”.
من جانبه يقول الشيخ يحيى كشيمة، أحد مشايخ محافظة حجّـة: “وفاءُ القيادة لله ورسوله ولدينه وللأُمَّـة يعبّر عنها ميدانُ الجهاد والشهادة في سبيل الله، وهذه الحشودُ المليونية المُستمرّة؛ فمن أسّس المشروع القرآني الذي ننعمُ بعزته وفضله اليوم، وفاء مع الله بنفسه وماله وأهله في درب الشهادة وخط بدمائه الزكية أُسُسَ وأعمدةَ المشروع القرآني والمسيرة القرآنية الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -عليه السلام- فهذا هو وفاءُ الأحرار، وهذه هي معاني ومصاديقُ الوفاء، وهذا هو شعبنا اليمني الذي خرج إلى ميادينِ وساحات الثورة في أمانة العاصمة والمحافظات، وقبلها إلى مختلف الجبهات الجهادية المقدسة يترجم وفاءَه وانتماءَه وحُبَّه وتوليَه ومحبته للقيادة، ممثلة بسيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين”.
ويضيف كشيمة في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن “القضية الفلسطينية اليوم تنعم بوفاء الشعب اليمني وقيادته الحكيمة، وكما كان شعبنا وفياً لله ولرسوله ولدينه منذ بزوغ فجر الإسلام فها هو مُستمرّ في وفائه لأعلام آل محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- على مر العقود إلى اليوم، وطيلة تسعةِ أعوام من العدوان الأمريكي السعوديّ كان شعبنا حاضرًا إلى جوار القائد، وكان الجهاد في سبيل الله والشهادة في سبيل الله والإنفاق في سبيل الله قبلته الأولى إلى أن أذن الله بنصره وتمكينه على أُولئك الطغاة المعتدين، وها هو شعبنا حاضر اليوم لمساندة فلسطين وأهلنا في غزة حتى النصر، وهو غير مبال بالعدوان الأمريكي البريطاني الذي يعتبره فرصة ثمينة لقتال اليهود وجهاً لوجه، ودون أدوات”.
تفويضٌ للسيد القائد:
وعلى صعيد متصلٍ، يقول الدكتور شرف الشامي: “إن من دلالات الخروج الشعبي كُـلّ أسبوع وبزخم متزايد أن شعبَنا يقول للكيان الصهيوني إنه لن يستطيعَ التأثيرَ في معنوياتنا العالية جِـدًّا ولن ينال منا نيلاً، ونحن في سبيل الله على درب الأنبياء وتحت قيادة أعلام الهدى من آل البيت -عليهم السلام- لن يكون بمقدور أية قوة في هذه الأرض أن تقف في وجوهنا، أَو تحاول تهديدنا وتخويفنا”.
ويضيف الشامي في حديثه لصحيفة “المسيرة” أن “عزيمةَ شعبنا في مواجهة الطغيان الصهيوني الأمريكي البريطاني تعكسها هذه المسيرات، وهذا الحضور المشرف والكبير في كُـلّ المحافظات، وهذا التفويض للقائد العلم السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في اتِّخاذ المواقف العسكرية والسياسية المناسبة تجاه أعداء الأُمَّــة”.
ويتابع الشامي “كما هي إشارة واضحة بأن الشعبَ اليمني فخورٌ بما يحقّقه الجيشُ اليمني في البحر الأحمر، والعربي، من تَصَـــدٍّ للسفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية ومنعها من المرور إلى موانئ فلسطين المحتلّة، بل هو حاضر وبقوة كبيرة لخوض غمار المواجهة والتفويج إلى ساحات الجهاد المقدس في أرض فلسطين، وينتظر اللحظة التي تتمكّن فيها القيادة من فتح ممر آمن للعبور، والتنسيق مع الدول العربية المجاورة، وتفويج المجاهدين المدربين والمؤهلين، لتحرير أرض المسرى، وثالث الحرمين الشريفين من دنس اليهود الغزاة، وتحرير كُـلّ أراضي الشعب الفلسطيني من النهر إلى البحر”.
ويردف الشامي “الحضور اليمني غير المعهود في العالم يعبّر عن إيمَـانه وعقيدته وولائه وتسليمه للقيادة، وانسجامه معها ومع توجّـهاتها التي تعبّر عن جوهره وعن تاريخه وعراقته وأصالته في الميدان الجهادي نصرة للمستضعفين في العالم وعلى مر العصور”.
بدوره الشيخ أحمد قوارة يقول: “شعورُ شعبنا اليمني بمسؤوليتيه أمام الله وأمام رسوله وأمام دينه وأعلام الهداية دافعٌ رئيسي وحقيقي لخروجه إلى الساحات بهذا الزخم وبهذا العنفوان، وبهذا الثبات والصمود والاستمرارية منذ أربعة أشهر، وهذه ثمرة من ثمار الارتباط العميق بجوهر الدين الإسلامي، والتمسك الحديدي القوي بالثقلين”.
ويضيف قوارة، في حديثه لصحيفة “المسيرة” أنه “من لم تحَرّكْه جرائمُ الإبادة الجماعية بحق أهلنا وأطفالنا في قطاع غزة، فماذا سيحركه؟! شعبنا اليمني اليوم ينعم بقيادة ربانية ومشروع قرآني، وشعب على درجة عالية من الوعي والحرية والإيمان واستشعار المسؤولية، وهذه دلالاتٌ كبيرة وعظيمة لم تتحقّقْ لأيِّ شعب من شعوب العالم، كما هي مؤشر حقيقي على مستوى الوفاء المتبادل بين القيادة والشعب، وهي رد من الشعب لوفاء القائد العَلَمِ سيدي ومولاي عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي يقود سفينة اليمن منذ بدء الحروب الأولى على صعدة والعدوان الأمريكي السعوديّ على بلدنا نحو شاطئ الأمان والقوة والحرية والكرامة والسيادة الوطنية مكتملة الأركان”.
ويتابع قوارة: “حضورُ اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم بهذه الحشود المليونية، يقول للعالم: إن اليمن بعد العدوان والحصار أقوى، وأكثر توحداً، وحماساً وحيوية ونشاطاً ووعياً وبصيرة، وشوقاً للجهاد في سبيل الله ومواجهة كُـلّ طواغيت الأرض، واليمن اليوم يتطلع لدور موسى في إغراق فرعون، واليمن اليوم هو يمن الإيمَـان ويمن الأحرار، ويمن الحكمة والبأس الشديد”.
تساؤلاتٌ واعية:
أبو حسن وهو بجوار أطفاله الذين جاء بهم إلى ميدان السبعين وسط حرارة الشمس وبرد الشتاء، وبُعد المسافة يقول: “من يشاهد ما يحدث لأهلنا في قطاع غزة ولم يتحَرّك ماذا نسميه؟ ومن يستمع إلى توجيهات السيد العلم ولم يتحَرّك ويستجيب لها على الفور، ماذا سيقول لله؟”.
ويضيف أبو حسن في حديثه لصحيفة “المسيرة”: “نحن مع غزةَ بأولادنا ودمائنا وأنفسنا وأموالنا حتى النصر، بنادقُنا جاهزة وأعددنا لمعركة الطوفان عدتها، ولن يتراجع منا أحدٌ عن الجهاد في سبيل الله وخوض معركة المواجهة مع الكيان الصهيوني ومن يقف إلى جانبه من العجم والعرب، بل هذه المرحلة مرحلة اليمن والزمن زمن اليمن، والتاريخ يكتبه اليمن”.
ويتابع أبو حسن “من ينظُرْ إلى وجوه الحشود يدركْ أنه وسطَ جنود الله الغالبين، وخيرة الرجال، وتحت أعظم قيادة، وأعظم مشروع”، مُشيراً إلى أن “اليمن يعد العدة لتغيير وجه العالم، وأن اليمنيين متربون من صغرهم على الذهاب لتحرير فلسطين قبل العودة إلى بيوتهم ومنازلهم، وهذا مبدأٌ يمني ثابتٌ وراسخٌ ولن يتغير”.
واجبٌ ديني وأخلاقي:
تخذلني العباراتُ وتسعفني العبرات في وصف شبل يماني مستشعر لمسؤوليته، اسمُه جهاد وله منه نصيبٌ وافر، يعبر في كلامه بمنطق صائب ووعي عالٍ، وشوق جهادي، يقول فيه: “أطفال غزة بعمري وأصغرُ مني ورُضَّعٌ وفي بطون أُمهاتهم يُقتلون يوميًّا وعلى مدار الساعة، ماذا سأقول لهم؟! وما هو موقفي تجاههم؟! ولماذا لا أتحَرّك لنُصرتهم وإنقاذ من بقي منهم! هذا أقل ما يمكنني عمله للقيام بمسؤوليتي الدينية والإنسانية والأخلاقية، وهذا عملٌ صغير جِـدًّا، ولا أفضّل ذكره، فأنا وكلّ أبناء الأُمَّــة في عمري مقصِّرون، ومفرِّطون تجاه تضحيات إخواننا وزملائنا وأهلنا في غزة، ورسالتي لهم: إنَّا على دربهم ماضون حتى النصر أَو نلتقي عند الله شهداء، وليسوا وحدَهم، بل شعبنا وقيادتنا اليمنية معهم”.
هذا الشبلُ جهاد من أفراد الكشافة المدرسية وأحد المستشعرين لمسؤوليتهم في رفع اللافتات واللوحات والشعارات وسط ميدان السبعين، يقول في حديثه لصحيفة “المسيرة”: “أقل ما يمكن فعلُه؛ نُصرةً لإخواننا وأهلنا في قطاع غزة هو أن نحضر إلى ميدان السبعين لنعبر عن غضبنا تجاه كيان العدوّ الصهيوني المجرم ومن يقف في مساندته، وأقل ما يمكننا فعله للتعبير عن شوقنا وتلهفنا للجهاد في سبيل الله ومقارعة المستكبرين وطواغيت الأرض”.
ويضيف جهاد وهو رافعٌ صورةَ السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وعليها عبارة “الوفاء ما تغير.. عهد الأحرار باقي.. يا رعى الله نفس.. تعيشُ في العمر حرة”، “نحن جند السيد وجيشه لتحرير العالم كُـلّ العالم من الطغاة والمستكبرين، وسنبادله الوفاء بالوفاء، ولن يقف أحدٌ في طريقنا للوصول إلى فلسطين بإذن الله”.
يحيى قاسم فايع -ذو الـ79 عاماً- لم يكُنْ من القاعدين في البيوت، بل كان في الصفوف الأولى لنصرة فلسطين، كَبُرَ سِنُّهُ وكَبُرَ وعيُه ومسؤوليتُه.. إنه حكيم يماني، يقدّمُ النموذجَ الأرقى للمجاهد اليمني تحت راية السيد العلم من آل محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.
فايع يقول بصوت مرتعشٍ ونظرة جهادية غاضبة ومحدقة نحو فلسطين في حديثه لصحيفة “المسيرة”: “قدمنا الشهداء من أبنائنا وأحفادنا، ونسأل اللهَ أن يلحقنا بهم وعلى دربهم شهداء في معركة الحق ضد الباطل، والإسلام ضد الكفر، ومن لم يجاهد في هذا الزمان فمتى؟”.
ويؤكّـد أن “هذا هو زمن الجهاد، ونأمل أن يستثمرَ كُـلٌّ منا حياتَه ومماتَه في سبيل الله”.
فايع من أبناء مديرية حيدان بمحافظة صعدة، أَلِفَ الجهادَ وخَبِرَ الثقافةَ القرآنية، وكله وعي وبصيرة وحماس، قلّ نظيرُه في شعوب وقيادات وجيوش الأُمَّــة العربية والإسلامية المتواطئة مع الاحتلال الصهيوني.
ويشير فايع إلى أن “جرائمَ كيان الاحتلال وخطاباتِ السيد القائد تحَرِّكُ الجَمادَ وتنهَدُّ منها الجبال، فكيف له أن يرضى لنفسه القعودَ والتخاذُلَ أمام ذلك؟!”.