أيها العرب، الله أكبر.. الشعار حقيقة الدوافع وشهادة الواقع
أيها العرب، الله أكبر.. الشعار حقيقة الدوافع وشهادة الواقع
يمني برس- بقلم- يحيى المحطوري
شعارُ التكبير، صرخةُ البراءة من الاستكبار العالمي.. (…، الموتُ لأمريكا، الموت لإسرائيل،…) عباراتٌ ظلت تتردَّدُ على مدى عَقدَينِ من الزمن.. وتحديدًا منذ 17/1/2002م.
أثارت هذه العباراتُ وما زالت الكثيرَ من الجهات، ابتداءً بسفير أمريكا حينها “أدموند هول” مُرورًا بكل أطراف الصراع على الساحة اليمنية، التي لم تدخر أيَّ جهد لمواجهة هذا المشروع ومنذ اللحظات الأولى لانطلاقته.
كتب الكثيرُ عنه، ونوقش عبر كُـلّ وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة من معارضيه ومن الصارخين به.
لكن السؤال الدائم:
لماذا الشعار؟
وما هي الدوافع الحقيقة من رفعه؟
وما مدى أهميته أَو ضرورته؟؟
وللإجَابَة على هذه الأسئلة علينا قراءة الواقع بشكل دقيق، ابتداءً من اللحظة الأولى التي رفع فيها الشعار، حَيثُ شهدت الظروفُ الدولية في تلك المرحلة هجومًا أمريكيًّا شرسًا على الإسلام كدِينٍ ونظامِ حياة، وعلى أبناء الإسلام كشعوب تنتمي إلى هذا الدين وإلى رموزه ومقدساته.
في حالة من الاستكبار الرهيب والغرور العجيب للقوة العالمية التي استفردت بقرار العالم بعد اختلاق الذرائع التي تبرّر لها ذلك.
في ظل صمتِ وخنوع وطاعة مطلقة من كُـلّ الحكومات والأنظمة في الدول الإسلامية بلا استثناء.
أمَّا الظروفُ الداخلية في اليمن التي كانت تعيشُ تحتَ وطأة الحكم الطاغوتي، الذي استحكمت قبضتُه حينها على البلد بالحديد والنار، وبأجهزته الأمنية الوحشية، وبقضائه المسخر لخدمة أهدافه السياسية، وقواته المسلحة التي ما قتلت إلا أبناء الشعب.
في تلك الظروف الصعبة، والمرحلة الحرجة، بدأ السيدُ حسين بدر الدين الحوثي -رِضْوَان اللهِ عَلَيْهِ-، بالدعوة إلى ترديد الشعار في كُـلّ جمعة وفي كُـلّ اجتماع.
وترافق مع تلك الدعوة، دروسٌ ومحاضرات من هدي القرآن الكريم، ركزت على إيقاظ الأُمَّــة وتنبيهها وتحذيرها من الخطر المحدق بها.
شدّد السيد على أن الشعوبَ يجب أن تتخذ موقفًا مما يحصل، مهما كان هذا الموقفُ بسيطًا؛ لكسب الموقف الإلهي؛ ولأَنَّ الشعوبَ هي الضحية الأولى للتوجّـه الأمريكي الدموي المبطن بالذرائع الواهية والتضليل الإعلامي الرهيب.
كان تحَرّك السيد -رِضْوَان اللهِ عَلَيْهِ- استشعارًا للمسؤولية أمام الله، وتحذيرًا من الخطر الذي بدأت الأحداث في إثباته يوماً بعد يوم.
فبدأ مشروع الصرخة في وجه المستكبرين كخطوة أولى لمسيرة قرآنية جهادية.. تسعى لإنقاذ الناس من تضليل أمريكا وزيفها وخداعها؛ ليسلموا من بطشها وليعملوا من المواقف ما يشكل لهم الوقاية من شرها، ويكسبهم التأييد الإلهي الذي لا منقذ لهم سواه.
كانت الصرخة عنوانًا لتحَرّك شعبي وجماهيري يعتبر الحل الوحيد لمواجهة الخطر الأمريكي.
وفي ظل تلك الظروف الدولية والمحلية التي استحكمت فيها قبضة الطاغوت وحلفائه على كُـلّ شيء، لم يكن الدافع إلى التحَرّك هو البحث عن السلطة؛ لأَنَّ من يبحث عن السلطة لا يتحَرّك في مواجهة أمريكا وعملائها وهم في أزهى مراحل قوتهم.
بل على العكس من يبحثون عن السلطة هم مَن نراهم يتسكعون أمام أبواب السفارات الأجنبية، وهم الذين لم يكن لهم موقف حينها لا قوي ولا ضعيف في مواجهة الأمريكيين.
وبكل بساطة؛ لأَنَّ استراتيجيتَهم هي الاستعانةُ بأمريكا للوصول إلى السلطة مهما دفعوا ثمنَ ذلك من مبادئ الإسلام وقيمه وتعاليمه.
لم يكن تحَرُّكُ السيد دعوةً إلى العنف؛ لأَنَّ من يدعو إلى العنف لا يرفع شعارًا في يوم الجمعة، أَو من فوق أسطح المنازل، ويسجن أتباعه بالمئات ولأعوام دون أيَّة ردة فعل أَو مواجهة تُذكَر.
وعلى الرغم من تلك السجون المملوءة بأصنافِ العذاب النفسي والجسدي، إلا أن صوتَ الصرخة كان أكثرَ انتشارًا وأعلى دويًّا، مع مرور الأيّام.
فبعدَ احتلال أفغانستان.. سقطت العراق.. وبدأت مصاديق تحذيرات السيد حسين تتجلَّى في الواقعِ؛ الأمر الذي أكسب المتأثرين به قوةً واندفاعًا واستعدادًا للتضحية والفداء؛ مِن أجلِ انتصار هذا المشروع.
وعلى الرغم من السجون والحروب التي شُنَّت لإسكات هذا الصوت ولكن دون جدوى.
بل على العكس فنحن الآن نراه يواجهُ الاستكبارَ العالمي وجهًا لوجه.. بعد أن أسقط كُـلَّ مراكز القوى التي واجهته واستضعفت أتباعَه على مدى السنين الماضية.
وواقعنا اليوم وحالة الشعوب التي وصلت إليها، من أفغانستان وباكستان وفلسطين والعراق واليمن وليبيا ومصر وسوريا، إلى غيرها من البلدان، التي وصلت إليها يد البطش الأمريكية.
سواء بالتفجيرات أَو العصابات المسلحة أَو الطائرات بدون طيار أَو بهذه الأساليب مجتمعة.
كل ما مضى من الأحداث منذ بدء الصرخة إلى يومنا هذا يشهدُ بضرورة التحَرّك الشعبي والجماهيري الذي يصنع الوعي في أوساط الشعوب.
وأنه الحلُّ المجدي لمواجهة التوجّـه الأمريكي الذي يزرع الموت في كُـلّ مكان، فلا جيش صدام نفع شعب العراق، ولا الأجهزة الأمنية بمفردها – حتى وإن أخلصت – قادرة على التغلب على الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية التي زرعت عناصرها في كُـلّ بلد تحت كُـلّ العناوين والمسميات.
ومن لا يُرِدْ أن يتحَرّكَ، فليخبرْنا: ما هو الحل؟
ومن يلُمْنا على رفع الشعار، ألا يخجلُ هو من السكوت بعد كُـلّ ما شاهدناه من أحداث.
لقد صرخ السيد حسين بدر الدين؛ مِن أجلِ تنبيه الناس من غفلتهم؛ وليدفعوا الخطر عنهم وعن بلدانهم.
وقدَّمَ روحَه شاهدًا على صدق كلامه وإثباتًا لإخلاصه لله، وحرصه الكبير على الناس، وخوفه الكبير على مستقبلهم.
والآن ونحن نشاهد جحافل الاحتلال تسيطر على كثير من جغرافية بلدنا.
وطيران الاحتلال يقطّع أشلاءَ الأطفال والنساء بشكل شبه يومي.
ونرى شعبَ فلسطين يُذبَحُ يوميًّا على شاشات التلفزيون وبعشرات الآلاف.
فهل تكفي هذه الشواهدُ في إثبات الخطر الذي تحدث عنه الشهيد القائد ودعا إلى التحَرّك في مواجهته؟؟
هل هناك آيةٌ واحدةٌ في القرآن تدعو إلى السكوت كحل لمواجهة هذا الخطر الذي أصبح يقينا، ونراه في كُـلّ نشرة وفي صباح كُـلّ يوم على صفحات الجرائد.
من يعارضون هذا التحَرّك الجهادي، ألم يعلموا أن شعوبًا وأنظمة وحكوماتٍ وجيوشًا عربية سقطت ضحية المؤامرة الأمريكية؟؟
ألم يشاهدوا كيف صنعت أمريكا ببلدنا، وعلى كُـلّ المستويات؟؟
ألم يسمعوا أصوات التفجيرات وأزيز الطائرات وصرخات الثكالى وأنات اليتامى؟!
ألم يسمعوا آيات القرآن التي تدعوهم إلى التحَرّك وتحرم السكوت؟!
مَن لا يرِدْ أن يسمع ويعي ويفهم بعد كُـلّ هذه الأحداث
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ
ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم.