العدو الصهيوني يتجاهل الحراك العالمي
العدو الصهيوني يتجاهل الحراك العالمي
يمني برس/
ما يزال كيان العدو الصهيوني، يُدير ظهره للعالم ويتجاهل الحراك العالمي الداعم لفلسطين، ولا يكترث لدعوات المجتمع الدولي ولا لقرارات أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة “محكمة العدل الدولية”، بشأن عدوانه الغاشم المُستمر على قطاع غزة.
فبعد أيام قليلة من قرار محكمة العدل الدولية الذي يطالب هذا الكيان بإيقاف عمليته العسكرية على رفح، بدأ أعضاء مجلس الأمن بمشاورات بشأن مشروع قرار تقدمت به الجزائر يلزم “تل أبيب” بوقف عمليتها في المدينة الواقعة جنوب قطاع غزة.
وأفادت تقارير إعلامية، بأن مجلس الأمن الدولي، سيصوت اليوم الخميس، على مشروع قرار جزائري لوقف العدوان الصهيوني الأمريكي المستمر على رفح، والذي ينص على أن مجلس الأمن قد “يقرر أن “إسرائيل”، السلطة القائمة بالاحتلال، يجب أن توقف فورا هجومها العسكري، وأي عمل آخر في رفح”.
ويطالب مشروع القرار “بوقف فوري لإطلاق النار تحترمه جميع الأطراف، كما يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، ويطالب أيضاً الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين يحتجزونهم”.
وتعتبر جلسة مجلس الأمن اليوم، أول تحرك من قبل المجلس منذ الهجوم الذي شنته طائرات العدو الصهيوني على خيام اللاجئين في رفح، وسيتبع هذا الاجتماع خطوات أخرى تعتزم الجزائر المبادرة بها على مستوى مجلس الأمن.
وكانت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، قد أمرت قبل أسبوع، كيان العدو الصهيوني القوة القائمة بالاحتلال بوقف فوري لعملياتها العسكرية وأي تحرك آخر في محافظة رفح، وضرورة المحافظة على فتح معبر رفح، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
كما طالبت المحكمة بموجب تدابير مؤقتة، أن يقوم الكيان الصهيوني وفقاً لالتزاماته بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، باتخاذ الإجراءات الملموسة لضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق للتحقيق من الأمم المتحدة في اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة له دون أي عائق.
وعلى الرغم من الإدانات الأممية والدولية، يواصل العدو الصهيوني عدوانه الهمجي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، إذ بلغ عدد الشهداء 36171، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وعدد الإصابات 81420، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، في انتظار أن يتحرك العالم جديا لإلزام الكيان الغاصب بوقف حرب الإبادة.
من جانبها، تتوجه جنوب إفريقيا بعد أيام إلى تفعيل قرار محكمة العدل، في ظل استمرار المجازر الصهيونية في رفح، بينما يتخوف العدو الصهيوني من إدراجه على قائمة الأمم المتحدة للدول المتهمة بقتل الأطفال.
وتأتي الضغوط الدبلوماسية التي يتوعد رئيس وزراء الكيان المُحتل بنيامين نتنياهو بتجاوزها في سياق تصنيفه ضمن الزعماء المنبوذين دوليًا، بعدما طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحقه للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الصهيونية على غزة.
وتُضاف هذه الخطوة إلى كثير من الأعباء التي يتحملها حلفاء الكيان الصهيوني في مقدمتهم أمريكا، فيما اضطرت ألمانيا على سبيل المثال إلى تبرير مبيعات الأسلحة للكيان المُحتل بمواجهة اتهامات تسهيل الإبادة الجماعية والتي رفعتها نيكاراغوا.
في المقابل، تواصل حكومة العدو الصهيوني مواجهة كل هذا بمزيد من المجازر ضد الفلسطينيين، وتجاهل كل قرارات الهيئات الأممية والدولية، ودون أدنى مراعاة للمزاج العام الدولي والشعبي.
وفي اليوم الـ237 من الحرب الصهيوني على قطاع غزة، واصل العدو مجازره في مناطق عدة، وكثف غاراته على رفح، بالتزامن مع تصعيد حملة اقتحاماته مدنا عدة بالضفة الغربية المحتلة، من بينها نابلس وطولكرم والخليل ورام الله، وتأكيده مصرع جنديين في عملية الدهس عند حاجز عورتا شرق نابلس.
مقابل ذلك، أعلنت كتائب القسام وسرايا القدس أنها استهدفت آليات صهيونية وقصفت قوة راجلة وأوقعت جنودها بين قتيل وجريح، في عدة محاور في رفح جنوب قطاع غزة.
وتنقل وسائل الإعلام الصهيونية والأجنبية ممارسة وزراء في حكومة نتنياهو السخرية والتحقير لدول نادت بالحقوق الفلسطينية، ما يعزز الاعتقاد السائد في أن حكومة نتنياهو تتبع نهجًا لا ممنوعات فيه بإطار التعامل مع منتقدي هذا الكيان، مثلما ظهر ذلك جليًا في تصرفات مندوب الكيان المُحتل في مجلس الأمن أو تصريحات وزير خارجيته.
وفي هذا الإطار، يرى الباحث الفلسطيني في مركز “مدى الكرمل” إمطانس شحادة، في حديث لـ”العربي”، أن التحولات السياسية وما يحدث في المجتمع الدولي يؤثر كثيرًا على الكيان الصهيوني ومكانته، لكن هذا الكيان يكابر وينُكر ما يحصل على الساحة الدولية، ويستعمل إستراتيجية واحدة، وهي الاستمرار في حرب الإبادة على غزة، والاعتماد على الدعم الأمريكي.
من جهته، رأى مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خليل جهشان، في حديث إلى “العربي” من واشنطن أنه لا يمكن ترك الساحة الدبلوماسية للكيان الصهيوني في إنكار كل المسؤوليات الملقاة على عاتقه وعلى عاتق الأطراف التي تدعمه وعلى رأسها واشنطن.. مؤكداً أن كل الحراك الديبلوماسي يأتي في إطار الجهود الدبلوماسية الدولية، وليس فقط العربية لوقف العدوان الصهيوني.
ويُشار إلى أن العدو الصهيوني يُسارع في كل مرة، إلى الرد على أي مواقف أو قرارات للمجتمع الدولي، بارتكاب فعل معاكس لها على الأرض، كما حصل بعد أوامر محكمة العدل الدولية، بوقف فوري للهجوم البري على رفح، وضرورة المحافظة على فتح معبر رفح، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
فالرد الصهيوني لم يتأخر على أوامر العدل الدولية رغم أنها نهائية وغير قابلة للطعن، فبعد أيام قليلة، ارتكبت قوات العدو الصهيوني مجزرتين بحق مخيمات النزوح في رفح، ما أسفر عن استشهاد 72 مواطنا أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة المئات.
وبعكس ما يطالب به المجتمع الدولي، وتؤكده محكمة العدل الدولية، تواصل قوات العدو الصهيوني السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، أو خروج المرضى والمصابين لتلقي العلاج.
المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز، قالت: إن الإبادة الجماعية بغزة لن تنتهي دون ضغوط خارجية ويجب فرض عقوبات على الكيان الصهيوني وتعليق الاستثمارات والاتفاقيات والتجارة والشراكة معه.. مؤكدة أن “هذه القسوة، إلى جانب التحدي الصارخ للقانون والنظام الدولي، أمر غير مقبول”.
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة، ويجب على جميع الأعضاء الالتزام بها، وكرر مطالبته بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.. داعيا الكيان الصهيوني القوة القائمة بالاحتلال، إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون عوائق وبشكل آمن.
في السياق ذاته، ورغم قرار محكمة العدل الدولية، واصلت قوات العدو منذ السابع من مايو الجاري، إغلاق معبر رفح الحدودي، بعد أن احتلت الجانب الفلسطيني منه، ومنعت تدفق المساعدات الإنسانية، وخروج الجرحى والمرضى والحالات الإنسانية عبره إلى الخارج.
ويؤكد تمادي الكيان الصهيوني الهمجي في جرائمه من جديد أن إطلاق الدعوات وإبداء الآمال وصيغ التعبير عن القلق والتحذير الدولي، غير كافية، ولا ترتقي إلى مستوى معاناة شعب يرزح تحت الاحتلال منذ 76 عاما، ولا يمكن لها أن توقف همجية هذا المُحتل وشهوته للقتل والدمار.
وأظهرت القرارات التي اتخذتها النرويج وأيرلندا وإسبانيا بالاعتراف بفلسطين كدولة، والتي لاقت ترحيباً واسعاً، أن المزيد من الدول تقف الآن إلى جانب العدالة بشأن هذه القضية، ما يترك أمريكا معزولة بشكل متزايد.
وعلى الرغم من التقدم المحرز، فإن الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة مليء بالعقبات التي أقامتها أمريكا.. فقد ردت الحكومة الأمريكية يوم الأربعاء على قرارات النرويج وأيرلندا وإسبانيا، قائلة: إن الدولة الفلسطينية لا ينبغي أن تتحقق من خلال “اعتراف أحادي الجانب”.. وعلى الرغم من ادعائها بدعم حل الدولتين، فإن واشنطن، كما هو الحال دائما، تتصرف في الواقع بطريقة ازدواجية.
وفي تجاهل للنداء العادل من المجتمع الدولي، نرى واشنطن تتحدث عن الحاجة إلى وقف إطلاق النار بينما تضخ أسلحة إلى الكيان الصهيوني، وتتحدث عن المساعدات الإنسانية بينما تضع عراقيل أمام وصولها، وذلك في تصرف مشين ينم عن مدى نفاقها.
ويرى مراقبون أن عدم اتخاذ المجتمع الدولي، وعلى رأسه أمريكا، لأي إجراءات رادعة للكيان العنصري وتجاهل تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية، هي بمثابة ضوء أخضر لهذا الكيان لممارسة المزيد من القتل والتدمير في مدينة رفح، التي تعتبر الملاذ الأخير لمئات آلاف النازحين.
ويؤكد المراقبون أن الإدارة الأمريكية تتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري في رفح وكامل قطاع غزة من قبل كيان العدو الصهيوني، وخاصة ما تسمى بإقامة المنطقة العازلة، ومحاولات تهجير المواطنين، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة، ورفضها الانصياع لقرارات المحاكم الدولية، وآخرها قرار محكمة العدل الدولية.
ويشدد المراقبون على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية الفاعلة خطوات عملية والتحرك بشكل جدي وملموس وفاعل لإجبار كيان العدو على الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية، وعدم الاكتفاء بالبيانات وتسجيل المواقف، وإلا فإن كل تأخير يقابله مزيد من القتل والدماء وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والسياسية والأخلاقية بممارسة الضغط اللازم على الكيان المُحتل من أجل الانصياع لتلك الأعراف والقوانين والاتفاقيات والقرارات الدولية.
الجدير ذكره أن منطقة الشرق الأوسط تمر اليوم في ظروف استثنائية وصعبة وغير مسبوقة، بسبب ما تقوم به قوات العدو الصهيوني من قتل وتهجير وانتهاكات خطيرة ووحشية ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية حيث ترتكب مجازر جديدة في مدينة رفح وتعمل على تهجير أبناء فلسطين، وإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، لتنفيذ مخططات التصفية للقضية الفلسطينية في ظل الدعم الأمريكي غير المسبوق للكيان المُحتل للاستمرار في جرائمه، في ظل غياب وعدم التنفيذ الفوري لقرار محكمة العدل الدولية.