ثلاثة أسباب وراء صمود اليمنيين
فوزي حوامدي
يتسأل المتتبع للعدوان الغاشم على الشعب اليمني،والمستمر منذ قرابة ال10اشهر،بتحالف تقوده السعودية ويضم 13دولة أخرى،وبين طياته الآلاف من العملاء والمرتزقة من اليمنيين الخونة،وشركات أمنية خاصة تستثمر في الحروب،عن السر في فشل هذا التحالف حتى اليوم في تحقيق ما حدده من أهداف.
ولعل الهداف المباشر للحرب المعلنة على اليمن،والتي يتفرج عنها العالم بضمير ميت،هو عودة ما يسمى الشرعية وجلوس الرئيس الفار هادي،مرة أخرى على كرسي الحكم في القصر الجمهوري بصنعاء،وهوالهدف الذي أضحى ابعد مما كان عليه،عند بداية العدوان على هذا البلد العربي،وإذا كان المثل الشعبي يقول “الفار نتن خابية” فان فار اليمن خرب وطن.
ورغم الحصيلة المؤقتة،الثقيلة لهذا العدوان،من ضحايا فاق عددهم ال20الف بين قتيل وجريح،من مختلف الأعمار والجنسين،وتخريب مرافق عمومية وخاصة فاقت ال200مليار دولار،إلا أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح مالسر في صمود اليمنيين؟ وليس فشل التحالف،فان التحالف ما كان ليفشل،لولا صمود هذا الشعب المظلوم،الذي يتحدى بإمكانيات بسيطة قوى الشر المدعومة إسرائيليا وأمريكيا بترسانة من الأسلحة الذكية والغبية الموجهة عن بعد وعن قرب.
بالتأكيد التاريخ يؤكد الحقائق الواقعة اليوم، فيما يخص اليمني كمقاتل شرس،وصبور ومتحد ولكن التاريخ وحده لا يكف لصد العدوان حتى الآن.
وسيذكر المواطن العربي،واليمني بشكل خاص،بطولات رجال اليمن في الميدان،في مواجهة العدوان بنفس مفتوحة تتمنى الشهادة،يدفعها الإيمان بالله ثم الدفاع عن القضية التي يناضل من اجلها،وعن وطنه وشرفه.
ويهتم المحللون،بالأسباب التي جعلت اليمن صامدا حتى الآن،وعصيا عن الغزاة،الذين راهنوا على حسم الموقف في أسبوع فمرت الأسابيع والشهور،وتطبعت الحياة في اليمن وتكيف المواطن مع واقعه،مؤمنا بما قدر الله له من حياة تحت وطأة العدوان والحرب ولم يستجد احد لنصرته والدفاع عنه.
وفي اعتقادي،فان ثلاثة أسباب رئيسية هي وراء صمود اليمنيين،حتى الآن،وستكون وراء انتصارهم أيضا وانكسار العدوان وفشله،بعد وقت وجيز،ولعل أهم هذه الأسباب التحالف الاستراتيجي بين المكونات الداخلية لليمن، بمختلف توجهاتها،شوافع، وزيدية، اشتراكية، وناصرية، وليبرالية والتفافها جعل الجبهة الداخلية متماسكة،وفشل العدوان في اختراقها وكسرها إلا ببعض الأفراد الذين باعوا القضية بثمن بخس،وما عزز تماسك الجبهة الداخلية الخطاب المتوازن لقائد الثورة اليمنية،السيد عبد المالك الحوثي طيلة الفترة الماضية،مما يبين حكمة الرجل وفطانته وقدرته على تسيير الأزمات.
أما السبب الثاني فيخص للرئيس اليمني السابق صالح،الذي دعم الجيش والقوات المسلحة بترسانة أسلحة وتكوين لكوادره مما جعلهم قادرين على تطوير مدى الصواريخ البالستية،لتجتمع ترسانة الأسلحة وقوة الحرس مع الخبرة القتالية لأنصار الله،فشكل تحالفهما قوة ضاربة قهرت العدوان،ولولا القصف الجوي طيلة الأسابيع لاحتل اليمن نصف السعودية في أيام معدودات،وليس فقط دحرهم خارج الحدود.
والثالث يخص القيادة الرشيدة لأنصار الله وحسن إدارتها للمعركة واستعدادها لمعركة طويلة الأمد منهكة اقتصاديا للعدوان،ومتعبة لمرتزقته ومملة لمعاونيه وكاشفة للخونة والعملاء،لتطهير اليمن من كافة العملاء لان طول المدة يكشف الكثير من المواقف المختفية، ويظهر معادن الناس على حقيقتها.
ومع أن العدوان استعمل ويستعمل كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة،من حرب وحصار بري وبحري وجوي وحجر إعلامي عن القنوات الرافضة للعدوان، والتضييق على نشاطها ومنعها من كل الأقمار،إلا أن اليمنيين يتكلون على الله أولا، ثم على سواعد رجالهم ثانيا،ويدركون أن الحسم لا يكون في قناة فضائية،أو شبكة الانترنت وإنما يكون فوق الأرض بقوة وقدرة الرجال من أبطال الجيش واللجان الشعبية،في انتظار الضربة الحاسمة التي تقسم ظهر السعودية،ضمن المرحلة الثانية من الخيارات الاسترتيجية،لتجعلها تسارع بقبول التفاوض والحلول أي كانت نتيجتها بغض النظر عن مستقبل من احتضنتهم لان التاريخ علمنا أن العملاء يتخلى عنهم مستخدموهم فور تضرر مصالحهم.
*بتصرف يسير
*اعلامي جزائري