ما الاقتراح الغريب الذي قدمه العرب وأغضب حماس؟
في الفترة المنصرمة، كشفت مصادر مطلعة عن مبادرات من بعض الدول العربية لحركة حماس، تهدف إلى إزالة سلاحها مقابل تحقيق تنازلات سياسية، ومع ذلك، فإن هذه المقترحات واجهت معارضة قوية من جانب حركة المقاومة، كما كشفت مصادر موثوقة عن استلام حركة حماس لعدة مقترحات خلال الفترة الأخيرة، تهدف إلى تيسير عملية التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووضع خطط سياسية شاملة للسلام في المنطقة، وإنّ أحد أبرز المقترحات التي وردت لحركة حماس من بعض الدول العربية المؤثرة في المنطقة هو إزالة سلاحها العسكري بالكامل، والاستعداد للمشاركة في عملية سياسية مهمة.
لا شك أن اقتراح نزع السلاح ليس جديدًا، لكن تم استعراضه مؤخرًا مجددًا في إطار المفاوضات، ووفقًا لتلك المقترحات، ستحصل حماس، بعد نزع سلاحها، على تنازلات سياسية “ملموسة” تتعلق بالوضع السياسي الفلسطيني الداخلي، إضافة إلى دعم كبير من الدول العربية، وكما أوضحت تلك المصادر، رفضت حركة حماس بشدة هذه المقترحات، معتبرة إياها تجاوزًا لخطوطها الحمراء.
وفي رد فعل على هذه الاقتراحات، أعلنت حماس أن ما يحدث يشكل تطورات عربية خطيرة وغير مسبوقة في قضية الشعب الفلسطيني، وأن هذه التطورات تأتي وفقًا لشروط رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، وترى حركة حماس، أن فكرة نزع سلاح المقاومة هي فكرة ساذجة لا تأخذ بعين الاعتبار الحقائق، مشيرة إلى أن التخلي عن المقاومة هو مجرد وهم.
وعلى هذا الأساس، من غير الصحيح أبدا الحديث عن نزع السلاح، وأنه من الطبيعي أنه عند تأسيس الدولة الفلسطينية، لن يكون هناك فصائل مسلحة، وهدف حماس هو إقامة الدولة الفلسطينية، لكنها لا تريد أن تكون مثل الأطراف الفلسطينية الأخرى التي ارتكبت أخطاءً في الماضي، لأن المقاومة لا تقبل بالتنازلات الكبيرة، وتبدو الاقتراحات التي قدمتها الدول العربية لحركة حماس، بما في ذلك فكرة نزع سلاح المقاومة، كخطوة استراتيجية تهدف إلى تحقيق استقرار سياسي في المنطقة وإنهاء الصراع في غزة.
ومع أن هذه الاقتراحات قد يكون قوامها الأساسي هو تحقيق السلام والاستقرار الظاهري، إلا أن رفض حركة حماس لهذه الاقتراحات يعكس تصميمها على الاستمرار في مسار المقاومة والتمسك بسلاحها كوسيلة لتحقيق أهدافها، والملاحظ في هذا السياق هو أن سلاح المقاومة قد أعطى اليد العليا للحركة في الوقت الحالي، وتقديم الدول العربية هذا العرض للمقاومة يعني في الواقع مد طوق النجاة لإنقاذ النظام الصهيوني من ورطته، فالقبول بشروط المقاومة يعني للنظام الصهيوني عدم وجود خيار آخر، وبالتالي فإنه يضطر إلى التفاوض والتوصل إلى حل سياسي يلبي مطالب المقاومة.
وبهذا السياق، يظهر أن مسألة نزع سلاح المقاومة تتعلق بأكثر من مجرد إنهاء الصراع في غزة، بل تتعلق أيضًا بتوازن القوى والمصالح الإقليمية والدولية، وبالتالي، يتعين على الأطراف المعنية أن تعكف على البحث عن حلول سياسية شاملة ومستدامة تلبي مطالب جميع الأطراف وتضمن السلام والاستقرار في المنطقة، وبمعرفة أن الدول العربية عرضت “الترهيب” على حركة حماس لنزع سلاحها مقابل الحصول على “امتيازات سياسية” وإنهاء الحرب على غزة، وتم رفض هذا العرض من قبل الحركة، يصبح من الواضح أن سلاح المقاومة يظل محورًا مهمًا لتوازن القوى في المنطقة، وفي الوقت الراهن، يمثل سلاح المقاومة لحركة حماس وسيلة لتحقيق أهدافها والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
الخلاصة، يظهر أن تقديم الدول العربية لهذا العرض للمقاومة يشير إلى تغير في الديناميات الإقليمية والدولية، حيث إنها تسعى إلى تحقيق مصالحها السياسية بوساطة إنهاء الصراع في غزة من خلال إنهاء المقاومة، وهذا العرض يمكن أن يؤدي إلى تحولات جديدة في مشهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويمكن أن يؤثر على التوازنات الإقليمية بشكل عام، ويجب على الأطراف العربية أن تعمل على نصرة المقاومة وتحقيق حلول شاملة ومستدامة للاحتلال في المنطقة، وتأخذ بعين الاعتبار مطالب جميع المطالب الفلسطينية وتضمن السلام والاستقرار الدائم لفلسطين وشعبها وبالتالي المنطقة بأسرها.