التورط الأمريكي في إبادة غزة يكشفه احتجاجات الجامعات
التورط الأمريكي في إبادة غزة يكشفه احتجاجات الجامعات
يمني برس- تقرير- نبيل المطهر*
تبني اللوبي الصهيوني للسردية اليهودية المتمثلة في المعادة للسامية والتي تتداولها وسائل الإعلام الغربية منذ نشأة اللبرالية في تسعينيات القرن الماضي وحتى اللحظة للتغطية على جرائم الصهيونية في مختلف دول العالم ولاسيما فلسطين المحتلة وتظليل الرأي العام في الدول الأوربية والغربية لم تعد تنطوي على الجيل الجديد الواعي.
وتعّبر الانتفاضة الطلابية في الجامعات الأمريكية عن وعي جديد مقلق للهيمنة الغربية والاستعمارية الصهيونية، فالصحوة الطلابية الجديدة لا تقتصر على مناهضة ومعاداة الاستعماري الصهيوني فحسب، وإنما رفض السياسات الأمريكية المساندة له .
و تشكل الانتفاضة الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية نموذجا إرشاديا ملهما للطلبة حول العالم، وخصوصا الطلبة في العالم العربي الذين تم إقصاؤهم منذ زمن بعيد، وجرى التنكيل بهم على مدى عقود.
وبالرغم من خروج المظاهرات في الجامعات الأمريكية المؤيدة لفلسطين بعد فترة قصيرة من بدء معركة طوفان الأقصى إلاّ أن رقعة المظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية في أبريل الجاري قد اتسعت كثيرا وبشكل غير مسبوق لتشمل المظاهرات مئات الجامعات والمعاهد في الولايات المتحدة الأمريكية وخارج الولايات ككندا وهولندا وغيرها من الدول الأوربية.
وتذكر مصادر إعلامية أن دول أوربا شهدت أكثر 3100 مظاهرة تضامنا مع غزة التي تتعرض لجرائم إبادة منذ السابع من أكتوبر 2023، وحتى اللحظة.
وبحسب بيانات منظمة “إيه سي إل آي دي” التي تتتبع النشاطات السياسية حول العالم فأن الجامعات الأمريكية دخلت على خط الاحتجاجات عندما بلغ الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي حد العمى.
فبعد أن صوتت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لصالح مساعدات مالية وعسكرية جديدة وغير مسبوقة لــ”إسرائيل”، تنامى الغضب داخل حرم الجامعات الأمريكية لتندلع شرارة الثورة الطلابية من جامعة كولومبيا حيث نظم تحالف طلابي يضم أكثر من 120 منظمة طلابية وأعضاء هيئة التدريس اعتصاما، ونصبوا خياما على أرض الجامعة، لتلحق الجامعات الأمريكية الأخرى تباعا.
زيف الدعاية الأمريكية
التعامل الأمريكي مع المظاهرات في الجامعات يؤكد أن الأمريكي لا يحترم لا قوانينه ولا دستوره ولا أي عناوين يرفعها ويتباهى بها كعنوان الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير فالأمريكي لا يطيق حتى أن يصغي إلى مجرد الأصوات المطالبة داخل أمريكا بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
تعاملت السلطات الأمريكية مع المظاهرات والاحتجاجات في الجامعات تعاملاً سيئا يتجاوز كل الاعتبارات حتى الرئيس الأمريكي ومسؤولون أمريكيون شنعوا وانتقدوا المحتجين في الجامعات الأمريكية إلى درجة تهديد رؤسائها ومسؤوليها بالإقالة والطرد واتجه الأمريكي إلى عسكرة الجامعات بالأعداد الكبيرة من الشرطة واعتقال طلابها بطريقة مسيئة وبهذه العنجيهية انتهت كل العناوين والحقوق التي رفعها الأمريكي لطلاب الجامعات .
الأصوات المقبولة عند السلطات الرسمية في أمريكا هي من تؤيد جرائم الإبادة الجماعية وتنادي بإبادة الشعب الفلسطيني، فقد برزت أصوات أيدت قصف الشعب الفلسطيني بالقنابل النووية من داخل مجلس النواب الأمريكي.
ويؤكد محللين سياسيين أن أقدام شرطة نيويورك على اعتقال الطلبة في جامعة كولومبيا ومعاقبتهم بعد استدعاء رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق شرطة العاصمة لفض الاعتصامات، منح الاحتجاجات دوافع أكثر جذرية تتعلق بالحريات والحقوق والعدالة، ودفع الكيانات الطلابية للانخراط فيها بعد اعتقال نحو مائة من طلاب جامعة كولومبيا، بسبب دعمهم لفلسطين.
انتشار السخط في الأوساط الأمريكية
وسرعان ما انتشر السخط والغضب كالنار في الهشيم في معظم الجامعات الأمريكية، ليصل نطاق الاحتجاجات الطلابية إلى 79جامعة في الولايات المتحدة منها جامعات ييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة كارولينا الشمالية، وإيمرسون، وجامعة هارفارد، وجامعة نورث كارولينا تشابل هيل، وفاندربيلت، وبيركلي.
ومع تنامي قمع الاحتجاجات التي أسفرت عن اعتقال أكثر من 900 متظاهر خلال الاحتجاجات التي تشهدها الجامعات الأمريكية منذ عشرة أيام. أخذت الاحتجاجات الطلابية بالاتساع والانتشار لتشكل نموذجا للجامعات في دول أخرى، حيث انتشرت الاحتجاجات في جامعات المملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا وغيرها.
وفيما تحاول الإدارة الأمريكية واللوبي الصهيوني ومسؤولي الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية حرف مسار المتظاهرين نحو ما يسمى بالمعادة للسامية إلاّ أن تنوع الانتماءات الدينية للطلاب المتظاهرين في تلك الجامعات تكشف زيف ما تدعيه الإدارة الأمريكية.
“معادة السامية” أسطوانة الصهيونية المشروخة
ينحدر الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين اجتذبتهم هذه الاحتجاجات من خلفيات مختلفة. ومن المجموعات المنظمة للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام”.وتشهدت المخيمات أيضا إقامة صلوات بين الأديان وعروضا موسيقية، فضلا عن مجموعة متنوعة من برامج التدريس.
وتنفي اللجان التنظيمية صحت ما يدعيه مسؤولي الجامعات وبعض مسؤولي الولايات المتحدة الأمريكية من أن المظاهرات معاداة للسامية مؤكدين أن خروج المتظاهرين هو من أجل تحقيق السلام في فلسطين ووقف حرب الإبادة في غزة.
إن عنوان معاداة السامية لا يرفع عند الغرب إلا عندما يتعلق الموضوع بالعدو الإسرائيلي فهو يأتي ضمن رؤية صهيونية لمصادرة حق الشعب الفلسطيني، كما أن السعي الأمريكي والأوروبي لحظر المطالبات بذريعة معاداة السامية فضيحة للأمريكي ولأتباع الصهيونية وعناوينهم.
دلالات الاحتجاجات
وعن دلالات وخروج التظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية سلط برنامج تلفزيوني نقطة حوار في قناة البي بي سي بعنوان أثر وتداعيات الخروج الطلابي المساند لغزة في الجامعات الأمريكية.
ويؤكد أستاذ اللاتينية والكاريبية في جامعة كولومبيا البروفيسور داني شون أن تضامنه مع غزة جعل ادارة الجامعة تقيله من عمله الذي يعمل فيه منذ (18)عاماً.
ويقول “للأسف في هذا البلد الراعي للحرية والديمقراطية لا يسمح لنا بانتقاد “إسرائيل”.
ويضيف ” النظام الأمريكي يضع كل من ينتقد الجرائم الصهيونية في غزة تحت القائمة السوداء ويقوم بقمع المتظاهرين وزجهم في السجون وذلك من نيويورك وصولاً إلى ولاية كاليفورنيا”.
ويدعو البروفيسور داني شون جميع المتظاهرين إلى التركيز على سكان فلسطين الأصليين وعدم الانجرار إلى الدعايات الصهيونية.
ويؤكد أن المتظاهرون من أكاديميين وطلاب يقومون بالتبرعات بالملابس والأموال وغيرها من البرامج المساندة لغزة معتبر خروج المتظاهرين باللحظة التاريخية.
ويدعو داني شون كافة الأحرار للتضامن مع قطاع غزة والضغط على إسرائيل لوقف جرائم الحرب في غزة.
غزة تعري أمريكا
وفي حين تتنامى الاحتجاجات السلمية في مختلف ولايات المتحدة الأمريكية تضامنا مع غزة يتصاعد القلق الأمريكي والصهيوني إزاء المظاهرات حيث تواصل الشرطة الأمريكية اعتقال المتظاهرين ناهيك عن قيام مسؤولي الجامعات والمعاهد بفصل مئات المتظاهرين من الطلاب والأكاديميين في خطوة تثبت التعصب الأعمى للأداة الأمريكية مع الكيان الصهيوني ناهيك عن تنكره للحقوق والديمقراطية والحريات التي لطالما تغنت بها الولايات المتحدة الأمريكية.
وأمام ذلك يواصل المتظاهرون اعتصاماتهم السلمية في مختلف الجامعات الأمريكية وذلك حتى تحقيق مطالبهم الإنسانية المحقة المتمثلة في وقف جرائم الحرب الصهيونية في غزة ووقف استثمار الجامعات في الشركات الممولة للجيش الإسرائيلي والإفراج عن جميع الطلبة التي تم اقتيادهم لسجون بالإضافة إلى أعادة من تم فصله من الأكاديميين والطلاب والأساتذة.