بالأرقام.. خسائر اقتصادية باهظة يتكبدها الكيان الإسرائيلي منذ السابع من اكتوبر
يتعرض الاقتصاد الإسرائيلي لخسائر باهظة جراء استمرار حربه العدوانية على قطاع غزة، وتبعات هذه الحرب التي فجرت جبهات المقاومة المساندة في المنطقة، وعلى رأسها اليمن ولبنان.
وأسفرت الحرب التي تخوضها “إسرائيل” حالياً على جبهتيها الجنوبية والشمالية، على الصعيد الاقتصادي، عن تكلفة عالية وخسائر باهظة، سواء لجهة تكلفة تمديد الخدمة للجنود النظاميين والاحتياط، والتي تتراوح ما بين 7 إلى 13 ألف دولار شهرياً لكل جندي؛ أو لجهة تكلفة إعفاء “الحريديم” من الخدمة الإلزامية؛ إضافة إلى تكلفة الخسارة في المشاريع التجارية والممتلكات والتي تقدّر بنحو 6 مليارات دولار حتى اليوم.
أظهرت الأرقام الرسمية الأخيرة الصادرة عن وزارة المالية الإسرائيلية بعد مرور مئة يوم على اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، ارتفاع العجز في الميزانية الاقتصادية، وانخفاضاً في النمو الاقتصادي، وتعدّ هذه الزيادة في العجز انعكاساً مباشراً لما توقعه خبراء من تأثير الحرب على الإنفاق، وإضعافاً لاقتصاد الكيان على المدى الطويل، كذلك أظهرت بيانات صدرت يوم الاثنين الماضي حسب وكالة رويترز، أن الصهاينة قلصوا بشكل حاد الإنفاق والسفر والاستثمار في نهاية عام 2023، حيث ألحقت الحرب الشاملة التي يشنها الكيان على مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة خسائر فادحة بالاقتصاد وخاصة مع الاستدعاء الهائل للاحتياط ونزوح عشرات الآلاف من البلدات الحدودية القريبة من غزة ولبنان بسبب الهجمات الصاروخية المستمرة من حماس وحزب الله، كما أوقفت شركات الطيران رحلاتها إلى تل أبيب، وألغى العديد من السياح خططهم لزيارة الكيان.
تكلفة الحرب
انكمش الاقتصاد الإسرائيلي أكثر مما كان متوقعا في أعقاب الصراع مع حماس في غزة، وفقا للأرقام الرسمية، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي – وهو مقياس رئيسي للصحة الاقتصادية لأي بلد – بنسبة 19% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2023. وقال الخبراء إن البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي كانت أسوأ بكثير مما كان متوقعا منذ اندلاع الصراع في السابع من أكتوبر، فقد انخفض الإنفاق الخاص حسب البيانات بنسبة 26.3%، وانخفضت الصادرات بنسبة 18.3%، وكان هناك انخفاض بنسبة 67.8% في الاستثمار في الأصول الثابتة، وخاصة في قطاع البناء بسبب نقص العمالة نتيجة للاستدعاءات العسكرية وانخفاض عدد العمال الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه، قفز الإنفاق الحكومي، وخاصة على نفقات الحرب وتعويض الشركات والأسر، بنسبة 88.1%.
أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر (الكابينت) صوتوا يوم الـ 15 من يناير على ميزانية 2024، بزيادة 55 مليار شيكل (15 مليار دولار) كمبلغ إضافي للإنفاق على الحرب.
تكلفة الحرب على “إسرائيل” قد تبلغ نحو مليار شيكل في اليوم الواحد، أي ما يعادل 267 مليون دولار تقريباً.
تكاليف الحرب قد تتجاوز الـ 68 مليار دولار
من المرجح أن تصل نفقات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68 مليار دولار وهو أكبر عجز في ميزانية وهو ما أدى بوكالة موديز لتخفيض التصنيف الائتماني لـ”إسرائيل” لأول مرة في تاريخها، وذكر تقرير موديز استناداً إلى تقديرات صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنّ التكلفة الإجمالية للحرب قد تتراوح ما بين 150 مليار شيكل و200 مليار شيكل (ما بين 40 مليار و50 مليار دولار)، أي ما يعادل حوالي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
نسبة الدين قد تبلغ 75%
في الفترة الممتدة من تشرين الأول/ أكتوبر إلى كانون الأول/ ديسمبر، أنفقت القوات المسلّحة 30 مليار شيكل (8 مليارات دولار) إضافية عن نفقاتها المعتادة، وهو ما يقدر بـ2% من الناتج المحلي الإجمالي.
من ناحية أخرى، فإن تكاليف الحرب لا تقتصر فقط على نفقات جيش الاحتلال، إنما تشمل الخسائر التي تسببت بها هذه الحرب والتداعيات الناتجة عنها، فالحكومة مضطرة إلى تأمين احتياجات كل المستوطنين الذين تم إجلاؤهم من غلاف غزة والحدود الشمالية مع لبنان، إضافة لتحمل أعباء وظائفهم التي لن يستطيعوا العودة إليها في المدى المنظور، وتستهدف ميزانية نتنياهو عجزًا ماليًا سنويًا يبلغ 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يكفي لإنتاج نسبة دين تبلغ حوالي 75%.
أكثر من نصف مليون مستوطن غادروا الكيان
بعد عملية السابع من أكتوبر، ألغى آلاف السياح المحليين والأجانب رحلاتهم إلى “إسرائيل”، وأوقفت شركات الطيران رحلاتها إلى تل أبيب، ومع انخفاض نسبة السيّاح، أغلقت المطاعم والمحلات التجارية أبوابها، وحسب وسائل اعلام عبرية، فإن أكثر من 300 ألف سائح -قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول- يزورون “إسرائيل” كل شهر، وبعد السابع من أكتوبر، انخفض هذا العدد إلى 39000 فقط، ووفقاً لبيانات هيئة السكان والهجرة الإسرائيلية، غادر ما يقرب من نصف مليون إسرائيلي البلاد بعد السابع من أكتوبر.
مرفأ إيلات يواجه صعوبات ونصف عماله معرضون لخطر الإقالة
أسوة بشمال فلسطين المحتلة، تعيش المستوطنات جنوب فلسطين المحتلة واقعاً اقتصادياً سيئاً بسبب الحرب، ومثال على ذلك، أفاد موقع “كالكاليست” الاقتصادي الإسرائيلي بأن إدارة مرفأ “إيلات” أعلنت عن نيتها إقالة حوالي 60 عاملاً من ضمن 120 عاملاً، بسبب الهجمات التي يشتها اليمنيون على السفن المتجهة إلى المرفأ، والتي أدت إلى هبوط في حجم النشاط وإيرادات المرفأ، التي هبطت بأكثر من 80 %.
علماً أن أبرز نشاط مرفأ “إيلات”، حسب “كالكليست”، هو استقدام السيارات، بحيث دخل إلى “إسرائيل” في العام 2022 نحو 166 ألف سيارة عبر مرفأ “إيلات”، أما في العام 2023 فدخلت فقط 149 ألف سيارة، (بسبب الحرب في آخر فصل من السنة)، والجدير ذكره أنه في العام 2024 لم تدخل أي سيارة إلى “إسرائيل” عبر مرفأ “إيلات”.
طوفان الأقصى شكل صدمة كبيرة لاقتصاد الكيان وربما أكثر تكلفة ممّا كان مقدراً له في البداية وخصوصا مع صمود المقاومة لأكثر من 5 شهور، لكن هذا الكيان هو أكبر متلق تراكمي للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ تأسيسه، حيث تلقى حوالي 300 مليار دولار (معدلة حسب التضخم) من إجمالي المساعدات الاقتصادية والعسكرية ويراهن الكيان على زيادة المساعدات الأمريكية، للمساهمة في تخفيف الأعباء الاقتصادية، ولكنها مهما ارتفعت فلن تكفي لحل المشكلة، ففي عام 2023 بلغت المساعدات الأمريكية للكيان 3.5 مليارات دولار، وهو ما يمثل أقل من 1% من الناتج القومي، وفي الوقت نفسه، تزداد المطالبات في الكونجرس الأمريكي لوقف أو تقليص هذه المساعدات المقدمة للكيان بسبب الاستياء الشعبي؛ حيث يضج المواطن الأمريكي من أن الضريبة التي يدفعها تذهب لقتل الأطفال!
المصدر/ الوقت التحليلي/