وهل بقي في عرب “القمم” ما يُحترم؟
وهل بقي في عرب “القمم” ما يُحترم؟
يمني برس- بقلم- مطهر الأشموري
بين ما يقرأ هذه الأيام أنه يتم التحضير لقمة عربية وأقصى ما قد يقدم في هذه القمة هو المعطى لطوفان الأقصى وإنجازات محور المقاومة ممثلاً في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول فلسطين عضواً كاملاً في هذه المنظمة الدولية، مع متابعة مجلس الأمن لإعادة النظر في موقفه ربطاً بـ”الفيتو الأمريكي”..
وربطاً بذلك يُعاد طرح المبادرة العربية لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م، علماً أنه لولا طوفان الأقصى وأداء المقاومة ومحور المقاومة فإن هذه المبادرة كانت دفنت إسرائيلياً وقضية التطبيع هي التي حلت أو هي التي تصدرت..
السقف لموقف الأنظمة العربية في قمتهم أو بدون قمة هو ما فرضته المقاومة ومحور المقاومة، ولا خير في استثمار معطى للمقاومة ومحورها لكنه يفترض من هذه الأنظمة في واقعها وفي ما تسمى “قمة” أن يتوقف أمام المتراكم الأمريكي كمعطى أو أمر واقع تفرضه الأنظمة على الشعوب والوضع في المنطقة يتطلب رفع الاستقلالية عن أمريكا وإعطاء هامش حرية أوسع للشعوب لتعبّر عن رأيها سلمياً..
في مصر مثلاً عادة ما يرددون مثلاً بأن هذا من خطاب الستينيات الذي انتهى زمنه، ونحن نتساءل لماذا لا يسمح بمظاهرات في مصر كما في الأردن أم أن مظاهرات الأردن هي من خطاب الستينيات أيضاً؟..
رئيس تونس “بورقيبة” كان طرح أن يقبل العرب بقرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين على أساس حدود 1948م، ومصر وقتها تصدرت حملة “تخوينه” وكل ما نطلبه الآن هو وقف “التطبيع” وقطع العلاقات السياسية والأخرى مع الكيان الصهيوني وبالتالي لم يعد مثل هذا من خطاب الستينات ربطاً بتخوين “بو رقيبة” لأنه إذا حدود 1948م خيانة فهل حدود 1967م تصبح قومية ووطنية؟..
إذا كوننا لم نعد نمارس التخوين مع هذه الأنظمة كما مورس مع “بورقيبة” فإننا لم نعد نمارس خطاب الستينيات ولكننا نرفض العبودية للاستعمار في شكله المنمق وهو الاستعمال الأسوأ والأشنع من الاستعمار، فهل ما تسمى قمة على رفع هامش الاستقلالية عن أمريكا وربطاً بها إلغاء التطبيع وقطع أي علاقات مع الكيان الصهيوني، أم أن ذلك بات هو المحرم والمجرم كاستحقاق للأنظمة وحق للشعوب؟..
إذا أي قمة تسمى عربية تجرى في ظل واقع ومتراكم عبودية لأمريكا وربطاً بها الكيان فإنها قمة بتوصيف “رمة” وهي باتت “عبرية” وإن ظل مسماها “عربية”..
دعونا نسأل هذه القمة المرتقبة، لماذا لم تفرضوا ما سميت المبادرة العربية على “إسرائيل” قبل الطوفان، ولماذا لم تنجزوا ما حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل طوفان الأقصى، ولماذا تقاطرتم للتطبيع مع الكيان الصهيوني من فوق ومن تحت الطاولة وقبل تنفيذ هذه المبادرة التي مزقها “نتنياهو” ورماها بين “الرمة” وتطور التمزيق إلى ميثاق الأمم المتحدة؟..
في أزمة هي أقل بكثير مما يحدث الآن في غزة ووصل إلى حدود مصر “رفح” بما يخالف نصوص اتفاق كامب ديفيد، فالرئيس المصري “مبارك” استدعى سفير مصر في تل أبيب وطرد السفير الصهيوني وهذا التفعيل لا علاقة له بخطاب الستينيات، فهل حتى مثل هذا لم يعد ممكناً ويؤصل لخطاب الستينيات؟..
أيتها القمة “الرمة” اتخذوا فقط قراراً يمنع الجسر العربي الذي يمد الكيان الصهيوني بكل ما يحتاج حتى يمارس المثل من هذا الكيان تجاه الشعب الفلسطيني، وإذا كان مثل هذا العمل البسيط لنصرة الشعب الفلسطيني لا تستطيعون القيام به في القمة فإنها “رمة الرمة” وهي قمة “عبرية” أو هي قمة “عربية” لكنها عربياً تحت توصيف “الرمة”..
لاحظوا أننا هنا لا نمارس التخوين كما حدث مع “بورقيبة” ولكننا نستجدي فقط أن ترفعوا سقف استقلاليتكم وتتركوا للشعوب هامش حرية شعوبكم لنجد لكم توصيفاً أفصل أو أعلى من “الرمة” ونحن بهذا أرحم بكم وأصدق معكم ولكم استثمار معطى طوفان الأقصى وفق ما يحلو لكم، وعليكم بالمقابل أن تتعلموا من هذا الطوفان الحد الأدنى من الشجاعة ومن الكرامة ومن تحمل المسؤولية..
لعلّي بين أكثر من يعرف بأن واقع هذه الأنظمة هو متراكم أمريكي ومعطى أمريكياً وأن هناك من يقترح ومن يزخرف عناوين على طريقة “السعودية هي مفتاح لحل القضية الفلسطينية”، ولكننا نريد رفعة حقيقية بأي قدر يستطاع، فهل نحس أن هذه القمة نصفها عربي والنصف الآخر “عبري” كأمر واقع وحالة راهنة أو مرتهنة للأنظمة العربية؟..
لو قمتم في واقع وواقعية مثل هذا فستعرفون أننا إن لم نكن بالضرورة نحبكم فإننا بالتأكيد لا نكرهكم ولا نحقد عليكم وقناعتنا هي أن بقاءكم واستمراركم هو أفضل لنا من زوال أو إزالة وذلك من محطات وتجارب فترة الهيمنة الاستثنائية الأمريكية عالمياً، وهي فترة استفردت فيها بالمنطقة وبات معطى هذا الاستفراد الأمريكي يتجسد في “الرمم” العربية ومنذ قمة شرم الشيخ الشهيرة عام 1990م..
بغض النظر عما قد يطرح من أي وجه أو اتجاه آخر، فإني قد حرصت على التصرف فيما طرحت وعلى عدم الانشداد إلى أي مستوى أو سقف من التطرف، وكل من تعنيه الواقعية والموضوعية أكثر من الانشداد لصراعات سياسية من السهل عليه أن يفهم أو يتفهم!!.