كيف تلقى اليمنيون نبأ استشهاد الرئيس الإيراني؟
كيف تلقى اليمنيون نبأ استشهاد الرئيس الإيراني؟
يمني برس/عبدالله الفرح/
لم تنم صنعاء جيداً، ترقب وانتظار وألم وحسرة، قائدان من أجمل ما أنجبت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يتوقف العالم ويراقب مصيرهما. لم تنم صنعاء جيداً تماماً كما هي حالتها ووضعها منذ السابع من أكتوبر 2023 وإلى اليوم، فهي تشعر بالجميع وتبكي لألم الصادقين.
دولة اليمن استعادت دورها المحوري في العلاقات الاستراتيجية مع أمتها، ويوماً بعد آخر، يخطو هذا البلد إلى الأمام ومن الطبيعي أن يكون كذلك، لأنه يملك أصدقاء وحلفاء كالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي وقفت إلى جانبه في الوقت الذي تخلت فيه دول وكيانات وأحزاب ومؤسسات رفعت مشاعل الثورة وتغنّت بتاريخ زعمائها، لكنها سقطت وسقطت معها شعاراتها التي رفعتها خلال العقود الأخيرة، وظلت إيران هي الصديق الوفي وبلا منٍة أو أذى.
قد يقرأ القارئ مصطحباً معه أيديولوجيته الفكرية والبنيوية، فيضع تحت كل كلمة ألف خط، وهنا لسنا في وارد إرضاء أحد بقدر ما نرغب في التذكير بمرحلة تاريخية مهمة، بين صنعاء المقدسة وطهران الثورة والنضال.
نعم، صنعاء تتألم لألم طهران، لأن الأخيرة وقفت موقفاً استراتيجياً مع اليمن الذي يتعرض لحروب وتحالفات إقليمية ودولية، فانتصر الإيراني لليمني ووثق علاقته بدولة تلتف حولها اليوم الشعوب العربية والإسلامية لموقفها الفريد مع فلسطين، وستظل راعية وفاء وجميل لمن كان وفياً معها ومع قضاياها.
إن الحديث عن حزن صنعاء يقودنا إلى الحديث عن العلاقات الاستراتيجية والتاريخ الجيد بين البلدين ليس على المستوى المحلي، بل وفي القضايا الإقليمية فصنعاء وطهران شكلتا سلاح ردع يحمي القضية المركزية التي من المفترض أن يحمل لواءها العرب، وقدمتا نموذجاً فريداً في الأخوة الإسلامية التي تتجاوز المذهبية والقومية والمناطقية، وذلك بوقوفهما مع غزة ورجالها ونسائها وأطفالها وأطلالها، هذا الوقوف التاريخي أعاد العلاقة بين اليمن وإيران إلى مستويات كبرى وغير مسبوقة، خاصة في ظل تفرد أوروبا وأميركا وكيان العدو بفلسطين وغزة.
لقد مر يوم وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته بصعوبة بالغة في اليمن الوفي، لكن الحديث هنا سواء في صعدة أو صنعاء حيث الثقل السياسي اليمني يؤكد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولاّدة بالأدمغة والقيادات، وهي دولة مؤسسات لها وزنها وثقلها الجيوسياسي في المنطقة، ولا يمكن أن تستمر طويلاً في الحزن، فبعد ساعات من إعلان نتائج الحدث الأليم، خطب قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأول وأعاد التوازن بثباته المعهود وكلّف من ينوب عن المفقودين، ومضى وفق قانون البلاد ودعا إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
خطوات متسارعة لترميم الموقف المؤلم الذي تمر به إيران، قيادةً وشعباً، ستلقي بظلالها إيجاباً على الداخل وملفات الخارج، خاصة بعد خروج كل التيارات الإيرانية في طهران وغيرها للدعاء والصلاة من أجل رئيسهم رئيسي ومرافقيه.
هذا الإجماع في الداخل الإيراني قد يلقي بظلاله على مرحلة الانتخابات المقبلة، والتي من المتوقع أن تسري بشكل سلس وهادئ، فالتيارات في إيران تدرك حجم المسؤولية المقبلة على الجميع، خاصة أن المنطقة على صفيح ساخن.
لقد رحل رئيسي حاملاً معه همّ فلسطين والقضية المركزية التي تمسك بها بشكل يدفع الأمراء والملوك والزعماء العرب إلى الخجل.
ولن ينسى التاريخ ولا العرب أن رئيسي لم يرحل إلا وقد قصف كل مدن الكيان المحتل ورسم معادلة الردع مع العدو الإسرائيلي، ووضع الخطوط الحمر مع واشنطن وأدواتها في المنطقة، وحارب الفساد منذ مشروعه الانتخابي وحتى ارتقائه إلى بارئه.
إيران بلد المؤسسات لن تقف على عتبة باب أحد، فهي خبيرة في ضبط الإيقاع في المراحل الحرجة، وغداً سيدرك العالم أنها أمة وليست دولة، وحضارة ضاربة وليست طارئة، أنتجت قادة في السياسة والاقتصاد وكل المجالات، وستظل مهابة الجانب رافعة الراية منتصرة في كل ملفاتها ولو قدمت في سبيل ذلك حبات دُرها.