السفير حجر: التصعيدُ في البحر الأحمر سيعرِّضُ القواعدَ العسكرية الأمريكية ومنابع النفط للخطر
السفير حجر: التصعيدُ في البحر الأحمر سيعرِّضُ القواعدَ العسكرية الأمريكية ومنابع النفط للخطر
يمني برس- -حوارات- محمد الكامل
عبَّر مستشارُ رئيس المجلس السياسي الأعلى، السفير عبد الإله حجر، عن شكره للقيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- مؤكّـداً أنها تقود المواجهة مع العدوّ الأمريكي والبريطاني والصهيوني بجدارة، وأن سر قوة وصمود الموقف اليمني المناصر لفلسطين هي هذه القيادة الرشيدة.
وقال السفير حجر في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن “الصمت العربي تجاه ما يحدث في غزة ناتج عن عمالة الحكام والرؤساء في الكثير من الدول العربية”.
وأوضح أن “الموقف اليمني كان مفاجئاً وغير متوقع للكثيرين، وأن اليمنيين على كامل استعدادهم للتضحية مناصرةً للأشقاء في فلسطين المحتلّة”.
إلى نص الحوار:
– بداية.. كيف تنظرون بصورة عامة لطبيعة الأحداث في قطاع غزة.. ما سر الإصرار الصهيوني على الاستمرار في العدوان وما الذي حقّقه حتى الآن؟
الأحداثُ في قطاع غزة، تنبِئُ بالنيةِ المبيَّتة لدى الكيان الصهيوني؛ للقضاء على حماس، ولإجلاءِ الشعب الفلسطيني من غزة، وهذا الإصرار على الاستمرار في العدوان الصهيوني، هو ناتج عن تلك النية المبيَّتة منذ أمد بعيد، حتى لو لم تحدث أحداث (طُـوفان الأقصى) كانوا سيقومون بذلك العمل في أي وقت ولكن بصورة عاجلة.
– ما السر في الصمت العربي والإسلامي المطبق تجاه ما يحدث من حرب إبادة ضد المدنيين في غزة؟
فيما يخص الصمت العربي والإسلامي تجاه ما يحدث من حرب إبادة ضد المدنيين في غزة، هو ناتج عن عمالة الحكام، وعمالة الحكومات، والرؤساء والملوك، في الكثير من تلك الدول، للولايات المتحدة وبريطانيا، وولائهم المطلق لهذه الدول، وباعتبارها هي السند الحقيقي، لبقائهم في كراسيهم، مع أنهم يعلمون أن الشعوب لا ترغب فيهم، ولا يمكن أن تصبر عليهم لولا هذا الدعم الأمريكي البريطاني الاستعماري.
– كيف تفسرون الهرولة الأمريكية البريطانية لمساندة “إسرائيل” وعدم التحَرّك أَو الخذلان الدولي لنصرة غزة؟
الجميع يعرف أن أمريكا يحكمها اللوبي الصهيوني، ولا يستطيع أي رئيس أمريكي، أن يصل إلى الرئاسة، ولا أي عضو في الكونغرس، أن يصل إلى الكونجرس الأمريكي، إلا بدعم اللوبي الصهيوني، وهذا اللوبي يمتلك قوة إعلامية، وقوة اقتصادية، وهو من يمول الحملات الانتخابية لهؤلاء الأشخاص، أما الموقف البريطاني فهو معروف، حيثُ إن بريطانيا هي من أنشأت هذا الكيان الصهيوني، كما أن بريطانيا دولة استعمارية، ولها أهداف خبيثة، وتسعى دائماً إلى تحقيقها، ومنها استغلال ثروات الشعوب.
أما بالنسبة لعدم التحَرّك والخذلان الدولي لنصرة غزة، لا شك أن الجميع لديه الرهبة، والرهبة العميقة والكبيرة من القوة الأمريكية التي يتباهون بها، وهم لا يعلمون أنها قوة لا تمثل شيئاً، فهي قوة استعراض وقوة هيمنة وقوة استكبار، ولو وقف العالم بإصرار ومقاومة لما استطاعوا أن يفعلوا شيئاً، وأكبر دليل على ذلك ما حدث في فيتنام، وما حدث في كوبا، وما حدث في أفغانستان.
– الموقف اليمني كان مفاجئاً وغير متوقع للكثيرين.. ما سر قوته وما سر عدم خشية اليمن من أمريكا؟
هذا صحيح، وحقيقة أن الموقف اليمني كان مفاجئاً وغير متوقع للكثيرين، وخَاصَّة لو عرفنا أن الموقف اليمني قبل ثورة 21 سبتمبر، نتيجة تولي علي عبد الله صالح الحكم، والذي كان موالياً للولايات المتحدة الأمريكية، وموالياً لعملائها السعوديّة والإمارات ودول الخليج، وبالتالي لن تكون لديه أية نية في أن يقفَ مواقفَ داعمةً للشعب الفلسطيني سوى بعض المظاهرات الإعلامية الكاذبة أَو الظواهر الإعلامية الكاذبة التي تعكس أنه حريص على القضية الفلسطينية.
أما فيما يخص سر قوة الموقف اليمني فيأتي من عمق مشاعر الإيمان والنصرة للمستضعفين المتجذرة في الشعب اليمني منذ أمد التاريخ، وهو ما وصفهم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- حين قال: “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، وكذلك هذه القوة في الموقف جاءت من خلال القيادة الرشيدة لهذا البلد والتي تطبق تطبيقاً عمليًّا لكل ما ذكره الله، وأمر به في كتابه القرآن الكريم، وبالتالي لا نخافُ أمريكا ومن معها؛ فالهدي القرآني يرشدنا إلى عدم الخوف إلا من الله، وأن النصر هو من عند الله، وبالتالي هذا السر الأقوى للصمود اليمني والموقف اليمني المشرف.
– ما السيناريوهات المتوقعة برأيكم لمعركة البحر الأحمر، وما الأوراق الضاغطة التي تمتلكها صنعاء؟
في اعتقادي ومن خلال ما شاهدناه منذ بداية منعنا للسفن من الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية لا أعتقد بأنه يمكن أن تحقّق الولايات المتحدة وبريطانيا و”إسرائيل” أي هدف من الأهداف المتمثلة في منعنا من ذلك؛ فالدور الذي نعتقد أنه دور واجب علينا، وبالتالي ليس لهم خيار سوى أن تكف “إسرائيل” عن العدوان وأن يفك الحصار عن الشعب الفلسطيني في غزة وهذا هو السيناريو الوحيد، أما السيناريوهات الأُخرى هي الأسوأ، والمتمثلة في أن يستمروا في طغيانهم، وهنا لن يكون هناك رد سوى الاستمرار والإصرار على موقفنا، بل يمكن أن تدخل المعارك إلى حيز لم يكن أحد يتخيله أَو يتصوره.
– ما تأثير وحجم المرتزِقة في حال تحريكهم لإشعال الجبهات داخلياً؟
فيما يخص المرتزِقة أعتقد أنهم في وضع لا يسمح لهم بذلك التأثير؛ فهم جبهة متفككة متشرذمة، كما أن الكثير من الذين غرر بهم عادوا إلى صوابهم، فموقف صنعاء من هذه القضية الحيوية قضية فلسطين ونصرة الشعب الفلسطيني، أعادهم إلى صوابهم.
وبالتالي لن تكون هناك أية قدرة على التحَرّك بزخم كبير من المقاتلين في ظل المشاعر لدى الضباط والجنود ولدى أَيْـضاً المشايخ وبعض القبائل من جهة، ومن جهة أُخرى المرتزِقة في جميع حروبهم كانوا يعتمدون على غطاء الطيران السعوديّ والإماراتي، وأعتقد أن الإمارات والسعوديّة لن تجرؤ على إعطائهم غطاء، والخيار الوحيد أن تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا بذلك، ولكن أَيْـضاً في ذلك خطورة كبيرة فهي لا تستطيع أن تأتي بطائراتها من أماكنَ بعيدة، وبالتالي لا بدَّ أن يكون هذا الغطاء الجوي إما من قواعدَ أمريكية في المنطقة أَو من قواعد لها في البحر الأحمر أَو في البحر الأبيض المتوسط، وفي حال ذلك ستتعرض حاملات الطائرة والقواعد العسكرية للخطر والاستهداف من قبل الجيش اليمني.
كما أن لدينا أوراقاً ضاغطة كثيرة؛ لأَنَّ نقاط الضعف لدى المعتدي الأمريكي والبريطاني وكذلك الإسرائيلي نقاط ضعف شديدة، ربما لا يدركها الكثيرون، نحن على إدراك كامل بها ومستعدون لاستهدافها في الوقت المناسب.
– من خلال متابعتكم للأحداث.. إلى أين تتجه المنطقة بشكل عام هل إلى توسيع المواجهة أم العمل على احتوائها؟
من متابعتي للأحداث أعتقد أن المنطقة لها مساران: يتمثل المسار الأول في الاستجابة للمنطق وللعقل وللإنسانية بوقف العدوان، وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني، هذا الخيار والمسار الأنسب لدول المنطقة بأكملها، وَأَيْـضاً للدول المهيمنة الولايات المتحدة وبريطانيا، المسار الآخر هو التصعيد، وتوسيع المواجهة، والتي ستكون لها آثار كارثية، وربما تدخل العالم في حرب عالمية، وحرب تؤثر على التجارة وعلى الملاحة البحرية ليس فقط البحر الأحمر ولكن في جميع الممرات المائية، وستؤدي إلى تعريض القواعد العسكرية الأمريكية للخطر، ومنابع النفط للخطر، وستؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية؛ نتيجة اشتعال البحر الأحمر، وكذلك مضيق هرمز والبحر الأبيض المتوسط، اشتعالهم بحروب ربما تدخل فيها أطراف أُخرى لم يكن لها أي نصيب من التدخل في هذه الآونة وهي دول ذات وزن اقتصادي، ووزن سياسي، ووزن عسكري، سواءٌ أكانت روسيا الاتّحادية أَو الصين، أَو الهند، أَو أية دول أُخرى لها قوة اقتصادية مثل اليابان وإندونيسيا وباكستان.
ومن هذا المنطلق أعتقد أنهم سيركنون إلى احتواء الأزمة والأحداث وعدم الدخول في هذه المغامرة الخطيرة.
– كلمة أخيرة
الكلمة الأخيرة هي كلمة إشادة، نشيد أولاً بالقيادة الرشيدة للسيد القائد عبد الملك الحوثي –حفظه الله- وموقفه المشرف ودعوته للشعب اليمني للخروج في المسيرات، والحشد الشعبي المسلح للإعداد لتحرير القدس.
وأشيد بالشعب اليمني الذي لا تزيده الغارات الجوية الأمريكية العدوانية إلا إصراراً على الخروج والجهاد في سبيل الله، وتلبية دعوة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- للخروج الأسبوعي في يوم الجمعة، وها نحن نشهد في كُـلّ جمعة خروجاً أكبر من خروج الجمعة، التي يسبقها، فالجميع يهب إلى هذا الخروج من منطلق بأنه جهاد في سبيل الله، وبأنه موقع أَو موضع يغيظ الكفار وينال منه وسيكتب له به عمل صالح.
وكذلك نشيد بكل من يقوم بتنظيم هذه المسيرات سواء أمنيًّا، أَو مُروريًّا وتنظيمياً، وَأَيْـضاً إعداد الفعالية بشكل عام.. نشكرهم ونشيد بهم، ونسأل الله لهم الأجر الكبير؛ لأَنَّهم يقومون بعمل عظيم في كُـلّ المحافظات اليمنية.